من هو البوصيري؟

هو شاعر، وخطاط، وناسخ عربي مسلم من القرن السابع الهجري في عهد الدولة المملوكية.


وهو شرف الدين أبو عبدالله محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله بن صنهاج بن هلال الصنهاجي البوصيري، اشتهر بلقب البوصيري نسبةً إلى بلدة أبيه، وبدأت موهبة البوصيري الشعرية بالظهور والتبلور منذ الصغر، حتى برع في الكتابة، ونظّم الكثير من القصائد التي امتازت بالرصانة، والجزالة، والحس المرهف، وقوة العاطفة، إلى أن طار صيته بسبب إبداعه وبراعته في مدائحه النبوية، إذ يُعد البوصيري أحد أبرز رواد هذا الفن، والذي احتذى به الكثير من الشعراء من بعده، وأكبر مثال على ذلك قصيدته الشهيرة في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، "البردة".[١][٢]


مولد البوصيري ونشأته

وُلد البوصيري في الأول من شوال من عام 608 هجري، الموافق 7-3-1213م، في قرية "دلاص"، وهي إحدى قرى محافظة بني سويف في صعيد مصر، ويعود نسبه إلى قبيلة صنهاجة، وهي من إحدى قبائل البربر الأمازيغية في صحراء جنوبي المغرب، وقد نشأ البوصيري في قرية بوصير، حيث حفظ القرآن الكريم كاملًا وهو لا يزال طفلًا صغيرًا، ثم انتقل بعد ذلك إلى مدينة القاهرة ليستكمل مسيرته في تلقي علوم اللغة والأدب.[٣]


تعليم البوصيري وثقافته

ارتاد البوصيري العديد من المدارس في القاهرة، إذ تلقى فيها علوم اللغة العربية، والأدب، وقد تتلمذ على يد عدد من علماء وأدباء عصره البارزين منهم: الشيخ أبو الحسن الشاذلي، وأبو العباس المرسي، وغيرهم الكثير، وقد أظهر البوصيري براعة كبيرة في مجال الكتابة والأدب، كما أجاد قرض الشعر البليغ، والذي يتميز بمظاهر الجزالة والسهولة، بالإضافة إلى ذلك، فقد اهتم البوصيري بقراءة السيرة النبوية، والتعرف على أخبار النبي عليه الصلاة والسلام، ودراسة سيرته.


ومن جانب آخر، فقد تعلم البوصيري قواعد وأصول فن التخطيط على يد معلمه إبراهيم بن أبي عبد الله المصري، وقد أجاده بشكلٍ كبير وأبدع فيه، حتى أصبح لديه عدد كبير من التلاميذ الذين يتلقون عنه هذا العلم.[٤][٥]


بردة البوصيري

تُعد بردة البوصيري من أجمل القصائد التي كُتبت في مديح النبي عليه الصلاة والسلام، وهي ما زالت حتى وقتنا هذا تحتل مكانة أدبية فريدة ورفيعة بين جميع القصائد التي تم نظمها في هذا المجال، وقد حظيت بالاهتمام الشديد من قِبل الأدباء والعامة على حدِّ سواء، فقد تغنى بها الناس في الموالد، ومجالس التصوّف، والأذكار، والمناسبات الدينية، أما العلماء والأدباء فقد عكفوا على شرح وتحليل أبياتها، كما تأثر بها الكثير من الشعراء وساروا على نهجها في أشعارهم، وقد اكتسبت البردة كذلك أهمية كبيرة وشهرة خالدة في الآداب العالمية، ودليل ذلك هو ترجمتها إلى عدة لغات، مثل: الألمانية، والإنجليزية، والفرنسية، واللاتينية، والتركية، والفارسية، وغيرها.


امتازت البردة بالعديد من الخصائص الفنية التي جعلتها في المقدمة في مجال المديح النبوي والشعر الصّوفي، منها: قوة الأسلوب، وحسن الصياغة، وجودة المعاني، وجمال التشبيهات، وروعة الصور، وقد عرفت بعدة أسماء مختلفة منها: الكواكب الدُّرية في مدح خير البريَّة، والبُرْءة، والشَّدائد، وهي تتكون بشكلٍ أساسي من 160 بيتًا، مقسمة إلى ثلاثة أجزاء من حيث الشكل، وهي:[٦]

  • النَّسيب النبوي، ويعني الاشتياق الشديد للمدينة المنورة التي عاش فيها النبي عليه الصلاة والسلام معظم حياته، وفيها قبره، كما ذكر البوصيري في هذا الجزء بعض من الحكم التي تحذر من الحياة الدنيا، واتباع أهواء النفس.
  • مدح النبي عليه الصلاة والسلام، وعرض سيرته المعطّرة منذ مولده وحتى وفاته، مع ذكر معجزاته، وخصائصه، وهذا الجزء هو غرض القصيدة.
  • اعتراف الشاعر بذنوبه، وطلب العفو عنه.


أعمال البوصيري الأدبية

ألّف البوصيري الكثير من القصائد والأشعار والتي تم جمعها في ديوانٍ واحد، منها:[٧]

  • قصيدة البردة.
  • القصيدة المضرية في مدح خير البرية.
  • القصيدة الخمرية.
  • قصيدة ذخر المعاد.


تلاميذ البوصيري

الكثير من الطلاب قد تتلمذوا على يد البوصيري، والذين أصبحوا فيما بعد من كبار العلماء المعروفين، نذكر منهم:[٨]

  • أبو حيان أثير الدين محمد بن يوسف الغرناطي الأندلسي.
  • أبو الفتح محمد بن محمد العمري الأندلسي الإشبيلي المصري.
  • العز بن جماعة.


وفاة البوصيري

توفي البوصيري في عام 695 هجري، الموافق 1295م، في مدينة الإسكندرية عن عمرٍ يناهز 87 عامًا.[٩]

المراجع

  1. محمد أبو الحسين، قصيدة البردة للبوصيري: دراسة أدبية، صفحة 73-74. بتصرّف.
  2. ، ، بردة البوصيري، صفحة 1. بتصرّف.
  3. البوصيري، بردة المديح، صفحة 2. بتصرّف.
  4. عبد السلام البسيوني ، من المعارضات المعاصرة لقصيدة البردة للبوصيري، صفحة 8-9. بتصرّف.
  5. بوشلالق حكيمة ، بردة البوصيري، صفحة 21-24. بتصرّف.