من هو ابن خفاجة؟

هو شاعر من أعلام الشعراء الأندلسيين في القرنين الخامس والسادس الهجريّيْن.


وهو إبراهيم بن أبي الفتح بن خفاجة، ويُكنّى بأبي إسحاق، كان شاعرًا معروفًا في وصف الطبيعة، يُنظم أبيات الشعر من باب الهواية وليس لغاية الحصول على مكاسب الدنيا وكنوزها، فكان مميزًا عن باقي الشعراء المعاصرين، قليل الاتصال بالأمراء، غير مائل لشعر المديح والثناء، يترفّع عن الزيف والشهرة وكشف تفاصيل حياته بدقة، ولعل هذا كان السبب في ندرة المعلومات عنه.[١]


مولد ابن خفاجة ونشأته

ولد ابن خفاجة في جزيرة شُقر التي تقع شرق مدينة الأندلس في عام 450 هـ/ 1058 م، وورث عن أهله البساتين والحدائق والمزارع التي عاش بين ربوعها وأزهارها، وفي أحضان الأودية والأنهار والجبال والجمادات التي جعلته يبرز كشاعر الطبيعة، مُنفردًا بلون شعري خاص به، أكسب شعره ميزة فنية غير مألوفة، فكان يقرأ ما في نفوس الجمادات، وكأنها إنس لها خواطر وأحاسيس جياشة برزت في شعره مميز الوصف، وعريق التصوير والتعبير.[٢]


التحوّل في شعر ابن خفاجة

أثر مولد ابن خفاجة في جزيرة شقر ذات الطبيعة فيه، وأكسبه ميزته الشعرية المُتغنية بالطبيعة، ولم يرغب بالخروج منها، إلا أن اجتياح الإسبان لشرق الأندلس أجبره على النزوح عن ذلك، وكان لهذا الوقع تأثير عميق هز كيانه، لكنه استطاع العودة إلى الأندلس بعد تحريرها بفضل المرابطين وقائدهم إبراهيم ابن يوسف بن تاشفين، ليعاود تنظيم أبيات الشعر والقصيد، ويبدأ من نقطة تحول كبيرة في مسيرته أخرجته عن المألوف، وساعدته على الانخراط بتأليف شعر المدائح، وأشهر ذلك؛ قصيدته التي مدح فيها كرم القائد إبراهيم وشجاعته، وبهذا بدأ مرحلة جديدة غيرت طبيعته وميوله، وساعدته على الانفتاح أكثر على مُجتمعه.[١]


سمات الأسلوب الشعري لابن خفاجة

اتسم ابن خفاجة بشخصية شعرية مميزة، ومن أبرز ميزات أسلوبه الشعري ما يأتي:

  • وصف الطبيعة: لُقّب ابن خفاجة بوصّاف الطبيعة؛ نظرًا لغزارة ألفاظه ومُفرداته التي تصف الطبيعة الأندلسية، فكانت مفرداته الطبيعية تُمثل مُعجمًا فنيًا ولغويًا عريقًا، كما أنه ربط الطبيعة بالعبر والعظات المُكتسبة من حياته.[٣]
  • الغزل: يُمثل الغزل غرضًا شعريًا أساسيًا ومتداولًا بين شعراء الأندلس التي امتازت ببيئتها الحضرية، وجمال نسائها وطبيعتها الساحرة، ومن ضمنهم ابن خفاجة الذي تنبهت عواطفه واستقرت أبصاره باحثةً عن الجمال، لينسج كلمات الغزل ويتفنن في وصف جاذبية المرأة التي أسرت واستوطنت قلبه مُستعينًا بالعناصر الطبيعية حوله، ليخط أعذب الأبيات واصفًا سحر وجودها، وتارةً أخرى يذرف الدموع الحارقة شوقًا وحنينًا لها في غيابها؛ إذ إنه يجد الدموع رسائل صادقة وشفيعة للمحبوبة، ناهيك عن شعر العتاب النابع من المرارة وعدم الصبر وقلة الحيلة.[٤]
  • الشوق والحنين: تُهيمن على أشعار ابن خفاجة الأحاسيس المرهفة والعواطف المُضطربة التي ترتبط إلى حد كبير بذكرياته، وأيام صباه وشبابه، وطبيعة حاله في الغربة الكاوية التي أذاقته المر بسبب الفراق، وشخصيته الحساسة الدافئة، وجميعها عوامل تولد لديه حنينًا كبيرًا إلى الوطن، والأصدقاء، والأحباب، والأهل.[٥]


وفاة ابن خفاجة

توفي ابن خفاجة في جزيرة شُقر بتاريخ 533 هـ/ 1139 م، عن عمرٍ يُناهز 81 عامًا.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب عيسى سلمان درويش المعموري (20-2-2019)، "ابن خفاجة دراسة في حياته وشعره"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 8-5-2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب نضال الشمالي، خطاب الموت في شعر ابن خفاجة الأندلسي قصيدة الجبل أنموذجا، صفحة 5. بتصرّف.
  3. ماريا عبد االمير عبد اللطيف، دراسة في لغة الشعر عند ابن خفاجة، صفحة 23. بتصرّف.
  4. ماريا عبد االمير عبد اللطيف، دراسة في لغة الشعر عند ابن خفاجة، صفحة 32. بتصرّف.
  5. ماريا عبد االمير عبد اللطيف، دراسة في لغة الشعر عند ابن خفاجة، صفحة 34-35. بتصرّف.