من هو ابن رشد؟

هو مفكر وفيلسوف من أشهر الفلاسفة والمفكرين العرب في الأندلس.


وهو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، يُعرَف بابن رشد الحفيد، وقد برع واشتهر في العديد من المجالات؛ كالفلسفة، والطب، والفقه، إذ عرف عنه أنّه كان مُنكبًّا على البحث والمذاكرة منذ نعومة أظفاره؛ فأقبل على مختلف العلوم وأصبح يُضرَب به المثل في ذلك.[١][٢]


مولد ابن رشد ونشأته

وُلِدَ ابن رشد سنة 520هـ/ 1126م في مدينة قرطبة في الأندلس، نشأ على المذهب المالكي في أسرة من أكبر الأُسَر في الأندلس أسسها ابن رُشد الجدّ، وكانت هذه الأسرة محيطة بالعديد من العلوم، فترعرع في بيئة علمية واقتدى بأبيه وجدّه ونهل من علومهما، وتجدر الإشارة إلى أنّ ابن رشد اتّصل في فترة شبابه بالعديد من علماء عصره وصادَقَهم؛ إذ يُذكَر أنّه اتّصل بأسرة بني زُهر التي اشتهرت بالعلماء الذين نبغوا منها، الأمر الذي كان له الأثر في صقل شخصيته العلمية.[٣][٤]


علوم ابن رشد ومعارفه

يُقال عن ابن رشد: "كان يُفزَع إلى فتواه في الطب كما كان يُفزَع إلى فتواه في الفقه، مع الحظ الوافر من الإعراب والآداب"، كما يُقال: "لقد عُني ابن رشد بالعلم منذ صغره إلى كِبَره حتى حُكي عنه أنّه لم يدع النظر والقراءة إلا ليلة وفاة أبيه وليلة زفافه"، من هنا يُلاحظ أنّ ابن رشد كان واسع العلوم والمعارف وحجز لنفسه مكانًا مرموقًا فيها؛ ومن العلوم التي اشتهر فيها الطب، وعلم الكلام، والصرف، وعلم الهيئة، إلى جانب الفقه، والفلسفة، لكن يُذكر أنّه عند العَجَم والأجانب اقتصرت شهرته على مجالي الطب والفلسفة.[٥]


فلسفة ابن رشد الأدبية

لم يَنَل هذا المحور إلّا جزءًا صغيرًا من فِكر ابن رشد، وفيه يرد على مذهب (المتكلمين) حول الخير والشر وإيجادهما في النفس البشرية، كما يُذكّر أنه كان معتدلًا ومُنصفًا في حديثه عن الحرية عند الإنسان، ويتخلص ذلك في قوله إنّ الإنسان ليس مقيد الحرية تمامًا وليس مُطلق الحرية أيضًا.[٦]


عمل ابن رشد في القضاء

يُذكر أنّ ابن رُشد عمل في مجال القضاء إلى جانب علومه ومعارفه التي برع فيها؛ إذ تولى القضاء في البداية في مدينة إشبيلية سنة 565هـ، وفي عام 567هـ تولّى القضاء في مدينة قرطبة، وبعد ذلك بعام واحد تولى منصب قاضي القضاة، وعرف خلال فترة عمله في هذا المجال بحُسن سيرته عند الجميع، وتجدر الإشارة إلى أنّه في هذه الفترة أيضًا كان متقربًا من الخليفة أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن في مدينة مراكش في المغرب، الأمر الذي تطلّب من ابن رشد التنقّل بين أفريقيا والأندلس للموازنة بين عمله في القضاء وبين تقرّبه من الخليفة.[٧]


تلامذة ابن رشد

تتلمذت على يدي ابن رشد مجموعة من أبناء عصره، وكان ذلك من خلال الجلوس في حلقات في الجوامع وإلقاء الدرس عليهم، لكن يُشار إلى أنّه لم يشتهر أحد منهم في مجال الفلسفة لأسباب مختلفة، ومن أشهر تلامذة ابن رشد محمد بن حوط الله، وأبو الحسن سهل بن مالك، وأبو بكر بن جهور، بالإضافة إلى ألى الربيع بن سالم، وأبي القاسم بن الطيلسان، وغيرهم.[٨]


مؤلفات ابن رشد

تنقسم مؤلفات ابن رشد إلى قسمين رئيسين، وهما: شروحاته لكتب القدماء، خاصةً أرسطو وأفلاطون وبعض فلاسفة الإسلام، أما القسم الثاني فيتضمن الكتب التي كانت من تأليفه، ومن ضمن أشهر مؤلفات ابن رشد ما يأتي ذكره:[٩]

  • كتاب (الكليات): هو من مؤلفات ابن رشد في مجال الطب، يقع في ستة أجزاء تحتوي على دروس كاملة في صناعة الطب، ويُذكر أنّ هذا الكتاب نال أهمية كبيرة في أوروبا وبقي مشهورًا فيها مدةً طويلةً.[١٠]
  • كتاب (فصل المقال): هو كتاب في مجال الفلسفة، يُدافع فيه ابن رشد عن الفلاسفة من اتهامهم بالكفر، فأوضح فيه أنّه من حق الفلاسفة الحديث عن العلوم الشرعية تحت مظلّة المنطق بشرط عدم إنكار أي أصل من أصول الدين، واستشهد ابن رشد على ذلك بعدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لدعم آرائه.[٩]
  • كتاب (بداية المجتهد ونهاية المقتصد): هو كتاب في مجال الفقه، ذكر فيه العديد من المسائل الفقهية المتفق عليها والمُختلف فيها، اعتمد فيه على الطرق التي يتم من خلالها تلقّي الأحكام الشرعية عن النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-.[١١]
  • شروحات ابن رشد لكتب القدماء: منها (شرح الأرجوزة المنسوبة إلى ابن سينا في الطب)، و(تلخيص كتاب الأخلاق لأرسطو طاليس)، بالإضافة إلى (شرح كتاب القياس لأرسطو طاليس)، وغير ذلك الكثير.[١٢]


كتاب تهافت التهافت لابن رشد

يعد كتاب (تهافات التهافت) من أشهر كتب ابن رشد، وهو من الكتب التاريخية والتراثية الفلسفية المهمة، وفيه ردّ ابن رشد على كتاب (تهافت الفلاسفة) للغزالي، إذ بذل جهده في هذا الكتاب لردّ الاعتبار للفلاسفة والدفاع عنهم، وقد كانت تسمية الكتاب بهذا الاسم (تهافت التهافت) متضمنة لدعوى تناقض أفكار الغزالي التي انتقض فيها آراء الفلاسفة، ومن الجدير بالذكر أنّ ابن رشد اعتمد في كتابه هذا على تقسيم ما ورد فيه إلى قسمين، هما: العلم الإلهي، والعلم الطبيعي.[١٣]


وفاة ابن رشد

تذكر كُتب السِّيَر ومصادر التعريف بابن رشد أنّه توفي في سنة 595هـ/ 1198م عن عمر يُناهز 75 عامًا، ودفن في المغرب ثم تمّ نقل جثمانه إلى مسقط رأسه في مدينة قرطبة، وذلك حسب ما روى ابن العربي الذي شهد جنازته وشهد حمل جثمانه لنقله، ويُذكر أنّ لابن رشد عددًا من الأولاد منهم أبو محمد عبد الله، الذي عرف بأنّه أصبح طبيبًا للخليفة النصير.[١٤]

المراجع

  1. شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 307. بتصرّف.
  2. عباس محمود العقاد، ابن رشد، صفحة 20. بتصرّف.
  3. إرنست رينان، ابن رشد والرشدية، صفحة 31. بتصرّف.
  4. فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، صفحة 9. بتصرّف.
  5. فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، صفحة 26. بتصرّف.
  6. فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، صفحة 34. بتصرّف.
  7. محمد يوسف موسى، ابن رشد الفيلسوف، صفحة 18. بتصرّف.
  8. فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، صفحة 23. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ابن رشد، فصل المقال، صفحة 12. بتصرّف.
  10. إرنست رينان، ابن رشد والرشدية، صفحة 90. بتصرّف.
  11. ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، صفحة 9. بتصرّف.
  12. فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، صفحة 28. بتصرّف.
  13. ابن رشد، تهافت التهافت، صفحة 15. بتصرّف.
  14. فرح أنطون، ابن رشد وفلسفته، صفحة 22. بتصرّف.