من هو ابن زيدون؟

هو وزير وشاعر وكاتب من أبرز الشعراء في ظل الدولتين الجهوريّة والعباديّة.


وهو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي، ويُصنف كواحد من بين أعظم الشعراء العرب المشاهير في الأندلس، كما أنه كان وزيرًا وشاعرًا في آنٍ واحد، وجمعت أشعاره بين بساطة الشعر وتأثره بشعراء الشرق، ليمنحه طابعًا واضحًا وإيقاعًا مميزًا، واشتهر بحبه لولادة بنت المُستكفي، وتعرض في حياته للعديد من التقلبات، والنكسات، والمآسي، والتنقل بين الحياة النبيلة الطيبة إلى حياة البؤس خاصةً عندما سجن في قرطبة وهرب إلى إشبيلية، ولجميع هذه الأحداث أثر جلي على كتاباته وأشعاره التي تنوعت بين قصائد الغزل، وأبيات المديح والرثـاء، ورسائل الاستشفاع، والهجاء، والإخوانيات، فضلاً عن الوصف والثناء.[١][٢]


مولد ابن زيدون ونشأته

ولد ابن زيدون في رصافة قرطبة في عام 394 هـ/ 1003 م، ونشأ في أسرة عريقة الأصول مرموقة الأنساب، ذات علم وصلاح، وبعد وفاة والده وهو في سن الحادية عشرة كفله جده وهو من المشايخ الصارمين، وكان وحيد أمه، ليحظى بالكثير من الحب والدلال، ناهيك عن خصاله الفطرية الحميدة من النبوغ والذكاء وحب العظمة، وعلاقته الطيبة بوالدته التي جعلته نرجسيًا بدلاله، بالإضافة لوسامته ونسبه الأصيل من سلالة الفقهاء واحتضان جده العظيم له ليغدو شابًا وقورًا ومُترفًا ومُرهف الإحساس يعتز بنسبه كثيرًا، ولا ننسى تأثير عصر الذي ساهم في ميله للفنون والموسيقا والغناء.[٢][١]


مكانة ابن زيدون الأدبية والشعرية

يُعد ابن زيدون من أهم شعراء قرطبة في عصره، وذا مكانة رفيعة وعالية بالنظر لتعليمه وموهبته، وهو ما لم يختلف عليه باحثو الشرق، فهو صاحب موهبة جياشة مُتدفقة، وقدرة مميزة في التعبير بطلاقة عما يدوره في هواجسه وفكره مُستعينًا بمُختلف العناصر الفنيّة، فقيل فيه أنه كان صاحب نثر منظوم، شعري الألفاظ والمعاني، قوي الموهبة، واسع البيان نظمًا ونثرًا، لذا أُطلق عليه لقب بحتري المغرب تشبيهًا للشاعر العظيم البحتري، ونظرًا لحسن ديباجه ونظمه وسهولة معاني ألفاظه، كما كان شاعرًا للحب ونموذجًا مُبدعًا لأسلوب العرب الكلاسيكي العريق.[٣]


سجن ابن زيدون

كان ابن زيدون وزيرًا ومُقربًا للأمير أبي الحزم بن جهور، ومنحه لقب ذا الوزارتين، وكان يعمل معه في تدبير شؤون الرعية، يُساعده قولًا وفعلًا، وكانت العلاقة بينهما طيبة إلا أنه جاء يوم عُكّر صفوها فتعرض ابن زيدون للاعتقال والسجن بسبب وشاية الأعداء والحسّاد، على الرغم من أن سبب سجنه لم يكن واضحًا وأثار جدل الكثيرين وروي عنه العديد من القصص، منها أنه اتهم بالاستيلاء على عقار لأحد الموالي بعد وفاته، وشكوى ابن عبدوس غريمه في الحب الذي كان يُنافسه على حب ولادة، وغيرها من القصص التي تُجهل صحتها.[٤]


ابن قتيبة وهيامه بولادة بنت المُستكفي

جمعت بين ابن قتيبة وولادة بنت محمد بن عبد الرحمن الناصري المُلقب بالمُستكفي قصة حب حزينة بدأت من لقائه الأول بها، فأصابته سهام حبها، وغدا في عشقها أسيرًا، لكن تقلبات الدهر لم تكن مُنصفة لشاعرنا، فكان له في حبها منافسان، وهما؛ أبو عبد الله بن القلاس، وأبو عامر بن عبدوس، فبعد أن تخلص ابن قتيبة من ابن القلاس حدث بينه وبين ولادة خلاف اختلف المؤرخون في أسبابه ليفوز بها ابن عبدوس بعد افتراقها عن ابن قتيبة، وكان ذلك السبب في إرساله رسالته الهزلية إلى ابن عبدوس والتي رويت على لسان ولادة.[٥]


أساتذة ابن زيدون

تردد ابن زيدون على الجوامع والحوانيت والوراقين ودروس جامعة قرطبة الكبيرة، ومن أبرز أساتذته:[٦]

  • العالم والفقيه أبي العباس بن ذكوان.
  • الأديب وعالم اللغة ورواية الشعر ابن أفلح النحوي أبو بكر مسلم بن أحمد.


مؤلفات ابن زيدون

من أشهر مؤلفات ابن زيدون ما يأتي:[٧]

الرسالة الهزلية: كتب ابن زيدون رسالته الهزلية على لسان حبيبته ولادة بنت المُستكفي لمُنافسه في حبها ابن عبدوس، وكانت بقصد الاستهزاء به، وتحتوي الرسالة مجموعة من الحكم والأمثال وأبيات الشعر وطائفة من الأحداث الأخرى.

الرسالة الجدية: كتب ابن زيدون رسالته الجديّة وهو في السجن مُسترحمًا سجّانه الأمير ابن جهور، محاولًا أن ينجو فيها من خلال اعتذاره وتذلله وتملقه كما يراه بعض النقاد، والتي رأوا فيها معانٍ تنافت مع مقام الأمير، مما جعل ابن زيدون يفشل في استرحامه، وبقي في سجنه حتى لاذ بالفرار، ويتجلى ذلك في ختام رسالته، إذ قال فيه: "وإنما أبسست لك لتدر، وحركت لك الحوار لتحن".


كتاب الشعر والشعراء

يمتاز هذا الكتاب بمقدمته النقدية المتميزة والثمينة، والتي تُعد من أوائل النقد الأدبي المصحوب بالعلل، إذ بين فيها ابن قتيبة قصده من الكتاب ومن تأليفه، والتي تُبين قيمته، فهو أحد أبرز الكتالتيتي تُرجمت للشعراء، خاصةً المشهورون منهم بين أهل الشعر والأدب دون تصنيفه إلى طبقات، بل اقتصر على ترجمة وجمع أخبار طائفة من أشعارهم وجمع أخبارهم ووضعها فيه.[٨]


وفاة ابن زيدون

توفي ابن زيدون في مدينة إشبيلية بعد أن هرب إليها من سجنه وتولى فيها الوزارة بأمر من المُعتضد، وذلك بتاريخ 463 هـ/ 1071 م عن عمر يُناهز 71 عامًا.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ريم عايد نايف الحسن، الصورة الفنية في شعر ابن زيدون، صفحة 16. بتصرّف.
  2. ^ أ ب حسناء أقدح، النرجسية وتجلياتها في غزل ابن زيدون، صفحة 3-4. بتصرّف.
  3. فوزي خضر، عناصر الإبداع في شعر ابن زيدون، صفحة 17-16. بتصرّف.
  4. محمد جاسر أسعد، شعر السجن عند ابن زيدون األندلسي: دراسة وصفية وحتليلية، صفحة 17-3-4. بتصرّف.
  5. صلاح الدين محمد عثمان محمد، شرح في رسالة ابن زيدون بين الصفدي وابن عليم، صفحة 19-22. بتصرّف.
  6. صلاح الدين محمد عثمان محمد، شرح رسالة ابن زيدون بين الصفدي وابن عليم، صفحة 17. بتصرّف.
  7. صلاح الدين محمد عثمان محمد، شرح رسالة ابن زيدون بين الصفدي وابن عليم، صفحة 25. بتصرّف.
  8. ابن قتيبة، "كتاب الشعر والشعراء"، فل بوك، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2021. بتصرّف.