من هو ابن عساكر

هو محدث الشام، الحافظ الشافعي الكبير، إمام، وفقيه، وعالم عقيدة


وهو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي، لقب بابن عساكر بعد وفاته، وهو مؤرخ الشام لتأليفه كتاب "تاريخ دمشق"، الذي يعد نموذجًا ومرجعًا للمؤلفين والباحثين لدقته اللامتناهية في تأليفه.[١]


مولد ابن عساكر

ولد أبو القاسم عام 1105 ميلادي، الموافق 499 هجريًّا في دمشق، يُذكر أن عائلته كانت ذات علم وجاه، فسمع الحديث، وتعلّمه من أبيه وأخيه، وهو ابن الست سنوات، إذ كان والده قاضيًا، علاوة على حبه لمجالسة العلماء ومصاحبتهم، وأخوه أبو الحسين الصائن من حفاظ الحديث، أما والدته فكانت تعود لعائلة ذات علم أيضًا.[١][٢]


ثقافة ابن عساكر

كان لأسرة ابن عساكر المهتمة بالعلم والعلماء ومجالس الذكر والحديث الأثر الكبير في تنشئته بقدر عالٍ من الثقافة والعلم، وبعد سماع العلم من علماء دمشق، سافر وارتحل إلى غيرها من المدن طالبًا له، فكانت الوجه الأولى بغداد مركز العلم، ومن ثم خراسان.[٣]


أسلوب ابن عساكر

اختص ابن عساكر في علمه بالحديث الشريف، والفقه، والأدب، والتاريخ، وبذلك امتهن التدريس إلى جانب التأليف والتدوين، ولكن علمه هذا لم يعتمد فيه على النقل فقط من الغير؛ ولكن أسلوبه تعدى ذلك ليشمله إعمال للعقل أيضًا، وهذا ما ظهر جليًا في مؤلفاته، إذ عَمدَ فيها إلى حل المشاكل ومناقشتها، مبتعدًا في ذلك عن أي تعصب، خاصةً لمذهب الشافعي الذي كان عليه.[٢]


وقد كان أسلوب ابن عساكر بعيدًا عن الجمود في النقل والتقليد، فكان لا يقف عند قول غيره، محاولًا استبيان كافة الأمور والمسائل، وبذلك ما يشير إلى ذكائه ودقة علمه ومعرفته؛ ومما قاله السبكي في وصفه: "كان في بغداد يسمى شعلة نار؛ من توقده وذكائه وحسن إدراكه، لم يجتمع في شيوخه ما اجتمع فيه".[٢]


أساتذة ابن عساكر وشيوخه

ألّف ابن عساكر في هذا الشأن معجمين، فيهما أسماء الشيوخ الذين سمع منهم العلم، والآخر لمن أجاز له علمه هذا، وقد قُدِر عدد شيوخه وأساتذته نحو 1636 شيخًا، ومن أهم من أخذ العلم عنهم؛ الشيخ يوسف الهمداني، والشيخ أبو النجيب السهروردي. [٣]، أما في تفصيل شيوخه؛ فهم 1300 شيخ بالسماع، و46 شيخًا بالإنشاد، علاوة على 290 شيخًا مجازًا؛ ليغترف منهم العلم والمعرفة، أما عن النسوة من أساتذته؛ فهن 80 امرأة.[٤]


منهج ابن عساكر

ظهر منهج ابن عساكر وتجلى في كتابه الأشهر تاريخ دمشق، إذ اعتمد فيه على عدد من الأركان المهمة، بدءًا من الترتيب الذي سار فيه على ترتيب الحروف الأبجدية، مهتمًا بالبدء باسم "أحمد" وهو الموافق لاسم النبي محمد عليه الصلاة والسلام، من ثم اهتم في الترجمة وذكر صاحبها، بحيث لوحظ تفاوت في ذكرها من مترجم إلى آخر، وذلك بالرجوع إلى أهمية المترجم نفسه ووفرة مادته.[٣]


اعتمد أيضًا في منهجه على إيضاح مصدر المعلومات إن كانت من أحد الشيوخ الذين استمع لهم، أم الذين أجازوا له، وبذلك اختلفت وتنوعت صيغ أداء التحمل في كتابه، مع جمع الأسانيد المشتركة في الرواية الواحدة، أو الصفة، إضافة إلى جمع الأسانيد بين الإجازة والسماع.[٣]، هذا كله كان ضمن منهج الدقة في النقل، مع النقد للروايات تحقيقًا فيها، مع الاستعانة في بعضٍ منها إلى الاختصار والإحالة.[٣]


أشهر مؤلفات ابن عساكر

صدر لابن عساكر العديد من المؤلفات والمصنفات ذات الأثر، وربما أشهرها وأكثرها معرفةً له، هو كتاب تاريخ دمشق، إذ كان هذا الكتاب بمثابة الحلم والهدف الذي سعى خلفه، لحين تأليفه والانتهاء منه، إذ شغل حياته كلها فيه، إذ قال في ذلك ابن خلكان على لسان شيخه الحافظ زكي الدين عبد العظيم: "ما أظن هذا الرجل إلا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه وشرع في الجمع من ذلك الوقت وإلا فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان مثل هذا الكتاب".[٢]


أشهر أقوال ابن عساكر

نَظَمَ أبو القاسم من الأبيات ما جاء في كتابه "ذم من لا يعمل بعلمه":[٤]

ألا إن الحديث أجَلُ علم.. وأشرفه الأحاديث العوالي

وأنفع كل نوع منه عندي.. وأحسنه الفوائد والأمالي

فإنك لن ترى للعلم شيئاً.. تحققه كأفواه الرجال


وفاة ابن عساكر

توفي ابن عساكر عام 571 هجريًّا، عن عمر يناهز 72 عامًا، ودفن إلى جانب والده في مقبرة باب الصغير، وقد صلى عليه القطب النيسابوري، والسلطان صلاح الدين.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب الإمام محمد بن مكرم المعروف بابن منظور، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، صفحة 9-10.
  2. ^ أ ب ت ث ج ابن بدران، تهذيب تاريخ ابن عساكر، صفحة 7.
  3. ^ أ ب ت ث ج د طلال بن سعود الدعجاني، موارد ابن عساكر في تاريخ دمشق، صفحة 35-88.
  4. ^ أ ب الحافظ ابو القاسم بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر، ذم من لا يعمل بعلمه، صفحة 15 19.