من هو الدكتور مصطفى محمود؟

هو كاتب، وفيلسوف، ومفكر، وطبيب، وأحد أبرز أعلام القرن العشرين.


وهو مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، عالم وكاتب ومفكر مصري الأصل، وعلى الرغم من أنه بدأ حياته كطبيب، إلا أنه اختار المضي قدمًا في عمله كصحفي ومؤلف، حيث اشتهر وعُرف على نطاق العالم العربي والإسلامي بسبب دوره الكبير، وجهده المتواصل في محاولة مدّ الجسور بين العلم والإيمان، وله العديد من المؤلفات التي عالج من خلالها مواضيعًا شائكة لم يتطرق لها مؤلف من قبله، والتي تسببت بالكثير من الجدل حول شخصيته، وأفكاره، مثل سلسلته الشهيرة التي تضم مجموعة من الكتب التأملية في الله والكون، كما له برنامج تلفزيوني يُعد الأكثر شهرة وانتشارًا في عصره وهو "العلم والإيمان"، والذي يُعد موسوعة علمية هائلة، حيث تعدت مجموع حلقاته ما يقارب 400 حلقة، وقد سعى من خلاله إلى الحث على التأمل والتدبر والتفكر في قدرة الله سبحانه وتعالى، مستخدمًا لذلك أسلوب علمي بسيط يمكن لجميع المشاهدين فهمه على اختلاف طبقاتهم وثقافاتهم.[١][٢]


مولد الدكتور مصطفى محمود ونشأته

ولد الدكتور مصطفى محمود في قرية شبين الكوم في محافظة المنوفية في مصر، في تاريخ 27-12-1921م، لأسرة من الطبقة المتوسطة والتي ينتهي نسبها إلى علي زين العابدين، وقد عاش ونشأ في مدينة طنطا بالقرب من مسجد السيد البدوي الشهير، وهو يُعد أحد مزارات الصوفية المعروفة في مصر، مما كان له الأثر الكبير على توجهاته وأفكاره، التي أصبحت فيما بعد أكثر ميلًا للتوجه الصوفي.[٣]


مسيرة الدكتور مصطفى محمود العلمية والعملية

بدأ الدكتور مصطفى محمود مسيرته التعليمية في كُتّاب ومدرسة "الشوكي"، حيث حفظ فيه القرآن الكريم، ودرس اللغة العربية والحساب، وقد أظهر خلال هذه المرحلة تفوقًا شديدًا، إلا أنه تعرض للضرب من قِبل أستاذ اللغة العربية، مما تسبب في إصابته بالاكتئاب الشديد، والذي جعله يرفض الذهاب إلى المدرسة لمدة ثلاث سنوات، ولم يعد إليها إلا بعد رحيل هذا الأستاذ عنها، وقد وصلت درجة حبه للعلم إلى قيامه بإنشاء معمل صغير في منزل والده لتصنيع الصابون، والمبيدات الحشرية، والتي كان يستخدمها لقتل الحشرات، ومن ثم يقوم بتشريحها للتعرف على تركيبها ومكوناتها الداخلية.


ارتاد الدكتور مصطفى مدرسة طنطا الحكومية لإكمال دراسته الثانوية، وخلال هذه المرحلة أظهر اهتمامًا شديدًا بالعلوم والتجارب العلمية، كما بدأت مواهبه الأدبية والشعرية بالتفتح، حيث كان ينشر العديد من قصائده وقصصه القصيرة في المجلات المدرسية، والتي لاقت استحسانًا كبيرًا من قِبل معلميه.


بعد إنهائه المرحلة الثانوية، التحق مصطفى بكلية الطب في جامعة القاهرة، وقد اشتهر بين زملائه بلقب "المشرحجي"، نظرًا لاهتمامه الشديد بتشريح جثث الموتى، وطرحه الكثير من الأسئلة حول سر الحياة والموت، كما دأب خلال دراسته على نشر بعض من المقالات، والدراسات، والقصص القصيرة في العديد من المجلات مثل "الرسالة"، و"التحرير"، و"الثقافة"، وصحيفة "النداء"، علمًا أنّ أول قصة قام بنشرها كانت في مجلة "الرسالة" في عام 1947م.


وفي عام 1953م، تخرج الدكتور مصطفى من كلية الطب بعد تخصصه في الأمراض الصدرية، والتحق فورًا للعمل كطبيب في أحد المستوصفات الواقعة في مصر القديمة، وإلى جانب مزاولته لمهنة الطب فقد استمر في كتابة المقالات الأدبية ونشرها في الصحف والمجلات، كما عمل لمدة من الزمن في مجلة "روز اليوسف"، وفي عام 1960م قرر الدكتور مصطفى التخلي عن مهنة الطب، فاستقال من عمله، وتفرغ للكتابة والتأليف، كما قضى جل وقته في السفر حول العالم حيث زار العديد من البلدان العربية والأجنبية، وذلك بهدف جمع المعلومات، والتعرف على الأمم المختلفة، وعاداتهم، وفلسفتهم في الحياة.


والجدير بذكره أن الدكتور مصطفى محمود قد عُرف عنه حب الخير، ومساعدة الناس المحتاجة والفقيرة، وقد كرّس حياته بدءًا من العام 1970م وحتى وفاته لهذا الغرض النبيل، فقام وعلى نفقته الخاصة ببناء جامع كبير سمي على اسمه، ثم ألحقه بمستشفى خيري متخصص، بالإضافة إلى مركز طبي متخصص يسمى الكوثر، إلى جانب إنشائه جمعية تتضمن العديد من المراكز الطبية، ومراكز البحث المتخصصة بالطب البديل، والعلاج الطبيعي، كما تحتوي على أربعة مراصد فلكية، ومتحف للجيولوجيا.[٣][٤][١]


منهج الدكتور مصطفى محمود الأدبي

تميز أسلوب الدكتور مصطفى الأدبي بالبلاغة العربية، إلى جانب البساطة في طريقة طرح المعلومات، وقد ساهم ذلك في انتشار مؤلفاته بين جميع الناس على مختلف ثقافاتهم وأعمارهم، وخاصةً الشباب، حيث استطاع الدخول إلى عقولهم وقلوبهم ببساطة ويسر، لحرصه على استخدام أسلوب يساير العصر والزمان، وقد ساعده على ذلك ثقافته الشديدة، والتي اكتسبها من خلال مصادر عديدة تتمثل في اطلاعه الواسع على شتى معارف العصر وعلومه، ودراسته التراث العربي، والإسلامي، والصوفي، والتعمق في قراءة القرآن الكريم، والإحاطة بعلم الحديث النبوي الشريف.


أما في المجال القصصي، فقد كان للدكتور مصطفى أسلوبه الخاص الذي ميزه عن غيره من الكتاب، إذ استطاع الجمع ما بين إحساس الأديب، وإدراك الفيسلوف، فنتج عن هذا المزج أسلوب أدبي مواكب للعصر، وسهل اللغة، وعميق الفكرة، كما امتازت شخصيات رواياته بخروجها عن النمط التقليدي المألوف، فهي عبارة عن أفكار متحركة وذات إحساس، وتمتلك قضية خاصة بها، ومن الأمثلة على هذه الروايات "المستحيل"، و"العنكبوت"، و"الأفيون"، و"الخروج من التابوت"، و"رجل تحت الصفر".[٥][٦]


أبرز مؤلفات الدكتور مصطفى محمود

ألف الدكتور مصطفى ما يقارب 89 كتابًا متنوعًا في العديد من المجالات الأدبية كالقصة، والرواية، والعلم، والفلسفة، والسياسة، والفكر الديني، وأدب الرحلات، وتنقسم حياته الأدبية إلى مرحلتين هما:[٣][٧]


المرحلة الأولى

امتدت هذه المرحلة ما بين عامي 1950-1970م، حيث يغلب عليها الطابع الأدبي، مع وجود القليل من المؤلفات العلمية والفلسفية، ومن الأمثلة على هذه الأعمال:

  • أكل عيش (قصة قصيرة).
  • المستحيل (رواية).
  • الزلزال (مسرحية).
  • الغابة (أدب رحلات).
  • الله والإنسان (مجموعة مقالات).


المرحلة الثانية

سُميت مرحلة اليقين، وكانت بين عامي 1970-2009م، وهذه المرحلة غنية بكتاباته الفكرية، والتي ناقش من خلالها العديد من القضايا الجدلية والشائكة، حيث كان هدفه الأساسي منها توضيح التوافق ما بين العلم والدين، وإظهار أنّ العلم لا يناقض الدين بل هو مكمل له، ومن الأمثلة عليها:

  • رحلتي من الشك إلى الإيمان.
  • الشيطان يحكم.
  • رأيت الله.
  • حوار مع صديقي الملحد.
  • الماركسية والإسلام.


وفاة الدكتور مصطفى محمود

توفي الدكتور مصطفى محمود في القاهرة في تاريخ 31-10-2009م، عن عمرٍ يناهز 88 عامًا.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب "Mostafa Mahmoud: A Thinking Phenomenon", bibalex, Retrieved 29/9/2021. Edited.
  2. محمد لبيب سالم، "في ذكرى وفاة د. مصطفى محمود"، منظمة المجتمع العلمي العربي، اطّلع عليه بتاريخ 29/9/2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت عادل حافظ، مصطفى محمود، صفحة 1. بتصرّف.
  4. حسني محمد أحمد العطار، الدكتور مصطفى محمود آراؤه الاعتقادية وموقفه من المذاهب الفكرية والملل المعاصرة، صفحة 15-18 64. بتصرّف.
  5. من هنا/تفاصيل المبدع/23bd2662-2fa4-4d23-a5f9-bb01e45f8a6f/ "مصطفى محمود"، ماسبيرو، اطّلع عليه بتاريخ 29/9/2021. بتصرّف.