من هو الزمخشري؟

هو إمام، ومفسر، ولغوي، وأديب فارسي مسلم، وأحد أعلام القرنين الخامس والسادس الهجري.


وهو محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري، ويُكنى بأبي القاسم، وقد لُقب بعدة ألقاب منها "جار الله"، وذلك لأنه بقي مجاورًا للمسجد الحرام في مكة المكرمة فترة طويلة من الزمن، و"فخر خوارزم" وذلك بسبب انتفاع الناس من علمه الغزير، ويُعد الزمخشري أحد أبرز الأئمة المسلمين في عصره، وذو مكانة ومنزلة عاليتين، ويعود ذلك لبراعته في الكثير من مجالات العلوم مثل التفسير واللغة، والنحو، والعروض، والبلاغة، والقراءات، والحديث، والفقه، وعلم الكلام، والمنطق، والجدير بذكره أن الزمخشري كان يتبع مذهب المعتزلة، حيث كان يفتخر بمذهبه، ويجاهر بذلك، كما كان من أشد المحبين للغة العربية، فعلى الرغم من كونه فارسي الأصل، إلا أنه قد أتقن اللغة العربية، وتمكّن منها بصورة تدل على قدراته العالية، وعلمه الراسخ.[١]


مولد الزمخشري ونشأته

ولد الزمخشري في تاريخ 27 من شهر رجب في عام 467 هجري، في قرية زمخشر الواقعة في مدينة خوارزم، وقد نشأ الزمخشري وقضى مرحلة الطفولة في هذه القرية الصغيرة، وتربى في كنف عائلة مغمورة، حيث كان والده عالمًا وأديبًا، كما أدرك الزمخشري عهد الوزير "نظام الملك"، والذي كان يُعد من أزهى العصور، إذ يعود للوزير الفضل الكبير في ازدهار وتطور العلوم والآداب.[٢]


رحلات الزمخشري في طلب العلم

نشأ الزمخشري محبًا للعلم منذ صغره، حيث تعلم القراءة والكتابة في قريته زمخشر، وحفظ القرآن الكريم على يد شيوخها، وعند بلوغه السن المناسب بدأ رحلاته في طلب العلم، فرحل إلى بخارى، وخراسان، وبغداد حيث جلس مع علمائها الكبار، ثم انتقل إلى مكة المكرمة، فمكث في جوار المسجد الحرام فترة طويلة من الزمن، حيث التقى خلال هذه المدة بكبار علماء مكة، من أمثال ابن وهاس الحسيني، والذي يعود له الفضل في تشجيع الزمخشري على تأليف كتابه "الكشاف".


وبعد ذلك عاد الزمخشري إلى قريته زمخشر، إلا أنه ما لبث أن اشتاق لمكة فعاد إليها مرةً أخرى، حيث مكث فيها لبعض الوقت، ومن ثم انتقل إلى بغداد وهناك التقى فيها بأبي منصور الجواليقي، وقرأ عليه بعض الكتب، ومن ثم عاد أخيرًا إلى مسقط رأسه زمخشر، والتي بقي فيها إلى أن وافته المنية، والجدير بذكره أن الزمخشري قد تعرض لحادث خلال إحدى هذه الرحلات، مما تسبب بقطع إحدى رجليه، فكان يستعين بقطعة من الخشب لمساعدته على السير.[٣]


صفات الزمخشري

اتصف الإمام الزمخشري بالعديد من الصفات الحسنة، فإلى جانب علمه الغزير، وتعدد مواهبه، وبراعته الكبيرة في عدة مجالات مختلفة من العلوم، فقد كان تقيًا ورعًا، وشديد التواضع، وحسن المعشر، كما كان غزير التأليف، إذ عُرف عنه براعته الشديدة في النثر والإنشاء، حيث اتصف أسلوبه الأدبي بجزالة الألفاظ، وتأنق العبارات، بالإضافة إلى موهبته الشعرية في نظم القصائد، علمًا أنه قام بجمع قصائده كلها ونشرها في ديوان شعري.[٢]


شيوخ الزمخشري وتلامذته

تتلمذ الزمخشري على يد كبار العلماء والشيوخ في ذلك العصر، نذكر منهم:[٤]

  • أبو الخطاب نصر بن البطرة.
  • أبو الحسن علي بن المظفر النيسابوري.
  • أبو مضر محمود بن جرير الضبي الأصبهاني.
  • أبو الحسن علي بن عيسى بن حمزة.
  • أبو سعد الشقاني.


أما التلاميذ الذين تلقوا العلم على يديه فمنهم:[٤]

  • أبو المحاسن إسماعيل بن عبدالله الطويلي.
  • أبو المحاسن عبد الرحيم بن عبدالله البزاز.
  • أبو سعد أحمد بن محمود الشاشي.
  • أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي.
  • زينب بنت عبد الرحمن الشعري.


مؤلفات الزمخشري

تميز الإمام الزمخشري بغزارة مؤلفاته والتي بلغت ما يقارب الخمسين مصنفًا، حيث كان معظمها في النحو، واللغة، والأدب، بالإضافة إلى ديوان شعري واحد، ومن أهم هذه المؤلفات ما يأتي:[٥]

  • أساس البلاغة.
  • المفصل في صنعة الإعراب.
  • الفائق في غريب الحديث.
  • القسطاط المستقيم في العروض.
  • الأنموذج في النحو.
  • أطواق الذهب.
  • نوابغ الكلم.


كتاب الكشاف

ألف الزمخشري كتاب "الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل" خلال فترة إقامته في مكة المكرمة، وهو يُعد من أوائل كتب التفسير التي تناولت موضوع بلاغية القرآن الكريم، وإعجازه اللغوي، وذلك عن طريق توضيح دقة المعنى الذي يمكن استنباطه من التركيب اللفظي للآيات، وعلى الرغم من أن الزمخشري قد اتبع منهج مذهب المعتزلة عند كتابته لهذا الكتاب، إلا أنه قد حظي بمنزلة عالية عند علماء السنة، وأئمة اللغة، فنجدهم قد أقبلوا على قراءته، ودراسته، وشرحه، والتعليق عليه، كما مدحه العديد من كبار العلماء أمثال ابن خلدون، حيث كان يطلب من تلامذته تعلمه ودراسته، وابن خلكان، فقد وصف هذا الكتاب بأنه "لم يؤلف قبله مثله"، وأبو حيان الأندلسي، والذي أثنى عليه في كتابه "البحر المحيط".[٦][٧]


آراء العلماء في الزمخشري

احتلّ الزمخشري مكانة مرموقة، ومنزلة عالية بين أقرانه من الأئمة المسلمين، وذلك لبراعته وتفوقه في العديد من المجالات العلمية وخاصة اللغة والأدب، ومما يدل على فضله هذا شهادة كبار العلماء له، نذكر منهم:[٨]

  • ياقوت الحموي والذي وصفه بقوله "كان إمامًا في التفسير، وفي النحو، واللغة، وفي الأدب، واسع العلم، كبير الفضل، متفننًا في علوم شتى".
  • ابن خلكان حيث قال عنه "كان إمام عصره من غير مدافع، تشدّ إليه الرحال في فنونه".


وفاة الزمخشري

توفي الإمام الزمخشري في مدينة خوارزم في ليلة عرفة من عام 538 هجري، عن عمرٍ يناهز 71 عامًا، وقد أوصى قبل وفاته أن يُكتب على قبره هذه الأبيات الشعرية:[٩]


إلهي قد أصبحت ضيفك في الثرى وللضيف حق عند كل كريم فهب لي ذنوبي في قراي فإنها عظام ولا يقري بغير عظيم


المراجع

  1. كوثر الجزولي آدم عبد النور، حياة الزمخشـــــري وكتابه المُفصّــــل، صفحة 11-13. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عمر الدقاق، "الزَّمخشري"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 18/8/2021. بتصرّف.
  3. فالح بداح عبداالله العجمي ، شرح الأنموذج للزمخشري، صفحة 12-13. بتصرّف.
  4. ^ أ ب خضرة محمد أحمد الخبير، تعقبات أبي حيان للزمخشري في تفسيره الكشاف، صفحة 5. بتصرّف.
  5. نور الأمانة، I, IV, DAFTAR PUSTAKA.pdf إعجاز القرآن عند أبي القاسم الزمخشري، صفحة 13-14. بتصرّف.
  6. محمد خاقاني أصفهاني، كيفيه اهوازيان، نقد كاشف عمّا نُسب إلى صاحب الكشاف، صفحة 125. بتصرّف.