من هو الطبري؟

هو مؤرخ، وفقيه مسلم، وإمام المفسرين في القرن الثالث الهجري.


هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، وكنيته أبو جعفر، وله العديد من الألقاب التي عُرف بها منها: الإمام، والمجتهد، والمفسر، والمحدث، والحافظ، والفقيه، والمؤرخ، والعلامة، واللغوي، والثقة، والثبت، والمقرئ، ويُعد الطبري من كبار أئمة أهل السنة والجماعة، وقد نبغ في عدة مجالات، منها: التفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ وغيرها، وقد كانت كتبه تُعد مرجعًا موثوقًا لطلاب العلم، كما كان حافظًا للقرآن، وعارفًا بقراءاته، ومعانيه، وفقهيًا في أحكامه، وعالمًا بالحديث والسنة، وعارفًا بأقوال الصحابة والتابعين، واتصف الطبري بصفاتٍ عدة، وهي: الحكمة، وسدادة الرأي، والتواضع، وقوة الحفظ، والذكاء، والعفة، والزهد، والورع، وسعة الاطلاع، والكرم، والقناعة، والقوة في الحق، والثبات عليه، وهو صاحب كتاب تفسير الطبري والذي يُعد من أهم كتب التفسير وأشهرها.[١][٢]


مولد الطبري ونشأته

ولد الطبري عام 224 هجريًا، في بلدة صغيرة اسمها آمل في مدينة طبرستان شمال إيران، وقد كان والده ميسور الحال، ومحبًا للعلم، فكان حريصًا أشد الحرص على تلقي ابنه العلم منذ الصغر، وقد امتاز الطبري وهو طفل بالنبوغ، والتفوق، والصلاح، فقد حفظ القرآن الكريم وهو في سن 7 سنين، وصلى إمامًا بالناس في صلاة التراويح، وهو في عمر 8 سنين فقط، وكان سبب حرص والده على تعليمه أنه رأى رؤيا وهي أنّ ابنه محمد الطفل كان يحمل مخلاة مملوءة بالحجارة، وهو جالس بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان يرمي هذه الحجارة وكأنه يدافع عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد فسر المعبرون هذه الرؤيا بأنّ محمدًا عندما يكبر ويصبح شابًا سيكون أحد المدافعين عن الإسلام، وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.[٣]


رحلة الطبري في طلب العلم

بدأ الطبري في كتابة الحديث وهو ما زال في التاسعة من عمره، إذ بدأ مع شيخ الحديث في مدينة الري الشيخ محمد بن حميد الرازي، وسمع عنه ما يزيد عن مئة ألف حديث، وعندما بلغ الطبري سن 12 عامًا رحل إلى البلاد المجاورة لبلدته؛ لتلقي العلم، ولقاء العلماء فيها، بعد ذلك وفي عام 236 هجريًا انتقل إلى بغداد لملاقاة الإمام أحمد بن حنبل، إلا أنّ الإمام كان قد توفي قبل دخول الطبري إلى بغداد، فرحل الطبري إلى البصرة، وسمع هناك الحديث من إمام الحديث في البصرة، ثم انتقل بعدها إلى الكوفة، إذ قرأ فيها الشعر، واللغة على الإمام أحمد بن عباس الشيباني، فبرع في علوم اللغة والنحو، ثم انتقل بعدها إلى مصر، وذلك في عام 253 هجريًا، وهناك كتب الحديث عن تلاميذ الإمام مالك والشافعي، وبعد سنة رحل إلى الشام، وبقي فيها حتى عام 256 هجريًا، قبل أن يعود إلى مصر مرةً أخرى، وقد أصبح يملك من العلم قدرًا كبيرًا، وقد واصل الطبري رحلاته في التنقل بين البلدان الإسلامية فترةً طويلة، حتى كانت نهاية رحلته العلمية العودة إلى بغداد عام 290 هجريًّا، إذ استقر فيها إلى أن وافته المنية.[٤][٣]


كتاب تفسير الطبري

يُعد كتاب جامع البيان عن تأويل آي القرآن والمعروف باسم تفسير الطبري من أشهر وأهم كتب تفسير القرآن الكريم، فقد مدحه أهل العلم، وأثنوا عليه، وأعلوا من منزلته، كما كان ذا أثرٍ كبير على معظم المفسرين الذين جاؤوا من بعد الطبري، فاستفادوا منه، ونقلوا عنه، ومما يدل على عظم قدره قول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير ابن جرير الطبري، فإنه يذكر مقولات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة ولا ينقل عن المهتمين".[٥]


وقد اعتمد الطبري في تفسيره على منهجٍ محدد، فهو ينقل بأسانيده المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته، وتابعيهم من أئمة التفسير، كما يذكر الاختلاف في القراءات، ويبين وجوه الإعراب، بالإضافة إلى ذلك فهو لا يكتفي بالنقل فقط، بل يتحقق من النص، ويمحصه، ويعلله، ثم بعد ذلك يرجح ما يجده قويًا، وهو بذلك يستخدم أسلوب الاجتهاد بالرأي، متجاوزًا حدود التفسير بالمأثور.[٦]


شيوخ الطبري وتلاميذه

تلقى الطبري العلم عن كثير من العلماء الكبار منهم على سبيل الذكر لا الحصر:[٧]

  • محمد بن حميد الرازي.
  • أحمد بن حماد الدولابي.
  • أبو كريب محمد بن علاء الهمزاني.
  • إسماعيل بن موسى السُديّ.
  • المثنى بن إبراهيم الآملي.


أما تلاميذه فمنهم على سبيل الذكر لا الحصر:[٨]

  • أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة.
  • محمد بن محمد بن يعقوب بن إسماعيل النيسابوري.
  • أحمد بن أبي طالب الكاتب.
  • يحيى بن علي بن يحيى المنجم.
  • أبو الفرج الأصفهاني.


مؤلفات الطبري وكتبه

ومن أشهر مؤلفات الطبري ما يأتي:[٩]

  • جامع البيان عن تأويل آي القرآن.
  • تاريخ الرسل والملوك، وهو من أهم كتب التاريخ.
  • تهذيب الآثار.
  • كتاب القراءات.
  • كتاب اختلاف العلماء.
  • أحكام شرائع الإسلام.
  • كتاب التبصير في أصول الدين.
  • كتاب الخفيف، وهو مختصر في الفقه.
  • كتاب البسيط، وهو في الفقه إلا أنه لم يكمل كتابته.


آراء العلماء في الطبري

أثنى كبار العلماء على الطبري، وأقروا بمكانته العلمية العالية، ومن أقوالهم فيه:[١٠]

  • قال الإمام الحافظ ابن كثير: "كان أحد أئمة الإسلام علمًا، وعملًا بكتاب الله وسنة رسوله".
  • الإمام الذهبي: "الإمام العلم المجتهد، عالم العصر، أبو جعفر الطبري، صاحب التصانيف البديعة".


وفاة الطبري

توفي الإمام الطبري عند مغرب يوم السبت 26 شوال عام 310 هجري في بغداد، وقد دفن في داره برحبة يعقوب ببغداد.[١١]

المراجع

  1. علي بن عبدالعزيز الشبل، الإمام الطبري سيرته، عقيدته، ومؤلفاته، صفحة 15. بتصرّف.
  2. تمّام كمال موسى الشاعر ، منهج الإمام ابن جرير الطبريّ في الترجيح بين أقوال المفسّرين، صفحة 6-8. بتصرّف.
  3. ^ أ ب الفريق العلمي، الإمام ابن جرير الطبري وتفسيره، صفحة 7-11. بتصرّف.
  4. أمين بابكر محمد الأمين الإمام، إبن جرير الطبري وجهوده النحوية في تفسيره جامع البيان، صفحة 26-27. بتصرّف.
  5. حسين علي الحربي، منهج الإمام ابن جرير الطبري في الترجيح، صفحة 34-35. بتصرّف.