سان سيمون

من هو سان سيمون؟

هو مُفكر وناشط سياسي ومُصلح اجتماعي بارز، ومن الدعاة للنظام الاشتراكي في القرنين الثامن والتاسع عشر الميلادي.

وهو كلود هنري دي روفروي دي سان سيمون، مُفكر فرنسي بارز من أصحاب التأثير الكبير على الحياة الفكرية في أوروبا في القرن التاسع عشر الميلادي، فقد طوّر نظرية مركزيّة للتنظيم الاجتماعي تحت نظام صناعي يحكمه القادة الصناعيون ويُوجهه العلماء من النواحي الروحيّة، وكانت أفكاره ردًا على الفوضى الناجمة عن الثورة الفرنسيّة، وتم تداولها بشكل سريع، فحظيت باهتمام جملة من المفكرين ممن اعتبروه عبقريًا ذو رؤية وبصيرة واسعة شملت أفكار الاشتراكيين الذين تبعوه، فاقترح جملة من الآراء المعنية بالتخطيط الاجتماعي والاقتصادي المستقبلي، والتي يدين له فيها الدعاة الإصلاحيين الرأسماليين والاشتراكيين والماركسيين من بعده، والتي يتناسب بعضها مع تداعيات وقضايا القرن العشرين.^[١][٢][٣]

مولد ونشأة سان سيمون

ولد سان سيمون في مدينة باريس في فرنسا في تاريخ 17-10-1760م، وكان ينتمي لأسرة أرستقراطية فقيرة، حيث أن أصلها يعود إلى طبقة النبلاء، فجدّه هو دوق مقاطعة سان سيمون، ولكن فقر أسرته جعله يخرج عن التقاليد ويرفض الانتماء لمُجتمع النبلاء.^[١]

ثقافة سان سيمون ومسيرته الأدبية والمهنية

تلقى سان سيمون تعليمه على يد مدرسين خاصين بشكل غير منتظم، وجُنّد عسكريًا بينما كان عمره 17 عامًا، فاشترك مع الكتائب الفرنسية التي ساعدت المستعمرات الأمريكية في حرب الاستقلال ضد إنجلترا، وقاد المدفعية في يوركتاون في عام 1781، واستقر في فرنسا خلال الثورة الفرنسية، وكان من أشد المعارضين لإراقة الدماء في الثورة، كما أنه أُسر في ظل الإرهاب في قصر لوكسمبورغ، وعندما فك أسره أصبح من الأثرياء؛ بسبب انخفاض قيمة العملة عقب الثورة، ولكنه لم يُحسن إدارة أمواله فاقترب من الإفلاس بعد خمسة أعوام، وهو ما دفعه لحضور دورات في كلية البوليتيكنك ومقابلة العلماء المشهورين، حيث قدّم أولى أعماله والتي حملت اسم "رسائل من مقيم في جنيف إلى معاصريه" في عام 1803م، الذي اقترح فيه أن يحل العلماء محل الكهنة ورجال الدين في النظام الاجتماعي.

تتلخص رؤية سيمون حول إنشاء دولة صناعية قويّة وناجحة بقيادة وتوجيه العلم الحديث الذي يجب أن يصبح ديانة تحل محل الكاثوليكية، أي أنه يُمكن حل مشاكل البشرية باستخدام العلم والتكنولوجيا، وعبر الوصول إلى اتفاق سلمي يُمكّن القادة الصناعيين ورجال الأعمال من السيطرة على المجتمع، وجعل الجوانب الروحية تحت سلطة العلماء والمهندسين، بدلًا من الكنيسة الكاثوليكية، واقترح تشكيل اتحاد لدول أوروبا ينهي الحرب، فكانت أفكاره ذات تأثير عميق على الكثير من المفكرين والفلاسفة، ومن بينهم الفيلسوف أوغست كونت الذي سبق وأن عمل سيمون بصحبته.

ونشر سيمون مجموعة مقالات في مجلة "الصناعة"، والتي اعتنت بجملة من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تدعو لإنشاء حزب وطني يقوده المنتجون لمواجهة أرستقراطية النبلاء العاطلين عن العمل، كما نشر مجموعة كتب من بينها كتاب "الحكمة"، الذي لاقى غضب السلطات فحاولوا اعتقاله، كما تعرض سيمون للعديد من العقبات خلال مسيرته، فأصيب بالإحباط مما دفعه لمحاولة الانتحار، ليفقد إحدى عينيه بعد أن أصاب نفسه بعيار ناري في تاريخ 9-3-1823م، ونشر من بعد ذلك كتابه الشهير "عقيدة الصناعيين"، الذي ألفه بالتعاون مع الفيلسوف أوغست كونت والذي ضم أربعة مجلدات، ويمكن اعتبار سيمون أنه قد تخلى عن المجتمع الصناعي واتجه نحو المجتمع الاشتراكي، الذي لم يتمكن من صياغة أفكار واضحة عنه بعد نشره كتابه الأخير حيث توفي بعد شهر، لكن عمله لم يتوقف بل استمر تحت قيادة تلاميذه ممن تبنوا السانسيمونية، التي كان لها أثر ملموس في نهضة الفكر الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.^[١][٤][٣]

أبرز مؤلفات سان سيمون

من أبرز مؤلفات سان سيمون ما يأتي:^[٤]

• كتاب رسائل من مقيم في جنيف إلى معاصريه: انتقد سيمون في هذا الكتاب الثورة، وأفاد بانتهاء سلطة النظام القديم، وضرورة بناء مجتمع حديث بعيد عن مناهج الفيلسوف كانط أو المذهب الكاثوليكي.
• كتاب المسيحية الجديدة: ينظر هذا الكتاب في أمر الطبقة المعدمة والفقيرة كثيرة العدد، وتحسين مصيرها وحياتها، وكان هذا الكتاب نقطة تحول في فكر سيمون السياسي والاجتماعي.
• كتاب إعادة تنظيم المجتمع الأوروبي: وهو كتاب نتج عن شراكة سيمون وتلميذه الصدوق أوغسطين تييري، ونادى فيه سيمون بضرورة إنشاء نظام برلماني مستقل في كل دولة يُشبه النظام الذي ساد بريطانيا العظمى، بالإضافة لوجود برلمان أوروبي أعلى يحكم كل البرلمانات الأوروبية الوطنية.

وفاة سان سيمون

توفي سان سيمون في مدينة باريس في فرنسا في تاريخ 19-5-1825م، وكان يبلغ من العمر 64 عامًا.^[١]