من هو طه حسين؟

هو أديب، ومفكر، وناقد عربي، وأحد أعلام التنوير والحركة الأدبية الحديثة.


وهو طه حسين علي سلامة، والمُلقّب بعميد الأدب العربي، فعلى الرغم من أنه ضرير العينين وانطفأت أمامه مصابيح الحياة، إلا أنه كان يمتلك بَصِيرة نافذة، كما امتاز بذاكرة قويّة وحافظة، وبذكاء أضاء له دروب العلم والمعرفة، وخاض بفضله العديد من المعارك مع الفكر التقليدي الذي عرّضه للكثير من النقد وتحمل في سبيله الصعاب، وواجه غِمار الحياة العملية والعلميّة بصبر وقوة واقتدار ليغدو أيقونةً أدبية تستحق أن تحظى بجزيل الشكر والاحترام.[١]


مولد طه حسين

وُلِد طه حسين في شهر نوفمبر عام ١٨٨٩ م، في أرياف قرية الكيلو التي تقع في محافظة المنيا، أصيب وهو صغير بالعمى، وفقد بصره عندما كان في الرابعة من عمره، لكن والِدَه ألحقه بكُتَّاب القرية ليتعلّم القرآن الكريم، واللغة والحساب.[٢][٣]


ثقافة طه حسين ومسيرته التعليميّة

كان طه حسين شديد الذكاء، ويتمتع بذاكرة قوية، فحفظ القرآن الكريم، وتابَعَ مسيرته الدراسية رغم أنه ضرير بخطوات ثابتة، إذ أكمل حفظ القرآن قبل أن يبلغ العشر سنوات، والتحق بالأزهر طلبًا للعلم، ولم يعتمد كليًا على دروسه، باستثناء دروس الأدب، فالتحق بالجامعة المصريّة، وحصل منها على شهادة الدكتوراه في رسالة عن أبي العلاء المعّري، التي أثارت ضجة كبيرة وعرضته لنقدٍ شديد، ثم حصل من الجامعة على بعثة علميّة إلى باريس في فرنسا، ونال منها شهادة الدكتوراه، ليعود إلى وطنه مصر الذي خاض فيه العديد من المعارك؛ بسبب مواقفه الفكرية المعارضة، وآرائه الأدبيّة، وتمسكه وإيمانه بأهمية دوره في التوعية وفي تطوير العقليات وتقدّم المجتمع، ثم تزوج من الفرنسية سوزان، وبدأ التدريس في الجامعة المصريّة بالتاريخ اليوناني والروماني، ثم أصبح أستاذًا لتاريخ الأدب العربي في كلية الآداب، ثم عميدًا لها، إضافةً لسلسلة من الوظائف الأكاديميّة المرموقة، أبرزها أن عُيِّن مستشارًا لوزير المعارف، ثم مديرًا لجامعة الإسكندرية، ووزيرًا للمعارف، وكان من الداعين إلى إلزامية ومجانية التعليم، وساهم في تأسيس عددٍ من الجامعات المصرية، وتولى منصب رئاسة تحرير جريدة الجمهورية.[٣][١]


أسلوب طه حسين الإنشائي والفكري

يتسم أسلوب طه حسين في مقالاته بالوضوح والاتزان، والترقق الهادئ الذي يسري في سياقه المُتسلسل، وفي حلقاته المُترابطة، كما أنه فنان بارع وشاعر لامع يستخدم مواهبه لزيادة تأثير أسلوبه، وتتميز كتاباته بسهولتها ولينها وإن طالت العبارات، إلا في حال حاجته للتعبير الدقيق البعيد عن التخيّل والتعقيد، ويَشعر القارئ أنه قريب جدًا منه، يلمسه في كل عبارة يقرأها، كما أنه وصّاف بارع شديد الدقة يميل للاستحضار في كتابة مشاهده، ولكنه واقعي وشديد الإبراز والوضوح، ويترك الدليل في كل ما يشعر به ويسرده من مواقف، كما يتضمن أسلوب طه حسين اللغوي والإنشائي والفكري العديد من الجوانب، منها ما يأتي:[٢]


النغمات الصوتية الموسيقيّة

تتميز مؤلفات طه حسين رغم أنها مكتوبة إلا أنها عندما تُقرأ تَخرج بنغمات صوتية تستجيب لها الأذن بسرعة مع تنوع التيار الصوتي، لتحتفظ بمستوياتها الموسيقية بحيث تناسب ما أراد التعبير عنه للقارئ[٤]


المنهج النقدي

يُعد طه حسين أحد مؤسسي الوعي النقدي الحديث، الذي تبنى شخصه وحذا خلفه جيل من النقاد والباحثين في الأدب حول العالم العربي، إذ إنه يُمثل ناقدًا موسوعيًا استرسل بتخيلاته للتراث العربي القديم بفضل ثقافته العربية والأجنبية الواسعة، كما تميزت أعماله بالاتساع والتنوع والغزارة، ليكتب ما يُغطي 100 كتاب بحسب توضيح بعض النقاد، إضافةً لمؤلفاته النقدية المتنوعة في عدة مجالات، مثل: علم التربية والإصلاح الاجتماعي، والإسلاميات، والإبداع الأدبي الذي تمثل بكتابته القصص، والروايات، والسيرة الذاتية، ونتيجة لكثرة مؤلفاته اختلف النُقّاد في تحديد مناهجه الرئيسية، وتقييم نتائجها، وتحديد أهميتها، لكن منهجه التاريخي عُرِف كاتجاه أكاديمي يوحد آراءه، فنال احترام الكثير من النقاد في الساحة الأدبية، ومزج تقنيات منوعة لقراءة النص وداسته مع التدقيق الشديد في التفاصيل التاريخية.[٥][٦]


الجانب التركيبي وهندسة الجمل

وهي طريقة بناء العبارات من حيث التركيب، وعلم النحو، ودراسة الصرف، وجميعها عناصر تكوين الجمل ذات التركيب الصحيح والأجزاء المُترابطة، وتميز طه حسين في أسلوبه اللغوي المميز من حيث هندسة الجمل وتركيبها السليم ضمن قواعد النحو والصرف، مما يجعلها سالمة من العيوب.[٧]


الاستشهاد ببعض من اللغة العاميّة

استشهد طه حسين في مؤلفاته ببعضٍ من جمل اللغة العاميّة، واختار لها مواضع معينة وأدرجها في نصوصه ضمن تناسق مميز منحها نوعًا من الثراء الذي يُريح القارئ ولا يشعره بالقلق أو النفور؛ إذ إنه عند استخدام طه حسين للجمل الدخيلة من غير الفصحى فإنه يستعملها بخصائصها الصوتية وبمقاطعها وأبنيتها الأصلية التي قد تُخالف النظام المقطعي والأبنية العربية، مع الحفاظ على استقرارها من حيث موقعها وضمان تواؤمها مع النسق الداخلي والخارجي للأسلوب والسياق.[٨][٩]


أشهر مؤلفات طه حسين

  • رواية الحب الضائع: وهي رواية تتمحور حول الخيانة والإخلاص على لسان فتاة فرنسية تدعى (مادلين موريل) سلبت الحربُ فرحتها وأبناءها وعائلتها، وغدت حزينةَ حتى طرق الحب بابها وعادت البسمة والإشراق لروحها المُطفأة، لتسعد في أولى سنوات زواجها، وتعيش حياة جميلة مرسومة في لوحة في غاية الجمال، إلى أن جاء يوم تلطخت فيه لوحتها الجميلة وتعكّر صفاؤها وبهجتها، مما جعلها غير قادرة على التسامح لتختار الموت وضياع الروح كمخرج نجاة يُنهي صراع قلبها والألم الذي يعتصره.[١٠]
  • كتاب أديب: يُمثل هذا الكتاب سيرتين متكاملتين، إحداهما سيرة ذاتية خاصة بطه حسين، والثانية سيرة متعلقة بالأديب، ورواية فنية قائمة على التشويق والتخيّل والالتفات، والاستطراد، والاهتمام بصناعة البيان وبلاغة التصوير الذي يتسم به طه حسين كرائد عظيم من رواد الأدب العربي الحديث، ليُدين ويُوبّخ بسيرته أجيال المُثقفين ممن هرعوا لدول الغرب وأروبا ليظفروا بعلومها، وبدلًا من أن يستفيدوا منها وقعوا في الرذيلة وأخذتهم رياح الفتنة مُنغمسين معها في الشر والفساد.[١١]
  • كتاب لحظات: يُشارك طه حسين في كتابه هذا اللحظات الثمينة التي قضاها بقراءة وصحبة عيون الأدب السرديِّ الغربيِّ لقناطر أدبيّة راقيةً تفتح العقول على آفاق فكرية جديدة، من أمثال جان جاك برنار، وبول جرالديي، وموريس دونية، وهنري بتايل، شارحًا مُلخصات مفيدة دون نقل نصوصهم مترجمة حرفيًا، وإنما نقلًا حيًّا حيويًا ومُمتعًا حاملًا مشاعره وما تنطويه لحظات قراءته لها وما تراكم في حافظته اللغوية والنقدية والمعرفية من فوائد وتجارب من الحياة وأحداثها المضطربة في الشرق والغرب.[١٢]


كتاب الأيام لطه حسين

ألّف عميد الأدب العربي هذا الكتاب ليس فقط ليكون سيرة ذاتية تروي قصة حياته الصعبة التي قُدِّرَ ﻟه فيها أن تنطفئ مصابيح بصره منذ أن كان طفلًا صغيرًا، ليغدو قلبه النبراس المتوهج الذي يضيء دربه ويدرأ عنه الإحباط واليأس ويُثنيه عن فكرة الانتحار، ويُحوّل معاناته إلى دافع قوي يبث فيه الأمل في الحياة، ويُغير شخصيّته إلى شخصيّة استنثنائية حققت ما يعجز عنه الأقوياء من أصحاب الصحّة والبصر، فحولت الإعاقة إلى إرادة صلبة ومتينة، وقد درس طه حسين من خلال الكتاب أوضاع المجتمع المصري في القرن العشرين، وأدرك مدى تدهوره وانتشار الجهل فيه، ويروي طه حسين قصة خروجه من الريف إلى الأزهر بحثًا عن العلم الشرعي الذي لم يجده هناك، فيحول خطاه إلى الجامعة المصرية، ثم يكمل دراسته في فرنسا ويظفر بالتعرف على ثقافة الغرب، ويعود في النهاية إلى بلده الأم لينشر العلم الذي اكتسبه وتلقاه في غربته.[١٣]


أشهر أقوال طه حسين

أكره الوداع وأشعر أن الفراق، كما يقول بعض الشعراء الأجانب " يموت قليلاً "، لا أحب أن ألتقي بالموت مهما كان سهلًا، ولا أحب أن أكون مدركًا له، أو أنتظره، أو أخافه، أفضل أن يفاجئني تمامًا، أنه يجب أن يخطفني بعيدًا فجأة، وأن أخرج من الحياة بشكل غير مقصود كما دخلت.[١٤]


وفاة طه حسين

قضى طه حسين حياته مُعلمًا ومُرشدًا للأجيال، ومُؤلفًا للكتب، وفي شهر أكتوبر من عام 1973 ميلاديًّا توفي عن عمر يُناهز 84 عامًا.[١][٢]

المراجع

  1. ^ أ ب ت "طه حسين"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت حفاف سارة، Sarah.pdf فنّْ المقالة الأدبيًُّْة عند مصطفى صادق الرافعي، صفحة 22. بتصرّف.
  3. ^ أ ب طه حسين، السيرة الذاتيّة "الأيّام"، صفحة 2. بتصرّف.
  4. أسلوب طه حسين، د بدراوي زهران، صفحة 27. بتصرّف.
  5. محمد الهواري، علام الأدب العربي المعاصر، صفحة 157. بتصرّف.
  6. محمد شنوفي، تطور النقد المنهجي عند طه حسين، صفحة 2. بتصرّف.
  7. أسلوب طه حسين، د بدراوي زهران، صفحة 51. بتصرّف.
  8. د بدراوي زهران، أسلوب طه حسين، صفحة 63. بتصرّف.
  9. د بدراوي زهران، أسلوب طه حسين، صفحة 65. بتصرّف.
  10. طه حسين، "الحب الضائع"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2021. بتصرّف.
  11. "أديب"، مكتبة كتب، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2021. بتصرّف.
  12. طه حسين، "لحظات"، مكتبة كتب، اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2021. بتصرّف.
  13. طه حسين، "الأيام"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2021. بتصرّف.
  14. "Taha Hussein", goodreads, Retrieved 25-4-2021. Edited.