من هو مؤلف رواية الحرب والسلام؟

هو ليو تولستوي، وأستاذ الخيال الواقعي في القرن التاسع عشر.


وهو الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي، كاتب وأديب وروائي روسي من الروائيين في العالم، كما كان مُفكرًا أخلاقيًا، ومُصلحًا اجتماعيًا، وهو ما تجلى بوضوح في أعماله المتميزة، فبرع في جميع مؤلفاته، وامتاز بالإبداع الأدبي الذي اختلف فيه عن باقي الروائيين، ومن أبرز أعماله روايته الحرب والسلام، وروايتي القيامة، وآنا كارولينيا.[١][٢]


مولد ليو تولستوي

وُلد تولستوي في قرية ياسنايا بوليانا في ولاية طولا التي تقع في روسيا في تاريخ 28-8-1828 م، وهو ينتمي لأسرة ألمانية الأصل، اشتهر من بينها بطرس تولستوي الذي كان سفيرًا لروسيا وأدخل في قائمة الأشراف عام 1724 م، فكان لأسرة ليو مكانة مرموقة بين الأسر الروسية، كما كانت والدته الأميرة ماريا نيكولايفنا من أسرة فولكون النبيلة والثرية، لكنها توفيت قبل أن يُتم سنتين من عمره، فنشأ طفولته في كنف والده في قرية ياسنايا، واصطحبه معه إلى موسكو قبل أن يُتم 10 سنوات إلا أنه توفي خلال الرحلة، فأعادته مربيته إلى قرية ياسنايا، ومن ثم توفيت جدته.[٣]


ثقافة ليو تولستوي وتعليمه

انتقل تولستوي في سن 15 عامًا إلى مدينة قازان، ودخل فيها الجامعة مدة عامين، ودرس العلوم العالية، واللغات الشرقية، ولكن درجاته كانت سيئة فالتحق بكلية الحقوق، إلا أنه لم يُكمل الدراسة فيها، وعاد إلى قريته، وهناك واظب على الاطلاع والثقافة الذاتية، وقرأ كتب الأدباء الروس والألمان والفرنسيين المشهورين، مثل: روسو، ولورنس ستيرن، وهيجو، وتشارلز ديكنز، وفولتثير، وبوشكن، وترجنيف، وشيللر وغيرهم.


وكان التفكير الفلسفي يُلازمه منذ شبابه فيستمر في سؤال نفسه عن ماهية الإنسان، وما تفسير السعادة وغيرها من المسائل الفلسفية التي قادته لمُجادلة ومناقشة أقرانه والاسترسال في عرض أفكاره المميزة لهم، ثم التحق في الجند الروسي بعد أن تأثر بابن عمه الجندي وأصبح ضابطًا في سن 23 عامًا، فانضم إلى أركان حرب البرنس غورتاشكوف في حرب القرم الطويلة، كما انتقل إلى سباستبول، وعُين قائدًا لفرقة المدفعية، وتعددت رحلاته مع الجيش وحروبه التي خاضها خلال هذه المرحلة من حياته، مما غير من شخصيته وطموحاته، وزاد بحور مُخيلته، وأطلق العنان لأفكاره التي ظهرت في مؤلفاته فيما بعد، ومن بينها الحرب والسلام.


وبعد أن استقال من الجيش سافر في مُختلف أنحاء أروبا عام 1862م، ومن ثم عاد إلى قريته في مسقط رأسه، وتزوج من صوفيا ابنة الطبيب الألماني بيرس وأنجب منها 15 طفلًا، توفي منهم 5 أبناء، وعُين قاضيًا في قريته، وكان يدعو إلى الفضيلة والسلام بالتعليم أو بالاقتداء، وتميز بتواضعه وزهده وابتعاده عن الوجاهة والغرور، كما كان يعمل في حرث الأرض ويُساعد الفلاحين في أعمالهم، وأنشأ لهم مدرسة من نفقته الخاصة لتعليم أبنائهم الفقراء، وكان يدرّس بنفسه الأطفال فيها، بالإضافة إلى إصدار مجلة تهذيبية باسم القرية، لكن شغفه للتأليف والكتابة لم يتبدد، بل كان ينقطع في الشتاء، ويُقيم في مدينة موسكو ويتفرع للحبر والتأليف، وقاده اهتمامه الشديد في الفلسفة المسيحية وأفكاره المُعارضة للكنيسة الأرثوذكسية في روسيا التي يدعو مضمونها للسلام وعدم استغلال البشر، لخلافات كبيرة، إذ انتشرت أفكاره بشكل كبير ورفضتها الكنيسة، وكفّرته بسببها، وحرمته من رعايتها، فانقطع مدة عن التأليف إلا أنه عاد إلى الكتابة في أواخر مراحل حياته.[٣][١][٢]


رواية الحرب والسلام

أطلق على هذه الرواية عِبارة إلياذة العصور الحديثة؛ إذ إنها من الروايات الملحمية، ومن روائع الأدب العالمي من تأليف الروائي الروسي ليو تولستوي خلال ستينيات القرن التاسع عشر، فغدت واحدة من عيون الأدب العالمي الحديث، وامتازت بتركيبها المميز الأكثر من مجرد سردي جنبًا مع بروز الخيط السردي الذي يربط بين شخصياتها التي كانت فاحشة الثراء، ومُتقلبة الثقافة والأفكار، كما تحمل الرواية في طياتها جملة من المباحث الاجتماعية والسياسية.


وقد قدم من خلال الرواية صورة عن تحوُّلات المجتمع الروسي في ظل الصراع الفرنسي، وكان هذا السبب وراء وقوع أبطال الرواية في دوامة من الحرب والسلام خلال احتدام الصدام بين فرنسا وروسيا قبل معركة نابليون في أوسترلتز، ليعيش معهم القارئ الصراعات والحوارات باحثًا عن الإنسان الحقيقي الذي ضيَّعته نزعات الحروب والتفرقة الطبقية، فحتى شخصيات الرواية تتغير أفكارهم وثقافاتهم بحيث يصعب تحديد صفاتهم وطبيتعهم المتقلبة خلال مراحل حياتهم، وهو المفهوم الذي يُحاول تولستوي إبرازه من خلال الرواية، وهو أن حياة الإنسان تُشبه رحلة في طريق مُتعرج تتعارض أطوارها ومراحهلها، وتتناقض أجزاؤها بحسب الطريق، وقد ترجمت المقالة من اللغتين الفرنسية والإنجليزية إلى العربية على يد نخبة من المترجمين العرب.[٤][٥][٦]


أشهر مؤلفات ليو تولستوي

من أبرز مؤلفات تولستوي ما يأتي:

  • آنا كارنينيا: وهي من الروايات الجدلية التي تُناقش قضايا اجتماعية مهمة تواجه المُجتمعات الإنسانية، ومن بينها الخيانة، والانتحار والاهتمام بالمادة، وغيرها من الأمراض التي أصابت الطبقات الأرستقراطية، ومُلخصها أن هناك امرأة آية في الجمال تُدعى آنا كاورلينيا، كانت مُتزوجة من رجل ذي شأن عظيم في الدولة يُحبها جدًا ويحترمها، وكان لها منه ابن ذكي وجميل، وتتصف آنا بالطيبة وحب الصدق وكره الخيانة، وهو ما يظهر عندما تقع بالصدفة في حب رجل آخر غير زوجها وهو الضابط الفارس فرونسكي، فتترك حياتها وزوجها وطفلها سعيًا وراء حبها الجنوني له، ويكون هو الآخر في البداية مفتونًا بها إلا أن مشاعره تبرد تدريجيًا ويعود لطبيعته وكونه الرجل الحر المُحب للنساء جميعًا من حوله، على خلاف ما أرادت آنا، أن يكون لها فقط، فتختار الانتحار بالقفز من على متن القطار والهرس بين عجلاته بعد المرور بالعديد من المصاعب والنزعات الداخلية والاجتماعية، لتكون بذلك ضحية نفسها وظروفها واختيارها وجمالها الفاتن وصدقها، ناهيك عن ميولها الانتحاري النفسي، ويرى الكاتب بأن الانتحار أيضًا ليس فقط الموت بهذا الطريقة البشعة، وإنما هو الانخراط في علاقة غير مشروعة، وغير مقبولة اجتماعيًا، وتخلي آنا عن ابنها أيضًا، وقد لاقت الرواية إقبالًا واهتمامًا عالميًا واسعًا وربما دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية بعدد الأفلام التي صورت قصتها والتي تجاوزت 15 فيلمًا على مستوى العالم بمختلف ثقافاته.[٧][٨]
  • رواية موت إيفان إيليتش: وهي من روائع تولستوي، وتروي قصة إيفان إيليتش الذي يُعتبر نموذجًا للموظف المثالي، الطموح والجادّ في عمله، والذي يُصبح فريسةً للخوف الشديد فيتحدث ويُناقش طبيبه بعد أن أصيب بمرض مجهول جعله يستسلم للموت، ومن جهة أخرى تنتهي الرواية بموت إيفان بعد عذاب وصراخ وأنين موجع استمر 3 أيام، ورغم بساطة الرواية إلا أنها تحمل معانٍ إنسانيّة نبيلة، فتبرز ضعف النفس البشرية، وتنتقد الحياة الأرستقراطية المزيفة من خلال تسليط الضوء على هشاشة النفس، وتُشير إلى جمال الحياة، وأنها تحمل عدة مواقف وأمور تستحق الاستمتاع بها، مع التأكيد على حقيقة ضعف الإنسان، وتغير حياته من موقف بسيط كالسقوط من فوق السلم. [٩][١٠]


أشهر أقوال ليو تولستوي

من أشهر أقوال تولستوي ما يأتي:[١١]

  • الجميع يفكر في تغيير العالم، لكن لا أحد يفكر بتغيير نفسه.
  • إذا كنت تبحث عن الكمال فلن تكون راضيًا أبدًا.
  • يمكننا أن نعرف فقط أننا لا نعرف شيئًا، وهذه أعلى درجات الحكمة البشرية.
  • عندما تحب شخصًا ما، فأنت تحب هذا الشخص كما هو، وليس كما تحب أن يكون.
  • فقط الأشخاص القادرون على المحبة القوية يُمكن أن يعانوا من حزن كبير، لكن ضرورة هذه المحبة تُساعدهم على مواجهة حزنهم وتشفيهم.


وفاة ليو تولستوي

توفي تولستوي في مدينة ستابوفا في مقاطعة ريازان في روسيا في تاريخ 7-11-1910 م، وكان يبلغ من العمر 82 عامًا.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت Gary Saul Morson, "Leo Tolstoy", britannica, Retrieved 21-6-2021. Edited.
  2. ^ أ ب "ليو تولستوي"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ليو تولستوي، بدائع الخيال، صفحة 1. بتصرّف.
  4. ليو تولستوي، "رواية الحرب والسلام"، مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2021. بتصرّف.
  5. ليو تولستوي، "رواية الحرب والسلم"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2021. بتصرّف.
  6. ليو تولستوي، رواية الحرب والسلم، صفحة 1. بتصرّف.
  7. ليو توليستوي، أنا كارونينيا، صفحة 1. بتصرّف.
  8. "رواي ة آنا كارنينيا"، مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2021. بتصرّف.
  9. "موت إيفان إيليتش "، مكتبة فولابوك، اطّلع عليه بتاريخ 21-6-2021. بتصرّف.
  10. ليو تولستوي، موت إيفان إيليتش، صفحة 1. بتصرّف.
  11. "Leo Tolstoy Quotes", goodreads, Retrieved 21-6-2021. Edited.