من هو مؤلف كتاب التوحيد؟

هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عالم دين سني حنبلي من شبه الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر الميلادي.


وهو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد التميمي، إمام، وداعية، وصاحب دعوة إصلاحية في عصر استحكمت فيه غربة الإسلام، وانتشر بين الناس الجهل، والبدع، والخرافات، وقد كانت دعوته هذه قائمة على توحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة لله وحده، وفق شرعه في كتابه القرآن الكريم، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وإنكار ما أدخله الناس في الدين من خرافات وضلالات، فطالب الناس بنبذ البدع والمعاصي، وترك التبرك بالأولياء والصالحين، والأضرحة، وقد بذل في سبيل دعوته كل ما يملك من جهد وطاقة، وتحمل جميع الأذى والضرر الذي تعرض له من قِبل الجاهلين، وأدعياء العلم.[١]


مولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بلدة العيينة شمال مدينة الرياض، في عام 1115 هجريًا، الموافق 1703م، ويعود نسبه إلى قبيلة تميم، ووالده هو الشيخ عبد الوهاب الذي كان عالمًا وفقيهًا على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وقاضيًا ومفتيًا في بلدته العيينة، كما كان جده سليمان بن علي مفتي الديار النجدية، وقد نشأ الشيخ محمد في بيئة دينية صالحة، فدرس على يد والده الفقه، والتفسير، والحديث، وأصول الدين، وحفظ القرآن الكريم وهو في سنٍ صغيرة، وتمكن منه، فكان يؤم الناس في صلاة الجماعة وهو في عمر 12 سنة، كما كان يتصف بحدة الذكاء، وسرعة الفهم، والحفظ.[٢]


رحلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لطلب العلم

قرر الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرحيل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وطلب العلم، فذهب أولًا إلى مكة المكرمة وبعد أدائه لفريضة الحج، توجه إلى المدينة المنورة، وزار المسجد النبوي، وقابل هناك عالمين جليلين من علماء المدينة هما: الشيخ عبدالله بن سيف من آل السيف النجدي، وكان من العلماء العاكفين على دراسة كتب ابن تيمية، والمعجبين بآرائه، كما كان شديد التألم لما وصل إليه حال أهل نجد من تفشي الجهل، وانتشار البدع والمنكرات، والبعد عن التوحيد، أما العالم الثاني والذي تعرف عليه عن طريق الشيخ النجدي فهو الشيخ محمد حياة السندي، وهو سلفي العقيدة، منكر للبدع والمحدثات، وقد تتلمذ الشيخ عبد الوهاب على يدي السندي، وتأثر به تأثرًا كبيرًا، كما أخذ الشيخ عبد الوهاب العلم من علماء آخرين من أمثال الشيخ الداغستاني، وإسماعيل العجلوني وغيرهم، ثم تنقل ما بين نجد والبصرة والشام ليقصد الانتفاع بالعلم، وبعد ذلك عاد محمد بن عبد الوهاب إلى نجد بعد أن أدى الغرض من رحلته.


قضى الشيخ عبد الوهاب في بلدته العيينة فترة من الزمن، وقد عكف فيها على مواصلة تلقي العلم من والده، وخاصة في الفقه الحنبلي، وفي عام 1136 هجريًا، الموافق 1724م قرر الرحيل إلى البصرة، وهناك التقى الشيخ السلفي محمد الجموعي، فدرس على يديه اللغة والحديث، وقد ألف الكثير من الكتب القيمة خلال هذه الفترة، كما حاول خلال إقامته في البصرة محاربة البدع والضلالات التي كانت منتشرة فيها في ذلك الوقت؛ كالتضرع بقبور الأولياء، إلا أنّ دعوته قوبلت بالرفض والتكذيب من بعض الأهالي الذين تآمروا عليه وأخرجوه من البصرة، عندها اتجه الشيخ عبد الوهاب إلى الزبير، ولم يكن معه زادٌ ولا راحلة، فكاد يهلك من الجوع والعطش، لولا أن أنقذه رجلٌ من أهل الزبير، فأقام عنده بضعة أيام ثم قرر العودة إلى نجد، وفي طريقه التقى في منطقة الإحساء بالشيخ عبدالله بن عبد اللطيف الشافعي، فتلقى منه الكثير من العلم في عدة أيام، ثم رحل إلى بلدة حريملاء في نجد لملاقاة والده هناك، حيث اشتغل فيها في علم التفسير، والحديث، وعكف على دراسة كتب الشيخين ابن تيمية، وابن القيم.[٣][٤]


بداية دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

قضى الشيخ عبد الوهاب في بلدة حريملاء مدة 15 عامًا، وهي الفترة الواقعة بين 1139 هجريًا منذ وصوله إليها وحتى عام 1153 هجريًا سنة مغادرته إلى العيينة، وتُعد هذه الفترة هي بداية المرحلة التأسيسية لدعوته، فقد قضاها في التعلم والتعليم مع والده، بالإضافة إلى دعوة الناس للعودة إلى الكتاب والسنة، وما كان عليه السلف الصالح، إلا أنه واجه معارضة شديدة من قِبل المجتمع في نجد، والذي كان قد انتشرت فيه الخرافات والعقائد الفاسدة التي تتنافى مع أصول الدين الصحيحة، كما تعرض الشيخ لمحاولة اغتيال فاشلة، فقرر مغادرة حريملاء خاصةً بعد وفاة والده عام 1153م، والعودة إلى مسقط رأسه العيينة، وكان أميرها في ذلك الوقت عثمان بن معمر، والذي أعلن قبوله وتأييده لدعوة محمد بن عبد الوهاب، فعكف الشيخ على إرشاد الأهالي، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإزالة الظلم، بالإضافة إلى إرسال الرسائل إلى بعض البلدان مثل: الدرعية، وثادق، والمجمعة، ليبين لأهلها حقيقة التوحيد، ومعنى الإسلام، فكانت هذه بداية انتشار دعوته، إذ أصبح لها الكثير من الأنصار والمؤيدين في معظم البلدان الإسلامية.[٥]


مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب

ألف الشيخ محمد بن عبد الوهاب الكثير من الكتب والتصنيفات، منها:[٦]

  • كتاب الإيمان.
  • أصول الإيمان.
  • فضائل الإسلام.
  • فضائل القرآن.
  • السيرة المختصرة.
  • مختصر فتح الباري.
  • كشف الشبهات.
  • آداب المشي إلى الصلاة.


كتاب التوحيد

يُعد هذا الكتاب من أهم ما كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مجال الفقه الإسلامي، إذ بيّن فيه معنى توحيد الألوهية، وذكر أحكامه، وشروطه، وبراهينه، وتفاصيله، وأسبابه، ومقتضياته، وفضله لمن عمل به، وما يزداد به ويقويه، أو يضعفه، كما حذر الكاتب فيه من الشرك الأكبر، والشرك الأصغر، مع ذكر الأدلة على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية، ويشتمل هذا الكتاب على 66 بابًا، وقد استهل الشيخ عبد الوهاب كتابه بشرح معنى التوحيد، ثم ذكر بعض الآيات والأحاديث التي تدل على وجوب إفراد العبادة لله وحده،[٧] وقد اتبع الشيخ عبد الوهاب عند تأليفه هذا الكتاب منهجًا خاصًا وهو:[٨]

  • أورد الشيخ عبد الوهاب في جميع صفحات الكتاب آيات، وأحاديث، وآثار عن السلف الصالح من الصحابة، والذين من بعدهم ممن سار على نهجهم وطريقتهم.
  • قدّم ذكر الآيات أولًا، ثم الأحاديث، ثم الآثار، إلا إذا كان الأثر متعلقًا بآية أو حديث، ففي هذه الحالة فإنه يقدم ذكره من أجل التعليق عليه.
  • اشتمال هذا الكتاب على الآيات والأحاديث والآثار يزيد من قدره وارتفاع مكانته، إذ ليس للشيخ فيه كلام إلا ما يقوم بذكره من مسائل مستنبطة من الآيات والأحاديث والآثار في آخر كل باب.
  • جميع أبواب هذا الكتاب تتضمن إقرار التوحيد، وإفراد الله تعالى بالعبادة، والتحذير من الشرك بالله، أو ما ينافي كماله وهو الشرك الأصغر والبدع، كالاستغاثة أو الدعاء لغير الله.


وفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

توفي الشيخ محمد بن عبد الوهاب في عام 1206 هجري، والموافق 1792م، عن عمرٍ يناهز 92 عامًا.[٩]

المراجع

  1. أحمد بن حجر بن محمد آل أبو طامي آل بن علي، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، صفحة 2-11. بتصرّف.
  2. حرسي محمد هيلوله، السلفية الوهابية بين مؤيديها ومنتقديها، صفحة 53-54. بتصرّف.
  3. سليمان الحقيل، حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحقيقة دعوته، صفحة 28-32. بتصرّف.
  4. "كتاب التوحيد"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 1/7/2021. بتصرّف.
  5. عبد المحسن العباد، منهج محمد بن عبد الوهاب في التأليف، صفحة 15-18. بتصرّف.
  6. إسماعيل الأنصاري، حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآثاره العلمية، صفحة 152. بتصرّف.