من هو أبو الفتح البستي؟

هو شاعر، وأديب، وفقيه شافعي، وأحد أعلام العصر العباسي.


وهو علي بن محمد بن الحسين بن يوسف البستي، وذُكر في بعض الروايات أنّ اسم أبيه أحمد، وجده الحسن، ويُكنى بأبي الفتح، وهو شاعر، وكاتب، وحكيم، وعالم بالأدب واللغة والأخبار، ويُعد من أبرز الشعراء الذين نظموا الشعر باللغتين العربية والفارسية، والذين ذاع صيتهم واحتلوا مكانة عالية بين أقرانهم، وأكثر ما يميزه استخدامه للطريقة الأنيقة في التجنيس، والبديع التأسيس في شعره ونثره، فجاءت ألفاظه مبنية على التصنيع، والزركشة، والزينة، والسجع، والتجنيس البديع، فاستحق بذلك ثناء العلماء، وشهادتهم له بجودة شعره ونثره، وبطريقته الخاصة في الكتابة.[١]


مولد أبو الفتح البستي ونشأته

ولد أبو الفتح في عام 330 هجري، في مدينة بُست، والتي تقع حاليًا في دولة أفغانستان، وعلى الرغم من عدم ورود أيّة معلومات في كتب التاريخ والتراجم عن نسب البستي، إلا أنّه قد ذكر في بعض أبياته الشعرية أنّه ينتمي إلى أصول عربية عريقة، إذ ينحدر آباؤه من عبد شمس، وأعمامه من بني هاشم، وأخواله من بني عبد المدان.[٢][٣]


مسيرة أبو الفتح البستي العلمية والعملية

تلقى أبو الفتح تعليمه الأولي في مسقط رأسه بُست، فدرس العلوم الدينية، والحديث، وكان أكثر من أخذ منه العالم "أبو حاتم محمد بن حبان البستي"، إلى جانب أصحاب علي بن عبد العزيز وأقرانه، وقد أظهر أبو الفتح تفوقًا كبيرًا في مجالات الشعر والكتابة، حتى قيل عنه "هو أديب زمانه"، كما قيل "وهو أوحد عصره في الفضل والعلم والشعر والكتابة"، كما كان يتردد بين حينٍ وآخر على مدينة نيسابور، حيث كان يحرص دائمًا على الأخذ من كبار علمائها وفقهائها، حتى أقروا له بالفضل الكبير.


عمل أبو الفتح في بداية حياته معلمًا في مدينة بُست، ومن ثم أصبح كاتبًا لدى أميرها "باتيور"، واستمر في منصبه هذا إلى أن استولى القائد التركي "سبكتكين" على بُست، فاضطر أبو الفتح إلى مغادرة المدينة متوجهًا إلى الرخج، حيث بقي فيها مدة من الزمن إلى أن استدعاه الأمير الغزنوي سبكتكين، والذي قربه منه، وألحقه في خدمته، وقد استمر أبو الفتح في خدمة سبكتكين حتى تولى ابنه محمود الحكم، وخلال هذه الفترة حدث خلافٍ ما بين أبو الفتح والأمير محمود، مما تسبب بنفي الأمير له إلى بلاد الترك، حيث عاش أبو الفتح في مدينة أوزجند الفترة المتبقية من عمره وحتى وفاته.[٤][٥]


شعر أبو الفتح البستي

حظي شعر أبو الفتح بثناء الأدباء والنقاد، الذين شهدوا له بجودة أعماله، وبطريقته الخاصة في الكتابة، إذ يُلاحظ كثرة استخدامه للبديع والجناس، والذي وصل إبداعه فيه إلى الحد الذي جعل شعراء عصره يقتدون به، ويسيرون على نهجه، ويقتفون أثره، ومن جهةٍ أخرى، فقد تعددت الأغراض الشعرية في شعر أبو الفتح، إذ شملت الغزل، والمدح، والهجاء، والذم، والعتاب، والشكوى، والشيب، والكبر، والأدب، والإخوانيات، إلا أنّنا نجد أنّ أكثر أشعاره قد غلب عليها أغراض الحكمة، والمواعظ، والأمثال، والنوادر.


والجدير بذكره أنّ أبو الفتح قد دأب على نظم معظم أشعاره في حدود البيت، والبيتين، والثلاثة فقط، حيث من النادر إيجاد شعر له يتجاوز العشرة أبيات إلى العشرين بيتًا، ولكن يُستثنى من ذلك قصيدته الشهيرة "عنوان الحِكَم"، والتي استمدت اسمها من مضمونها، إذ تُعد القصيدة الطويلة الوحيدة له، حيث تبلغ ما يقارب الخمسة وستين بيتًا، وقد حظيت هذه القصيدة بشهرة واسعة، جعلت العديد من الأدباء يقبلون على دراستها وشرحها.[٦]


قصيدة عنوان الحكم

تُعد من أشهر قصائد أبو الفتح البستي، والتي قال في مطلعها:[٧]


زيادة المرء في دنياه نقصان وربحه غير محض الخير خسران وكل وجدان حظ لا ثبات له فإن معناه في التحقيق فقدان يا عامرا الخراب الدار مجتهدا بالله هل لخراب العمر عمران ويا حريصا على الأموال تجمعها أنسيت أن سرور المال أحزان زع الفؤاد عن الدنيا وزينتها فصفوها كدر والوصل هجران وأرع سمعك أمثالًا أفصلها كما يفصل ياقوت ومرجان



وفاة أبي الفتح البستي

توفي أبو الفتح البستي في منفاه في مدينة أوزجند في بخارى، في عام 400 هجري، وقِيل بعدها بسنة أو سنتين، كما أنه توفي وحيدًا وغريبًا وبعيدًا عن وطنه وأهله.[٨]

المراجع

  1. حسين جمعة، "أبو الفتح البستي"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 24/9/2021. بتصرّف.
  2. عبد الفتاح أبو غدة، كتاب قصيدة عنوان الحكم، صفحة 7. بتصرّف.
  3. قاسم نسيم حماد، الصورة الفنية في شعر أبي الفتح البستي، صفحة 42. بتصرّف.
  4. جواد غلام علي زاده ، من السمات الأسلوبية في شعر أبي الفتح البستي، صفحة 169. بتصرّف.
  5. شاكر الفحام، ديوان أبي الفتح البستي، صفحة 530. بتصرّف.
  6. أبو الفتح البستي، قصيدة عنوان الحكم، صفحة 1. بتصرّف.