من هو أبو الفضل النحوي؟

هو فقيه، ونحوي، ومجتهد، وشاعر، وأحد أعلام القرن الخامس الهجري.


وهو أبو الفضل يوسف بن محمد بن يوسف التوزري التلمساني، والمعروف بابن النحوي، وهو عالم من علماء المسلمين في أصول الفقه والدين، وعلوم اللغة العربية، وشاعر بليغ، امتاز بفصاحته الشعرية، حيث اشتهر وذاع صيته بسبب قصيدته التي عنونها باسم "المنفرجة"، والتي قام بنظمها ليعبر من خلالها عن أحواله وأوضاعه بعد ضائقة حلت عليه، فكانت هذه القصيدة دليلًا على براعته الأدبية، وقوة ألفاظه، وأسلوبه الشعري العذب، كما عُرف عنه كذلك زهده الشديد وتقشفه، وتجنبه متع الحياة، ولبسه الخشن من الثياب.[١][٢]


مولد أبي الفضل النحوي ونشأته

ولد أبو الفضل النحوي في عام 433 هجري، وقِيل في روايةٍ أخرى في عام 434 هجري، في بلدة توزر الواقعة في جنوب تونس، حيث نشأ وترعرع فيها.[٣]


ثقافة أبي الفضل النحوي ورحلاته العلمية

تلقى أبو الفضل النحوي العلم في بداية الأمر في مسقط رأسه توزر على يد العديد من كبار علمائها من أبرزهم الفقيه "أبو زكريا الشقرطسي التوزري"، بعد ذلك انتقل إلى القيروان وفيها درس عند "أبو الحسن علي محمد "، ليرحل بعدها إلى قلعة بني حماد في الجزائر، وفيها درس على يد "أبو القاسم عبد الجليل الربعي الديباجي، وأبي عبد الله ابن الفرج المازري"، وبعد استكمال أبي الفضل النحوي لرحلاته العلمية أصبح بذلك مؤهلًا ليُعد من مصاف العلماء البارزين والمعروفين في ذلك العصر، حيث قال عنه ابن البار: "أنه كان عارفًا بأصول الدين والفقه، يميل إلى النظر والاجتهاد، ولا يرى التقليد"، وقد ظهر أثره العلمي بشكلٍ واضح في قلعة بني حماد، حيث ساهم في بناء مركزها الثقافي والعلمي، إلى جانب ملازمته من قِبل الكثير من طلبة العلم الذين التحقوا به ليتتلمذوا على يديه، من أمثال "ابن البدوخ الطيب القلعي، وابن الرمامة".


وفي عام 494 هجري، غادر أبو الفضل النحوي قلعة بني حماد ليتوجه إلى مدينة سجلماسة الواقعة في المغرب الأقصى، إلا أنّه لم يطل البقاء فيها، فقد أراد الجلوس لتدريس أصول الفقه والدين وعلم الكلام، لكنه واجه تضييقًا شديدًا من قِبل رؤساء هذه المدينة وصل إلى حد منعه من تدريس علومه، الأمر الذي اضطره لمغادرتها في نفس عام دخوله إليها، لينتقل بعدها إلى مدينة فاس، وفي هذه المدينة بدأت ميول أبو الفضل النحوي الصوفية بالظهور، كما تمكن من ممارسة نشاطه العلمي، ومزاولة التدريس حيث التحق به العديد من طلبة العلم من أمثال "أبو عمران موسى بن حماد الصنهاجي، وعلي بن حرزهم، وعيسى بن يوسف بني ملجوم"، إلا أنّ هذا الوضع لم يدم طويلًا، فبعد مرور بعض الوقت بدأ أبو الفضل بمواجهة الكثير من المتاعب كتلك التي واجهها في سجلماسة، بدءًا من دفاعه عن الإمام الغزالي، وصولًا إلى تدريسه بعض العلوم المحظورة كالأصول وعلم الكلام والدعوة إلى الاجتهاد، الأمر الذي تسبب بوقوع الكثير من الصدامات مع فقهاء هذه المدينة، مما أجبره على مغادرتها، ليتوجه عائدًا مرةً أخرى إلى قلعة بني حماد، حيث استقر فيها، ومارس التدريس بحرية، وحظي بتقدير واحترام أهلها، وبقي فيها إلى أن وافته المنية.[٤]


قصيدة المنفرجة

فيما يأتي بعض الأبيات الشعرية من قصيدة أبي الفضل النحوي الأشهر "المنفرجة":[٥]


اشتدي أزمة تنفرجي قد أذنَ ليلكِ بالبلجِ وظلام الليل له سُرُجٌ حتى يغشاه أبو السُّرُجِ وسحاب الخير له مطرٌ فإذا جاء الإبّان تَجِي وفوائد مولانا جُملٌ لسُرُوح الأنفس والمُهجِ ولها أرَجٌ مُحيي أبدًا فاقصد محيا ذاك الأرجِ فلرُبتما فاض المحيا ببحور الموج من اللُّججِ والخلق جميعًا في يده فذوو سعةٍ وذوو حرجِ ونزولهم وطلوعهم فإلى دركٍ وعلى درجِ ومعائشهم وعواقبهم ليست في المشي على عِوجِ



وفاة أبي الفضل النحوي

توفي أبو الفضل النحوي في قلعة بني حماد، في عام 513 هجري الموافق 1119م، عن عمرٍ ناهز 80 عامًا.[١]



المراجع

  1. ^ أ ب عادل نويهض، كتاب معجم أعلام الجزائر، صفحة 329. بتصرّف.
  2. و ، المستوى الصرفي ودلالته، صفحة 12. بتصرّف.
  3. و ، المستوى الصرفي ودلالته، صفحة 15. بتصرّف.
  4. أحلام بوفرور، شعيب ماضي، أزمنة الفعل في قصيدة المنفرجة لابن النحوي، صفحة 12-17. بتصرّف.
  5. أحلام بوفرور، شعيب ماضي، أزمنة الفعل في قصيدة المنفرجة لابن النحوي، صفحة 23. بتصرّف.