من هو أبو موسى الأشعري؟

هو صحابي جليل، وفقيه، وراوي للحديث النبوي.


وهو عبد الله بن قيس بن سُليم بن حضار بن حرب ابن عامر، ويُكنى بأبي موسى، أحد أعلام الصحابة، وقد قدم إلى مكة المكرمة من اليمن في بداية ظهور الإسلام وأعلن إسلامه، فكان من السابقين إلى الإسلام، كما كان سببًا في نشره بين قومه الأشعريين، وقد كان أبو موسى من أكثر الصحابة علمًا وفقهًا، كما امتاز بجمال صوته في تلاوة القرآن، حتى قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام "لقد أُوتيتَ مِزمارًا من مزامير آل داود"، وقد احتل مكانة دينية عالية ومرموقة، ومما يدل على ذلك دعاء النبي عليه الصلاة والسلام له "اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلًا كريمًا".[١][٢]


مولد أبو موسى الأشعري ونشأته

ولد أبو موسى الأشعري في زَبيد في اليمن، وتعود أصوله إلى بني الأشعر من قبيلة قحطان اليمنية، ولا يوجد في كتب التاريخ ما يدل على تاريخ ولادته.[٣]


إسلام أبو موسى الأشعري وهجرته

كعادة أبناء القبائل العربية في ذلك الوقت، كان أبو موسى الأشعري كثير التردد على مكة المكرمة؛ بهدف العمل والتجارة في أسواقها، وأثناء ذلك سمع بالرسول عليه الصلاة والسلام وبدعوته، وقد شرح الله صدره للإسلام، فكان من السابقين في الدخول إليه، ومما يدل على ذلك هجرته مع المسلمين المستضعفين إلى الحبشة، حيث بقي فيها فترة من الزمن، ثم ما لبث أن غادرها عائدًا إلى قومه بهدف دعوتهم إلى الإسلام، وليقرأ عليهم ما يحفظ من القرآن الكريم، وقد نجح أبو موسى في ذلك فكان سببًا في دخول عدد كبير من قومه في الإسلام، والجدير بذكره أنّ بعض المؤرخين قد أنكروا هجرة أبو موسى إلى الحبشة، واعتبروها رواية غير صحيحة.


وعندما وصل إلى أبو موسى خبر هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، وتأسيسه للدولة الإسلامية فيها، قرر مع من أسلم من قومه اللحاق بالرسول عليه الصلاة والسلام، فخرجوا في رحلة بحرية طويلة، إلا أنهم واجهوا العديد من الصعوبات أثناء رحلتهم هذه نتيجة الهيجان الشديد في البحر، مما أدى إلى انحراف سفينتهم عن مسارها المطلوب، حتى وصلوا إلى ساحل الحبشة، وهناك التقوا بجعفر بن أبي طالب الذي استبقاهم معه في الحبشة انتظارًا لأوامر الرسول عليه الصلاة والسلام، وبعد معاناة طويلة استطاعوا الوصول إلى المدينة المنورة، وكان ذلك بعد فتح خيبر.[٤]


حياة أبو موسى الأشعري بعد الإسلام

كانت حياة أبو موسى الأشعري بعد إسلامه حافلة بالعطاء والتضحية، والمساهمة في بناء مجتمع إسلامي قوي ومتين، فقد كان شديد الملازمة للرسول عليه الصلاة والسلام، حيث شهد معه معظم الغزوات والمعارك، مثل فتح مكة، وغزوة حنين، وحصار الطائف في عام 8 هجري، كما ولاه الرسول عليه الصلاة والسلام على زَبيد، ورِمع، وعدن، والساحل، وكان ذلك بعد حجة الوداع، وقد استمر في ولايته على زَبيد ورمع أثناء خلافة أبو بكر الصديق، وعند تولي عمر بن الخطاب الخلافة قام بتولية أبو موسى على البصرة خلفًا للمغيرة بن شعبة، وذلك في عام 17 هجري، فكان أبو موسى أهلًا لهذه الأمانة، والتي أداها على أكمل وجه.


إلى جانب ذلك فقد كان أبو موسى قائدًا عسكريًا ناجحًا، إذ حقق انتصارات كبيرة، وفتح العديد من البلاد، حيث بدأ بفتح كور دجلة، ومن ثم انتقل إلى الأهواز والتي استطاع فتح معظم قراها وبلداتها، حتى استولى على معظم أراضيها، ومنها السوس، ومناذر، ورامهرمز، بعد ذلك سار أبو موسى إلى تستر والتي كانت آنذاك تُعد أعظم مدينة في الأهواز، وكانت تحت قيادة القائد العسكري "الهرمزان"، الذي تحصن داخل أسوارها وحصونها، إلا أنّ أبو موسى تمكن من هزيمته أخيرًا، والدخول إلى المدينة.


كما شارك أبو موسى بمعركة نهاوند والتي وقعت في عام 21 هجري، وبعد انتصار العرب فيها، ولاه عمر على الكوفة، وأثناء ولايته هذه فتح أبو موسى مدن الدينور، وماسبذان، وأصبهان، وقُم، وقاشان، ثم أعاده عمر مرةً أخرى إلى ولاية البصرة، حيث بقي فيها حتى وفاة الخليفة، وتولي عثمان بن عفان الخلافة، والذي قام بعزله عنها في عام 29 هجري، ليوليه بعدها ولاية الكوفة وذلك في عام 34 هجري، حيث استمر في هذا المنصب حتى خلافة علي بن أبي طالب.


ومن أبرز الأحداث التاريخية التي شارك فيها أبو موسى هي التحكيم في معركة صفين، حيث تم اختياره كحكم من قِبل جماعة علي بن أبي طالب، مقابل عمرو بن العاص الذي اختاره معاوية بن أبي سفيان، وعند اجتماع الحكمان في عام 37 هجري توصلا إلى اتفاق ينص على عزل معاوية وعلي، وأن يتركا أمر اختيار الخليفة شورى بين المسلمين، إلا أنّ عمرو بن العاص أخل بهذا الاتفاق وأعلن أمام الجميع عزل علي وتثبيت معاوية، فكذبه أبو موسى في ذلك، ثم غادر غاضبًا متجهًا إلى مكة، ومنها إلى الكوفة حيث عاش فيها معتزلًا الناس إلى أن توفي خلال خلافة معاوية.[٣]


مكانة أبو موسى الأشعري الدينية والعلمية

عُرف أبو موسى بالعديد من الخصال الحسنة أبرزها سعة العلم، وكثرة العبادة، والورع، والحياء، وعزة النفس، والزهد في الدنيا، والثبات على المبدأ، كما كان من كبار الفقهاء والمفتين، وقد روى عن كبار الصحابة أمثال عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وقد حرص أبو موسى على نشر العلم وحض الناس على طلبه، حيث جعل مسجد البصرة مركزًا علميًا تعقد فيه الحلقات والمجالس العلمية، كما اضطلع بمهمة تعليم أهل البصرة القرآن الكريم ونشره بينهم، وقد ساعده على ذلك صوته العذب، وقد بلغت شدة حرصه على تفقيه الناس وتعليمهم أنه كان يقوم بهذه المهمة حتى أثناء خروجه للجهاد، من جهةٍ أخرى فقد كان أبو موسى من الصحابة الذين رووا الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وعن كبار الصحابة، كما روى عنه العديد من الصحابة وكبار التابعين، إلا أنّه لم يكن مكثرًا في رواية الحديث؛ خوفًا من أن يقع في الخطأ والزلل.[٥]


وفاة أبو موسى الأشعري

توفي أبو موسى الأشعري في عام 42 هجري في الكوفة.[٢]


يمكنك القراءة عن المزيد من الفقهاء ورواة الحديث، مثل: الإمام مسلم، وأويس القرني.

المراجع

  1. عبد الحميد محمود طهماز، أبو موسى الأشعري الصحابي العالم المجاهد تمحيص حقائق ورد افتراءات، صفحة 17 20-21. بتصرّف.
  2. ^ أ ب وزارة التربية والتعليم السعودية، الحديث للصف الأول المتوسط، صفحة 141. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سعدي أبو جيب، موسى الأشعري "أبو موسى الأشعري"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 22/9/2021. بتصرّف.