من هو أفلاطون؟

هو فيلسوف من أبرز الفلاسفة المؤثرين حول العالم في القرن الرابع قبل الميلاد.


وهو أرسطوقليس أرستون، وجده أفلاطون، وقد اسم استعير اسمه من جده بسبب معناه القريب لوصفه، فجبهته عريضة ومعرفته الواسعة، ويعد من أشهر الفلاسفة وأكثرهم طلبًا للمعرفة والعلم والدراسة، وهو تلميذ الفيلسوف سقراط الذي تأثر به كثيرًا، وأصبح من بعده معلمًا للفيلسوف أرسطو في مدرسة الأكاديمية الفلسفية في أثينا، واشتهر أفلاطون بأعماله التي تفاوتت في ترتيبها لتحدث جدلًا واسعًا بسبب محتواها من الحوارات والآراء، كما عَرّفت أكثر بمعتقدات سقراط معلم أفلاطون، وأطلق عليها الفلسفة الأفلاطونية، وشملت فلسفة أفلاطون وأفكاره الخاصة حول مزيح الأخلاق، وعلم النفس الأخلاقي، ونظرية المعرفة، والفلسفة السياسة، والميتافيزيقيا، وغيرها بطريقة مترابطة ومنهجية.[١][٢]


مولد أفلاطون ونشأته

ولد أفلاطون في مدينة أثينا في اليونان، واختلف المؤرخون حول ولادته، لكن من المُرجح أن تكون في عام 427 أو 428 قبل الميلاد، ووالده هو أريستون، أما والدته فهي بريكسون، وتميزت عائلته بأنها عريقة، وثرية، وذات نشاط سياسي واسع، فادعى والده أنه من نسب آخر ملوك أثينا، أما والدته فكانت تتصل بالقادة المتطرفين لحزب الأوليغارشية، بينما عمه تشارميدس هو أحد أعضاء وزعيم حزب الطغاة الثلاثين سيئ السمعة الذي أطاح بالديمقراطية الأثينية عام 404 قبل الميلاد.[١][٢]


مسيرة أفلاطون السياسية والأكاديمية

تتلمذ أفلاطون على يد الفيلسوف أرسطو، وبعد إعدام معلمه في عام 399 قبل الميلاد، غادر إلى أثينا ليقطن في ميغارا، ثم انتقل مرورًا بقورينا وإيطاليا، وزار مصر، كما أقام في سيراكيوز في صقلية والتي خاض فيها عدة مغامرات، إذ دعاه ابن الحاكم ديونيسيوس الأصغر لأن يُصبح حاكمًا فيلسوفًا من النوع الموصوف في الجمهورية وبمثابة ضيف شرف، ثم نفاه لاحقًا بسبب الفتنة ليغدو تحت الإقامة الجبرية، ثم عاد إلى أثينا ليؤسس فيها مدرسته الشهيرة التي سميت بالأكاديمية تبعًا لموقعها في البستان المقدس لأكاديسموس، وكانت هذه المدرسة بمثابة مقر لأفلاطون على مدار حياته، لكنه غادرها عائدًا إلى سيراكيوز على متن سفينة بأمر من الحاكم ديونيسيوس الأصغر، بعد إقناعه بواسطة أصدقائه من أمثال الفيلسوف العالم فيثاغورس الذي كان على متن السفينة التي أعادته، لكن هناك في سيراكيوز أعاد ديونيسيوس سجنه مجددًا، وتمكن من الهرب بمساعدة صديقه، وبعدها عاد أفلاطون إلى أكاديميته في أثينا كارهًا وناقمًا على السياسة وبقي فيها حتى وفاته.[٢]


المنهج الإنشائي لأفلاطون

تتسم مُعظم مؤلفات وكتابات أفلاطون بتقمصها طبيعة وشكل الحوار، ومن جهة أخرى فإن حواراته ليسيت خيالية كباقي الدراما الأدبية، بل هي مناقشات فلسفية بين عدد قليل من المحاورين غالبهم يُعتبرون شخصيات تاريخية حقيقية باختلاف مكان المناقشة الذي قد يكون سجنًا، أو منزل رجل ثري، أو نزهة أو غيرها، وهنا يُشكل المتحاورون صورًا حية لعالم اجتماعي، شرط أنه لا يُمثل تبادلًا فكريًا بين متحدثين عديمي الشخصية والمنزلة الاجتماعية، فأفلاطون لا يحاول جذب قرائه إلى المناقشة بل يعتمد بشكل أساسي على الوسط الاجتماعي الذي يصوره، وينتقد شخصية وأساليب الحياة لمحاوريه.[٣]


فلسفة أفلاطون

من أبرز آراء وأطروحات أفلاطون الفلسفية ما يأتي:


فلسفة الموجود

يحتل الموجود بمُختلف أنواعه مكانة هامة في الفلسفة الأفلاطونيّة، وأبرز آرائه وأفكاره الفلسفية حول هذا الموضوع ما يأتي:

  • صنف نوعي الموجود وميز بين الموجود الثابت على مستوى الصور، والموجود المتغير نحو مستوى الصيرورة، ثم عاود شرح مفهوم الموجود الحسي وأنه ليس مُرتبطًا بالحركة والسكون وإنما شيء مختلف لا يحصل من امتزاج الأجناس الخمسة بل من نفي ازدواجية الضد في الوجود.[٤]
  • اعتبر أفلاطون الموجود واحدًا، فكل ما يوجد في الحقيقة يكون واحدًا، وكل ما يكون واحدًا يكون واقعيًا، بالتالي فإن كل واحد، وكل موجود واحد، أما الحقيقة والجوهر فهما متحدان معًا، والموجود ما هو إلى الجوهر، ما دام العلم الحقيقي يصدر عن النفس ويُدرك الحقيقة ويتعلق بالموجودات الحقيقة.[٥]
  • احتل الخير المُطلق أسمى درجات الموجودات الأولية والمنطقية عند أفلاطون، فوصفه باعتباره مبدأ تستند عليه الصور الأخرى وهو مثال المُثل.[٦]
  • صنف موضوعات المعرفة إلى العلم، والرأي، والجهل، وأكد ارتباط وعلاقة الموجود بالعلم، وأنه يضع المعرفة في العقل الذي يتطابق مع الموجود، أما الظن فهو الوسيط الذي يقع بين الموجود والعدم أي أللاموجود، أي أن الموجود الثابت يتطابق مع العقل، وبالتالي فالموجود المتغير يتطابق مع الرأي.[٦]


فلسفة السعادة والفضيلة المرتبطة بالروح

طور أفلاطون وجهة نظر للسعادة والفضيلة تختلف عن رؤية مُعلمه سقراط، ومُلخص رأيه الفلسفي حولها بأن هنالك ثلاثة أجزاء من الروح، تمتلك حصة وهدفًا خاصًا بها من الرغبة، فالعقل يبحث عن الحقيقة ويُريد الخير للفرد، بينما الروح تنشغل بالقيم التنافسية وكسب الشرف، أما الشهية فهي صاحبة أذواق تقليدية تدور حول الطعام والشراب والجنس، واعتبر الروح معقدة جدًا ويُمكن أن تسوء بعدة طرق غير الحسابات الخاطئة، ووضح أن الأجزاء الثلاثة المذكورة يُمكن أن تُسحب في اتجاهات مختلفة وأن الشهية وهي العنصر المنخفص في الروح قابلة للتطور بشكل مفرط وقادرة على الانتصار، ووصول الروح للحالة الجيدة يعتمد على أكثر من مجرد التميز المعرفي، فالروح السليمة أو العادلة لها تناغم نفسي، وتنتج عندما يؤدي كل جزء من أجزائها وظيفته بشكل صحيح، ومن هنا يتمكن العقل من فهم الخير بشكل عام ويرغب فيه فعليًا، كما يرغب جانب الروح الآخرين بتحقيق ما هو جيد بالنسبة لهما لتنشط الروح والشهية من خلال الأشياء السليمة والجيدة.[٧]


حواره حول النظام الغذائي البشري

أوكل أفلاطون للأطباء المسؤولين مهمة تنظيم النظام الغذائي للإنسان، مُبررًا بذلك أن الطب هو علم وليس مجرد فن كما في حالة الطبخ، واشترك النمط الغذائي في أطروحاته في هذا المجال مع العديد من المكونات الموجودة في حمية البحر الأبيض المتوسط ​​ذات السمعة الطيبة في عصرنا الحالي، لتغدو كتاباتته مصدرًا قيمًا لدراسة العادات الغذائية خلال الفترة الكلاسيكية لليونان، وتقوم فلسفته على مبدأ الاعتدال، فتنص على أن النظام الغذائي المعتدل والصحي يتكون بشكل أساسي من الحبوب، والبقوليات، والحليب، والفواكه، والأسماك،وغيرها، مُحذرًا من أن الإفراط في الطعام يسبب الإصابة بالأمراض وبالتالي يجب تجنبه.[٨]


أشهر مؤلفات أفلاطون

من أبرز مؤلفات أفلاطون ما يأتي:

  • كتاب محاورات أفلاطون: يصور الكتاب حياة معلم أفلاطون سقراط بدقة، وكساه ثوبًا من الكمال ومثل شخصيته تمثيلًا صحيحًا كبطل أسطوري مستخدمًا فنًا تصويريًّا مميزًا، فكان مُعلمًا كثير السؤال، قليل الجواب، لاذع السخرية، بارعًا في الحوار، وظهر بوضوح بفلسفته الروحية ومنهجه المثالي.[٩]
  • كتاب جمهورية جوريوس: يحاور أفلاطون في كتابه العقل البشري ويعصف به ويُثيره ليعاود إنزال السكينة عليه عندما يفتح آفاق المعرفة لديه ويتركه حائرًا على بعض المشاكل، ويتناول في جعبته تأثير محاورة جورجياس في الفن والبلاغة، ويلتقي فيه المذهب السقراطي القائم على أهمية الخير والحق والعدل في حياة الإنسان وتأثيرها على سلوكه بالتزامن مع فكر السفسطائيين وأتباعهم.[١٠]


كتاب جمهورية أفلاطون

يُمثل هذا الكتاب حوارًا فلسفيًّا يعرض رؤية أفلاطون للمدينة السقراطية الفاضلة والتي يعتبرها الدولة المثالية، والتي تتمحور حول سقراط وشخصيات أخرى يتجادل معها فتظهر ملامحُ جمهوريته الخاصة التي ينتمي كلُّ فردٍ في مجتمعها إلى طبقةٍ محددة ويعمل في تخصُّصٍ محدد، وبذلك يتحقَّق التوازن بين القوى الثلاثية للمجتمع وهي: القوة الشهوانية، والقوة العاقلة، والقوة الغضبية، كما يُقسم بدوره الحكومات إلى أربعة أنواع: الأرستقراطية، والأوليغاركية، والديمقراطية، والاستبدادية.[١١]


وفاة أفلاطون

أمضى أفلاطون آخر سنوات حياته في التدريس في أكاديميته في أثينا، وتوفي فيها عام 348 أو 347 قبل الميلاد، عن عمر يُقارب 70 عامًا.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب "Know about Plato and his philosophy of Platonism", britannica, Retrieved 14-5-2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "plato", iep.utm, Retrieved 14-5-2021. Edited.
  3. "Plato", plato.stanford, Retrieved 12-5-2021. Edited.
  4. الدكتور سليمان الضاهر ، فلسفة الموجود عند أفلاطون، صفحة 4-27. بتصرّف.
  5. الدكتور سليمان الضاهر ، فلسفة الموجود عند أفلاطون، صفحة 34. بتصرّف.
  6. ^ أ ب الدكتور سليمان الضاهر ، فلسفة الموجود عند أفلاطون، صفحة 35. بتصرّف.
  7. ^ أ ب Constance C. Meinwald, "Plato", britannica, Retrieved 12-5-2021. Edited.
  8. P K Skiadas 1, J G Lascaratos, "Dietetics in ancient Greek philosophy Plato s concepts of healthy diet", pubmed.ncbi.nlm.nih, Retrieved 12-5-2021. Edited.
  9. أفلاطون، "محاورات أفلاطون"، فولبوك، اطّلع عليه بتاريخ 14-5-2021. بتصرّف.
  10. أفلاطون، "محاورة جورجياس"، فولبوك، اطّلع عليه بتاريخ 14-5-2021. بتصرّف.
  11. أفلاطون، "كتاب جمهورية أفلاطون"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2021. بتصرّف.