من هو إميل دوركايم؟

هو فيلسوف، وعالم اجتماع بارز، ومن مؤسسي علم الاجتماع الحديث ورواد القرن التاسع عشر الميلادي.


وهو ديفيد إميل دوركايم، عالم اجتماع فرنسي الأصل، يُعد من مؤسسي علم الاجتماع الحديث، إذ طور منهجية جديدة ركزت على عناصر الحياة الجماعية، أو الحقائق الاجتماعية المستقلة عن الفرد والقادرة على التأثير فيه، كما ساهم في نشر عدّة مؤلفات مؤثرة ومتنوعة المواضيع، وكان يهدف لاكتشاف طبيعة المجتمع قاصدًا في ذلك التوصل للقيم والمبادئ المجتمعية السليمة التي بناءً عليها يُفترض أن يقوم التعليم، وبذل أثناء مسيرته جهدًا كبيرًا في سبيل فصل علم الاجتماع عن مُختلف التخصصات الأخرى، خاصة الفلسفة فكان لها أثر كبير وبارز في العلوم الاجتماعية.[١][٢]


مولد إميل دوركايم ونشأته

ولد إميل في مدينة إبينال في فرنسا في تاريخ 15-4-1858م، وكان ينتمي لأسرة يهودية أرثوذسكية مُتدينة ومُتماسكة، فوالده مويس حاخام مدينة إبينال منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وجده أيضًا من الحاخامات، أما والدته فتدعى ميلاني وهي ابنة لتاجر، وقد اتبع إميل تقاليد الأسرة واتجه نحو الحاخامية في بداية نشأته، لكنه انفصل فيما بعد عن اليهودية بشكل قطعي.[٣]


ثقافة إميل دوركايم ومسيرته الأكاديمية والعلمية

بدأ إميل تعليمه المُبكر في مدرسة حاخامية، ولكنه رفض اتباع مسيرة والده وجده فتركها في وقت مبكر بعد أن وصل إلى مدينة باريس، وارتاد المدرسة العليا للنور في عام 1879م، والتي درس فيها الفلسفة وتخرج منها عام 1882م، وبدأ في تدريس الفلسفة، ثم عُين مُدرسًا لعلم أصول التدريس والعلوم الاجتماعية في جامعة بوردو في عام 1887م، فدرّس هناك أولى دورات علم الاجتماع الرسمية في فرنسا، وفي نفس العام تزوج من لويز دريفوس، وأنجب منها طفلين، وساهم في العديد من الأطروحات التي عززت نجاحه أكثر، ومن بينها: أطروحة الدكتوراه الخاصة به حول قسم العمل الاجتماعي والتي نشرت عام 1893م، وقواعد الطريقة الاجتماعية التي نشرت عام 1895م، ثم دراسة حول الإنتحار في علم الاجتماع في عام 1897م.


أنشأ دوركايم مجلة السنة الاجتماعية (Année sociologique) في عام 1896م، والتي عزز بفضلها مكانة علم الاجتماع في العالم الأكاديمي، وشغل كرسي علوم التربية في جامعة السوربون في عام 1902م، وبعد أربعة أعوام أصبح أستاذا مُتفرغًا، وفي عام 1913 م رُقي منصبه وشمل علم الاجتماع رسميًا، وأصبح رئيسًا لعلوم التربية وعلم الاجتماع، وساهم في العديد من المحاضرات والمقالات مُختلفة المواضيع، كما قدّم أحد أهم أعماله وهو الأشكال الأولية للحياة الدينية في عام 1912م، وعلى الرغم من ميوله السياسية لكنه منفصل عن علمه، فقد أيّد بعض الإصلاحات الاشتراكية لكنه لم يتبع أي حزب سياسي ولم يجعل السياسة شغله الشاغل، وبحلول الحرب العالمية الأولى توفي مجموعة من تلاميذ دوركايم الواعدين وابنه أندريه أيضًا، وهو ما أثر عليه بشكل كبير، وسبّب ذلك وفاته بسكتة دماغية تاركًا آخر عمل مميز له حمل اسم الأخلاق.[٣][٤]


أبرز مساهمات إميل دوركايم في علم الاجتماع

قدّم إميل دوركايم العديد من المساهمات في الفلسفة وعلم الاجتماع، ومنها:


تأسيس علم الاجتماع والطريقة الاجتماعية

يُشير دوركايم إلى أن جميع عناصر المجتمع، بما فيها الدين والأخلاق، تمثل جزءًا من العامل الطبيعي، وبالتالي يمكن دراستها علميًا، وأن علم الاجتماع هو علم المؤسسات الذي يتصل بالطرق الجماعية للتفكير، والشعور، والتصرف، وأن أهم عناصره هو الطريقة الاجتماعية، مُضيفًا إلى أن علم الاجتماع يتألف من الحقائق الاجتماعية التي عرّفها بدوره في كتابه القواعد، مُشيرًا إلى أنها تتكون من أساليب التعامل والشعور عند الفرد، والتي يتم استثمارها بقوة قسرية يمارسها الفرد والتي يتم بناءً عليها السيطرة عليه، وبالتالي فإن الحقائق الاجتماعية لها حقيقة موضوعية يمكن لعلماء الاجتماع دراستها بطريقة مشابهة لكيفية دراسة العلوم الأخرى كعلم الفيزياء والعالم المادي.


كما يؤكد إميل بأنه من خلال الأفراد فقط يمكن أن توجد الحقائق الاجتماعية، ويُحاول توضيح فكرة أن المجتمع ليس مجموعة من الأفراد يعيشون في موقع جغرافي، بل أفكار ومشاعر ومعتقدات متنوعة تتحقق من خلال هؤلاء الأفراد، وبالتالي فإن تفاعلهم مع بعضهم البعض ينتج عنه اندماج الضمائر الفردية، كما يشير إميل إلى قصور منظور الاجتماع، وعدم قدرته على تفسير الظواهر الاجتماعية والمجتمع، بل إن المفتاح يكمن في يد الحقائق الاجتماعية التي بدورها تعبر عن الواقع النفسي لأفراد المجتمع، والتي تُكسبهم سمات مميزة مثل: اللغة، والمعتقدات الدينية، والقيم، والميولات السلوكية كالانتحار وغيرها.


وأصبح نهج دوركايم الذي يُعنى بالدين والتعليم، من السبل الفعالة التي تدعم إصلاح البشرية، وتدخل في تغيير المؤسسات وإقامة مؤسسات جديدة تُساعد على هيكلة المجتمع بصورة تربوية للأفضل، فأفاد بأن الوظيفة الأساسية للدين هي الحفاظ على النظام الاجتماعي، كما شارك في لجان عدّة لإحياء دراسة الفلسفة التي تركز على العموميات، وتُعزز دور المعلمين وتُحسّن طريقتهم في التدريس وغرس الأخلاق التعليمية فيهم، فتوسع تأثيره وتعدى العلوم الاجتماعيّة، وأصبح بفضله علم الاجتماع أساس الانضباط في فرنسا.[٤][٣][١]


الشذوذ والميول للإنتحار

أطلق دوركايم مُصطلح الشذوذ على حالة المجتمع وسلوكيات أفراده التي تفتقر للمعايير الاجتماعية والأخلاقيّة، وقدّم عمله الذي حمل اسم الأشكال الأوليّة للحياة (Les Formes élémentaires de la viedinieuse) في عام 1912م، والذي تناقض بشكل كبير مع مؤلفات العلماء المعاصرين له، ومن بينهم ماكس ويبر، ففسر من خلاله الرابطة الدينية بصفتها إحدى أنواع الروابط الاجتماعية التي يُعبَّر عنها من خلال طقوس وسلوكيات الأفراد، ومن جهة أخرى، فقد ميّز بين أنواع الانتحار المختلفة وصنفها ضمن ثلاثة أنواع، وربط كل نوع بجوانب متنوعة من النظام الاجتماعي.[٢]


أبرز أقوال إميل دوركايم

من أشهر أقوال إميل دوركايم ما يأتي:[٥]

  • نحن لا ندينها لأنها جريمة، لكنها جريمة لأننا ندينها.
  • نحن ضحايا الوهم الذي يقودنا إلى الاعتقاد بأننا قد أنتجنا أنفسنا ما فُرض علينا من الخارج.
  • لا يتقدم المرء عندما يسير نحو لا هدف، وهو نفس الشيء عندما يكون هدفه اللانهاية.
  • بغض النظر عن أي قوة تنظيمية خارجية، فإن قدرتنا على الشعور هي بحد ذاتها هاوية لا تشبع ولا نهاية لها.


وفاة إميل دوركايم

توفي إميل دوركايم في مدينة باريس في فرنسا في تاريخ 15-11-1917م، إثر تعرضه لسكتة دماغيّة، وكان يبلغ من العمر 59 عامًا.[٤][٣]

المراجع

  1. ^ أ ب "Émile Durkheim", ep.utm, Retrieved 24-7-2021. Edited.
  2. ^ أ ب "Émile Durkheim"، oxfordreference، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث Robert Alun Jones. Emile Durkheim, others، "Emile Durkheim: His Life and Work"، durkheim.uchicago، اطّلع عليه بتاريخ 25-7-2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت Henri M. Peyre , "Émile Durkheim", britannica, Retrieved 25-7-2021. Edited.
  5. " Émile DurkheimÉmile Durkheim Quotes", goodreads, Retrieved 24-7-2021. Edited.