من هو إميل سيوران؟

هو فيلسوف اجتماعي ومُفكر ومؤلف بارز من رواد القرن العشرين.


وهو إميل سيوران، فيلسوف فرنسي روماني الأصل، وأديب بارز أثارت شخصيته جدلًا واسعًا، وحيرت الكثيرين، فاعتبره البعض غريب الأطوار وعديم المنهجيّة، فيما رآه البعض فيلسوفًا مميزًا ورجلًا حكيمًا، فقد ألّف العديد من الأعمال بين كتب وروايات، وله أكثر من عشرين كتابًا يدور حول الجمال المُقلق والمُخيف، ومن جهة أخرى، فقد تميّز سيوران بأسلوبه المُختلف في الكتابة، والتي كان له نظرة خاصة حولها، فاعتبر الكتابة أسلوب حياة خاص بالكاتب بعيدًا عن جمهور القراء، وأن لها وظيفة مُختلفة، وهي ترميم النفس والتصالح معها، وتخليصها من الاكتئاب والحزن، حيث أن الكآبة تملكته، حتى أنه كان يرى الولادة أمرًا لا يتعلق فقط بالوجود في هذا العالم، وإنما أمرٌ له أبعاد أخرى تحتم على الفرد البحث عنها والتعمق فيها، وعادةً ما كان يُناقض نفسه، وبعدها يرى تناقضه الذاتي دلالة على أن عقله لا يزال على قيد الحياة، وكانت فلسفته حرّة بعيدة عن كل القيود، كما أنها كانت تختلف عن الفلاسفة الآخرين، من أمثال نيتشه وكانط وغيرهم.[١][٢]


مولد ونشأة إميل سيوران

ولد إميل سيوران في أبريل عام 1911م، في قرية رازيناري، التي تقع في مقاطعة ترانسيلفانيا الرومانية التي كانت آنذاك تنتمي للإمبراطورية النمساوية، وكان سكان قريته يتحلون بأخلاق العمل الحسنة وضبط النفس والالتزام الشديد، وكان والد إميل قسًا أرثوذكسيًا في القرية.[٢][٣]


ثقافة إميل سيوران ومسيرته الأكاديمية والأدبية

التحق إميل سيوران بمدرسة الليسيه في مدينة سيبيو خارج حدود من ترانسيلفانيا في الفترة ما بين عام 1920-1927م، ودرس الفلسفة في بوخارست، وتخرج منها عام 1933م، ثم حصل على منحة لمتابعة دراساته العليا في جامعة فريدريش فيلهلم في برلين، وكان طالبًا ذكيًا مميزًا نشر العديد من المقالات خلال سنوات دراسته، وفي عمر 23 عامًا نشر كتابه الذي حمل عنوان "على مرتفعات اليأس"، وكان هذا الكتاب بمثابة خياره الشخصي البديل لفكرة مأساوية، ألا وهي الانتحار بإطلاق عيار ناري على نفسه، وفي عام 1937م انتقل إلى باريس وحصل على الجنسية الفرنسية، وأصبحت باريس المنفى الذي استقر فيه، الأمر الذي أضاف جرعة أخرى إلى رصيد حزنه وكآبته، على الرغم من إيمانه بفائدة المنفى، وأنه يخلق خيالًا صاخبًا للمرء، وعقب اندلاع الحرب العالمية الثانية بقي سيوران خارج السياسة.


واصل إميل نشر كتبه باللغة الفرنسية التي برع فيها باحترافية وامتياز، وانضم إلى دار النشر الفرنسية "غاليمار"، فنشر من خلالها كتابه الأول باللغة الفرنسية عام 1949م، والذي حمل اسم "تاريخ قصير من الاضمحلال"، والذي انتشر بصورة واسعة وحصل على إعجاب الجمهور، وغدا من أكثر الكتب مبيعًا، والذي يضم جملة من المواضيع القاسية من بينها الموت والمرض والانتحار، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأفكار كانت تلازم سيوران طوال حياته التي عاشها بغرابة، وأمضاها في الكتابة التي كانت بمثابة نوع من أنواع الخلاص له، فألّف عدّة روايات وكتب، ولكنه كان حزينًا لدرجة أنه لا يستطيع النوم ليلًا بشكل طبيعي، وأصيب بمرض الزهايمر الذي حال دون رغبته بالانتحار الذي كان يُمثل هوسًا دائمًا بالنسبة له.[٣][٢]


مؤلفات إميل سيوران

من أبرز مؤلفات إميل سيوران منا يأتي:

  • كتاب المياه كلها بلون الغرق: يحتوي هذا الكتاب على مجموعة من الأعمال الشهيرة المُنتقاة بعناية، والتي كتبها الفيلسوف سيوران، ومن بينها حيوية الحب، وعند منابع الفراغ، وسيرك العزلة، وفي الموسيقى، وصخور الكلمة، وغيرها الكثير، ويتميز الكتاب بطريقة التأليف الفريدة من نوعها التي تميّز بها سيوران، فهو تراجيدي ومأساوي بامتياز، ولكنه عميق يدفع القارئ للتفكير في كلماته، وأبرز ما ورد فيه عبارة أن "المياه كلها بلون الغرق"، والتي أضاف عليها بأن المياه أيضًا كلها بلون الحياة.[٤][٥]
  • تاريخ ويوتوبيا: يمتاز هذا الكتاب بتناسق أسلوبه الإنشائي جنبًا إلى جنب مع بنيته الفكرية المُنظمة بإتقان، وهو يُشبه الفتنة من الوجود التي تمتثل لأسلوب نثري له حبكة فلسفية ذات نظرة واضحة للوجود، ومن جهة أخرى، فإن محتوى الكتاب يتضمن العديد من النصوص التي بني كل منها على مرحلة زمنية تنطوي عليها ظروف مر بها الكاتب إميل سيوران خلال مسيرته وحياته الخاصة، فأولها افتتح تاريخ ويوتوبيا بمقدمة تحمل في مضمونها قصة يُستشهد من خلالها على هذا التاريخ اليوتوبي وعلى البنية الفكرية لسيوران، والتي كانت عبارة عن رسالة إلى صديقه البعيد، الذي لم يُشر إلى هويته، ولكنه لم يقصد بهذه الخطوة تضليل أو تشويق القارئ، ومن جهة أخرى، فقد صدر هذا الكتاب في عام 1960م، ويُصنف الرابع من بين أعمال سيوران، وقد تُرجم من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية ترجمة حرفية دون تعديل عليه، ويضم النص الأول لمحتواه رسالة إلى صديق بعيد، ويليه نص روسيا أو فايروس الحريَة، ومن بعده يأتي نص في مدرسة الطغاة، ثم أوديسا الضعنينة، ويليها ميكانيزمات اليوتوبيا، وفي النهاية العصر الذهبي.[٦]


مقولات إميل سيوران

من أشهر أقوال إميل سيوران ما يأتي:[٧]

  • لا وجود إلا لعلامة واحدة تشهد على أننا فهمنا كل شيء، وهي أن نبكي بلا سبب.
  • إذا حزنت مرّة دونما سبب، فثق أنّك كنت حزينًا طيلة حياتك دون أن تعرف.
  • لو كانت لي شجاعة كافية كل يوم كي أصرخ ربع ساعة، لتمتعت بتوازن كامل.
  • حذارِ من المفكرين الذين لا تعمل عقولهم إلا انطلاقًا من الاقتباس.
  • المللُ يصنع المعجزات، حين نتعلم كيف نغترف من الفراغ ملء اليدين.


وفاة إميل سيوران

توفي الفيلسوف إميل سيوران في مدينة باريس، بعد أن أصيب بمرض ألزهايمر في أواخر مراحل حياته، وذلك في تاريخ 20-6-1995م، وكان يبلغ من العمر 84 عامًا.[٢]

المراجع

  1. حيدر ناظم محمد، "إميل سيوران وسياسة كتابة الفلسفة -قراءة تحليلية لنصوص منتقاة"، بوابة البحث، اطّلع عليه بتاريخ 25-8-2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث Costica Bradatan (28-11-2016), "The Philosopher of Failure: Emil Cioran’s Heights of Despair", lareviewofbooks, Retrieved 25-8-2021. Edited.
  3. ^ أ ب "E. M. Cioran", theschooloflife, Retrieved 25-8-2021. Edited.
  4. إميل سوران ، "كتاب المياه كلها بلون الغرق"، مكتبة فولابوك، اطّلع عليه بتاريخ 25-8-2021. بتصرّف.
  5. إميل سيوران، "المياه كلها بلون الغرق"، مقهى الكتب، اطّلع عليه بتاريخ 25-8-2021. بتصرّف.
  6. إميل سيوران، "تاريخ ويوتوبيا:"، مكتبة زاد، اطّلع عليه بتاريخ 25-8-2021. بتصرّف.
  7. " Quotes ", goodreads, Retrieved 25-8-2021. Edited.