من هو ابن باجة؟

هو مُفكر، ووزير، وفيلسوف مسلم من أبرز فلاسفة الأندلس خلال حكم الدولة المُرابطية.


وهو أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ، ويُلقب بابن باجه، وعند الفلاسفة اللاتينين يُسمى أفمبيسوهو (Avempace)، وهو فيلسوف عاش خلال حكم دولة المُرابطين المعروفة باضطهادها للفلاسفة، إلا أن هنالك ميولًا خاصًا لبعض أمرائها بتقريبهم منهم، كما حدث مع ابن باجة الذي كان وزيرًا وجليسًا لحاكم سرقسطة أبو بكر بن إبراهيم صهر الأمير المرابط، والذي أبقاه إلى جانبه مدّة 20 عامًا، ولا يعني ذلك أن حياة ابن باجة كانت سعيدة وهانئة، فقد عانى من المكائد، والبغائض، والأحقاد الخفية التي لاحقته طوال حياته حتى مات مسمومًا بعد استحكامها عليه.[١][٢]


مولد ابن باجة ونشأته

ولد ابن باجة في سرقسطة (الأندلس) في نهاية القرن الخامس هجري، ويُجهل تحديدًا متى ولد، لكن يُشار أنه من الممكن أنه ولد بتاريخ 492 هـ/ 1085م، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد الكثير من المعلومات الموثوقة عنه، وبحسب ما رواه المؤرخون حوله أنه غادر سرقسطة بعد سقوطها هربًا إلى مدينة غرناطة، ومن ثم ارتحل إلى مدينة فأس، فأحاطت به المكائد والدائس هناك على يد خصومه وأبرزهم الفتح بن حاقان، وغيره كثيرون.[٣][٢]


ثقافة ابن باجة ومنهجه الفلسفي

كان ابن باجة مُثقفًا وحافظًا للقرآن الكريم، وشاعرًا وأديبًا يبرع في ألوان الشعر المختلفة، منها: المديح، والغزل، والرثاء، كما تميز بامتلاكه جانبًا وطابعًا فنيًّا، فكان يتفنن في صناعة الموسيقى والضرب على العود، ناهيك عن كونه من الأفاضل المتميزين الطب، وامتلاكه قدرات ومواهب في الرياضيات والطبيعيات والفلك، وكان من أوائل الفلاسفة المتميزين العقليين الذين أقاموا الفلسفة على أسس الرياضيات والطبيعيات، واشتهر بكونه مُفكرًا بازرًا، وفيلسوفًا عريقًا له مبادئ فلسفية مُتفردة وضعها وصاغها بنفسه، إضافةً لبراعته في العلوم الإلهية، فكان شبيهًا بالفيلسوف المسلم الفارابي، وبالفيلسوف القديم أرسطو.[٤]


العلوم الإلهية عند ابن باجة

لم يهجر ابن باجة النظر والاستنتاج والتقييد في مُختلف أطوار حياته، ونهضت فيه فطرته الفائقة، وأثبت بجدارة حصوله على علوم الصناعة الذهنية أي علم المعقولات، وعلى أجزاء العلم الطبيعي الأخرى التي تمكن منها، بدلالة وجود تعليقات له في علوم الهيئة، والهندسة والتي تدل على براعته في هذه الفنون، أما العلوم الإلهية فضمت تعليقاته نزعات تستقرئ وتستنتج اتصال الإنسان بالعقل الفعال بالتزامن مع إشارات دلت على نزوعه، مُشيرًا إلى أن هذا العلم الشريف هو مُنتهى وغاية أساسية لجميع العلوم، وأن كل المعارف التي سبقته ساهمت في توطئته ولم تنفصل عنه، فكان ابن باجة بارعًا بالفطرة التي ميزته وأخرجته من ظلمات أهل عصره إلى النور، واتسم بسعة إدراكه للعلم الإلهي وجميع ما سبقه من العلوم، مُتشابهًا بذلك مع أسلافه من الفلاسفة العظماء أمثال ابن سينا والغزالي، فجميعهم جاؤوا بالحكمة واليقين الذي ميز قلوبهم وجعلها متوافقة مع أقرانهم السابقين من السلف الصالح.[٥]


أشهر مؤلفات ابن باجة

من أشهر مؤلفات ابن باجة ما يأتي:

  • رسائل فلسفية لابن باجة: تتمحور رسائل ابن باجة في كتابه هذا حول المنطق، ومسائل في العلم الطبيعي، والعلم الرياضي الذي يشمل الموسيقى والهندسة والهيئة، وغيرها.[٦]
  • رسائل ابن باجة الإلهية: يضم الكتاب أهم الرسائل في المسألة الإلهية التي ألفها ابن باجة، والتي قدمها الدكتور ماجد فخري وشرحها شرحًا علميًا وافيًا.[٧]


كتاب تدبير المتوحد

يٌقسم ابن باجة غايات الإنسان في هذه الحياة إلى غايات جسدية، وغايات عقلية وروحانية، وهي التي يعتبرها أرقى غاية، ويتخيل في الكتاب أن هنالك مدينة لا يشغل أهلها سوى تدبير وغاية واحدة، وهي التي تتحقق عن طريق العقل فتجلب لأصحابها الراحة والسعادة.[٨]


أشهر أقوال ابن باجة

من أشهر أقوال ابن باجة ما يأتي:[٩]

  • كل حيّ يشارك الجمادات في أمور، وكل إنسان يشارك الحيوان في أمور، لكن الإنسان يتميّز عن الحيوان غير الناطق والجماد والنبات بالقوة الفكرية، ولا يكون إنسانًا إلا بها.
  • إن المدينة الفاضلة الكاملة قد أُعطيَ فيها كل إنسان أفضل ما هو مُعدّ نحوه، وإن آراءها كلها صادقة، وإن لا رأي لكاذبٍ فيها، وإن أعمالها هي الفاضلة بالإطلاق وحدها.


وفاة ابن باجة

انتهت حياة الفيلسوف الأندلسي ابن باجة بطريقة مأساوية فلقي حتفه مغدورًا بسمومٍ مغلولة دسها له غريمه الطبيب الحاقد ابن زهر، وذلك في مدينة فاس في شهر رمضان عام 533 هـ/ 1138 م.[١][٣]

المراجع

  1. ^ أ ب كامل محمد محمد عويضة، كتاب ابن باجه الأندلسي الفيلسوف الخلاق، صفحة 101-102. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "Ibn Bâjja [Avempace"], plato.stanford, 17-1-2018, Retrieved 9-5-2021. Edited.
  3. ^ أ ب الدكتور شعبان عبد الحميد محمود عبد العال، النفس عند ابن باجة، صفحة 6. بتصرّف.
  4. الدكتور شعبان عبدالحمید محمود عبدالعال، النفس عند ابن باجة، صفحة 7. بتصرّف.
  5. محمد لطفي جمعة، تاريخ فلاسفة الإسلام، صفحة 111-121. بتصرّف.
  6. ابن ماجة، "رسائل فلسفية لابن باجة"، الفكر القرآني، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2021. بتصرّف.
  7. ابن باجة، "رسائل ابن باجة الإلهية"، شبكة الفكر الإلكترونية، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2021. بتصرّف.
  8. ابن باجة، "كتاب تدبير الموحد"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2021. بتصرّف.
  9. "مقولات ابن باجة"، موسوعة الأخضر للكتب، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2021. بتصرّف.