من هو البلاذري؟

هو مؤرخ، وراوية نسابة، وشاعر، وأحد أعلام القرن الثالث الهجري.


وهو أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري البغدادي، ويُكنى بأبي الحسن، وقِيل أيضًا أبو بكر، وأبو جعفر، كما يُعد أحد أعلام التأليف التاريخي الذين برزوا ولمع نجمهم في منتصف القرن الثالث الهجري، ويعود ذلك لدوره الكبير في تأصيل الكتابة التاريخية، إذ يلاحظ القارئ لمؤلفاته أنه اعتمد جميع المصادر التي أتيحت له على الرغم من تنوعها، إلى جانب امتلاكه نظرة متفحصة وناقدة لأيّ مادة تقع بين يديه قبل انتقائها كأساس لمؤلفاته، إلى جانب ذلك، فقد كان البلاذري في مقدمة العلماء والأدباء، إذ برع في نظم الشعر، وصياغة البيان الدقيق، فاستحق بذلك أن يحتل مكانة علمية كبيرة بين علماء عصره.[١][٢]


مولد البلاذري ونشأته

لا تذكر كتب التراجم الكثير من المعلومات عن حياة البلاذري الخاصة، إلا أنه وُلد في أواخر القرن الثاني الهجري، في مدينة بغداد حيث نشأ فيها، وتلقى العلم من علمائها، وأنّه ذو أصولٍ فارسية، كما كان جده جابر يعمل كاتبًا لدى الخصيب صاحب خراج مصر في عهد الخليفة هارون الرشيد.[٣]


علم البلاذري

التحق البلاذري بالحلقات العلمية لكبار علماء بغداد، من أمثال: الحسين بن علي الأسود، والقاسم بن سلّام، وعلي بن محمد المدائني، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، ومصعب الزبيري، وقد أخذ عنهم الحديث، والأدب، والسيرة، وبعد أن استوفى تحصيل العلم والمعرفة في بغداد، قرر الذهاب في رحلة علمية بهدف زيادة حصيلته المعرفية والثقافية، فاتجه إلى دمشق، ثم حلب، وحمص، ومنبج، وأنطاكية، وثغور الروم، وغيرها الكثير من المدن، وقد حرص خلال رحلاته هذه على جمع كل الروايات التي رويت عن السلف، ليقارنها بما حفظه عن علماء بغداد.


دأب البلاذري خلال رحلاته هذه على أخذ العلم من كبار علماء المدينة التي ينزل فيها، ففي دمشق سمع عن ابن هشام بن عمار، وأبا حفص عمر بن سعيد، وفي حمص من محمد بن مصفى، وفي أنطاكية من محمد بن عبد الرحمن بن سهم، وأحمد بن برد الأنطاكي، وغيرهم الكثير، فاستطاع البلاذري بذلك أن يصبح ملمًّا بالعديد من صنوف العلوم والمعارف المختلفة، مما كان له كبير الأثر في منهجه الذي اتبعه فيما بعد عند تأليفه لكتبه التاريخية، والتي تميزت بالدقة الشديدة، والأسلوب الأدبي المُحكم.


من جهةٍ أخرى، فقد كان البلاذري أحد الرجال المقربين للبلاط العباسي، حيث كان مقربًا من الخليفة المأمون، والمتوكل على الله، والمستعين بالله، كما حظي بثقة الخليفة المعتز بالله، حتى أنه أوكل إليه مهمة تربية ولده عبد الله وتعليمه، إلا أنه بعد وفاة المعتز بالله بدأ مجد البلاذري بالزوال، وفي عهد المعتمد عانى من الفقر الشديد والحاجة، مما دفعه إلى طرق أبواب الوزراء للحصول على المساعدة، والذين كانوا يردون سؤاله في معظم الأحيان، فكان هذا سببًا لنظمه شعر الهجاء للتعبير عن عجزه، وألمه من الحال التي وصل إليها.[٣][٤]


أبرز مؤلفات البلاذري

من أبرز مؤلفات البلاذري ما يأتي:[٥]

  • كتاب البلدان الصغير.
  • كتاب البلدان الكبير (لم يكمل كتابته).
  • كتاب جمل نسب الأشراف.
  • كتاب عهد أردشير.


كتاب فتوح البلدان

يُعد هذا الكتاب من أهم كتب الفتوح، وأكثرها صحة، وقد تناول البلاذري فيه تاريخ الفتوحات الإسلامية، بدءًا من عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ثم ذكر البلدان المفتوحة بلدًا بلدًا، كما احتوى على مجموعة من الأبحاث العمرانية والسياسية، مثل أحكام الخراج، والعطاء، وأمر الخاتم، والنقود، وغيرها الكثير، إذ عُدّ بذلك أول كتاب تاريخي تطرق لمثل هذه الأمور.


ولعل أهم ما يميز كتاب فتوح البلدان احتوائه على العديد من الحقائق التاريخية الهامة والدقيقة، والتي من النادر ذكرها في كتب التاريخ الأخرى، وخاصة تلك المعلومات المتعلقة بوصف المدن القديمة التي اندثرت، التي لم يبق منها سوى بعض من معالمها البالية، وقد استطاع البلاذري جمع هذه المعلومات من خلال اتصاله بمن عاصر هذه المدن قبل اندثارها، حيث أخذ عنهم جميع ما في جعبتهم من أخبار متعلقة بها، كما أورد في هذا الكتاب الكثير من الأخبار الموجزة والصادقة عن تاريخ الأقاليم والأمصار والمدن والقرى التي فتحها العرب، كما حرص على أن تكون الحقائق مجردة، وخالية من النفاق والمدح، وخاصةً فيما يتعلق ببني العباس.[٦]


وفاة البلاذري

توفي البلاذري في عام 279 هجري، بعد حياة حافلة بالعطاء، قضاها ما بين نشر العلم والتأليف، فخلّف تراثًا علميًا احتل مكانة مرموقة في كافة الأوساط العلمية والأدبية.[٧]

المراجع

  1. عوض الذنيبات، دراسة في كتاب فتوح البلدان للبلاذري، صفحة 779-780. بتصرّف.
  2. البلاذري، فتوح البلدان، صفحة 11. بتصرّف.
  3. ^ أ ب نجدة خماش، "البلاذُري"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 10/9/2021. بتصرّف.
  4. هيفة صالح صلاح الصاعدي، كتب فتوح البلدان وأهميتها لدارس التاريخ، صفحة 240. بتصرّف.