من هو جبرا إبراهيم جبرا؟

هو كاتب، وناقد، ومفكر، وأحد رواد القرن العشرين.


وهو جبرا إبراهيم جبرا، مفكر ومثقف فلسطيني الأصل، تميز بتعدد مواهبه، وسعة اطلاعه، إذ كتب وألف في معظم الأنواع الأدبية الحديثة، وقد ساهمت مؤلفاته الإبداعية والمتنوعة والتي جاوزت الستين مؤلفًا في إثراء وإغناء المكتبة العربية في مجالات القصة القصيرة، والرواية، والشعر، والمقالة، والبحث الأدبي، كما قام بترجمة العديد من كبار كتب الأدب والنقد المشهورة في الأدب الإنجليزي، وخاصة أعمال وليام شكسبير، إلى جانب ذلك، فقد كان له دورٌ كبير في حركة التجديد في الفكر العربي المعاصر، لذا عُدّ جبرا أحد رواد التجديد المعاصرين.[١][٢]


مولد جبرا إبراهيم جبرا ونشأته

وُلد جبرا إبراهيم في مدينة بيت لحم في فلسطين، في تاريخ 28/8/1920م، لعائلة مسيحية فقيرة، حيث كان والده إبراهيم عاملًا بسيطًا، ووالدته مريم ربة منزل، وله من الإخوة ثلاثة أشقاء، وشقيقة واحدة.[٣][٤]


مسيرة جبرا إبراهيم جبرا العلمية والعملية

نشأ جبرا في بيت لحم حيث تلقى أولى مراحله التعليمية في مدرسة السريان الأرثوذكس، ثم انتقل في عام 1929م إلى مدرسة بيت لحم الوطنية، وفي عام 1932م انتقل مع عائلته للإقامة في مدينة القدس، حيث التحق فيها بالمدرسة الرشيدية، والتي درس فيها اللغة العربية على يد الشاعر إبراهيم طوقان، ثم تابع دراسته في الكلية العربية وتحديدًا في عام 1935م، والتي تتلمذ فيها على يد الأديب إسحاق موسى الحسيني.


قد تخرج جبرا من الكلية بتفوق، مما أهله للحصول على بعثة دراسية إلى بريطانيا مقدمة من قِبل دائرة المعارف الفلسطينية وذلك في عام 1939م، فالتحق بجامعة إكستر لبضعة أشهر، ومن ثم انتقل إلى جامعة كامبريدج حيث درس فيها الأدب الإنجليزي، وتخرج منها بدرجة البكالوريوس عام 1943م، وخلال هذه الفترة كتب الكثير من الشعر باللغة الإنجليزية، وقد كان واضحًا بشكلٍ كبير تأثر منهجه النقدي بالشاعرين "شيلي"، و"كيتس"، و"ليفيس"، حيث ظهر هذا التأثر بشكلٍ جلي فيما بعد في كتبه ومقالاته.


عاد جبرا بعد تخرجه إلى القدس، حيث عين كأستاذ للأدب الإنجليزي في مدرسته القديمة الرشيدية، وقد تولي رئاسة نادي الفنون، الذي كان تابعًا لجمعية الشبان المسيحية في القدس، وخلال هذه الفترة تابع دراسته للحصول على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة كامبريدج عن طريق المراسلة، والتي حصل عليها في عام 1948م، علمًا أنه اضطر في نفس العام إلى اللجوء مع عائلته إلى مدينة بيت لحم، وذلك بسبب الغارات التي شنتها القوات الصهيوينة، والتي تسببت بهدم منزله الواقع في حي البقعة في القدس.


وبعد النكبة غادر جبرا إلى بغداد للالتحاق بالعمل كأستاذ محاضر في الكلية التوجيهية، ومنها انتقل إلى كلية الآداب والعلوم، والتي كان له دورٌ كبير في تأسيس قسم الأدب الإنجليزي فيها، إلى جانب عمله أيضًا كمحاضر في دار المعلمين العالية، وكلية الملكة عالية للبنات.


في عام 1951م، تعاون مع النحات والرسام العراقي "جواد سليم" في تأسيس جمعية بغداد للفن الحديث، وخلال إقامته في بغداد تعرف جبرا على العراقية "لميعة العسكري" ابنة الزعيم العراقي "جعفر باشا العسكري"، والتي كانت تعمل أيضًا كمحاضرة في دار المعلمين العالية، حيث نتج عن هذا التعارف زواجهما في عام 1952م، وذلك بعد إعلان إسلامه ليتمكن من الزواج منها، وقد رزقا بولدين اثنين.


وفي نفس عام زواجه سافر جبرا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتحق بجامعة هارفرد، حيث حصل منها على زمالة دراسية في النقد الأدبي، ومن ثم عاد إلى بغداد في عام 1954م والتحق بالعمل في شركة نفط العراق، وقد تدرج في العديد من المناصب الإدارية في هذه الشركة، مع استمراره بالعمل كمحاضر في كلية الآداب والعلوم في جامعة بغداد وذلك حتى عام 1964م، ثم عاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية مرةً أخرى في عام 1975م، إذ دعته جامعة كاليفورنيا في بيركلي للعمل لديها كأستاذ زائر، حيث قضى هذه الفترة في تدريس الأدب العربي المعاصر، كما حاضر في العديد من الجامعات الأميركية الأخرى.


من جهةِ أخرى، فقد تولى جبرا العديد من المناصب الإدارية، منها منصب مستشار ثقافي في وزارة الثقافة والإعلام وذلك في الفترة الواقعة ما بين عامي 1977-1984م، كما ترأس هيئة تحرير مجلة "الفنون العربي" التي كانت تصدر من لندن، وذلك ما بين عامي 1980-1983م، وترأس في عام 1982م رابطة نقاد الفن في العراق، إلى جانب عضويته في كل من اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، والرابطة الدولية في نقاد الفن في باريس، وعضو شرف في جمعية المترجمين والفنانين العراقيين، كما شارك في العديد من المؤتمرات الأدبية والفنية العربية والعالمية في باريس، وموسكو، وأثينا، وبروكسل، والقاهرة.[٣][٥][١]


إنجازات جبرا إبراهيم جبرا الأدبية

برز جبرا ولمع في العديد من المجالات الأدبية الحديثة وهي:[٦]

الشعر

إذ يعود له الفضل الكبير في توضيح مفهومي قصيدة النثر وقصيدة الشعر الحر، والفصل بينهما لتحتل كل واحدة منهما مكانة خاصة بها في الثقافة العربية المعاصرة، وقد أصدر جبرا أربع مجموعات شعرية هي "تموز في المدينة" (1959م)، و"المدار المغلق" (1964م)، و"لوعة الشمس" (1979م)، و"سبع قصائد" (1990م)، إلى جانب مجموعة بعنوان "قصائد بعضها لليل وبعضها للنهار"، والتي قام بنشرها في مجلة بيادر التونسية.


القصة القصيرة

كانت بدايات جبرا في هذا المجال قبل سفره إلى بريطانيا، حيث كان ينشر أعماله في مجلتي الرسالة والهلال المصريتين، ومجلة الأمالي اللبنانية، وقد أصدر أول مجموعة قصصية له في عام 1955م تحت عنوان "عرق وقصص أخرى"، والتي أعيد نشرها في عام 1974م بعنوان "المُغنون وقصص أخرى"، وعلى الرغم من ذلك، لم يبدِ جبرا اهتمامًا كبيرًا بهذا المجال فقد اعتبره من الفنون الأدبية السهلة.


الروايات

كتب جبرا أول رواية له باللغة الإنجليزية تحت عنوان "Passage in the Silent Night" وذلك في عام 1946م، إلا أنه لم ينشرها في ذلك الوقت، ثم قام خلال فترة دراسته في جامعة هارفارد بإعادة كتابتها باللغة العربية، وقام بنشرها عام 1955 بعنوان "صراع في ليل طويل"، وقد توالت بعد ذلك رواياته والتي كان يغلب عليها جميعها مظاهر تعلق جبرا بمسقط رأسه بيت لحم، والقدس، ومنها "صيادون في شارع ضيق"، و"السفينة"، و"الغرف الأخرى"، و"يوميات سراب عفّان"، من جهةٍ أخرى فقد كتب جبرا العديد من السيناريوهات لأفلام وثائقية مثل فيلم "جذور الفن العراقي المعاصر"، وكتب حوار فيلم "عمر المختار".


السيرة الذاتية

ألف جبرا كتابين في السيرة الذاتية، وهما "البئر الأولى" (1987م) والذي تحدث فيها عن سنوات حياته الأولى التي قضاها ما بين بيت لحم والقدس، كما وصف فيها حياة الفلسطينيين في عشرينيات القرن الماضي، وخاصة المسيحيين منهم، أما الكتاب الثاني فهو "شارع الأميرات" (1994م)، والذي يذكر فيه سيرة حياته منذ سفره إلى بريطانيا وحتى عودته من أمريكا للعمل في بغداد.


النقد

ألف جبرا العديد من الكتب النقدية الهامة منها "الحرية والطوفان"، و"الرحلة الثامنة"، و"النار والجوهر"، وغيرها الكثير، إلى جانب ترجمته لبعض الكتب النقدية الأجنبية.


رواية البحث عن وليد مسعود

تتناول هذه الرواية على مدار اثني عشر فصلًا قصة بطلها الرئيسي الفلسطيني وليد مسعود والذي اختفى في ظروف غامضة، وفي كل فصل تصف علاقته بشخص مختلف، وتروي عن حياة كل منهما بشكل أكثر، ومن هنا تصف الرواية علاقات وليد مسعود المتشعبة بالعديد من الشخصيات، والدور الذي يلعبونه في حياته، والتي يعكس جبرا من خلالها الواقع الذي يعاني منه الفلسطينيين من شتات، وحيرة الشباب، وحنين الشيوخ.[٧]


الجوائز التي حاز عليها جبرا إبراهيم جبرا

حصل جبرا على العديد من الجوائز الهامة منها:[١]

  • جائزة تارغا يوربا للثقافة (1983م).
  • جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (1987م).
  • جائزة صدام للرواية (1988م).
  • وسام القدس للآداب والفنون من دولة فلسطين في القاهرة (1990م).
  • جائزة سلطان العويس في الشارقة (1990م).
  • وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى (1991م)، والذي منحه إياه رئيس الجمهورية التونسية.
  • جائزة ثورنتون وايلدر للثقافة من جامعة كولومبيا في نيويورك (1991م).


وفاة جبرا إبراهيم جبرا

توفي جبرا إبراهيم جبرا في بغداد في عام 1994م، عن عمرٍ يناهز 74 عامًا.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت يوسف عبد الأحد، "جبرا إبراهيم جبرا"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 23/9/2021. بتصرّف.
  2. مي أحمد يوسف، ibrahim.pdf جبرا إبراهيم جبرا ناقدًا، صفحة 179. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "جبرا إبراهيم جبرا"، الرحلات الفلسطينية، اطّلع عليه بتاريخ 23/9/2021. بتصرّف.
  4. "البحث عن وليد مسعود"، كتب، اطّلع عليه بتاريخ 23/9/2021. بتصرّف.