من هو عبد الحق الدهلوي؟

هو الإمام العالم، والمحدث، والفقيه، وأحد أهم أعلام الحديث النبوي الشريف في الهند في القرنين العاشر والحادي عشر الهجري.


وهو عبد الحق بن سيف الدين السيفي القادري بن سعد الله بن فيروز الشهيد بن الملك موسى بن الملك معز الدين بن آغا محمد ترك البخاري، ونسبته الدهلوي نسبةً إلى مدينة دهلي في الهند مسقط رأسه، وهو أحد مشاهير علماء الهند، ومنارة من منارات السنة النبوية، وإمام الحديث النبوي الشريف في الهند، إذ يُعد أول من نشر علم الحديث الشريف في الهند، وأول من وضع أسس النهضة العلمية الدينية الحديثية في القارة الهندية في القرن العاشر الهجري، مما ساهم في انتشار المدارس الدينية، والحلقات العلمية في مختلف أرجائها، والتي تخرج منها الكثير من كبار علماء الحديث، وقد ألف الشيخ الدهلوي العديد من الكتب باللغتين العربية والفارسية.[١][٢]


مولد عبد الحق الدهلوي ونشأته

ولد الشيخ الدهلوي في شهر محرم من عام 958 هجريًا في مدينة دهلي في عهد الحاكم المسلم إسلام شاه السُّوري، وهو ينحدر من أسرة معروفة بالعلم والفضل، وذات عزٍ ونسبٍ شريف، إذ تعود أصول عائلته إلى بخارى، وقد انتقلت إلى الهند في القرن الثالث عشر الميلادي، وقد نشأ الشيخ الدهلوي في بيئة صالحة، وتربى تربية دينية تحت رعاية والده، وقد عرف عنه اتصافه بالصلاح، والتقوى، والتدين، والورع منذ الصغر، بالإضافة إلى بذله الجهد العظيم في طلب العلم، وتضحيته براحته، وكل متع الحياة في سبيل ذلك.[٣]


ثقافة عبد الحق الدهلوي

تلقى الشيخ الدهلوي العلم في بداية الأمر العلم على يدي والده، إذ تعلم منه قراءة القرآن الكريم مع أحكام التجويد، ثم تعلم الكتابة والإنشاء إلى أن أتقنهما، واتجه بعد ذلك إلى حفظ القرآن الكريم، وقد حفظه كاملًا في عامٍ ونصف العام، ثم عكف على دراسة اللغة العربية إلى أن تمكن منها، ثم بدأ بدراسة العلوم العقلية والنقلية على أيدي علماء ما وراء النهرين، وقد أكمل تحصيلها وهو ما زال في سنٍ صغيرة، وعندما أنهى الشيخ الدهلوي تحصيل العلم اشتغل مدة من الزمن في التدريس بمدينة دهلي.


وفي عام 996 هجريًا قرر الشيخ الدهلوي الرحيل إلى بلاد الحجاز لتعلم الحديث الشريف، وكان يبلغ من العمر وقتها 38 عامًا، وقد أخذ الحديث عن كبار محدثي مكة المكرمة، وقرأ عليهم الصحيحين، ثم لازم الشيخ عبد الوهاب بن ولي الله المتقي، وقرأ عليه كتابي مشكاة المصابيح، وصحيح مسلم، كما أخذ الحديث عن القاضي علي بن جار الله بن ظهيرة المكي، ثم انتقل بعد ذلك إلى المدينة المنورة، وهناك أخذ الحديث عن الشيخ أحمد بن محمد بن محمد أبي الحزم المدني، والشيخ حميد الدين بن عبد الله السندي المهاجر، وقد أجازوه إجازةً عامة، وأثنوا عليه ومدحوه.[٤]


إسهامات الدهلوي في علم الحديث الشريف

عاد الشيخ الدهلوي إلى الهند في عام 1000 هجري بعد قضائه 4 سنوات في بلاد الحجاز، وقد حرص منذ عودته على نشر علم الحديث النبوي فيها، فأنشأ مدرسة في مسقط رأسه دهلي مختصة بتدريس علوم السنة النبوية، والحديث الشريف، وكانت المدرسة الأولى من نوعها في الهند في ذلك الوقت، وقد اتبع منهجًا خاصًا للتدريس فيها يعتمد بشكلٍ أساسي على دراسة القرآن الكريم والحديث، كما كان يقصدها المئات من طلاب العلم من جميع أرجاء الهند، فكانت هذه المدرسة السبب الرئيسي لشهرة الشيخ الدهلوي كمحدث للحديث النبوي الشريف.[٥]


وقد أولى الشيخ الدهلوي اهتمامًا كبيرًا بالتأليف والتصنيف في مختلف الموضوعات الدينية، لذا فقد احتوت مكتبته على نوادر المخطوطات، ونفائس الكتب، التي قام بجمع معظمها أثناء إقامته في بلاد الحجاز، وقد ألف الشيخ الدهلوي ما يقارب 60 كتابًا في مجالات مختلفة، منها: التفسير، والحديث، والفقه، والعقيدة، والنحو، والأخلاق، والفلسفة، والمنطق، والتاريخ، والسير.[٦]


مؤلفات الشيخ عبد الحق الدهلوي

ألف الشيخ الدهلوي العديد من المصنفات الهامة باللغتين العربية والفارسية، منها على سبيل الذكر لا الحصر:[٧]

  • لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح.
  • أسماء الرجال والرواة المذكورين في المشكاة.
  • جامع البركات في منتخب شرح المشكاة.
  • فتح المنان في تأييد مذهب النعمان.
  • أخبار الأخبار.
  • مقدمة في أصول الحديث.


وفاة الشيخ عبد الحق الدهلوي

توفي الشيخ عبد الحق الدهلوي يوم الاثنين بتاريخ 23 ربيع الأول في عام 1052 هجريًا عن عمرٍ يناهز 94 عامًا، وقد دفن في مسقط رأسه في دهلي.[٧]

المراجع

  1. سيد عبد الماجد الغوري، المحدث الشيخ عبد الحق الدهلوي وإسهامه في الحديث النبوي، صفحة 107-108. بتصرّف.
  2. فريد الدين فهيم الدين الندوي، المحدث عبد الحق الدهلوي وجهوده في خدمة الحديث النبوي الشريف، صفحة 86-87. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أبو بكر محمد زكريا ، المحدث عبد الحق الدهلوي ورسالته في أصول الحديث، صفحة 3. بتصرّف.