من هو ياقوت الحموي؟

هو رحالة، ومؤرخ، وجغرافي، وعالم باللغة والأدب، وأحد أعلام القرنين السادس والسابع الهجري.


وهو شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي البغدادي، ويُكنى بأبي عبد الله، يُعد من أبرز المؤرخين الجغرافيين العرب في ذلك العصر، حيث نال مكانة عالية بين أقرانه؛ لذكائه الشديد، وسعة علمه، وكثرة ملاحظاته، كما كان عالمًا بتقويم البلدان، وقد خاض العديد من الرحلات حول العالم العربي والإسلامي، ودوّن كل ما رأى خلالها بصدقٍ وأمانة، متبعًا لذلك منهجًا خاصًا قائمًا على التحري عن المعلومات، ونقدها، مع إبداء رأيه فيها، فاستحق بذلك ثقة وثناء المؤرخين الكبار أمثال الذهبي وابن النجار، ومن جهةٍ أخرى، فقد برع أيضًا في مجالي الأدب والشعر حيث ألف العديد من الكتب والمصنفات في هذين المجالين.[١]


مولد ياقوت الحموي ونشأته

ولد ياقوت الحموي في بلاد الروم، في عام 574 هجري، وقال بعض المؤرخين أنه ولد في عام 575 هجري، وقد تم أسره وهو لا يزال في الخامسة من عمره، وتم بيعه كعبد في أسواق بغداد، حيث اشتراه تاجر بغدادي هو "عسكر بن إبراهيم الحموي"، والذي أخذ ياقوت منه لقب الحموي فيما بعد.[٢]


مسيرة ياقوت الحموي العلمية والعملية

نشأ ياقوت في كنف مولاه عسكر، والذي كان أميًّا لا يعرف القراءة والكتابة، لذا فقد أولى اهتمامًا كبيرًا في تعليم ياقوت؛ ليساعده في إدارة تجارته وأعماله، فأرسله إلى الكتّاب ليتلقى التعليم الإسلامي، ويجيد الكتابة والقراءة، إلى جانب دراسته اللغة والنحو على يد كبار العلماء، من أمثال عبدالله بن الحسين العكبري، كما كان ياقوت حريصًا على مطالعة معظم الكتب المتواجدة في بغداد وقتئذٍ، وعند بلوغ ياقوت الخامسة عشر من عمره التحق بالعمل لدى مولاه عسكر؛ لمساعدته في أمور التجارة، حيث كان يرسله في كثير من الأحيان في رحلات تجارية إلى مراكز النشاط التجاري المعروفة في ذلك الوقت، فتنقل ياقوت من بلدٍ إلى آخر، إذ زار جزيرة كيش في عُمان، والشام، ومصر، والعراق، والقسطنطينية، ومدينة آمد.


وفي عام 596 هجري، أُعتق ياقوت نتيجة خلاف وقع بينه وبين مولاه، فلجأ ياقوت للعمل كناسخ للكتب بالأجرة، وقد مكنته هذه الوظيفة من الاطلاع على نفائس الكتب، إلا أنه ما لبث أن عاد للعمل مع مولاه عسكر في التجارة، حيث أرسله بتجارة إلى جزيرة كيش، وعندما عاد من رحلته هذه كان عسكر قد مات، فأعطى ياقوت زوجته وأولاده ما يكفيهم من مال، وأبقى لنفسه القليل، والذي اتخذه كرأس مال لتجارته الخاصة، حيث بدأ العمل في تجارة الكتب.[٣]


رحلات ياقوت الحموي

خاض ياقوت الحموي العديد من الرحلات والتي وإن كانت بهدف التجارة، إلا أنها ساهمت بشكلٍ كبير في إثراء معلوماته العلمية، والجغرافية، والتاريخية، إلى جانب مساعدته على الاطلاع على ثقافات المدن الإسلامية المختلفة، وكانت إحدى هذه الرحلات إلى حلب في عام 609 هجري، والتي قابل خلالها علي بن يوسف القفطي، الذي كان معروفًا عنه حبه للكتب، ثم توجه في عام 610 هجري إلى تبريز، وبعدها انتقل إلى مصر، حيث التقى فيها بالعالم عبد الخالق بن صالح المسكي، والأمير عضد الدين أبو الفوارس بن منقذ، والشيخ أبو جعفر محمد بن عبد العزيز الإدريسي الحسيني.


في عام 612 هجري، رحل ياقوت إلى دمشق، إلا أنّه ما لبث أن غادرها متجهًا إلى حلب، ومن ثم إلى الموصل، وفيها التقى مع أبرز علمائها من أمثال يحيى بن سعيد بن المبارك، كما زار العديد من المدن الأخرى مثل نيسابور، ومرو، وبغشور، وشهرستان، وخوارزم، وأربيل، علمًا أنه كان حريصًا على وصف حال كل مدينة كان ينزل بها وصفًا دقيقًا.


وفي نهاية عام 617 هجري، عاد ياقوت الحموي مرةً أخرى إلى الموصل، حيث التقى فيها بالعالم ياقوت بن عبد الله النحوي، وقد بقي في الموصل إلى أن استدعاه القفطي طالباً منه القدوم إلى حلب، وذلك في عام 620 هجري، بعد أن أرسل ياقوت رسالة إليه يطلب منه المساعدة المالية، فأقام ياقوت في حلب لمدة ثلاث سنوات التقى خلالها بأبرز علمائها، من أمثال الأديب اللغوي أبو محمد القاسم بن عمر بن منصور الواسطي، وانتقل لاحقًا إلى منطقة بيسان الواقعة في غور الأردن، ومنها توجه إلى مصر والتي التقى فيها بشيخه الأديب النحوي أبو عبدالله شرف الدين المرسي، وأخيرًا عاد ياقوت إلى حلب وتحديدًا في عام 625 هجري، حيث بقي فيها إلى أن وافته المنية.[٤]


أبرز مؤلفات ياقوت الحموي

ألف ياقوت الحموي الكثير من الكتب في العديد من المجالات المختلفة، وبالأخص في التاريخ والجغرافيا، ومن هذه الكتب ما يأتي:[٥]

  • معجم الأدباء.
  • المشترك وضعًا والمختلف صقعًا.
  • المقتضب في النسب.
  • معجم الشعراء.
  • المبدأ والمآل.
  • أخبار المتنبي.


معجم البلدان

اكتسب هذا المعجم الجغرافي الإسلامي أهمية كبيرة لدى العلماء والباحثين؛ نظرًا لاحتوائه على مادة علمية قيمة، شاملة للعديد من المجالات اللغوية، والأدبية، والتاريخية، والاجتماعية، والثقافية، كما حرص ياقوت في كتابه هذا على تدوين جميع الروايات التاريخية منذ التاريخ القديم، وحتى القرن السابع الهجري العصر الذي عاش فيه، حيث تطرق في الحديث عن الحضارات القديمة، وما يتعلق بها من موقع جغرافي، ووقائع، وحوادث تاريخية، وإنجازات عمرانية، وأعراق أهلها، كما تناول قصص الأنبياء، والسيرة النبوية الشريفة، وغزوات الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم انتقل للحديث عن عصر الخلافة الراشدة، والدولة الأموية، والعصر العباسي، وما رافق هذه العصور من فتوحات وأحداث سياسية وتطور عمراني، إضافة إلى ذكره الأعلام البارزة لكل فترة زمنية.


من جهةٍ أخرى، فقد رتّب ياقوت الحموي المواضيع المختلفة في كتابه ترتيبًا مبنيًا على حروف المعجم (الترتيب الهجائي)؛ لتسهيل قراءته، والوصول إلى المعلومات بسرعة وسهولة، كما حرص على شرح اللفظ اللغوي واشتقاقاته بالتفصيل، والاستدلال بأدلة من القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وهذا يضيف على أن معجمه جغرافي ولغوي أيضًا، والجدير بذكره أنّ ياقوت قد أيّد في كتابه هذا النظرية القائلة بكروية الأرض، وذكر فيه الاثنا عشر برجًا، والبلدان الواقعة تحت تأثيرها، كما شرح الطرق العلمية المتبعة لتحديد القبلة في كل بلد.[٦][٧]


وفاة ياقوت الحموي

توفي ياقوت الحموي يوم الأحد الموافق العشرين من رمضان في عام 626 هجري في مدينة حلب، عن عمرٍ يناهز 52 عامًا.[٨]


يمكنك قراءة المزيد عن جغرافيين عرب، مثل: أحمد بن ماجد.

المراجع

  1. رقية عبدالله أحمد أبو ليل ، ياقوت الحموي، شهاب الدين أبو عبدالله بن عبدالله وكتابه: معجم البلدان، صفحة 1 34. بتصرّف.
  2. مها سعيد حميد، لقاءات ياقوت الحموي بأعلام الموصل من خلال مؤلفاته، صفحة 81. بتصرّف.
  3. نجدة خماش، الحموي "ياقوت الحموي"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  4. محمد عيساوي، كتاب معجم البلدان للرحالة ياقوت الحموي و أهميته في الدراسات التاريخية، صفحة 273-275. بتصرّف.
  5. مقتدر حمدان عبد المجيد، معجم البلدان لياقوت الحموي ت 626هـ، صفحة 2. بتصرّف.