أبو الأسود الدؤلي

هو أول من أسس اللغة العربية، وأول من وضع النحو، وهو منقط المصحف.


وهو أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان، واسمه الدُؤلي بضم الدال، نسبة إلى دؤل، ولد في نهاية العصر الجاهلي، قبيل البعثة النبوية بثلاث سنوات، فكان بعد الإسلام أحد سادات التابعين والفقراء والشعراء والفرسان، وهو من نقط المصاحف والحروف. [١]


مولد أبي الأسود الدؤلي

ولد أبو الأسود الدؤلي قبل الهجرة النبوية بـ 16 عامًا، أي أنه ولد في العصر الجاهلي، له ولدان وابنتان وامرأة من بني قشير، اشتغل في قضاء البصرة وتزوج فيها، إذ هاجر إليها في عهد عمر بن الخطاب، وسكن فيها، وقد أقيم مسجد على اسمه هناك، وما زال على قضاء البصرة حتى عهد خلافة علي بن أبي طالب، الذي دعمه في علمه في اللغة العربية والنحو.[٢][٣]


ثقافته أبي الأسود الدؤلي وعلمه

يقول الجاحظ عن أبي الأسود الدؤلي: "كان حكيمًا أديبًا وداهيًا أريبًا"، وقد ذكره العديد من الأدباء والمؤمنين في مؤلفاتهم؛ إشارةً منهم على تقدمه في العلم، وجودة لسانه، إذ وصفه الآمدي أيضا في أخلاقه فقال: "كان حليمًا وشاعرًا متقنًا للمعاني"، ومن هنا فقد كان الدؤلي أول من نقط القرآن الكريم، وأسس اللغة العربية وعلم النحو فيها، فقد قال عند اختياره من يعاونه في مهمته؛ "خذ المصحف وصبغًا يخالف لون المداد؛ فإذا فتحت شفتي فانقط واحدة فوق الحرف، وإذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف، وإذا كسرتها فاجعل النقطة في أسفله، فإن أتبعت شيئًا من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين"، وهكذا عمل مع معاونه على نقط المصاحف، كما كان أبو الأسود الدؤلي مترجمًا لكتب وتراجم الشعراء وتاريخهم، كما كان هو نفسه شاعرًا، إذ له ديوان شعري يضم قصائده [٤]، كما عمل بعد ذلك على وضع وتأسيس العربية وعلم النحو فيها، وكان يهدف فيه إلى كشف علل الإعراب، وضبط معاني الألفاظ. [٥]


أساتذة أبي الأسود الدؤلي وتلامذته

على الرغم من أن أبا الأسود الدؤلي أول من أسس العربية، ووضع علم النحو فيها، إلا أن ذلك كان بإشارة وتوجيه وتلقين من أمير المؤمنين علي بني أبي طالب، إذ يقول الدؤلي في ذلك: "ألقى إلي علي أصولًا اشتريت بها"، وهذا ما اجتمع عليه أهل الفقه والنحو، واتفقوا عليه، وقد كان من تلامذة أبي الأسود الدؤلي وآخذي العلم عنه؛ أبا خرب بن أبي الأسود "وهو ابنه"، وحمران بن أعين، وسعد الرابية،وسعيد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن هرمز، وعبد الله بن بريدة، عطاء بن أبي الأسود "ابنه"، وعمر مولى عفرة، وعنبسة بن معدان الفيل، ونصر بن عاصم، وغيرهم الكثير.[٦]


أخلاق أبي الأسود الدؤلي

من أفضل ما قيل في أخلاقه وورعه ما أورده ابن خلكان عنه، إذ قال: "كان من السادات التابعين وأعيانهم، صحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وشهد معه وقعة صفين، وكان من أكمل الرجال رأيًا وأسدهم عقلًا، قيل لأبي الأسود عند الموت أبشر بالمغفرة، فقال؛ وأين الحياء مما كانت له المغفرة "، كما قيل فيه أيضًا: "كان ذا دين وعقل ولسان وبيان وفهم وحزم".[٧]


مؤلفات أبي الأسود الدؤلي

لأبي الأسود الدؤلي العديد من القصائد والأشعار التي عمل على جمعها عدة علماء ومؤرخين، من مثل المدائني في كتابه "كتاب أبي الأسود الدؤلي"، كما قام بذلك أيضا عبد العزيز بن يحيى الجلودي في كتاب اسمه "كتاب أخبار أبي الأسود الدؤلي"، وقد ذكر طرفه ونوادره أبو عبيدة، الهيثم بن عدي، ومحمد بن سلام، كما عمل أبو سعيد الحين السكري على جمع أشعاره في ديوان لها وشرحها فيه.[٨]


أشهر أشعار أبي الأسود الدؤلي

عرف شعر أبو الأسود الدؤلي بحسنه وحكمته، إذ قال:[٧]


لا ترسلن مقالة مشهورة ** لا تستطيع إذا مضت إدراكها

لا تبدين نميمهة أنبأتها ** وتحفظن من الذي أنباكها

من كل ذي لب بمؤتيك نصحه ** وما كل مؤت نصحه بلبيب

ولكن إذا ما استجمعا عن واحد ** فحق له من طاعة بنصيب"


يأيها الرجلُ المعلّمُ غيرَه ** هلاّ لنفسك كان ذا التعليمُ

ونراك تُصلح بالرشاد عقولنا ** أبدًا وأنت من الرشاد عديمُ

ابدأ بنفسك فانهَها عن غَيِّها ** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يُقبل ما تقول ويُهتدَى ** بالقول منك، وينفع التعليمُ



وفاة أبي الأسود الدؤلي

توفي أبو الأسود الدؤلي عام 69 هجريًا في البصرة التي سكن فيها بعد الهجرة، وذلك في وباء الطاعون، عن عمر يناهز 85 عامًا، وقد قيل إن عام وفاته الأصح كان عام 67 هجريًا، وذلك بالفالج.[٩]

المراجع

  1. الشيخ محمد حسن آل ياسين، ديوان ابي الاسود الدؤلي، صفحة 11-7. بتصرّف.
  2. الشيخ محمد حسن آل ياسين، ديوان ابي الاسود الدؤلي، صفحة 8-12. بتصرّف.
  3. أبي سعيد الحسن السكري، ديوان أبي الأسود الدؤلي، صفحة 15. بتصرّف.
  4. الشيخ محمد حسن آل ياسين، ديوان ابي الاسود الدؤلي، صفحة 11-14. بتصرّف.
  5. محمد زغوان، التراث العربي، صفحة 245-247. بتصرّف.
  6. أبي سعيد الحسن السكري، ديوان أبي الأسود الدؤلي، صفحة 24-18. بتصرّف.
  7. ^ أ ب حسن عبدالجليل العبادلة، أبو الأسود الدؤلي وجهوده في نقط المصحف، صفحة 135. بتصرّف.
  8. أبي سعيد الحسن السكري، ديوان أبي الأسود الدؤلي، صفحة 27-24. بتصرّف.
  9. الشيخ محمد حسن آل ياسين، ديوان ابي الاسود الدؤلي، صفحة 9-10. بتصرّف.