من هو أبو الحسن الندوي؟

هو داعية، وكاتب، ومفكر إسلامي، وأحد أبرز أعلام القرن العشرين الميلادي.


وهو أبو الحسن علي بن عبد الحي بن فخر الدين الحسني الندوي، وهو من أعلام المفكرين الإسلاميين، ومن أبرز الدعاة في القرن الماضي، وأحد رواد الأدب الإسلامي الحديث، وقد تميز ببراعته الأدبية، وموهبته العالية ويظهر ذلك جليًا من خلال كتاباته ومؤلفاته الضخمة، والتي غطت معظم المجالات والفنون الأدبية، والدراسات الإسلامية، كما كرس حياته وجل اهتماماته للدعوة والإصلاح، ومعالجة القضايا الهامة للأمة الإسلامية، ومن جهةٍ أخرى فقد كان له الفضل في تأسيس رابطة الأدب الإسلامي، والتي من أهم واجباتها العمل على نشر الأدب الإسلامي، وتطويره، والدعوة إليه، وقد توسعت نشاطاتها حتى وصلت إلى جميع أنحاء العالم.[١]


مولد أبي الحسن الندوي ونشأته

ولد أبو الحسن الندوي في السادس من محرم عام 1333 هجري، الموافق 23 من شهر تشرين الثاني عام 1914م، في قرية "تكية كلان" التابعة لمديرية "رائي بريلي" في الهند، وينتهي نسبه من ناحية الأم والأب إلى الإمام علي بن أبي طالب، وقد نشأ الندوي في كنف أسرة اشتهرت بالعلم، والدين، والتقوى، فوالده هو المؤرخ والعلامة الكبير "السيد عبد الحي الحسني" صاحب الكتاب الشهير "نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر"، أما والدته فهي "السيدة خير النساء" ابنة الشيخ الكبير "ضياء النبي الحسني"، وقد كانت هي أيضًا مؤلفة، وشاعرة، ومربية فاضلة، ومن حافظات القرآن الكريم، وقد توفي والده عام 1923م وهو لا يزال في التاسعة من عمره، فتولى تربيته ورعايته والدته وأخاه الأكبر "الدكتور عبد العلي الحسني"، والذي يعود له الفضل الكبير في تهيئة الجو الأدبي والديني، والبيئة الصالحة لنشأة الإمام الندوي، ومما يجدر ذكره أنّه اكتسب لقب الندوي بسبب انتسابه إلى معهد ندوة العلماء في الهند.[٢]


مسيرة أبي الحسن الندوي العلمية والعملية

بدأ الإمام الندوي تعليمه في عمرٍ مبكر، فقد حفظ القرآن الكريم في البيت، ثم التحق بكتّاب قريته الذي درس فيه مبادئ اللغتين "الأردوية والفاريسة"، وفي عام 1924م بدأ بتلقي دروس في اللغة العربية على يد الشيخ "خليل بن محمد الأنصاري اليماني"، حتى أصبح يتقن العربية إتقانًا كاملًا، وفي عام 1927م التحق الندوي بجامعة "لكنهؤ" لدراسة الأدب العربي، وقد كان آنذاك لا يزال في الرابعة عشر من عمره، ليصبح بذلك أصغر طلاب الجامعة سنًا، حيث تخرج منها بشهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها، كما حرص خلال هذه الفترة على تعلم اللغة الإنجليزية، الأمر الذي ساعده على قراءة الكتب المؤلفة بهذه اللغة في مجالات التاريخ والأدب.


وفي عام 1929م التحق الندوي بدار العلوم التابعة لمعهد ندوة العلماء، وفيه درس الحديث الشريف على يد الشيخ "حيدر حسن خان"، ودرس التفسير على يد العلامة "أحمد علي اللاهوري"، والفقه على يد "شبلي الجيراجبوري العظمي، وإعزاز علي"، وتعلم التجويد برواية حفص عن الشيخ "أصغر علي"، كما حضر دروس العلامة "حسين أحمد المدني" في صحيح البخاري وسنن الترمذي، وفي عام 1934م عمل الندوي في التدريس، حيث عُين كأستاذ لمادتي التفسير والأدب العربي في دار العلوم التابعة لمعهد ندوة العلماء، وقد استغل هذا الوقت في التعرف على أحوال البلاد العربية، وعلمائها وأدبائها، وذلك من خلال مطالعته الصحف والمجلات العربية، وكتب الدعاة والمفكرين العرب المعاصرين.[٣][٤]


رحلات أبي الحسن الندوي الدعوية والإصلاحية

بدأ الندوي رحلاته الدعوية عام 1939م بزيارته للمراكز والمؤسسات الدينية والدعوية المنتشرة في أرجاء وطنه الهند، وقد أثمرت هذه الرحلات عن تعرفه على الشيخ "عبد القادر الرائي بوري" الذي تلقى منه التربية الروحية، والداعية الإسلامي "محمد إسلام" الذي تلقى منه مبادئ الدعوة والإصلاح، كما تأثر بكتابات الداعية الإسلامي "أبي الأعلى المودودي"، وتشارك معه في العديد من الندوات والمؤتمرات التي عقدت في بعض الدول العربية، إلى جانب ذلك انطلق الندوي بمشاركة مجموعة من الدعاة في رحلات دعوية في مدن وأرياف وقرى الهند، بالإضافة إلى ذهابه في رحلات أخرى إلى بعض الدول العربية مثل الحجاز، ومصر، والسودان، والأردن، وفلسطين، وسوريا، وقد سجل الندوي جميع أخبار هذه الرحلات، ولقاءاته فيها في مذكراته والتي نشرها تحت عنوان "مذكرات سائح في الشرق العربي"، وفي عام 1943م قام الندوي بإنشاء مركز "إدارة تعليمات الإسلام" بالمشاركة مع صديقه "عبد السلام القدوري الندوي"، والذي كان يُعقد فيه حلقات دروس القرآن، والحديث، وتعليم اللغة العربية.[٥]


مسيرة أبي الحسن الندوي الأدبية

كانت بدايات الندوي الأدبية من خلال مقالة نشرها باللغة العربية في مجلة المنار عام 1931م، وكان يبلغ حينها الرابعة عشر من العمر فقط، وفي عام 1937م نشر أول كتاب له باللغة الأردوية بعنوان "سيرة أحمد شهيد"، والذي حظي بالاستحسان والإعجاب من قِبل الأوساط الدينية والعلمية في الهند وباكستان، بعد ذلك عكف الندوي على تأليف سلسلة كتب مدرسية للأطفال باللغة العربية، حيث صدر أول كتاب عام 1940م تحت عنوان "مختارات من أدب العرب"، ومن ثم في عام 1944م نشر كتاباه "قصص النبيين، والقراءة الراشدة"، وقد تم اعتماد هذه الكتب من ضمن المناهج التعليمية في المعاهد والجامعات الإسلامية في الهند وبعض البلاد العربية، وفي نفس العام ألف كتابه الأشهر "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين"، والذي عُد من أفضل الكتب في القرن الماضي.


وفي عام 1956م تم تعيينه كأستاذ زائر في كلية الشريعة في جامعة دمشق، وفيها ألقى العديد من المحاضرات التي تم جمعها ونشرها فيما بعد في كتاب بعنوان "رجال الفكر والدعوة في الإسلام"، ومن جهةٍ أخرى شارك الندوي في عام 1932م في رئاسة تحرير مجلة "الضياء" العربية الصادرة من دار العلوم، وتحرير مجلة "الندوة" الأردوية عام 1940م، كما قام بإصدار مجلة باللغة الأردوية باسم "تعميرحيات" وذلك عام 1948م، بالإضافة إلى نشره العديد من المقالات الأدبية والدعوية في كبار المجلات العربية المصرية والسورية.[٦]


المناصب التي تولاها أبو الحسن الندوي

تولى العلامة الندوي العديد من المناصب الهامة منها على سبيل الذكر لا الحصر:[٧]

  • أمين عام لندوة العلماء بالهند، ورئيس جامعة دار العلوم التابعة لها.
  • رئيس المجمع العلمي الإسلامي بالهند.
  • رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
  • عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
  • عضو المجلس الأعلى للمساجد بمكة المكرمة.
  • عضو مجامع اللغة العربية بدمشق، والقاهرة، وعمان.
  • رئيس حركة رسالة الإنسانية والمؤسس لها.


أشهر مؤلفات أبي الحسن الندوي

من أبرز مؤلفات أبي الحسن الندوي على سبيل الذكر لا الحصر:[٨]

  • روائع إقبال.
  • روائع من أدب الدعوة في القرآن والسيرة.
  • السيرة النبوية.
  • الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية.
  • العقيدة والعبادة والسلوك.
  • النبوة والأنبياء في ضوء القرآن الكريم.


كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين

تتمحور الفكرة الأساسية لهذا الكتاب حول دور الإسلام في قيادة البشرية، ومدى تأثير تراجع دور المسلمين على العالم، حيث تحدث العلامة الندوي فيه عن حال العالم قبل الإسلام، وطبيعة حياته آنذاك، والتغيير الذي حل عليها بعد مجيء رسالة الإسلام، وكيف حولت العرب المتفرقون والمتنازعون إلى أمة واحدة تُعد خير أمة أخرجت للناس، ويشتمل هذا الكتاب على خمسة أبواب، جاء الباب الأول بعنوان "العصر الجاهلي" ووصف فيه المؤلف حال الأمم والأديان قبل الإسلام، والباب الثاني بعنوان "من الجاهلية إلى الإسلام"، والباب الثالث "العصر الإسلامي" وفيه تحدث عن خصائص الأئمة المسلمين ومدى تأثيرهم في المجتمع، أما الباب الرابع "العصر الأوروبي" فقد تحدث فيه عن نشأة الحضارة الغربية، بينما جاء الباب الخامس والأخير بعنوان "قيادة الإسلام للعالم" والذي بيّن الندوي من خلاله مدى أهمية قيادة الإسلام للعالم المعاصر.[٩]


وفاة أبي الحسن الندوي

توفي العلامة أبو الحسن الندوي في يوم الجمعة من أواخر شهر رمضان عام 1420 هجري، الموافق لعام 1999م، عن عمرٍ يناهز 85 عامًا بعد حياة حافلة بالعطاء والإنجاز.[١٠]


لقراءة معلومات عن غيره من الأدباء المسلمين: ابن المقفع، القلقشندي.



المراجع

  1. شاكر عالم شوق، Shakir Final27.2.13_20_2013.pdf السيد أبو الحسن الندوي حياتــه و إسهاماتـــه العلمية، صفحة 2-3. بتصرّف.
  2. مسعودة بن الأحول، مراسلات أبي الحسن الندوي للملوك ورؤساء جمعا ودراسة pdf.pdf مراسلات أبي الحسن الندوي للملوك والرؤساء، صفحة 21-24. بتصرّف.
  3. سيد عبد الماجد الغوري، العلامة أبو الحسن علي الندوي رائد الأدب الإسلامي، صفحة 12-14. بتصرّف.
  4. "الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي"، جائزة الملك فيصل، اطّلع عليه بتاريخ 13/12/2021. بتصرّف.
  5. محمد اجتباء الندوي، أبو الحسن علي الحسني الندوي الداعية الحكيم والمربي الجليل، صفحة 52-54. بتصرّف.
  6. سيد عبد الماجد الغوري، العلامة أبو الحسن علي الندوي رائد الأدب الإسلامي، صفحة 15-17. بتصرّف.
  7. شاكر عالم شوق، Shakir Final27.2.13_20_2013.pdf السيد أبو الحسن الندوي حياتــه و إسهاماتـــه العلمية، صفحة 13-14. بتصرّف.
  8. مسعودة بن الأحول، مراسلات أبي الحسن الندوي للملوك ورؤساء جمعا ودراسة pdf.pdf مراسلات أبي الحسن الندوي للملوك والرؤساء، صفحة 32. بتصرّف.
  9. "كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين"، مكتبة الكتب، اطّلع عليه بتاريخ 13/12/2021. بتصرّف.
  10. شاكر عالم شوق، Shakir Final27.2.13_20_2013.pdf السيد أبو الحسن الندوي حياتــه و إسهاماتـــه العلمية، صفحة 19. بتصرّف.