من هو أمير الشعراء؟

هو أحمد شوقي، أديب وشاعر مُخضرم من أعظم الشعراء العرب خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الميلادي.


وهو أحمد شوقي علي أحمد شوقي، شاعر مصري الأصل، حاز على لقب أمير الشعراء بعد أن بايعه شعراء وأدباء زمانه على الإمارة بصفته موهبة شعرية عريقة، وقلم ينبع منه الشعر بسلاسة، وتتدفق منه المعاني العذبة كالنهر السائب، فاكتنز مخزونًا شعريًا خصبًا وغزيرًا لم يؤازره شاعر معاصر أو قديم، وتجاوزت أبياته الشعرية 23 ألف بيت فصيح القول بليغ المعنى، فأصبح شوقي ظاهرة شعرية فريدة من نوعها، توالى عليها النقاد والأدباء ممن ألفوا كتبًا عن حياة الأمير ومسيرته، كما لُحنت بعض قصائده، وغدت أغاني عذبة أنشدها كبار المغنين.[١][٢]


مولد ونشأة أحمد شوقي

وُلد شوقي في مدينة القاهرة في تاريخ 16-10-1870م، لكن أجمع بعض المؤرخين على ولادته عام 1868م، وكان ينتمي لأسرة متعددة الأصول، من الكردي إلى اليوناني والتركي والعربي، فوالده كردي عربي، وأُمه تركية الأب ويونانية الأم، وحظي بطفولة مميزة ودافئة تحت وصاية جَدته اليونانية "نمراز"، والتي عملت وصيفة في قصر الخديوي، فتنعّم شوقي تحت ظلال القصر، وترك هذا النعيم فيه أثرًا لازمه بقية حياته.[٣][٤]


ثقافة وتعليم أحمد شوقي

تردد أحمد شوقي على الكُتّاب وهو في سن الأربع سنوات، فحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، وظهر ميوله الشعري منذ صغره، فانكبّ على قراءة دواوين الشعراء المخضرمين، وتمكّن من بلورة شاعريته.


بعد الثانوية، التحق شوقي بقسم الترجمة في اللغة الفرنسية، وقد وجد الشيخ محمد البيتاني، الذي وجهّه لغويًا وحسيًا تجاه الشعر، وبعدها أُتيحت له فرصة الالتحاق بكلية الحقوق "مونبيليه" في فرنسا من قِبل الخديوي، فسافر محققًا حلمه، ومشبعًا فضول استكشافه لبلاد الغرب وحضاراتها وآدابها.


بعد إنهائه دراسته عام 1891م، عاد شوقي إلى مصر بصفته شاعر البلاط الملكي في قصر الخديوي، وفي عام 1894م، مثّل مصر في مؤتمر المستشرقين في جنيف، بالمشاركة مع مجموعة من الشعراء المميزين، فكانت نقطة تحول حاسمة في حياته فتحت له أبواب المجد والشهرة على مصراعيها، فذاع صيته ليشمل مُختلف الدول العربية والأوروبية.


تزوج شوقي من بعدها وأنجب ثلاثة أطفال، وبعد قيام الحرب العالمية الأولى، واحتلال الإنجليز قصر الخديوي، نُفي إلى إسبانيا، وقبع فيها خمس سنوات أمضاها في سرد قصائده المؤثرة التي ظهرت فيها حالته النفسية الصعبة وتوتره في الغربة، كما أنه واصل دراسة وتحليل الحضارة والفن والآداب العربية والغربية.


عاد شوقي إلى مصر عام 1919م، ليشارك شعبه النهضة الفنية والفكرية من خلال أشعاره التي تشحذ الهمم وتُنادي بالحرية رغم القيود التي تأسر إبداعه، وكُرّم عام 1927م في مؤتمر بويع فيه بصفته أمير الشعراء لدى العرب.


كما يُعد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية، والتي حرص أعضائها من الشعراء المميزين على نظم الشعر العربي على نهج الشعراء الأقدمين في الفترة ما بين العصر الجاهلي والعباسي، مع ضرورة استحداث المقاصد الشعرية المعاصرة.


كما أنه ترأس جماعة أبولو، التي أسسها أحمد زكي، وكان من أطرافها إبراهيم ناجي، وعلي محمود وغيرهم، وهذا لترقية الشعر العربي، ومناصرة نهضته الفنية.[٢][٥]


السمات الإنشائية والشعرية لقصائد أحمد شوقي

اكتنز شوقي في ثقافته وشاعريته جملة من العناصر التي اكتسبها بحكم معرفته الواسعة بالعديد من اللغات، ومنها العربية والتركية والفرنسية، إضافةً لاحتكاكه بالحضارات الغربية وتعمقه بها بعد أن عاش في فرنسا، وتثقفه بالشعر العربي القديم والأشعار البارودية المعاصرة.


كل هذا كان له الدور في إكساب شخصية شوقي المميزة براعة وحرفية فريدة، وخلق أسلوب خاص في نسج شعره، مما أعطاه القدرة على إنشاد أبيات عريقة وابتكار أساليب جديدة، فتعددت أغراض وألوان شعره، ومن بينها الآتية:[٦]

  • الأشعار التاريخية: أنشد أحمد شوقي أشعاره التاريخية المُخضرمة التي احتفل من خلالها بالكثير من الأحداث التاريخية المميزة، وكان مُعلمًا بارزًا في هذا الفن انطلاقًا من قوله بأن الشعر ابن أبويه، وهما الطبيعة، والتاريخ، فقد أنشد قصيدة همزية عظيمة خلال مؤتمر المُستشرقين، بالإضافة إلى العديد من القصائد التي قصد فيها تاريخ العظماء المسلمين ومُختلف الدول العربية الأخرى، كقصيدته البائية وغيرها.
  • الشعر القصصي والمسرحي: كان شوقي مُتأثرًا بشكل كبير بالمسرح الغنائي، فنظم مسرحيات شعرية تاريخية استقصى مادتها من التاريخ القديم.
  • الشعر القومي: احترف شوقي الأشعار الوطنية والقومية النابعة من وطنيته المتجذرة في أعماقه، ومن عواطفه القوية تجاه وطنه وباقي الأوطان العربية، فتفانى في نظم أبيات الشعر البليغة والمؤثرة التي تصف آثار الوطن الخالدة، وتغنى وتفاخر بها وتناقلتها الأجيال من بعده، كما نادى بالحرية بين أشعاره.
  • شعر المناسبات: شملت الشوقيات جميع المناسبات الشعرية المختلفة، والتي تنوعت ما بين الهجاء والرثاء والمديح والثناء، حاله كحال شعراء العرب القدماء، وكان يستوحي أشعاره من المسائل التي تطرأ على بلاد الشرق والغرب من أحداث معاصرة وواقعية يتعايش معها، كما اتصلت بعضها بمعالم الحضارة المعاصرة، فأخذ يصف الطائرات والسفن وغيرها من الآلات الحديثة.


أبرز مؤلفات أحمد شوقي

من أبرز مؤلفات أحمد شوقي ما يأتي:

  • مسرحية عنترة: جمعت هذه المسرحية بين سطورها عدّة أساليب ومكونات أدبية مُشوقة، كالمأساة، والحب، والغناء، وغيره، فزادت إثارتها وجمالها، كما أقحم أمير الشعراء نفسه في منافسة قوية مع الشاعر الجاهلي والفارس التاريخي العريق عنترة بن شداد، والذي اشتهر في جزيرة العرب، وذلك بعد أن كتب شوقي سطور مسرحيته باللغة العربية الجاهلية ضمن إطار شعري مميز، دخل فيه إلى المسرح الغنائي والشعري بشكل إبداعي وحرفي رفيع، ومزج فيه بين العراقة والحداثة من خلال مزج الجاهلية العربية القديمة بالفن المسرحي المعاصر، مُستعينًا بالتقنيات المسرحية الأوروبية، فأثمرت جهوده عن تحفة أدبية وجوهرة فنية مميزة.[٧]
  • مسرحية البخيلة: وهي مسرحية دراميّة أساسها المفارقة القائمة على أسلوب كوميدي ساخر يُثير الضحك، لكنه في نفس الوقت يتضمن نقدًا عميقًا ولاذعًا، وقد أخذت الشخصيات النسائية دور البطولة فيها، فهي تدور حول امرأة بخيلة تحتفظ بثروتها وتتجنب الإنفاق منها، فتحرم نفسها ومن حولها من متعة ولذّات الحياة، فتظهر جذور هذه المسرحية في عمق الواقع الذي يتعايش معه القارئ.


أظهرت هذه المسرحية التطور السريع الذي حققه شوقي في مجال الدراما الشعرية، فقد كان ينتقل بتسلسل أحداثها بمهارة من الطابع المأساوي إلى الطابع الكوميدي، ويسير بين الشخصيات النبيلة للطبقة الأرستقراطية التي تمثلت بالأمراء والملوك، إلى الطبقة البرجوازية الممثلة بالأشخاص العاديين.[٨]


ديوان الشوقيات

استحدث أمير الشعراء في أبياته مجموعة فريدة من ألوان الشعر التي لم يزخر بها شاعر عربي من قبله، مُلتزمًا بعمود الشعر الأثري المتعارف عليه منذ القدم، وحافظت قصائده على التقاليد العباسية التي شملت الوحدة والوزن، والأسلوب الجزيل، وتجنب التكليف في استخدام ألوان البديع، جنبًا إلى جنب مع القافية واستخدام الصور المركبة والممتدة وغيرها من السمات الأخرى المستوحاة من نسيج حياة شوقي وواقعه وتجاربه الشعرية، وما اكتنزه من الثقافة الشرقية والغربية، التي لم تقتصر على القصائد التقليدية فحسب، وإنما برزت على شكل أعمال ومسرحيات شعرية ونثرية، وقصص خيالية وغيرها.


وبالنظر لأهمية هذه الأعمال الشعرية الجوهرية والمميزة، فقد جُمعت على شكل ديوان حمل اسم "الشوقيات"، والذي يُمثل درّة من درر الشعر الغنائي، والذي قُسم بدوره إلى أربعة أجزاء طُبعت بأسلوب متناسق ومُميز من حيث التبويب والتقسيم ليتناغم مع مكانة شاعرنا وأشعاره، كما أضيف له دراسة شاملة حول حياة أمير الشعراء، ومُقتطفات سريعة حول مؤلفاته وآثاره النثرية والشعرية التي لاقت عناية فائقة، فضُبطت كلماتها بشكل سليم، وشُرحت مُصطلحاتها شرحًا وافيًا، وعُرّف الأعلام المذكورين به، كما حُدد البحر العروضي لكل قصيدة كما اختاره الشاعر.[٩]


أبيات من شعر أحمد شوقي

من أبيات شوقي الشعرية المميزة ما يأتي:[١٠]


في المَوتِ ما أَعيا وَفي أَسبابِهِ كُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِطَيِّ كِتابِهِ أَسَدٌ لَعَمرُكَ مَن يَموتُ بِظُفرِهِ عِندَ اللِقاءِ كَمَن يَموتُ بِنابِهِ إِن نامَ عَنكَ فَكُلُّ طِبٍّ نافِعٌ أَو لَم يَنَم فَالطِبُّ مِن أَذنابِهِ داءُ النُفوسِ وَكُلُّ داءٍ قَبلَهُ هَمٌّ نَسينَ مَجيئَهُ بِذَهابِهِ



وفاة أحمد شوقي

توفي أمير الشعراء في مدينة القاهرة في مصر في تاريخ 14-10-1932م، وكان يبلغ من العمر 64 عامًا.[١١][٥]

المراجع

  1. "كتب ومؤلفات أحمد شوقي"، موسوعة هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عبد المجيد الحر، القديم والجديد في شعر أحمد شوقي&source=bl&ots=9XkfNYzAB3&sig=ACfU3U3i0K38dhTtNRr#v=onepage&q=بين القديم والجديد في شعر أحمد شوقي&f=false أحمد شوقي أمير الشعراء ونغم اللحن والغناء جزء 23 سلسلة أعلام الأدباء، صفحة 45-46-47-48. بتصرّف.
  3. أصيل عبد الوهاب يوسف عطعوط ، أحمد شوقي دراسة في أعماله الروائية، صفحة 16-17-18-19. بتصرّف.
  4. عصام محمود كريكش، المستوى التركيبي واإليقاعي في شعر احمد شوقي الرثاء أنموذجاً، صفحة 2-3-4. بتصرّف.
  5. ^ أ ب سدود صادق، التجديدية عند.pdf مقومات و ملامح التجديد عند شوقي، صفحة 11-12. بتصرّف.
  6. د: محمد بوعلاوي المركز الجامعي أفلو ، الخطاب في قصيدة أندلسية لأحمد شوقي.pdf?sequence=1&isAllowed شعرية الخطاب في قصيدة أندلسية لأحمد شوقي، صفحة 2-3-4-5-6. بتصرّف.
  7. أحمد شوقي، "مسرحية عنترة"، مكتبة فولابوك، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2021. بتصرّف.
  8. أحمد شوقي، "مسرحية البخيلة"، موسوعة هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2021. بتصرّف.
  9. أحمد شوقي، "ديوان الشوقيات"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2021. بتصرّف.
  10. "في الموت أعيا وما أسبابه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 20-8-2021. بتصرّف.
  11. "Aḥmad Shawqī", britannica, Retrieved 20-8-2021. Edited.