من هو الفرزدق؟

هو شاعر عربي مسلم، ومن أبرز شعراء العصر الأموي في القرن الأول الهجري.


وهو همام بن غالب بن صعصعة ابن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ويُكنى بأبي فراس، وقد أطلق عليه لقب "الفرزدق"، بسبب جهامة وجهه وضخامته، وقد كان من أبرز الشعراء في العصر الأموي، وأكبرهم مكانة، ويُعد واحدًا من الشعراء الثلاثة الكبار الذين قام على مناكبهم صرح الشعر العربي في عصر بني أمية، فهو لم يدع مجالًا أو فنًا إلا وقد نظم الشعر فيه، حتى قيل عنه "لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث اللغة، ولضاع نصف أخبار الناس"، وقد كان شعره يمتاز بفخامة العبارة، وجزالة اللفظ؛ مما جعله ينال إعجاب الناس، وتقدير أهل اللغة والنحو.[١]


مولد الفرزدق ونشأته

ولد الفرزدق في عام 20 هجريًا، الموافق 641 ميلاديًا، في بادية البصرة، أثناء خلافة عمر بن الخطاب، وينتمي الفرزدق إلى قبيلة مجاشع بن دارم، وهي إحدى قبائل تميم المعروفة في الجاهلية والإسلام، وقد نشأ الفرزدق في بيت عز وسيادة؛ وهذا ما جعله يفتخر بنسبه وقبيلته، فوالده هو غالب المكنى بأبي الأخطل، كان سيد قبيلة تميم الذي اشتهر بالشجاعة والكرم، ووالدته هي ليلى بنت حابس، وجده فهو صعصعة بن ناجية، كان عظيم القدر في الجاهلية، وكان معروفًا بفدائه للبنات الموءودات، وقد أسلم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما خاله فهو الشاعر العلاء بن قرذة الضبي، وقد كان الفرزدق ينسب موهبته الشعرية إلى خاله هذا، وعندما كان الفرزدق لا يزال صغيرًا، أخذه والده إلى الإمام علي بن أبي طالب، وذكر له تفوق ابنه في نظم الشعر، فنصحه الإمام علي بأن يعلمه القرآن الكريم.[٢][٣]


حياة الفرزدق

كان لنشأة الفرزدق في أسرة ذات أصلٍ كريم وعريق أثرٌ كبير في تكوين شخصيته، إذ كان شديد الاعتداد والتفاخر بقبيلته وبنفسه، وعلى الرغم من نشأة الفرزدق في عصر الإسلام، إلا أنه تربى على صفات الجاهلية الموروثة من القبيلة، واستمد معظم قيمه من الجاهلية، كما كان الفرزدق شاعر قبائل تميم الأول، والناطق الوحيد باسمها لدى الخلفاء والأمراء الأمويين، وقد كان في بداية حياته بعيدًا عن قصر الخلافة في دمشق والحجاز؛ إذ كان يرى نفسه ندًا لهم، إلا أنّ هذا الوضع تغير بعد تسلم سليمان بن عبد الملك الخلافة؛ ويعود ذلك للسياسة المعتدلة التي اتبعها الخليفة، والإصلاحات التي قام بها، ويظهر ذلك جليًا في مدائح الفرزدق لسليمان بن عبد الملك، وهنا كانت البداية للفرزدق لوفادته على الخلفاء فيما بعد، وقد تزوج الفرزدق من أكثر من امرأة، إلا أن أشهرهن زوجته وابنة عمه "النوار"؛ وذلك لطلبها الطلاق منه، ولجوئها إلى عبدالله بن الزبير في مكة المكرمة لتحقيق ذلك.[٤][٥]


صفات الفرزدق

اتصف الفرزدق بالذكاء، والفصاحة، فكان سريع الإجابة، وحاضر البديهة، وعزيز النفس، وعلى الرغم من أن الفرزدق لم يكن حسن الشكل والمظهر؛ إذ كان يتصف بالقصر، ودمامة الوجه، إلا أنه كان شديد الاعتزاز بنفسه، كثير التيه، كما كان يولي اهتمامًا شديدًا بهندامه، ولباسه، فكان يرتدي الثياب المصنوعة من الديباج والخزّ، ويتحلى بالجواهر الثمينة، ويخضّب لحيته وشعره.[٦][٧]


شعر الفرزدق

امتاز شعر الفرزدق بفخامة عبارته، وجزالة ألفاظه، وكثرة غريبه، ومداخلة ألفاظه ببعضها، كما تطبّع أسلوبه الشعري بالطبيعة البدوية الخشنة، إذ كان يُعد امتدادًا للشعراء الجاهليين في فصاحتهم، فلم يتأثر بالإسلام كثيرًا في شعره، ولقد آثر الفرزدق استخدام الغرابة والنُدرة في شعره، مما جعل اللغويين والنحويين بوصف ألفاظ أشعاره بالمعقدة، وقد حفزهم ذلك على التأويل، وقياس مسائله.


نظم الفرزدق شعره في مختلف الأغراض الشعرية مثل: الهجاء، والمدح، والرثاء، والغزل، وقد أكثر من استخدام الهجاء في شعره، ومن ثم يليه المدح، مثل قصائد مدحه لآل البيت، وخاصة زين العابدين، كما أنّ له بعض القصائد الجيدة في الرثاء، منها ما رثى فيها نفسه بقوله "أنا مدينة الشعراء"، أما الغزل والرجز فلم يكن له فيهما الكثير من القصائد.[٨][٩]


وفاة الفرزدق

توفي الفرزدق في مدينة البصرة، بعد أن قارب عمره على المئة عام، واختلف المؤرخون في تاريخ وفاته، فمنهم من قال إنه توفي في عام 110 هجري، بينما ذكر آخرون أنه توفي في عام 114 هجريًا.[١٠]


وقد رثى جرير الفرزدق بعد موته بقوله:[١١]

فُجعنا بحمّال الدّيات ابن غالب وحامي تميم عرضها والبراجم

بكيناك حدثان الفراق وإنما بكيناك إذ نابت أمور العظائم

فلا حملت بعد ابن ليلى مهيرةٌ ولا شُدّ أنساعُ المطيّ الرواسم

المراجع

  1. علي فاعور، ديوان الفرزدق، صفحة 5 8. بتصرّف.
  2. أزاد عبدالله، الشكوی فی شعر الفرزدق، صفحة 4. بتصرّف.
  3. مشيرة الضو قسم الله المؤمن، .pdf?sequence=1 موضوعات شعر الفرزدق وآراء النقاد في شاعريته، صفحة 13. بتصرّف.
  4. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، الأدب العربي وتاريخه، صفحة 140-141. بتصرّف.
  5. عمر الطباع، الفرزدق&hl=en&sa=X&ved=0ahUKEwjdr9WOuMjkAhUHZcAKHYM9CZcQ6AEIMTAB#v=onepage&q=حياة الفرزدق&f=false ديوان الفرزدق، صفحة 19. بتصرّف.
  6. مصطفى قرقز، ferezdak.pdf استعمال الفرزدق لـحيث، صفحة 56. بتصرّف.
  7. وحيودي، الفرزدق وشعره في مدح زين العابدين، صفحة 38 19. بتصرّف.
  8. سليمان إبراهيم عبداالله إبراهيم ، العصر في شعر الفرزدق.pdf?sequence=1&isAllowed=y صورة العصر في شعر الفرزدق، صفحة 10. بتصرّف.