من هو جبران خليل جبران؟
هو شاعر ورسام وكاتب وأديب من أئمة أدباء العصر الحديث الرمزيين، ورائد من رواد النهضة العربيّة.
وهو جبران بن خليل بن ميخائيل بن سعد بن جبران، يُعد من عباقرة الأدباء، فقد أثرى الأدب في عصر النهضة بمؤلفاته وقيمه التي أثرت بملايين الأشخاص حول العالم، والتي شملت عدة مجالات كفيلسوف ورسام وروائي وكاتب وشاعر، مُتأثرًا باتجاهاته الدينية، وانسجامه مع القيم المشرقية السائدة في بلاد العرب والهند، دون التأثر بحياته الصعبة وفقره، ليغدو نموذجًا للأديب العربي في مختلف بقاع العالم.[١][٢][٣]
مولد جبران خليل جبران ونشأته
وُلِدَ جبران في بلدةِ بشري في شمالِ لبنانَ بتاريخ 6-1-1883 ميلاديًّا، ثم سافَرَ مع أسرته عندما كان طفلًا إلى الولاياتِ المتَّحدةِ عامَ ١٨٩٥ميلاديًا، والتي أصيب مُعظم أفرادها بداء السُّلّ ليُفارقوا الحياة واحدًا تِلْوَ الآخَر، ويُخلفوا لجبران مُعاناةً شديدة، وأثرًا نفسيًا وماديًا بالغًا، ثم تبنت رعايته ماديًا وأدبيًا ماري هاسكل.[٣][٤]
ثقافة جبران ومسيرته الأكاديميّة والفنيّة
ارتاد جبران وهو في الخامسة من عمره مدرسة أليشاع، وتعلم فيها مبادئ اللغة العربية، والسريانية، والفرنسية، كما كان يزور مركز رهبان طليان؛ ليطلع على روائع النهضة الإيطاليّة، وامتاز بحدّة ذكائه وإصراره على تحقيق حلمه، ثم سافر إلى بوسطن ودخل مدرسة شعبيّة تعلم فيها أصول اللغة الإنجليزية، وكان يميل إلى الرسم، فتوصى به فريد هولاند داي راعي الموهوبين في مجال الفن، لكنه عاد إلى لبنان ليدرس في معهد الحكمة اللغة العربيّة مدّة ثلاثة أعوام، وعاد بعدها إلى بوسطن ليُفجع بوفاة أسرته بمرض السل، وتعرف على الشاعرة جوزيف بيبودي، كما أقام أول معرض صور له برعاية فريد هولاند والتقى مديرة مدرسة الفتيات ماري هاسكل التي أصبحت راعيته في مجال الفنون والأدب، وعرّفته على المعلمة إميلي ميتشل، وفي بداية عام 1904 ميلاديًّا التقى بأمين الغريب ليبدأ معه مسيرته الأدبية في جريدة المهاجر بمقالة (رسائل النار)، والتي تبعت سلسلة (دمعة وابتسامة)، وبعدها مقال (الموسيقى).
ثم غادر إلى باريس ليتعلم الفن وأصول الرسم عام 1908 ميلاديًّا، وبقي فيها سنتين وقدم لوحاته الثمينة في معرض الجمعية الوطنية للفنون الجميلة، وسافر من باريس إلى نيويورك، التي قضى فيها بقية حياته، وألف العديد من الكتب، مثل: الأجنحة المتكسرة التي تضمنت حلا الضاهر التي أحبها وهو طالب في معهد الحكمة، وكتاب المجنون، والعواصف وغيره، وبعد قيام الحرب العالميّة الأولى ظهر ميول جبران الوطني ليترأس الرابطة الإقليمية عام 1920 ميلاديًّا والتي تمثل جمعية أدبية هدفها النهوض بالأدب العربي للمستوى العالمي.[٥][٦]
الأسلوب الأدبي لجبران خليل جبران
تميّز الأدب الجبراني والمنسوب لجبران خليل جبران بالعديد من الخصائص ظهرت بوضوح في العديد من مؤلفاته، ومكّنته بجدارة من إعطاء كتاباته مكانتها الأدبية العالميّة العريقة والساميّة التي حظيت بها، ومن أبرز خصائص الأدب الجبراني ما يأتي:[٧]
- الاحتفال الشديد بالأساطير والرموز والخيال وعالم السحر.
- التأثر بالصوفيّة وإزالة الحواجز والحدود بين الشعر والنثر، بالإضافة إلى توثيق الصلة بين الأدب وباقي الفنون الجميلة وجعله جزءًا لا يتجزأ منها، ويرجع السبب في ذلك لكون جابر رسامًا وموسيقيًا وشاعرًا وأديبًا وكاتبًا، لتجتمع صفاته جميعها في الأدب الجبراني لأول مرة في تاريخ الكتابة العربية وتظهر بوضوح في مُختلف فنونه ومؤلفاته.
- الاهتمام بالإيقاع بغض النظر عن الوزن والقافيّة بما يشمل مُختلف الفنون البديعيّة، والتي تضم: الجناس، والطباق، والسجع، وغيرها.
- استحدث مدرسة بيانيّة جديدة في اللغة أثرت بشدة في الأدب العربي الحديث، وتمتاز بأنها تُخاطب الحواس، وتُطرب الأذان، وتغذي العقول، وتبهرها بأسلوبها الساحر والعجيب، ليغدو قدوة للأدباء والشباب في مختلف الأقطار، ويوصف بأنه مصباح فكري.
فلسفة جبران القائمة على الرومانسية والإيمان الحدسي
تقوم الفلسفة الجبرانيّة على الابتعاد عن كل ما هو ظاهر على أرض الواقع، والسير وراء الإيمان الحدسي للمرء والذي يُبنى على ما ترتاح له الروح ويطمئن له القلب دون الاعتماد على الاجتهاد العقلي المنطقي، أو الجدل بالكلام، كما تدعو فلسفته إلى التأمل في روعة الوجود والإحساس ببهجة الحياة، إذ يجد فلفسته تمثل فلسفة حياة لا فلسفة عقل، وبناءً عليه كان جبران يعتمد أسلوب الفنان الذي يُفكر بقلمه وبلحنه تاركًا المجال لمُختلف أنواع التخمين والتفسير، والقراءات والأبحاث المتجددة، مُعتبرًا نصوصه مفتوحة وصالحة لجميع الأزمنة والأماكن، لتكون بمثابة رؤية فكرية إنسانيّة وتأملية مستوحاة من المناهج الفلسفيّة للشرق والغرب، مُتأثرًا فيها بتراثه الشرقي الغني بالمواضيع الروحية والإلهية، إضافةً لتأثره بحركة الوجدان الغربية المعروفة بالرومانسيّة لتغدو هذه التيارات التي تُسيّر فلسفته الجبرانية.[٨]
تكريمات جبران خليل جبران العالمية
كُرّمت جهود وأعمال جبران في العديد من دول العالم، ومن هذه التكريمات:[١]
- حديقة جبران في واشنطن: أنشئت في أوائل التسعينات قرب المكتبة الوطنية في واشنطن وحملت اسمه.
- معرض معهد العالم العربي في باريس 1998: أنشئ هذا المعرض بالتعاون مع لجنة جبران الوطنية في باريس ويدور حول البعد الفني للوحات جبران وعنوانه (جبران، فنان ورؤيوي) وكان السبب في تعرف الفرنسيين الى جبران الرسام للمرة الأولى والذي أثار دهشة وزيرة الثقافة الفرنسية خلال زيارتها الجناح اللبناني.
- مؤتمر جبران العالمي الأول في جامعة ماريلاند سنة 1999: حمل المؤتمر عنوان (جبران خليل جبران: داعية سلام ورائد في حقوق الإنسان) وارتبط بإعلان منظمة الأونيسكو العالمي للسلام في عام 2000 ميلاديًّا، وعرض هذا المؤتمر جبران رسمياً في المناهج الجامعية الأميركية كشخصية أدبية أميركية من لبنان.
- معرض جبران في متحف سرسق في بيروت عام 1999: حملت جدران القصر العريق في الأشرفية المعروف بمتحف سرسق لوحات جبران، وتخللته قراءة دقيقة متأنية للرسائل المتبادلة بين جبران وماري هاسكل، وفاق عدد زواره 50 ألف زائر، مما شكل ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ المتحف.
- حديقة جبران في بيروت عام 2000: تقع الحديقة أمام مبنى الأسـوأ في الوسط التجاري وكانت قاعدة التمثال تحمل عبارة جبران الشهيرة (لو لم يـكن لبـنان وطـني لاتخذت لبـنان وطـني)، وحملت اسمه تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء حينها.
أبرز أساتذة جبران خليل جبران
تتلمذ جبران خليل جبران على يد نخبة من الأساتذة، ومنهم:[٩]
- الخوري يوسف الحداد: أستاذ البيان في مدرسة الحكمة وعلمه اللغة العربيّة.
- جيسي فيرمونت بل: وهي معلمة جبران في مدرسة كوينسي في بوسطن.
- فريج هولاند في بوسطن: علمه مبادئ وتقنيات الرسم.
أشهر مؤلفات جبران خليل جبران
من أشهر مؤلفات جبران ما يأتي:
- كتاب النبي: يعد هذا الكتاب من الكتب المميزة في مجموعة مؤلفات جبران خليل جبران، وعصارة تجربته الذاتية وخلاصة نظرته الحياتية، إذ عبر فيه عن كل آرائه التي تدور حول الحياةِ، والموت، والحب، والزواج، والطعامِ، والشراب، وغيره، فكان بالنسبة له بمثابة ولادتَه الثانية التي انتظرها ألف عام، ليسرد آراءَه على لسان الحكيم المصطفى الذي عاش في غربة عن وطنه مدة 12 عامًا بين سكان جزيرة (أورفاليس)، منتظرًا عودته إلى دياره، وعند قدوم موعد رحيله يرجوه سكانُ الجزيرة أن يخطب فيهم؛ فكانت هذه الخطبة ملخصًا لمذهبه، وبهذا نجح جبران في كتابه، مُقدسًا دعائمَ إنسانية تحترم الإنسانَ كونه إنسانًا بعيدًا عن أي عامل آخر.[١٠]
- كتاب مُناجاة أرواح: يُرسخ هذا الكتاب مجموعة من القيم والصفات النبيلة التي ترتقي بالإنسان، وتسمو بمعاني الإنسانية، منها: العطاء، والصدق، والصداقة، وتغلب في الكتاب النزعة الرُّوحية التي تسمو بالنَّفس وتجعلها تدرك أسرارها، وفيه استحضار لمعاني من كتاب جبران (البدائع والطرائف)، كاستحضار صورة الشيطان باعتباره القوى الخفية الساعية إلى تجريد النفس من عزيمتها التي تحثها على اكتساب الفضائل وتكبح أهواءها التي تستدرحها لفعل الرذائل، وفي تكرار المعاني هنا دليل على صوفية الوجدان ودائرية الفكر عند جبران.[١١]
- رواية الأجنحة المُتكسّرة: يروي فيها جبران قصة حب روحاني وطاهر وبريء لا تشوبه الشهوانية، لكنه حبًّا يائسًا لا يجتمع طرفاه إلا بعد موتهما، وتبادل فيه جبران بين الثنائية الرومانسية المعهودة وهي الروح والمادة، ليقدِّس الروح ويجعلها مخرجًا لتجاوز الجسد.[١٢]
كتاب الأرواح المُتمردة
صدر هذا الكتاب في مدينة نيويورك عام ١٩٠٨ميلاديًّا، ويضم 4 قصص مُختلفة، هي: خليل الكافر، ووردة الهاني، وصراخ القبور، ومضجع العروس، إذ تسرد هذه القصص كيفية تمرد الأرواح على العادات والتقاليد والقوانين والتشريعات التي تفرضها السلطة، فتُقيد عبرها حرية الإنسان، وتحد من فِكْرِهِ وأفعاله، كما أنها تتحيز لفئة من الناس وتفرض لها امتيازًا حقوقيًّا مُختلفًا، ويجمع جبران فيه شخصيات مُتناقضة ببعضها، وهي: المجنونَ بالعاقل، والمتمردَ بالمطيع، والمظلومَ بالظالم، والفتاة سيئة الخلق بالفاضلة، باستخدام أسلوب موسيقي يشدو بعواطف طبقات الناس المتفاوتة، كالتفاوت بين المتسول والغني. [١٣]
أشهر أقول جبران خليل جبران
من أشهر أقوال جبران ما يأتي:[١٤]
- إذا كنت تحب شخصًا ما دعه يذهب؛ لأنه إذا عاد فهو دائمًا ملكك، إذا لم يفعل فلم يكن كذلك أبدًا.
- بين منطوق لم يُقصَد، ومقصود لم يُنطَق، تضيع الكثير من المحبة.
- نحن جميعًا مثل القمر الساطع، لا يزال لدينا جانبنا المظلم.
- الرقة واللطف ليسا من علامات الضعف واليأس، وإنما من مظاهر القوة والعزيمة.
- الحب منذ البداية لا يعرف عمقه إلا في ساعة الفراق.
- الجمال ليس في الوجه، الجمال جمال القلب.
وفاة جبران خليل جبران
توفي الأديب اللبناني جبران في مدينة نيويورك في تاريخ 10/4/1931 مياديًّا، عن عمر يناهز 48 عامًا، بعد أن أصيب بمرض السل وتليف الكبد، واستجابةً لرغبته بأن يدفن في لبنان، نقل إليها جثمانه عام 1932 ميلاديًّا ودفن في صومعته القديمة التي أطلق عليها لاحقًا متحف جبران.[١١][٤]
المراجع
- ^ أ ب تريز منصور، "مبدعون من لبنان"، الجيش اللبناني، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
- ↑ "جبران خليل جبران"، وزارة الإعلام جمعورية لبنان، 7-5-2020، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
- ^ أ ب "جبران خليل جبران"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
- ^ أ ب عليا فهمي رفيدة، Fahmi Rosyida_A71214065.pdf شخصية الأشخاص الرئيسية في رواية "الأجنحة المتكسرة" لجبران خليل جبران، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ جميل جبر، المروج - جبران خليل جبران.pdf عرائس المروج، صفحة 4-6-9-10-11. بتصرّف.
- ↑ سير ة جبران خليـل جبــران وأبرز منجزاته، مؤسسة الفكر اللبناني في جامعة سيدة اللويزة، صفحة 4-5-6-7-9-21. بتصرّف.
- ↑ بوبكر عياشي عمر، التأمليّة في أدب جبران خليل جبران.pdf النّزعة التأمليّة في أدب جبران خليل جبران، صفحة 16-17. بتصرّف.
- ↑ بو بكر عياشي عمر، التأمليّة في أدب جبران خليل جبران.pdf النّزعة التأمليّة في أدب جبران خليل جبران، صفحة 17-18. بتصرّف.
- ↑ مؤسسة الفكر اللبناني في جامعة سيدة اللويزة، سير ة جبران خليـل جبــران وأبرز منجزاته، صفحة 6-9. بتصرّف.
- ↑ جبران خليل جبران، "كتاب النبي"، فول بوك، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
- ^ أ ب جبران خليل جبران، "كتاب مناجاة أرواح"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
- ↑ جبران خليل جبران، "كتاب الأجنحة المُتكسرة"، فول بوك، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
- ↑ جبران خليل جبران، "الأرواح المُتمردة"، فل بوك، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
- ↑ "Kahlil Gibran", goodreads., Retrieved 27-4-2021. Edited.