دولوز

من هو دولوز؟

هو فيلسوف متميز ومؤلف رائد في مجال الفنون الجميلة وأيقونة أدبيّة بارزة في القرن العشرين.

وهو جيل دولوز، فيلسوف فرنسي الأصل، ويُعد من أشهر فلاسفة فرنسا في النصف الثاني للقرن العشرين، حيث تميّز بغزارة إنتاجه ونفوذه وشهرته الواسعة، فكان يصف نفسه بأن ميتافيزيقي تمامًا مُتصورًا الفلسفة على أنها بوابة تخرج منها المرادفات والمفاهيم، كما حاول خلق ميتافيزيقيا مطورة تتناسب مع العلوم والرياضيات العصرية في كتابه الشهير "الاختلاف والتكرار"، وقدّم دراسات تاريخية عدّة في مجال الفلسفة تدور حول فلاسفة معروفين، مثل: هيوم، وكانط، ونيتشه، وفوكو، وغيرهم، ولم تقتصر اهتمامات دولوز على هذا النحو، بل قدم أعمالًا ودراسات فنيّة من بينها دراسة عن السينما، وعمل حول الرسام فرانسيس بيكون، ومجموعة مقالات أدبية خاصة به، ناهيك عن مساهماته السياسية التي كتبها بمساعدة المحلل النفسي والناشط السياسي فيليكس غوتاري، ومنها: ألف هضبة، وضد أوديب، والرأسمالية والفصام وغيرها.^[١][٢]

مولد ونشأة دولوز

وُلد دولوز في مدينة باريس في فرنسا في تاريخ 18-1-1925م، وكان والده مُهندسًا محافظًا ومعاديًا للسامية، كما كان من جنود الحرب العالمية الأولى القدامى، وكان لدولوز شقيق توفي بعد اعتقاله؛ إثر مشاركته بأنشطة مقاومة كما نسب له.^[٣][٢]

ثقافة دولوز ومسيرته العلمية والمهنية

التحق دولوز بجامعة السوربون حيث درس فيها الفلسفة في عام 1944م، وبعد تخرجه عُين للتدريس فيها عام 1957م، كما عمل مُدرسًا ومُحاضرًا في جامعتي باريس الثامنة وليون، وتقاعد من مهنة التدريس عام 1987م، وخلال مسيرته المهنية ساهم في العديد من الكتب والمنشورات التي ارتبط بعضها بالفلاسفة السابقين مثل كانط، ونيتشه، وغيرهم من المفكرين الذين أشاروا لمحدودية العقل البشري وأنكروا تكهنات الفلسفة التقليدية التي ادعت تمييز الطبيعة الواقعية، أما دولوز فقد تفلسف بطريقة احترافية وعريقة مُقدمًا كتابه "منطق المعنى"، كما جادل ووضح بأن الاختلاف موجود ومُتأصل في التكرار نفسه داعيًا لضرورة عدم تخفيض الاختلاف في الميتافيزيقيا الغربية من خلال عمله الرئيسي الذي حمل اسم "الاختلاف والتكرار".

ولم تقتصر أعمال دولوز على هذه الفلسفة، بل عمل على مشروع فلسفي يدور حول "التفضيل الإيلي الأفلاطوني" للميتافيزيقا الغربية، والذي تشكل مع المدرسة الأيونية قبل سقراط وفلسفة أفلاطون، والذي قدّم فيها بدوره الوحدة على الكثرة والتعددية، والتوافق والتشابه على الاختلاف والتناقض، فرأى دولوز أن هذا التفضيل يُزيف طبيعة التجارب المتعددة التي ترافق البحث الفلسفي عن جوهر الأشياء المجردة، بالتالي لا بد من خلق مفاهيم فلسفية جديدة تصنع العدالة الواقعية بصفتها متعددة، كما لم تقف حدود دولوز على هذا النحو بل انتقد الطابع الميتافيزيقي التقليدي الذي يرى الواقع من منظور الشجرة، مثلًا من خلال التسلسل الهرمي أو النظام المتسلسل أو الخطي.

وكان لدولوز ميول سياسية برزت خلال انتفاضة الطلاب في باريس التي حدثت عام 1968م، كما كان مرافقًا للمحلل النفسي الراديكالي فيليكس غوتاري، فقدم كلاهما سلسلة من الأعمال السياسية من بينها مجلدات "ضد أوديب"، و"الرأسمالية والفصام"، ومجلد آخر باسم "ألف هضبة" قدمه كلا المفكرين بمثابة تحليل ودراسة لعلم البدو وتوظيف الطابع الإقليمي له، وفي أواخر مراحل حياة الفيلسوف دولوز أصيب بالاكتئاب الشديد وتدهورت حالته الصحية الأمر الذي دفعه لإنهاء حياته مُنتحرًا.^[٤][٣][٥]

أبرز أساتذة دولوز

تتلمذ دولوز على يد نخبة من الفلاسفة العظام من بينهم:^[٤]

• فرديناند ألكوي.
• جورج كانغويلهم.
• جان هيبوليت.

مؤلفات دولوز

من أبرز مؤلفات دولوز ما يأتي:

التجريبية والذاتية

يُشير دولوز في كتابه إلى أن الطبيعة البشرية تمثل العلم الوحيد للإنسان، أي إن سيكولوجية التأثيرات تسلب صفات سيكولوجية الفكر، بالتالي يتكيف الفكر مع التأثيرات حوله وتصبح الأمور أوضح وخالية من الإبهام، ويؤكد دولوز أن سيكولوجية الفكر تمثل سيكولوجية الفكرة بالنسبة للمكونات البسيطة والحدود الأقل للشيء والتي لا يُمكن تقسيمها، بالتالي فهي تشغل ثاني أجزاء منظومة الفكر المتمثلة بفكرتي التحيز والزمن، أما سيكولوجية الطبيعة الإنسانية فهي سيكولوجية نزعات وعلم ممارسة، يُقدم التاريخ والأخلاق والسياسة نقدًا واقعيًا لها.^[٦]

المعرفة والسلطة

يمثل هذا الكتاب دراسة واسعة وشاملة حول الفيلسوف الفرنسي فوكو، والتي قدمها جيل دولوز بموقف حيادي غير معارض أو معاند له، بل راغبًا في التعلم وفهم طريقة تفكير الفيلسوف فوكو وعمقه الداخلي، فيشد برفقته القارئ إلى ميدان السلطة المُتعلقة بالمعرفة، ومفهوم التطور الوارد في مضمون عقل ومؤلفات فوكو، خاصة الأخيرة وغير المنشورة منها.^[٧]

حوارات في الفلسفة

يُوضح هذا الكتاب أهمية حفظ تراث الفكر الفلسفي وأصالته وشروط ذلك، بالإضافة إلى تضمنه مواضيع عدة تختص بالمجال الفلسفي، وبالأدب، والسياسة، والتحليل النفسي، وهو فاتحة لسلسلة الاتحاد الفلسفي للمفكرين دولوز وغاتاري، ومن جهة أخرى يضم الكتاب موضوعين بارزين يُدخلانه إلى عمق فلسفة دولوز، أولهما التعريفات التي طُرحت فيه، والتي أدخلها دولوز في مؤلفاته السابقة والموظفة هنا في سبيل التحليل، والموضوع الآخر هو توضيح الطابع البسيط الذي يتبعه دولوز ويرتبط بشكل التحليل الذي يقدّمه الحوار على العموم.^[٨]

الاختلاف والتكرار

لم يقصد دولوز في كتابه هذا طرح العموميات والنظريات الكبرى أو حتى التجريدات، أو جميع ما يقع تحت مفهوم الكل أو الممكن أو المجرد، بل قصد فيه بحسب قوله جعل الحياة نفسها ممكنة، وهو ما يعنيه مُصطلحي التحديث والأصالة، فجادل دولوز وعارض في كتابه أي شيء يجعل الفلسفة تستسلم أمامه، وانتقد بشدة سيادة الفلسفة التحليلية، ومظاهر العودة المختلفة ومنها الذات، وحقوق الإنسان البارزة في المجال الفلسفي، بالإضافة إلى الأخلاق أيضًا، وأعرض عن مفهوم نهاية الفلسفة مشيرًا إلى أنه يقبع في غير زمانه، ويحمل في داخله فلسفة أكبر من أي فلسفة وجدت في الأوقات الماضية، بالتالي فإن التفلسف فكرة ممكنة في أي زمان ولا يُمكن أن تقف أو تنتهي.^[٩]

مقولات دولوز

من أشهر أقوال دولوز ما يأتي:^[١٠]

• المفهوم هو لبنة يمكن استخدامها لبناء محكمة العقل، أو يمكن رميها عبر النافذة.
• الكتابة لا علاقة لها بالمعنى، يتعلق الأمر بمسح الأراضي ورسم الخرائط، بما في ذلك رسم خرائط البلدان التي لم تأت بعد.
• الفلسفة والفن والعلم ليست أشياء عقلية لدماغ موضعي، بل هي الجوانب الثلاثة التي يصبح الدماغ بموجبها موضوعًا.
• صورة فكرية تسمى الفلسفة تشكلت تاريخيًا وهي تمنع الناس بشكل فعال من التفكير.

وفاة دولوز

توفي دولوز في مدينة باريس في فرنسا مُنتحرًا في تاريخ 4-11-1995م، وكان يبلغ من العمر 70 عامًا.^[٣]