من هو سقراط؟
هو مُفكر وفيلسوف قديم عاش في عهد السوفسطائيين في أثينا القديمة قبل الميلاد.
وهو سقراط سفرونيكوس، أبو الفلسفة الغربية كما وصفه المؤرخون، ومعلم الفيلسوف أفلاطون الذي تُعد كتاباته وحواراته هي المصدر الأول والمحور الأساسي للمعلومات عن سقراط كونه لم يؤلف الكتب عن نفسه، ورغم أنه ساهم في نشر الفلسفة اليونانية وتطويرها إلا أنه يُعد بمثابة لغز تاريخي غامض، كما أن مُعتقداته تثير الجدل والنزاع في مختلف العصور، لأن شخصية سقراط المهيمنة على حوارات أفلاطون تختلف عن شخصيته التي ذكرها المؤلفون الآخرون، لكن يُستدل من اتجاه الكثيرين للكتابة عنه أنه كان مُميزًا ومصدرًا للإعجاب والاهتمام رغم أنه وُصف بقبحه الشديد وغروره وغرابته.[١][٢]
مولد سقراط ونشأته
ولد سقراط في تاريخ 469 أو 470 قبل الميلاد، وكان والده سوفرونيكوس نحاتًا كبيرًا، ووالدته هي الزوجة الوسطى فيناريت، وعمل سقراط بمساعدة والدته في مهنته، وكان يجد النحت فنًا استثنائيًا مميزًا، لكنه كان مُطلعًا على العلم، مُلمًا بالمعارف المتواضعة المتاحة في عصره ومُسخرًا نفسه للفلسفة.[١]
ثقافة سقراط وعلمه
تمتع سقراط بذاكرة قوية، وعقل مُطلع محب للعلم، وميّز هو نفسه بالحكمة، وكان يهتم بمعرفة العلماء، وكان يقيس الناس بأفكارهم وليس بأحوالهم المادية، وبعضهم لم يحظ بتقديره خاصةً من لم يجد لديه من الحكمة والمهارة والعلم ما يبحث عنه، ومن جهة أخرى درس سقراط الجمباز، والموسيقى، والقواعد، وباقي المواد الدراسية الشائعة للتلاميذ الشباب في اليونان، كما خدم في الجيش بكفاءة وامتياز، وأنقذ حياة الجنرال ألكبياديس في معركة بوتيديا، وكان يسير ليستجوب شيوخ أثينا في السوق، وسمع من أركيلوس تلميذ أنكسجوراس، وغيره من الأجانب من أمثال سمياس وسيبيزو والذين تشبعوا بنظريات فيثاغورس، كما كان له العديد من الأتباع الفلاسفة الصغار ممن كرسوا أنفسهم مثله للفلسفة، والحب، والحكمة، وأسسوا العديد من المدارس الفلسفية بعده، وكان تركيزه على الأخلاق وعيش الحياة الفاضلة دون الاكتراث بالسلوك السليم والتمييز الطبقي، بل يتساوى بين الجميع من حوله من نساء ونبلاء، وخدم، وعبيد، وأصحاب طبقات عليا. [١]
المنهج السقراطي
تقوم فلسفة سقراط على الحوار والنقاش في مختلف المواضيع والمسائل بغية الوصول إلى محاور العلم، ومنابع الحكمة التي بلغها محاوره، على الرغم من أنه كان متيقنًا في داخله بأنه أحكم من في عصره، وذلك من خلال ادعاء الجهل ببراعة وإظهار الرغبة الشديدة في معرفة مدى علم وحكمة الطرف الآخر، دون تكلف أو تصنع، بل جزمًا بأن مُعظم مُناقشيه لا يفقهون شيئًا مما يلفظونه، وكل ما يتظاهرون به من حكمة ومعرفة بالخير والجمال والحق ليس إلا جهلًا وغرورًا بلغ أشده، فكان يتهكن عليهم ويسخر من كلامهم أثناء النقاش، فكان الطرف الآخر يبدأ في الاندفاع وإخراج حقائقه التي يُظهر سقراط إعجابه الشديد بها، حتى تأتي النقطة التي يسهو بها محدثه ويزل في كلامه، فيطلب منه سقراط المزيد من الشرح والتوضيح ويُبادر بأسئلة مُحرجة ومُتدافعة وذكية لكن بلباقة مُتناهية، فيقيم عليه الحجة ويورطه في جهله، وهو سبب غضب مُعظم محاوريه وسخطهم ونقمهم على حواراته الفلسفية الذكية والساخرة، بالإضافةٍ إلى كرهه للنظام الديمقراطي للحكم في أثينا حينها، والقائم على الظلم والاستبداد، واستبعاد المزارعين من المناصب العليا، الأمر الذي زاد من نقم طبقات النبلاء عليه، وانتهى الأمر بتوجيه عدة اتهامات دينية وسياسية باطلة نحوه، منها؛ إفساد الشباب وتضليلهم بفلسفته رغم أنها تقوم على الإصلاح وتهذيب الأخلاق واتباع الخير، واتهامه بالدعوة لإله جديد وإنكار ورجم إله اليونان، والتي أشير بأنها جميعًا تهم غير منطقية وباطلة، فالعديد من الفلاسفة قبله شرعوا في إنكار آلهتهم، بينما سقراط كان يدعي بأنه مسير بصوت باطني من الإله يقود طريقه ويُسير أفعاله، وكان عفيف اللسان حول الإله.[٣][٢]
أفكاره سقراط ومُعتقداته الفلسفية
يعد سقراط المعلم الذي كان يدعو إلى الحقيقة، وكان بمثابة حكيم مُتمسك بحب الخير والأخلاق السامية، كما قدم العقل البشري وماهية الإنسان على العلوم الطبيعية والرياضية والفيزيائيّة التي اهتم بها الفلاسفة من قبله، رغم تأكيده أنها مهمة إلا أنه رأى اليقينيات أهم منها، فبينما كانت الأشياء المحسوسة والملموسة موضع اهتمام العلماء في عصره، فرغ سقراط منها وكانت مشكلته وأساس حيرته هو الإنسان، ولا يُقصد بذلك جسمه العجيب وعضلاته وعظامه وإنما رغبته الداخلية الحية المهتمة بالخير والشر، والتي أطلق عليها اسم النفس، أما عن فلسفته السياسية فكان سقراط يَنتقد الحكومة في أثينا بسخرية، بسبب ديمقراطيتها الطاغية التي تقودها الغوغاء والعاطفة، والتي تُصعّب تطوير أخلاق جديدة وطبيعية لشعبها، خاصةً وهي تُقِدم على عزل قادتها العسكريين وإعدامهم، وهو الاختيار اللاانتحاري الذي اختاره أعضاء المحكمة العليا في البلاد له، فرضخ له واختاره عوضًا عن البقاء ونيل التكريم بالقبول بتعدد الآلهة وتقديم القرابين لهم، وإرضاء الأقدمين ومناقضة فلسفته الأخلاقية والدينية، وحبه للأمن والسلام واحترام القانون بصفته القائد للحزب العقلاني الثائر على الديمقراطية الحكومية الظالمة، والمنادي للفلسفة الأرستقراطية المنبوذة من قبل حكومته والتي اتهمته بالإلحاد وإفساد الشباب وحاولت قمعه، فرأى بأن رفضه لحكم الإعدام ومحاولة التملص والهرب منه سيكون سياسة انتحارية غير مجدية ولن تقوده للسير فوق القبور وإنما للغوص في أجوافها.[٤][٥]
أشهر أقوال سقراط
من أشهر أقوال سقراط ما يأتي:[٦]
- لا يمكنني تعليم أي شخص أي شيء، بل يمكنني فقط أن أجعلهم يفكرون.
- الحكمة الحقيقية الوحيدة هي معرفة أنك لا تعرف شيئًا.
- سر السعادة كما ترى لا يكمن في البحث عن المزيد، ولكن في تطوير القدرة على التمتع بما هو أقل.
- في بعض الأحيان تقوم بوضع الجدران ليس لإبعاد الناس، ولكن لمعرفة من يهتم بدرجة كافية لأن يكسرها.
وفاة سقراط
توفي سقراط في ربيع عام 399 قبل الميلاد، عن عمرٍ يُناهز 71 عامًا بعد مُحاكمته بتهمة عدم إظهار التقوى والاحترام تجاه إله أثينا الذي كان يُعبد حينها، ورفض الهرب والفرار للتملص من حكمه، وفضل تجرع كأس السم بنبل وشموخ.[٢]
المراجع
- ^ أ ب ت "The Life of Socrates", open, 24-7-2014, Retrieved 18-5-2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Socrates", plato.stanford, 6-2-2018, Retrieved 17-5-2021. Edited.
- ↑ زكي نجيب محمود وأحمد أمين، قصة الفلسفة اليونانية، صفحة 75-77. بتصرّف.
- ↑ مصطفى غالب ، سقراط سلسلة في سبيل موسوعة فلسفية، صفحة 15-16-18-19. بتصرّف.
- ↑ كورا ميسن، سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال، صفحة 60. بتصرّف.
- ↑ "Socrates Quotes", goodreads, Retrieved 18-5-2021. Edited.