من هو مؤلف شرح العقائد النسفية؟

هو الإمام سعد الدين التفتازاني، عالم مسلم، وفقيه، ومن أبرز أئمة النحو، والبلاغة، والمنطق، وعلم الكلام في القرن الثامن الهجري.


وهو سعد الدين مسعود بن عمر بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي سعيد الغازي التفتازاني، فقيه وعالم مسلم، وسليل أسرة عريقة في العلم، إذ كان أبوه قاضيًا وعالمًا، كما كان جده ووالد جده من العلماء أيضًا، ويُعد سعد الدين من أئمة التحقيق والتدقيق، وقد برع وبرز في الكثير من العلوم حتى تفوق على أقرانه فيها، ومن هذه العلوم: النحو، والصرف، والمنطق، والمعاني، والبيان، والأصول، والتفسير، وعلم الكلام، وقد وصلت إليه رئاسة العلم في المشرق في القرن الثامن الهجري، كما كان فقيهًا ومفتيًا على مذهبي الشافعية والحنفية، وتولى رئاسة المذهب الحنفي في ذلك الوقت.[١]


مولد سعد الدين التفتازاني

ولد سعد الدين في قرية تفتازان تابعة لمدينة نَسا في خراسان، وقد اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ ولادته، إذ ذكر البعض منهم أنه ولد في عام 712 هجريًا، وقال البعض الآخر بأن تاريخ مولده هو 722 هجريًا وهو الأرجح لدى الكثير؛ لورود هذا التاريخ على صندوق قبره، وقد بدأ سعد الدين بتلقي العلوم منذ صغره في مدينة نسا باللغة العربية، فحفظ القرآن الكريم، وتفقه بأمور الدين.[٢][٣]


رحلة سعد الدين التفتازاني في طلب العلم

رحل التفتازاني إلى سمرقند، إذ انضم هناك إلى حلقة الفقيه الشافعي عضد الدين الإيجي، فتعلم على يديه علم الكلام، والمنطق، وعلم الأصول، والبيان، بالإضافة إلى تلقيه العلم من قطب الدين، أو حسبما يشار إليه، محمود بن محمد المعروف، وقد ألّف التفتازاني خلال إقامته في سمرقند كتابه "شرح التصنيف للزنجاني"، وهو ما زال في عمر السادسة عشر فقط؛ مما أكسبه شهرة كبيرة وذاع صيته في معظم البلدان.


في عام 742 هجريًا رحل التفتازاني إلى جرجانية، وفيها أمضى جلّ وقته في التصنيف والتأليف، وحضور جلسات العلماء، ومشاركتهم في الجدال والنقاش، كما أصبح عنده العديد من الطلاب الذين يتلقون العلم على يديه، ثم رحل إلى هَرات وذلك في عام 748 هجريًا، وكان قد ألّف كتابه "المطوّل على التلخيص"، والذي أهداه إلى ملك هرات، وبعد مرور أربع سنوات، ترك هرات وانتقل إلى مدينة حام، ومنها إلى غُجُدوان، وهي قرية من قرى بخارى، ثم انتقل إلى كلستان، وبعد ذلك عاد مرةً أخرى إلى هرات، وذلك في عام 759 هجريًا، وقد بقي فيها مدة عشر سنوات قضاها في التأليف والتصنيف، وأخيرًا عاد إلى سمرقند والتي بقي فيها إلى أن وافته المنية.[٢]


شيوخ سعد الدين التفتازاني وتلاميذه

تتلمذ سعد الدين التفتازاني على يد عددٍ كبير من كبار العلماء، منهم:[٤]

  • عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار عضد الدين الإيجي.
  • محمود بن محمد الرازي والمعروف بالقطب التحتاني.
  • ضياء بن سعد الله بن محمد بن عثمان القزويني والمعروف بالقرمي.
  • سعد الدين أحمد بن عبد الوهاب بن داود بن علي المحمدي القوصي.
  • محمد بن سعيد بن مسعود بن محمد أبو عبدالله نسيم الدين بن سعد الدين الكازروني.


وقد تتلمذ على يديه العديد من طلبة العلم نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر:[٥]

  • حسام الدين حسن بن علي بن محمد الأبيوردي.
  • برهان الدين حيدر الشيرازي الرومي.
  • محمد بن عطاء الله الرازي الهروي.
  • علاء الدين محمد بن محمد البخاري العجمي الحنفي.
  • علاء الدين الرومي.


أشهر مؤلفات سعد الدين التفتازاني

ألّف سعد الدين التفتازاني العديد من الكتب والمصنفات في مجال علم الكلام، والأصول، والمنطق، والبلاغة، والتي أصبحت فيما بعد مرجعًا موثوقًا للباحثين والدارسين، وقد تم اعتمادها كمنهج دراسي في معظم المعاهد والمدارس العلمية، ومن أهم مصنفاته:[٦]

  • شرح تصريف الزنجاني، وهو أول مصنفاته
  • إرشاد الهادي
  • الشرح المطول على تلخيص المفتاح
  • الحاشية على شرح عضد الدين الإيجي على مختصر المنتهى لابن الحاجب
  • التلويح إلى كشف حقائق التنقيح
  • المفتاح، ويسمى أيضاً "مفتاح الفقه"
  • مختصر شرح تلخيص الجامع الكبير
  • الحاشية على الكشاف، وقد توفي الإمام التفتازاني قبل أن يستطيع إكماله
  • شرح الرسالة الشمسية
  • غاية تهذيب الكلام في تحرير المنطق والكلام


كتاب شرح العقائد النسفية

يُعد هذا الكتاب من أبرز الكتب في علم الكلام، والذي أنهى سعد الدين التفتازاني كتابته في عام 768 هجريًا في خوارزم، وقد قام فيه بشرحٍ مفصل لكتاب "العقائد النسفية" من تأليف الإمام نجم الدين أبي حفص عمر بن محمد النسفي، وعلى الرغم من تعدد شروحه إلا أنّ شرح سعد الدين التفتازاني يُعد الأفضل بين العلماء، والأكثر شهرةً وقبولًا، وقد تم اعتماد تدريسه في عددٍ من المعاهد الشرعية لفترة طويلة من الزمن، وقد ذكر التفتازاني في المقدمة أهمية شرحه هذا، إذ قال: "فإنَّ مبنى علم الشرائع والأحكام، وأساس قواعد عقائد الإسلام، هو علم التوحيد والصفات الموسوم بالكلام، المنجي من غياهب الشكوك، وظلمات الأوهام.


وأكمل: "ولأنّ المختصر المسمى بـ"العقائد" للإمام عمر النسفي يشتمل من هذا الفن على غرر الفوائد، ودرر الفوائد، في ضمن فصول هي للدين قواعد وأصول، وأثناء نصوص هي لليقين جواهر وفصوص، مع غاية من التنقيح والتهذيب، ونهاية من حسن التنظيم والترتيب".


أما عن السبب الذي جعله يؤلف هذا الشرح، فقد قال التفتازاني في مقدمة الكتاب: "حاولت أن أشرحه شرحًا يفصّل مجملاته، ويبين معضلاته، وينشر مطوياته، ويظهر مكنوناته، مع توجيه للكلام في تنقيح، وتنبيه على المرام في توضيح، وتحقيق للمسائل غب تقرير، وتدقيق للدلائل إثر تحرير، وتفسير للمقاصد بعد تمهيد، وتكثير للفوائد مع تجريد، طاويًا كشح المقال عن الإطالة والإملال، ومتجافيًا عن طرفي الاقتصاد والإطناب والإخلال".[٧][٨]


وفاة سعد الدين التفتازاني

توفي سعد الدين التفتازاني في مدينة سمرقند، وقد ذكر بعض المؤرخين أنّ تاريخ وفاته في صفر من عام 792 هجريًا، بينما قال آخرون أنه توفي في عام 791 هجريًا، عن عمر ناهز الثمانين سنة، وقد دفن التفتازاني في سرخس في يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأولى من نفس العام.[٩]

المراجع

  1. عبد الكريم الزبيدي، الثاني التفتازاني.pdf?sequence=1&isAllowed=y التفتازاني وموقفه من الإلهيات، صفحة 45. بتصرّف.
  2. ^ أ ب نهلة حمصي، "التفتازاني"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 3/7/2021. بتصرّف.
  3. عبدالله بن حسين بن علي كعيبة، اختيارات سعد الدين التفتازاني النحوية في حاشيته على الكشاف جمعا ودراسة، صفحة 47. بتصرّف.
  4. سعد الدين التفتازاني، شرح العقائد النسفية، صفحة 21. بتصرّف.