من هو الحارث بن عباد؟

هو شاعر، وحكيم، وسيد من سادات العرب في الجاهلية.


وهو الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عُكابة بن صعب بن علي بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، ويُكنى بأبي بُجير، ويُعد الحارث بن عباد من أعلام العراق البارزين، وأحد فحول شعراء الطبقة الثانية، وإلى جانب ذلك، فقد كان الحارث سيد من سادات العرب، إذ تولى إمرة بني ضبيعة وهو لا يزال في مرحلة الشباب، كما كان مشهورًا بالبسالة، والحكمة، والإقدام.[١][٢]


مولد الحارث بن عباد ونشأته

لم تتوفر في كتب التراجم أيّة معلومات عن تاريخ ولادة الحارث بن عباد، أو فترة نشأته الأولى، إلا أن الثابت هو معاصرته لحرب البسوس والتي بدأت في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي، وامتدت حتى أوائل القرن السادس، وقد استمرت حرب البسوس لمدة أربعين سنة، وكان الحارث على قيد الحياة طوال أيامها، وللحارث ثلاثة أخوة، هم: عمرو، وجُرير، ومرّة، وهو أيضًا ابن عم سعد بن مالك، والد الشاعر المرقش الأكبر.[٣]


كما وعُرف الحارث بن عباد طيلة حياته بالعديد من الصفات الحسنة، منها الوفاء، فقد كان يضرب به المثل بين العرب بوفائه وإخلاصه، حتى قيل "أوفى من الحارث بن عباد"، كما اتصف أيضًا بالحلم، والشجاعة، والجرأة، والشدة، والبأس الشديد، وغيرها من الصفات التي كانت تُعد سمات مميزة لسادات العرب آنذاك.[٤]


شعر الحارث بن عباد

المتأمل في شعر الحارث يجد فيه انعكاسًا واضحًا للبيئة البدوية، وطبيعة الحياة في الجاهلية، فلم يكن هدفه من كتابة الشعر هو الوصول إلى غاية بحد ذاتها، وإنما كان تعبيرًا منه عن الواقع المحيط به، وقد امتاز شعره بوضوح معانيه، وسلاسة كلماته، إلى جانب كثرة استخدامه للصور البيانية، إذ إن شعره يرتكز بشكلٍ كبير على استخدام أساليب الاستعارة، والتشبيه، والكناية.

أما بالنسبة لأغراضه الشعرية وعلى الرغم من تنوع الموضوعات التي تناولها الحارث في شعره، وتطرقه إلى معظم الأغراض المعروفة في الشعر الجاهلي، إلا أننا نجد أن الحماسة هي الغالبة على معظم أشعاره، والتي قد يتخللها في بعض الأحيان أغراضٌ أخرى، كالوصف، أو الرثاء، أو الهجاء، كما أكثر الحارث من استخدام موضوعي الفخر والوصف في شعره، وخاصة عند تحدثه عن المعارك التي خاضها مع قبيلته، ووصفه لأحداثها الطاحنة، وبطولة الفرسان، وإقدامهم على القتال بشجاعة وبسالة منقطعي النظير.


كما ويبدو واضحًا وجليًا غزارة قصائد الحارث بالحكم والمواعظ، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على رجاحة عقله، واتزانه، وبعده عن الطيش، ومن جانبٍ آخر فقد كان للمرأة مكانٌ ونصيب في شعر الحارث، فهناك الكثير من القصائد التي بدأها بالحديث عن المرأة، والتغزل بها، وذكر محاسنها.[٥]


حرب البسوس

تُعد حرب البسوس من أهم حروب الجاهلية وأشهرها، والتي وقعت بين قبيلتي تغلب وبني شيبان، وذلك بسبب مقتل كُليب التغلبي على يد جساس بن مرّة الشيباني، وقد رفض الحارث بن عباد المشاركة في هذه الحرب منذ بدايتها، فاعتزل القتال مع مجموعة من قبائل بكر، إلا أنه اضطر فيما بعد للدخول في هذه الحرب، وذلك نتيجةً لقيام المهلهل بقتل ابنه بُجير، والذي كان والده قد أرسله إلى المهلهل كرسول سلام، في محاولةٍ منه للإصلاح بين القبيلتين، وعند علمه بمقتل ابنه ثار الحارث، وغضب غضبًا شديدًا، وأراد الثأر لولده، مما دفعه للانضمام إلى بني شيبان في حربهم ضد تغلب وضد المهلهل، وكان لمشاركته في هذه الحرب دورٌ كبير في تغيير موازين القوى، إذ استطاع الحارث ومن معه من القبائل الانتصار على قبيلة تغلب، والتي هربت خوفًا من بطشه حتى وصلت إلى حدود بادية العراق.[٦]


يقول الحارث بن عباد في مطلع قصيدته التي نظمها رثاءً لمقتل ابنه بُجير:[٧]


يا بُجير الخيرات لا صلح حتى نملأ البيد من رؤوس الرجال قد تجنبت وائلًا كي يفيقوا فأبت تغلبٌ عليّ اعتزالي قرّبا مربط النعامة مني لقحت حرب وائلٍ عن جبال قرّبا مربط النعامة مني ليس قلبي عن القتال بسال قرّبا مربط النعامة مني كلما هبّ ريح ذيل الشمال قرّبا مريط النعامة مني إنَّ قتل الكريم بالشسعِ غال



وفاة الحارث بن عباد

اختلفت الروايات المذكورة في كتب التاريخ حول تاريخ وفاة الحارث بن عباد، فمنها من ذكر أنه توفي في عام 550م، ومنها من قال إن تاريخ وفاته كان في عام 570م، ولكن جميع هذه الروايات تفتقر إلى الدقة.[٨]

المراجع

  1. أنس عبد الهادي أبو هلال، ديوان الحارث بن عباد، صفحة 33. بتصرّف.
  2. ، ، معجم الشعراء العرب، صفحة 608. بتصرّف.
  3. محمد لطفي جمعة، ثورة الإسلام وبطل الأنبياء، صفحة 197-198. بتصرّف.
  4. اسكندر اغا ابكاريوس، روضة الأدب في طبقات شعراء العرب، صفحة 112-113. بتصرّف.