من هو الواقدي؟

هو مؤرخ، وحافظ للحديث، وأحد أعلام القرن الثاني الهجري.


وهو أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المدني البغدادي القاضي، والمعروف بلقب الواقدي، ويُعد من أقدم المؤرخين في الإسلام، وأحد أبرز أعلام الرواية التاريخية، ويعود ذلك لسعة علمه، وحرصه الشديد على تدوين أحداث السيرة والمغازي، وعلى الرغم من تباين آراء العلماء حوله، ما بين تضعيفه والثناء عليه، إلا أنّه لا يمكن إنكار دوره الكبير في حفظ وكتابة التاريخ الإسلامي، والتراث الذي خلّفه من كتب ومصنفات ذات القيمة العالية، وخير دليل على ذلك هو آراء بعض العلماء الذين عرفوا فضله، وأقرّوا بسعة علمه، أمثال إبراهيم الحربي، وأبي عبيد القاسم بن سلاّم.[١]


مولد الواقدي ونشأته

وُلد الواقدي في المدينة المنورة في عام 130 هجري، كما ذكر بعض المؤرخين أنه ولد عام 129 هجري، وكانت ولادته في أواخر خلافة الخليفة الأموي مروان بن محمد، وللواقدي أصولًا فارسية من طرف والدته، فهي بنت عيسى بن سائب خاثر الفارسي، كما كان الواقدي مولىً لدى بني سهم، وهي إحدى بطون بني أسلم.[٢]


علم الواقدي

أظهر الواقدي منذ صغره ميولًا كبيرًا نحو العلم والتعلم، وكان ذلك بالتشجيع من قِبل والدته، وقد كان أكثر ما يميزه دقة ملاحظته الشديدة، وقدرته على ضبط الأحداث، وذلك على الرغم من صغر سنه.


وقد تلقى علوم الحديث والفقه على يد الإمام مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وابن جريج، وأصبح يُعرف بسعة علمه واطلاعه، مما أكسبه شهرة واسعة، ومكانة عظيمة بين علماء عصره، ومن جهةٍ أخرى فقد اتصف الواقدي بالإيثار، والحياء، والكرم الشديد، والذي تسبب له بالعديد من الضوائق المادية التي ظل يعاني منها طوال حياته.


كان الواقدي شديد العناية والاهتمام بجمع الأخبار والروايات، وخاصة تلك المتعلقة بالمغازي، حيث كان يحرص كلما سمع عن غزوة، أن يذهب إلى موضعها لمعاينته، وقد كان لنباهته الشديدة هذه دورٌ كبير في توطيد علاقته مع الوزير يحيى بن خالد البرمكي، وخير دليل على ذلك ما ذُكر عن أنّ هارون الرشيد ويحيى البرمكي عند وصولهما إلى المدينة المنورة لأداء فريضة الحج، طلبا من يدلّهما على قبور الشهداء والمشاهد فيها، فأشار لهما الناس على الواقدي، والذي قام باصطحابهما لزيارة جميع المواضع والمشاهد.


في عام 180 هجري، انتقل الواقدي إلى بغداد لملاقاة يحيى البرمكي، والذي ساعده على سداد ديونه، وعرّفه على الخليفة الرشيد وابنه المأمون.[٣][٤]


تولى الواقدي العديد من المناصب الهامة في عهد الخلافة العباسية، فقد تولى القضاء في غربيّ بغداد، ثم ولاه المأمون قضاء عسكر المهدي في الجانب الشرقي من بغداد مدة أربع سنوات، وحتى وفاته، وذلك على الرغم من علم المأمون عن علاقة الواقدي الوطيدة مع يحيى البرمكي، إلا أنه أكرمه وولاه القضاء حتى بعد وقوع نكبة البرامكة.[٢]


شيوخ الواقدي وتلاميذه

من أهم شيوخ الواقدي:[٥]

  • محمد بن عجلان.
  • ابن جريج.
  • معمر بن راشد.
  • هشام بن الغاز.


أما تلاميذه، فمنهم:[٥]

  • محمد بن سعد، كاتب الواقدي وأقرب تلاميذه له.
  • أبو بكر بن أبي شيبة.
  • الحسن بن عثمان الزيادي.


أبرز مؤلفات الواقدي

من أبرز مؤلفات الواقدي ما يأتي:[٦]

  • كتاب أخبار مكة.
  • كتاب الطبقات.
  • كتاب فتوح الشام.
  • كتاب فتوح العراق.


كتاب المغازي

تناول الواقدي في كتابه المغازي جميع المرويات التاريخية المتعقلة بغزوات الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد توخى عند جمعه لها الدقة الشديدة والشمولية، فجاءت هذه الأخبار شاملة لكل ما قد يحتاجه القارئ من تفاصيل دقيقة، ومعلومات لطيفة عنها.


قد اتبع الواقدي أسلوبًا خاصًا عند تأليفه لهذا الكتاب، فقسمه إلى ثلاث مراحل، حيث جاءت المرحلة الأولى بمثابة تعريف مختصر لجميع الوقائع، مثل مواعيد الغزوات، وعدد الأيام التي غاب عنها الرسول عليه الصلاة والسلام عن المدينة، ومن استخلفه فيها.


أما في المرحلة الثانية، فقد بدأ الواقدي بعرض تفاصيل هذه الوقائع بشكلٍ مفصل أكثر، فذكر أولًا أسماء من حدّثه، ثم سرد الأخبار بأسلوب أدبي وروائي متزن ومتكامل.


وأخيرًا، خصص الواقدي المرحلة الثالثة لذكر الأخبار ذات الأسانيد على حدة، مع نقده لها، حيث انفرد الواقدي عن غيره بذكر هذه الروايات.[٧]


وفاة الواقدي

توفي الواقدي في بغداد في عام 207 هجري، عن عمرٍ يناهز 78 عامًا، وعلى الرغم من المناصب التي تولاها والعطايا التي نالها من الخليفة، إلا أنه توفي وهو لا يملك شيئًا من المال، وقد أوصى بأن يقوم المأمون بسداد ديونه، فقبل المأمون وصيته، وقضى دينه عنه، وتكفل بتكفينه.[٨]


اقرأ المزيد عن المؤرخين المسلمين، مثل: القلقشندي، والبلاذري.

المراجع

  1. سلطان سند العكايلة، سلطان العكايلة حال الواقدي.pdf حال الواقدي والمآخذ عليه في ضوء أقوال النقاد فيه، صفحة 345-346. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الواقدي، مغازي الواقدي، صفحة 5. بتصرّف.
  3. نجدة خماش، "الواقدي"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 455. بتصرّف.
  5. عبد الصمد شيخ، Article/2- Abdul Samad Shaikh Waqdi.pdf الصناعة التاريخية عند الواقدي، صفحة 255. بتصرّف.
  6. الواقدي، الردة، صفحة 12. بتصرّف.