من هو سهل بن هارون؟

هو فيلسوف، وكاتب، وشاعر، وأحد أعلام العصر العباسي.


وهو سهل بن هارون بن راهبون (أو راهيون) الدستميساني الأهوازي، ويُكنى بأبي عمر أو أبي محمد، وهو كاتب وشاعر فارسي الأصل، شعوبي المذهب، فقد كان شديد الموالاة لفارسيته، وشديد التعصب على العرب، وقد حاز على مكانة متميزة في مجال الأدب والقصص لما عُرِف عنه من بلاغة وفصاحة وذكاء، إلى جانب قدرته على الخطابة، كما نالت كتبه ومؤلفاته استحسان وثناء معظم الناس، وخاصةً تلك التي كانت تتناول القصص والخرافات، والتي تدور أحداثها على لسان الحيوانات والطيور، ومن جهةٍ أخرى، فقد جمع سهل ما بين الأدب والسياسة، إذ احتل مكانة بارزة ومرموقة لدى الخلفاء العباسيين، وتسلم العديد من المناصب الهامة في عهدهم.[١][٢]


مولد سهل بن هارون ونشأته

ولد سهل بن هارون في مدينة دستميسان الواقعة بين واسط والبصرة، في أواخر النصف الأول من القرن الثاني الهجري، ولا يوجد ذكر في كتب التاريخ والتراجم لتاريخ محدد لولادته، إلا أنّ بعض الروايات ذكرت أنه وُلد في عام 140 هجري، كما لا تتوفر أيّة معلومات عن عائلته أو نشأته، إلا أنه انتقل إلى البصرة وهو صغير حيث نشأ وترعرع فيها.[٢]


مسيرة سهل بن هارون العلمية والعملية

تلقى سهل بن هارون علمه في مدينة البصرة، ودرس على يد علمائها، إلا أنّه لا يوجد في كتب التاريخ ذكرٌ لأسماء شيوخه وأساتذته، أو حتى تلاميذه، سوى ما ذكره الكتبي في كتابه "فوات الوفيات"، إذ قال: "ذهب للبصرة، وقرأ فيها علم الكلام، وعدة ترجمات فارسية ويونانية وهندية، وتوجه إلى بغداد أملًا في الشهرة، فانتهلت عقليته من ثقافات عدّة، أمّا تنقلاته فلم تتعد مدينة الرقة، وقصبة ديار مصر، والرّصافة، وبغداد، والبصرة".


أما عن حياته السياسية، فقد اتصل سهل بن هارون بعد انتقاله إلى بغداد بيحيى البرمكي، والذي عرّفه على الخليفة هارون الرشيد، حيث قام بتعيينه في الديوان، ومن ثم مشرفًا على دار الحكمة، وقد كان مسؤولًا عن ترجمة الكتب الأجنبية، وعند تسلم المأمون الخلافة أُعجب بذكاء وفصاحة سهل فقربه منه، وجعله ملازمًا له في جلساته، كما أبقاه في منصبه في دار الحكمة، والذي استمر فيه حتى وفاته.


من جهةٍ أخرى، فقد كان سهل بن هارون شاعرًا فصيحًا، وخطيبًا مفوهًا، فله العديد من القصائد، والخطب، والرسائل الطوال والقصار، وكان ملمًا بالثقافات والعلوم العالمية، وهذا كله جعله جامعًا بين مناحي العلم والأدب والسياسة، ومنفردًا بين أقرانه بدرجة عالية من البلاغة والحكمة، حتى لُقِّب بزرجمهر الإسلام، مقابلًا بزرجمهر الفرس الذي اشتهر بالحكمة.


والجدير بذكره أنّه قد عُرِف عنه اتصافه بالبخل الشديد، وقد ألّف رسالة طويلة في مدح البخل وذم الكرم، والتي تدل على شعبويته، وافتخاره بالفرس المشهورين بالبخل، وأهداها للحسن بن سهل، وقال عنه الجاحظ: "ما علمتُ أنّ أحدًا جرد في البخل كتابًا إلا سهل بن هارون وأبا عبد الرحمن الثوري".[٣][٤]


أبرز مؤلفات سهل بن هارون

ألف سهل بن هارون العديد من الكتب منها:[٥]

  • ثعلة وعفراء (على غرار كتاب كليلة ودمنة).
  • الإخوان.
  • المسائل.
  • المخزومي والهذلية.
  • ديوان رسائل.
  • تدبير الملك والسياسة.
  • الوامق والعذراء.


كتاب النمر والثعلب

يعد سهل بن هارون من رواد مجال رواية الحيوان في الأدب العربي من خلال تأليفه لهذا الكتاب، والذي تكمن أهميته الأدبية الكبيرة في أسلوبه السردي القصصي، حيث تدور جميع أحداثه على لسان الحيوانات، في قصة ذات طابع سياسي وتعليمي، ومكتوبة بلغة رفيعة المستوى.


تتمحور أحداث القصة حول ثلاث شخصيات رئيسية، هم: النمر ملك الجزيرة والذي يتميز بالحزم ورجاحة العقل، والثعلب الحكيم والذكي والفصيح، والذئب الجحود والغادر وناكر العهود، وقد استخدم سهل هذه الشخصيات الحيوانية كوسيلة يقوم من خلالها بإيصال أفكاره الخاصة، كما تميز الحوار بالقالب المسرحي، كما يلعب الحوار دورًا مركزيًا في مجريات القصة.


يسري الكتاب على مثال كتاب كليلة ودمنة، إلا أنّ أحداث النمر والثعلب أكثر تماسكًا ومنطقية، وتسير على محور قصصي واحد، دون أن يتخللها أيّة حكايات جانبية، على عكس كتاب "كليلة ودمنة" الذي تتعدد حكاياته وتتداخل.[٦][٧]


أقوال سهل بن هارون

من أشهر ما قال سهل بن هارون ما يأتي:[٤]

  • القلم لسان الضمير، إذا رعف أعلن أسراره، وأبان أسراره.
  • اللسان البليغ والشعر الجيد، لا يكادان يجتمعان في واحد، وأعسر من ذلك أن تجتمع بلاغة الشعر، وبلاغة القلم.
  • سياسة البلاغة أشد من البلاغة.
  • بلاغة الإنسان رِفق، والعيُّ خرق.


وفاة سهل بن هارون

توفي سهل بن هارون في بغداد في عام 215 هجري، الموافق 830م.[٢]

المراجع

  1. فائد محمود محمد سلمان ، فن الرسائل عند سهل بن هارون وعمرو بن مسعدة، صفحة 5. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت عمر فرّوخ، تأريخ الأدب العربي، صفحة 212-215. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أحمد هواش، بن هارون "سهل بن هارون"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 20/9/2021. بتصرّف.
  4. خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام، صفحة 143. بتصرّف.
  5. سنان عبد العزیز عبد الرحیم، شخصیة الثعلب في المرویات السردية العربية، صفحة 50-51. بتصرّف.
  6. قحطان صالح الفلاح، الأدب والسياسة في قصة النمر والثعلب، صفحة 88-90. بتصرّف.