من هو الأخطل؟
هو شاعر عربي مُخضرم من أبرز الشعراء في العصر الأموي في القرن السابع الميلادي.
وهو غيّاث بن غوث بن طارقة بن عمرو التغلبيّ، نسبةً إلى قبيلة تغلب، ويكنّى بأبي مالك، وهو شاعر أمويّ نصراني، اشتهر ببلاغته، وبجرأته أيضًا، حتى إنه لُقب بالأخطل لحدة وسلاطة لسانه، لكنّه كان وسيلته ليصبح شاعرًا للبلاط الملكي الأمويّ، فأصبح يتميز بأبيات شعره، وحُسن ديباجته، وألفاظه المصقولة، وصار من أفصح شعراء النقائض في عصره، جنبًا إلى جنب مع الشاعرين جرير، والفرزدق، الذي لطالما تهاجى معهم.[١][٢][٣]
مولد الأخطل
اختلف المؤرخون حول ولادة الأخطل، ولكن المُرجح أنها كانت في أحد الأعوام 19-20 هـ، في مدينة الحيرة في العراق، ولم ينشأ نشأةً دينيةً خالصة، وشبَّ تحت ظلال الأمويين في دمشق.[٣][٤]
ثقافة الأخطل ومسيرته الأدبية
ظهر ميول الأخطل الشعري وحبه للقصائد باكرًا، فاتصل بأشرافِ قبيلة ربيعة في العراق ومدحهم، وتقرّب من بعدها من الأمويين في دمشق، فذاع صيته في أنحاء البلاد، خاصةً بعد أن هجا الأنصار بطلبٍ من الخليفة يزيد بن معاوية، والذي سأله بأن يرد على تشبيب عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري لشقيقته رملة بنت معاوية، وجاءه رد الأخطل بأبيات هجاء شديدة اللهجة أثارت الأنصار، فشكاه سيدهم النعمان بن بشير إلى معاوية الذي وعد بقطع لسانه، إلا أن يزيد ابنه كان شفيعًا للأخطل، والذي غدا بعدها نديمه في مجالس اللهو، وقال فيه جملة من قصائد المديح، كما رثاه بقصيدة رثاء يتيمة بعد وفاته، إذ لم يكن فن الرثاء من بين فنون الأخطل الشعرية.
تشتتت أحوال بني أميّة بعد اعتزال معاوية بن يزيد الحكم عقب وفاة أبيه، وحدث نزاع بينهم وبين عبد الله بن الزبير الأمرّ، الذي ساندته قبيلة قيس، أما قبائل اليمانية وأهل الشام بني أمية بايعوا مروان بن الحكم، ونشبت معركة "مرج راهط" بينهم، فانتصر بنو أمية، واتجهت قبيلة قيس إلى مجاورة بني تغلب، وتوالت من بعدها الغارات والوقائع بين القبيلتين، فتركت أثرًا واضحًا في أبيات شعرائهم، وخلالها أُسِر الأخطل، وقُتِل والده وشقيقه، لكنهم أطلقوا سراحه لأنهم حسِبوه عبدًا، وتمكن عبد الملك من إصلاح شأن القبيلتين، ومن هنا شبَّت عداوة بين جرير الذي وقف بصف القيسيين ضد الأخطل الذي ينتمي لبني تغلب.
وكان الأخطل من المقربين لعبد الملك، فمدح بني أميّة بسخاء، وأنشد قصائد عظيمة في خلفائهم، مثل عبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك، بالإضافة إلى مدح أشرافهم وولاتهم مثل عبد الله بن أسيد، وبشر بن مروان، وغيرهم، واستغل الخليفة شعر الأخطل لنصرة بني تغلب، وتحريض الأمويين على أعدائهم القيسيين، فأصبحت مدائح الأخطل وأشعاره من أجود ما قيل من الشعر السياسي في العصر الأموي، وقد استمر على ولائه الأموي حتى عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، لكنه كان أكثر تدينًا من أبيه واتصافاً بالتقوى، وأقل رغبة في الشعر والأدب، فاضطر الأخطل إلى الابتعاد عن البلاط خوفًا من دسائس الوشاة، ولكن سيظل شعره بمثابة سجلّ حي للعصر الأموي وأحداثه، كما وجُمعت قصائده في ديوان شعري عُرف بعنوان "ديوان الأخطل".[٥][٤][١]
شخصية الأخطل وأسلوبه الشعري
تميّزت شخصية الأخطل بالذكاء والدهاء الواسع، بالإضافة إلى الجرأة والحماسة، فكانت له مكانة مرموقة بين قومه، وقد شفع لعدّة أفراد منهم لدى الخليفة، وكان يخضع للرؤساء الروحيين لدينه والأمويين خضوع الطفل، غير مُهتم بسخط الناقمين عليه، أما عن شعره فقد امتاز بالجزالة، وطول النفس، وحسن السبك، وسلامة التعبير، فقد حرص على تنقيح وتهذيب شعره، وقد استخدم عدّة فنون شعرية، وأقلها فن الرثاء، ومن أبرز ميزات أشعاره ما يأتي:[٥]
- اتباع وتنظيم الشعر ضمن الإطار التقليدي للشعر العربي الخالص المتوارث عن الجاهليين.
- الارتقاء والتفوّق في المديح، إذ تطوّر من النوع الفردي الشائع بالجاهلية إلى الشعر السياسي الذي أيّد به الخلافة الأموية وندّد بخصومها.
- الحذاقة في استخدام الهجاء المزدوج للدفاع عن بني أمية، وعن نفسه وقومه ضد خصومهم، وقد قيل إنه اشترك في معركة النقائض، وانحاز إلى الفرزدق، واشتد الهجاء بينه وبين جرير الذي مدح قيس عيلان، حتى هجاه وذمّه هو وقيس، بشكل هجومي خالٍ من الفحش، وطاعنًا بقبيلته.
- المهارة والبراعة في أشعار الخمريات، ووصف الطبيعة التي كان من عشاقها، فوصف الأرض والفرات وغيره.
وفاة الأخطل
لم تُحدد كتب التراجم تاريخ ومكان وفاة الأخطل بدقة، لكن ذُكر بأنه توفي في السنة الخامسة من خلافة الوليد بن عبد الملك، وذلك عام 90 هـ، وكان قد بلغ السبعين من عمره.[٣][٥]