من هو أبو العتاهية؟

هو شاعر اشتهر بأشعار الزهد والأمثال في العهد العباسي في القرن الثاني الهجري.


وهو إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان، ويُكنى بأبي إسحاق، واشتهر بلقب أبي العتاهية، وهو شاعر عربي الأصل تربّع على عرش أشعار الزهد، وكانت له مكانته وقيمته في الأدب العربي والعباسي بشكل خاص، فقد اتصل ببلاط الخلفاء العباسيين ومدحهم، ومن بينهم الخليفة المهدي، والرشيد، وغيرهم، بالإضافة إلى الغزل وغيره من باقي ألوان الشعر الأخرى.[١][٢]


مولد أبي العتاهية

وُلد أبو العتاهية في مدينة عين التمر في عام 130 هـ/747م، ونشأ وترعرع في مدينة الكوفة، وكان ينتمي لأسرة فقيرة عملت في الجرار، واشتغل والده في الحجامة، ولكن منذ صغره تفرّد وتميز عن أفراد أسرته، فكان شريف النفس، ويتسلح بالزهد، ويفخر بالتُّقى فيجعله فوق النسب والحسب، وأنشد أبيات الشعر العذبة منذ صباه، وكان يسري حب الشعر في دمه وعروقه، فقال عن نفسه "لو شئتُ أن أجعل كلامي كله شعرًا لفعلتُ".[٣][٤]


ثقافة أبي العتاهية ومسيرته الأدبية

تميّز أبو العتاهية من بين شعراء عصره، فكان أطبعهم شعرًا، وأسرعهم بديهةً وارتجالًا، وأكثرهم إنشادًا، وأسهلهم لفظًا، كما يُعد بدوره أول من فتح باب الوعظ، وأكْثَرَ من الحكمة والتزهيد فى الدنيا، وسلك طريق خلعاء الكوفة، وقدم من بعدها إلى مدينة بغداد فمدح فيها الخليفة المهدي، وعرف خدم قصر الخلافة وجواريه، وكان يعشق من بينهن الجارية عتبة، ومن جهة أخرى، فقد درس الكثير من مذاهب الشيعة الجبرية والمتكلمين والزهاد، لكنه كان انتقائيًا ومزاجيًا جدًا.


وقد أجمع الكثيرون على أنه شاعر عريق تأثر بعصره ونشأته المتواضعة واندفع في تيارات الحياة، وكان يُنشد شعر المديح في الخلفاء وملوك الدولة الذين كانوا يُجازونه خير الجزاء، وقد أضرب عن قول شعر الغزل في عصر الرشيد، واقتصرت أبياته على الوعظ والتذكير بالموت والزهد، وفي فترة من فترات حياته امتنع بصورة مُطلقة عن قول الشعر، فأمره الخليفة الرشيد بالرجوع عن رأيه وأسره، وأطلق سراحه عندما رجع إلى إنشاد الشعر لكنه ترك قصائد الهجاء والغزل، واكتفى بالزهديات.[٣][٢]


أساليب أبي العتاهية وأغراضه الشعرية

قسّم المترجمون حياة أبي العتاهية من الناحية الأدبية إلى قسمين مُتناقضين ارتبطت بها أشعاره، وهي حياة الشباب واللهو التي سرد فيها أبيات الغزل والرثاء والمجون، وحياة التقشّف والتقوى والزهد التي عاشها بعد أن قارب الخمسين من عمره، ومن بين فنونه وأغراضه الشعرية ما يأتي:[٥]

  • الغزل: كان أبو العتاهية من الشعراء المُبدعين في الغزل، خاصةً في أبياته التي خصّ بها معشوقته عتبة جارية المهدي، فكانت أبياته تحمل أحاسيس مرهفة، ومشاعر عذرية ورقيقة وصادقة.
  • الرثاء: اتبع أبو العتاهية نهج الشعراء السابقين والمعاصرين له في رثائه، خاصةً وأن الرثاء كان من الأغراض الشعرية المعروفة منذ عصر الجاهلية، وتجلى هذا بوضوح في رثائه صديقه علي بن ثابت.
  • أشعار المديح: تميّز أبو العتاهية في قصائده التي غلب عليها طابع المديح، والتي أنشدها بشكل خاص للخلفاء العباسيين، قاصدًا بها نيل رضاهم، وجزائهم من الجاه والمال.
  • الزهديات: أدرك أبو العتاهية خلال حياته عدداً من العباد والزهاد واتصل بحلقاتهم فتأثر بهم، بالإضافة لنشأته في ظل الدولة العباسية الإسلامية، فكان العامل الديني من بين المؤثرات التي حثّته ودفعته إلى الزهد والتنسّك، والذي تجلى بوضوح في أشعاره، وكان موضوعًا أساسيًا بين قصائده التي جُمعت في ديوانه الشهير وتعددت مواضعها، فصوّر في أغلبها فناء الدنيا وبطلانها، وهو ما حملته عناوين معظم قصائده التي تصب معانيها في الموضوع ذاته، مُشيرًا إلى حتمية الموت، وأنه المحطة الأخيرة لكل كائن على الأرض، وأن الآخرة هي الباقية، مُستخدمًا جملة من الأساليب الشعرية المميزة، مثل: النداء، والاستفهام، والتعجب، والنهي، والأمر، إضافةً للأساليب الأخرى التي تثير وتشد استماع المُخاطب، فتَنقَل هو بدوره بين هذه الأساليب المتنوعة وأكثر من استخدامها بقصد نقل السامع من حال إلى حال دون إشعاره بالملل.[٦][٧]


أبيات من شعر أبي العتاهية

من أشهر زهديات أبي العتاهية الآتية:[٨]


سكنٌ يبقى لها سكَنُ ما بهذا يؤذِنُ الزَّمنُ نحنُ في دارٍ يُخبِّرنا عن بَلاها ناطقٌ لَسِنُ دارُ سوءٍ لم يَدُم فرحٌ لامرئٍ فيها ولا حزَنُ في سبيل الله أنفُسُنا كلُّنا بالموتِ مُرتَهَنُ كلُّ نفسٍ عند مِيتَتِها حظُّها مِن مالِها الكَفَنُ إنَّ مالَ المرء ليس له منهُ إلا ذِكرُه الحسَنُ



وفاة أبو العتاهية

توفي أبو العتاهية في مدينة بغداد سنة 211 هـ/826 م.[٣]

المراجع

  1. "Abū al-ʿAtāhiyah", britannica, Retrieved 10-7-2021. Edited.
  2. ^ أ ب زهرا سعيدي، دراسة حول حقيقة زهديات أبى العتاهية، صفحة 4-5. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت حمسياتي، أبو العتاهية و خصائص شعره دراسة تحليلية ادبية، صفحة 16-17. بتصرّف.
  4. محمود لطفي نايف عبد االله ، لتجربة الزهدية بين أبي العتاهية وأبي إسحاق الألبيري، صفحة 22. بتصرّف.
  5. زركوك سميرة، البنى الأسلوبية في زهديات أبي العتاهية، صفحة 32-33-34-35. بتصرّف.
  6. زركوك سميرة، البنى الأسلوبية في زهديات أبي العتاهية، صفحة 37. بتصرّف.
  7. حمسياتى، أبو العتاهية و خصائص شعره، صفحة 82. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، كتاب ملتقى أهل اللغة، صفحة 353. بتصرّف.