من هو أرسطو؟

هو مُفكر، ومؤلف، ومُعلّم، وفيلسوف رائد، ومؤثر من أبرز فلاسفة قبل الميلاد، وقد عاصر الحكم المقدوني.


وهو أرسطوطاليس نيكوماشوش، ويُعرف بأرسطو، وهو فيلسوف يوناني وُصف بأنه أبو المنطق الغربي، فكان أول من طور نظامًا رسميًا للتفكير، وهو من أبرز الفلاسفة المؤثرين حول العالم مع سقراط وأفلاطون، وقد حظيت أفكاره ومؤلفاته بالكثير من الاهتمام، ولا زالت تُدرس في مختلف العصور، كما أنه في الأساس أحد تلامذة الفيلسوف أفلاطون الذي كان بدوره تلميذ سقراط.


ومن جهة أخرى كان أرسطو أستاذ ألكسندر الأكبر، ومُنشئ أكاديمية أرسطو للفلسفة في أثينا، ومُؤلفًا للعديد من الكتب التي لم تقتصر على الفلسفة، بل شملت المنطق، والنقد، والفيزياء، وعلم الأحياء، والبلاغة، وعلم النفس، والرياضيات، والميتافيزيقا، والأخلاق، والسياسة وغيرها، ليبلغ عدد مؤلفاته وأعماله 200 مقال، لكن لم يصل منها إلا ما يُقارب 31 عملًا.


جذب اهتمام القراء وأثار الجدل بين العديد من النقّاد، وأصبح أرسطو شخصية تاريخية بنيت عليها أفكار الفلسفة الأرسطية القديمة المختلفة في الاتجاهات والمناهج عن الفلسفة الأفلاطونية، على الرغم من كون أفلاطون هو المعلم الأول لأرسطو.[١][٢]


مولد أرسطو ونشأته

ولد أرسطو في بلدة أسطاغيرا التي تقع في شبه جزيرة خالكيذيكي في شمال اليونان، في عام 384 قبل الميلاد، ووالده نيكوماكس كان طبيبًا لملك مقدونيا الثالث أمينتاس، أما والدته فهي فيستيس، وتنتمي عائلتها إلى جزيرة يوتويا في اليونان، ولكنها ماتت بينما كان أرسطو صغيرًا، أما والده فتوفي وهو في سن العاشرة، وأصبح بروكسينوس من أتارنيوس الوصي عليه، فعلّمه اللغة اليونانية، والخطاب، والشعر، وغير ذلك.[٣][٤]


ثقافة أرسطو

انتقل أرسطو إلى أثينا بينما كان في السابعة عشر من عمره والتحق بمدرسة أفلاطون للفلسفة، وتتلمذ على يد مؤسسها أفلاطون وبقي فيها مدّة 20 عامًا، دعم فيها أفكار معلمه وسار على نهجه في الحوار، وفي نفس الوقت كان له منهجه المنطقي المُختلف والخاص به، واختلف مع أفلاطون في آراء وأفكار فلسفية أخرى، كما أنه غادر الأكاديمية بعد وفاة معلمه، وانتقل إلى مدينة أسوس المواجهة لجزيرة ليسبوس (تقع في تركيا الآن)، وهناك حظي برعاية حاكمها هيرمياس، وتزوج من ابنة أخته بالتبني وتدعى بيثياس، ومن ثم أصبح المُدرس لابن الحاكم فيليب الثاني المقدوني الذي بات صديقًا لأرسطو وكتب له قصيدة عريقة حينها، بعد أن غدا معلم ابنه الإسكندر الأكبر، وخلال تلك الفترة عمل أرسطو على الكثير من البحوث في عالم الحيوان وتصنيفاته، وعلوم الأحياء البحرية وغيرها، وعاد إلى أثينا بعد أن أصبح تلميذه الإسكندر الحاكم بعد والده، وأسس هناك مدرسته الفلسفية المعروفة باسم الليسيوم، كما أنشأ مكتبة بحث علمية كبيرة، وتتلمذ حوله مجموعة كبيرة من الباحثين المميزين، وكانت المدرسة مفتوحة للجميع ومجانية على غرار الأكاديميات الأخرى.[٤][٣]


فلسفة أرسطو

هُنالك العديد من الآراء الفلسفية التي تميز بها أرسطو، والتي شملت مجالات عديدة، منها:


الفلسفة السياسية

يرى أرسطو الإنسان بمثابة حيوان سياسي؛ لأنه يستخدم الكلام على خلاف الحيوانات التي لها صوت مختلف، ويُشير إلى أن قوة الكلام تمكن البشر من الإشارة لما هو ملائم وغير ملائم، عادل أو غير عادل، وأن طريقة تنظيمهم للرموز أمر تقليدي يُتيح إنشاء دساتير وقوانين منوعة، جيدة كانت أم سيئة، وبذلك يُحدد الشكل الذي تتخذه الدولة بحسب حكمة المشروع والدستور فيها، وأن الغرض من الدولة هو الخير لجميع المواطنين، لكن ازدهارها يتم عندما يُحكم المجتمع السياسي بحسب القوانين لا تبعًا للفرد نفسه، ويرى أن أفضل حياة للفرد هي بالضرورة الحياة السياسية، تاركًا بذلك احتمالية أن تكون الحياة النظرية المتابعة لمصلحة الفلسفة الخاصة هي أفضل طريقة ليعيش الإنسان.[٢]


الفلسفة الأخلاقية

اختلف أرسطو عن معلمه أفلاطون من ناحية الأخلاق، إذ إن أفكار أفلاطون تجاوزت طاقات الإنسان وقدراته وتوغلت في المثل العليا والروحانيات، بينما التمست فلسفة أرسطو الحقائق وبنيت على تعاليم أخلاقية عملية، فبحث كلا الفيلسوفين في الخير، لكن أرسطو كان مُحبًا أكثر للحقيقة والواقع على خلاف أفلاطون الذي احتقر عالم الحسيات، وكان ينظر لما هو أعلى منه وما يفوقها.


ومن جهة أخرى تحدث أرسطو عن الفضيلة والنوع الراقي منها، وناقض قول سقراط معلم أفلاطون بأن الفضيلة تُكمّل بالمعرفة التي اعتبرها كافية للسير نحو الحق، مُجادلًا بأنه نسي عامل الشهوة الذي يُغوي الإنسان وفي حال تغلبه عليه سيُبعده عن الفضيلة، وأكد بأن الوسيلة التي تغلب هنا هي الإرادة التي تضبط النفس، وتُحكم العقل، وتروض الشهوة وتُذللها، مُكملًا نظرته بأن العادات الطيبة هي السبيل الوحيد لتكوين الإنسان الطيب، مؤكدًا أن لها أهمية كبيرة، وفي حال تواجد عنصرين يقودان للفضيلة فلا بد أن تكون شهوة وعقل يحكمانها، بعيدًا عن ادعاءات الزاهدين الذي اعتبرهم مُخطئين بنسيان واستئصال الشهوة البشرية.[٥]


الفلسفة العلمية والنظرية

قسم أرسطو العلوم النظرية لثلاث مجموعات، وهي الفيزياء التي تُمثل الفلسفة الطبيعية الآن والتي ترتبط بدورها بالمزيد من المجالات؛ كالكيمياء، وعلوم الأحياء، والجيولوجيا، والأرصاد الجوية، وعلم النفس، ولم يستخدم مُصطلح الميتافيزيقيا في تصنيفه، ولكنه ظهر في فهرس كتاباته بعد وفاته، ويخص به الأعمال المدرجة بعد الفيزياء وأسماه الفلسفة الأولى، والتي تَدرس بدورها الوجود على أنه كائن.


أما فيما يخص الكون والجيل والفساد فقد تبنت صورة أرسطو العديد من الأفكار الموروثة من أسلافه الفلاسفة قبل سقراط، منها نظرة إيمبيدوكليس حول عناصر الكون الأربعة الأساسية التي تشمل الأرض، والماء، والهواء، والنار، وامتلاكها خصائص مميزة جعلت كل عنصر مرتب بالكون في مكانه الطبيعي وما يُعقب ذلك، ويتبع بوجهة نظره حوارات معلمه أفلاطون مُشيرًا إلى أن الأرض هي مركز الكون الذي يدور حوله القمر والشمس والكواكب الأخرى في سلسلة من المجالات البلورية متحدة المركز، ومؤكدًا على كلامه بأن الأجرام السماوية ليست مركبة من العناصر الأرضية الأربعة بل من عنصر خامس متفوق وجوهري، وتكمن أهمية آرائه في التحليلات الفلسفية باحتوائها على بعض المفاهيم التي تسود الفيزياء من مختلف العصور المفاهيم، مثل المكان والزمان، والسببية، والحتمية، رغم أنها لا تمثل تأكيدات علمية معينة، والعلوم الثانية عند أرسطو هي العملية التي تتعامل مع السلوك، والعمل المجتمعي والفردي، أما الأخيرة فهي العلوم الإنتاجية التي تُمثل أساس الحرف والمصنوعات اليدوية، وتضم أيضًا بناء السفن، والزراعة، والطب، والفنون، والموسيقى والمسرح، والرقص، إضافةً للبلاغة التي تتعامل مع مبادئ صنع الكلام.[٦][١]


المنهج المنطقي لأرسطو

يُطلق على أرسطو لقب المُعلم الأول للمنطق؛ لأنه أول من علمه، ولأن مُعظم ما تحويه كتب المنطق العربية تقريبًا يندرج تحت منطق أرسطو، والذي اهتم بمنطق الصورة واخترعه وأكمله، وحتى عند الغرب يُعد أبا المنطق ومؤسسه أيضًا، رغم أنه لم يستخدم مُصطلح المنطق ليُشير إلى عمله، وإنما استعاض عنه بمفهوم التحليلات، فوضح كيف يُمكن للمنطق أن يُبرز مكنون النفس الداخلي وما يُفكر به المرء، من خلال تطويره للمفاهيم النحوية، وإسنادها، وتعريفها، وتكوين جمل قد تكون صحيحة أو خاطئة، لكنها لا بد أن تتضمن الفاعل والمسند، ويَقتصر المنطق على النظر في العبارات التي تُبرز أو تنكر وجود شيء في الزمن الماضي أو الحاضر أو المستقبل.


ويُبنى القياس المنطقي في نظرية أرسطو للتنبؤ على المقدمات التي تؤدي للاستنتاجات، ويكون القياس المنطقي هو الخطاب الذي يضم شكل القياس الأساسي والذي يأخذ العبارات كمقدمات، ثم يُتبعها بالفرضيات الرئيسية، والثانويةن والخاتمة التي تكون بمثابة استنتاجات، وتكمن أهمية دراسة المنطق في البحث والتفسير البشري، إذ يوظف أرسطو المنطق ليكون أداته التي تساهم في إيجاد المعارف والعلوم، لكن بشكل غير كامل نظرًا للحاجة إلى الحجج التي تفوق مجرد كونها استنتاجات، وبالاستناد لضرورة الكشف عن الطبيعة الحقيقية للأشياء التي تستقل عن العقل، والوصول إلى العلم الذي يمتد إلى مختلف المجالات البحثية، مثل: الميتافيزيقا والرياضيات التي لا تقل أهميتها عن العلوم التجريبية.[٧][٢][١]


أشهر مؤلفات أرسطو

من أبرز مؤلفات أرسطو ما يأتي:

  • كتاب فن الشعر: يرتبط هذا الكتاب بشكل كبير بالحياة الفكرية اليومية في عصرنا هذا، ولا تنحصر قيمته في موقعه التاريخي، بل لأنه يدرس ويُثير الكثير من المسائل في مواضيع التراجيديا، والكوميديا، وشعر الملاحم، والتي لا تزال مسائل حيوية، تتصل بمشكلات هذا المجال في عصرنا، وهو السبب الذي دفع العديد من النقاد المعروفين لشرحه والكتابة عنه.[٨]
  • كتاب السياسة: يشمل هذا الكتاب 8 مقالات، وهو من الكتب المهمة جدًا التي تتحدث عن السياسة التاريخية القديمة، وترجمه أحمد لطفي السيد من اليونانية إلى اللغة العربية، كما أن له ترجمة فرنسية أيضًا.[٩]


كتاب دستور الأثينيين

ألف أرسطو هذا الكتاب على الرغم من تشكيك الكثيرين لذلك، فقسّمه إلى بابين؛ أولهما يتحدث عن تطور النظام السياسي الأثيني حتى القرن الرابع قبل الميلاد، أما الباب الثاني فيصف ويشرح كيفية التنظيم الإداري والسياسي في أثينا في عصر أرسطو، مُقدمًا بين طيات كتابه شرحًا مُفصلًا وافيًا استعان به بأطروحات المؤرخين السابقين جنبًا إلى جنب مع أبحاثه في المستندات والوثائق المتاحة بين يديه.[١٠]


أشهر أقوال أرسطو

من أشهر مقولات الفيلسوف أرسطو ما يأتي:[١١]

  • معرفة نفسك هو بداية كل حكمة.
  • الصبر مر ولكن ثمرته حلوة.
  • السعادة هي معنى الحياة وهدفها، وهدف الوجود البشري كله وغايته.


وفاة أرسطو

هرب أرسطو من مدينة أثينا إلى مدينة خالكيدس اليونانية التي تقع ضمن مقاطعة يوبويا خوفًا على نفسه مما حدث مع الفيلسوف سقراط بعد سقوط الحكومة المقدونية، وتوفي هناك في عام 322 قبل الميلاد عن عمر يُناهز 63 عامًا.[١][٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Aristotle", plato.stanford, 25-8-2020, Retrieved 26-5-2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت Justin Humphreys, "Aristotle (384 B.C.E.—322 B.C.E.)", iep.utm, Retrieved 26-5-2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Aristotle", mathshistory.st-andrews, Retrieved 26-5-2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت Anthony J.P. Kenny ، "Aristotle"، britannica، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2021. Edited.
  5. زكي نجيب محمود وأحمد أمين، قصة الفلسفة اليونانية، صفحة 153-154. بتصرّف.
  6. "Physics and metaphysics of Aristotle", britannica, Retrieved 26-5-2021. Edited.
  7. زكي نجيب محمود وأحمد أمين، كتاب قصة الفلسفة اليونانية، صفحة 138. بتصرّف.
  8. أرسطو، "كتاب فن الشعر لأرسطو"، مكتبة فول بوك، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2021. بتصرّف.
  9. أرسطو، "كتاب السياسة"، مكتبة فولبوك، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2021. بتصرّف.
  10. أرسطو، "كتاب دستور الاثينيين"، مكتبة فول بوك، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2021. بتصرّف.
  11. " AristotleAristotle Quotes", goodreads, Retrieved 26-5-2021. Edited.