من هو كونفوشيوس

من هو كونفوشيوس؟

هو فيلسوف ومؤلف ومُعلم ومُنظّر سياسي، وحكيم بارز من أشهر الحكماء المؤثرين في دول شرق آسيا ومُفكر عظيم من رواد القرن الخامس قبل الميلاد.

وهو كونغ فو تسو(Kung Fu-Tzu)، فيلسوف صيني الأصل، يُختصر اسمه باللغة اللاتينية إلى كونفوشيوس (Confucius)، وهي ترجمة لاسمه باللغة الصينية، ومعناه المعلم كونغ فو، ويُعد بدوره من أبرز فلاسفة الصين القدماء، ومن الناقدين السياسيين والمُصلحين الاجتماعيين البارزين في الجمهوريات الصينية القديمة، واشتهر بكونه الحكيم الأشهر الذين تأثرت بهم دول شرق آسيا، بما فيها الصين واليابان وفيتنام وكوريا الشمالية وغيرها، فكان له سلطة ودور هام كمؤثر تربوي على فكر وتاريخ المجتمعات الآسيوية، وهو مؤسس المدرسة الكونفوشيوسية التي تعتبر أول مدرسة فكرية صينية في القدم، أما فلسفته الكنفوشيوسية فهي من أضخم المذاهب التربوية الفلسفية في العالم.^[١][٢]

مولد ونشأة كونفوشيوس

ولد كونفوشيوس في مدينة تشيويفو التي تتبع مقاطعة لو الصينية (شاندونغ الآن)، في عام 551 قبل الميلاد وعاش في عصر الربيع والخريف من التاريخ الصيني، ويُرجح بأنه كان ينتمي لأسرة ثرية فقدت إرثها وثروتها، وقد توفي والده في عمر الثلاث سنوات، وكان طفلًا ذكيًا وعبقريًا وذو أخلاق حسنة رغم فقره.^[٣][٢]

ثقافة وتعليم كونفوشيوس

بالنظر لأسرة كونفوشيوس الفقيرة وعدم اكتنازه من المال ما يكفي للإنفاق على تعليمه، فقد انحصر تعليمه بالدروس البسيطة التي دعمت قدراته وأفكاره النابغة، فمكنته من الالتحاق بولاة وحكام مملكة الصين سعيًا لنشر أفكاره الإصلاحية التي تخدم مجتمعه، لكن لم تأتِ ثمارها في البداية، ويُذكر بأنه عمل في مطلع حياته حارسًا في إحدى المخازن، وراعيًا في مرعى، قبل أن يُعين بوظائف حكومية مرموقة، كوزير للأعمال ومن ثم وزيرًا للجرائم وموكلًا بمهام القانون، وأخيرًا شخصية دبلوماسية بارزة، وذلك بعد أن عمل مع عائلة جيسون النبيلة التي تحظى بمناصب إدارية رفيعة لدى حكام مقاطعة لو، وبرز كونفوشيوس في مختلف المناصب التي شغلها وأصبح ذو مركز هام، وبات الحكام يطلبون نصحه بعد أن أظهر براعته في مختلف الشؤون السياسية والدبلوماسية.

لم يستقر كونفوشيوس في منصبه الرفيع سوى بضع سنوات قبل أن يستقيل وينفي نفسه ويُغادر منزله وموطنه، إثر اتهامه بالتآمر ضد حكام مقاطعة لو والاشتراك في صراع العائلات الموروثة، واستمرت سنوات النفي الطويلة قرابة 14 عامًا بين ولاية وي التي تقع غرب مقاطعة لو، ومن بعدها انتقل إلى ولاية سونغ جنوبًا، وأخيرًا إلى ولايتي تشين وكاي، ولم يتوقف خلالها عن البحث عن الحكام الإصلاحيين الذين يفهمون أفكاره ويُطبقونها بغية الارتقاء بالمجتمع، لكنه لم يُفلح في ذلك.

حاول كونفوشيوس باستمرار نشر المعايير الأخلاقية السامية في ظل الصراع الذي تعانيه ولايات الصين المتجزئة، انطلاقًا من البحث عن وحدة مجتمعية تُعالج الظواهر اللاأخلاقية التي قد تتسبب في تدمير الحضارة والمجتمع الصيني، فحاول صياغة القيم الإنسانية بفكره المتميز ونشره بين الناس للوصول إلى مجتمع متماسك وموحد، واستعادة معايير السلوك الجيدة للأفراد، وتوسيع نطاق المسؤولية عليهم جميعًا، لتشمل الحكومة والأفراد والحكام، بهدف إعادة بناء الحضارة الصينية من جديد.

استمر كونفوشيوس في نشر أفكاره رغم إحباطه وفشله في البداية وتعرّضه للكثير من المصاعب والعقبات، فكان المؤسس والداعي البارز للمذهب والفلسفة الكنفوشيوسية، فواظب على إلقاء المحاضرات ومحاولة نشر الوعي بشكل خاص بين طبقة العبيد التي كان يميل لها ويرفق بحالها بشكل كبير، وأصبح فيما بعد بمثابة رسول تأثر به المجتمع الصيني الإقطاعي بشكل كبير في مختلف نواحيه الفكرية والثقافية، حتى أن البعض كانوا يعبدونه ويُقدسونه، فيُنشئون له المعابد في شتى أرجاء الجمهورية الصينية.

ومن جهةٍ أخرى، تُعتبر مرحلة الشيخوخة عند كونفوشيوس هي المرحلة الأهم والأكثر تأثيرًا في حياته، والتي قدم فيها مساهماته ومؤلفاته الفلسفية وكتبه القانونية التي تناقلتها الأجيال، وكانت إرثًا قيمًا ساهم في نشر مذهبه وأفكاره ودعم الحضارة الصينية على مر التاريخ، وأصبحت كنزًا وتراثًا صينيًا لمجالات الأخلاق والأدب والجمال والفلسفة.^[٣][١][٤]

النهج الفلسفي لكونفوشيوس

أسس كونفوشيوس مدرسة تربوية فكرية تعد الأولى من نوعها في الصين، عرفت باسم المدرسة الكونفوشيوسية، وتوجد العديد من الكتب والرسائل التاريخية التي تحدّثت عنها وعن مبادئ مؤسسها، لكن هناك جدل واسع حول موثوقية بعضها وصحة ما ورد فيها، أما بالنسبة لمصطلح (كونفوشيوسية)، فيعني باللغة الإنجليزية إشارة لحكام وملوك العصور القديمة الذين ساهموا في الابتكارات الثقافية الهامة في مدن شرق آسيا، وعززوا السمات التقليدية للتنظيم الاجتماعي في هذه الدول كالبيروقراطية، والكفاءة، ومن جهة أخرى، فقد كان كونفوشيوس مُعلمًا ومُصلحًا اجتماعيًا داعيًا للسلام والوئام واستعادة النظام الاجتماعي الودي بمختلف المجالات السياسية والاجتماعية في الصين في ظل الصراع والفوضى الذي كان يسود عصره، وادعى بدوره أن مبادئه وأفكاره استنبطها من سلالة حكام زو القديمة.

وتبدو أفكاره وآراؤه كما لو أنها نظام مُنسجم ومترابط ومنحدرة من اهتمامات فلسفية تكمل بعضها وخالية من التناقض، فكان يُشير إلى أن العلاقات البشرية تبنى بشكل هرمي ومتبادل، وقد بنى أهدافه على أسس محورية، من بينها التغلب على النزعة الذاتية والأنانية وغرس الفضائل الأخلاقية التي تبرز من خلال العلاقات الأسرية والطقوس التقليدية والدينية، والإحسان ورعاية الآخرين والتفاعل معهم بصورة جيدة وفقًا لمنظورهم الشخصي، كما وسعى أيضًا للحفاظ على نظام طقوس تشو القديمة والموسيقى في الأدوار الاجتماعية، وربط أداء الطقوس التقليدية بالتطور الأخلاقي للفرد، وبهذا أصبح كونفوشيوس ومذهبه الفلسفي مركزًا لمعظم تواريخ الفلسفة الصينية، وبرزت تعاليمه بشكل كبير في عهد الإمبراطور وودي خلال عهد أسرة هان في الفترة بين 206-220 قبل الميلاد.^{[٥][٦][١][٢]}

أبرز مؤلفات كونفوشيوس

من أبرز مؤلفات كونفوشيوس ما يأتي:^[١]

• كتاب القصائد (شي كينغ).
• كتاب الوثائق القانوني (شوكينغ).
• كتاب التحولات (يي كينغ).
• مذكرات حول الطقوس (لي كي).
• كتاب حوليات الربيع والخريف (تشوين تسيو).
• كتاب الأصول الخمسة القديمة.^[٣]

مقولات كونفوشيوس

من أشهر أقوال كونفوشيوس ما يأتي:^[٧]

• من ينتصر على نفسه فهو أقوى محارب.
• تم إنشاء الطرق للرحلات وليس للوجهات.
• لا تقلق من أن لا أحد يعرفك، لكن إسعى لتكون جديرًا بالمعرفة.
• خلف كل ابتسامة توجد أسنان.

وفاة كونفوشيوس

توفي كونفوشيوس في مقاطعة لو الصينية في عام 479 قبل الميلاد، وكان يبلغ من العمر 72 عامًا.^[٤]