من هو أبو العلاء المعري؟

هو شاعر، وفيلسوف، وأديب، ومفكر عربي، وأحد رواد القرنين الرابع والخامس الهجري في عهد الدولة العباسية.


وهو أحمد بن عبدالله بن سلمان التنوخي المعري، ويُكنى بأبي العلاء، وقد لقب بالمعري نسبةً إلى مسقط رأسه معرة النعمان، ويُعد أبو العلاء المعري أحد أعلام الشعر في العصر العباسي، وشخصية متميزة في الأدب العربي، ومن خلال فكره الفريد من نوعه ساهم في تغيير الثقافة السائدة في عصره، ومحاربة التقاليد التي أوجدها من سبقه، كما كرّس شعره في التعبير عن تجاربه الخاصة، وتأملاته، ورأيه في الحياة، والناس، وقد ترك المعري العديد من المؤلفات القيّمة في الشعر، والأدب، والفلسفة، والتي ما زالت مرجعًا أدبيًا موثوقًا للباحثين والدارسين، كما كان لها دورٌ كبير في التأثير على فكر ممن جاء من بعده من المفكرين، والعلماء، والأدباء.[١][٢]


مولد أبي العلاء المعري ونشأته

ولد أبو العلاء المعري في شهر ربيع الأول من عام 363 هجري، في معرة النعمان، وقد نشأ في بيت علمٍ وأدب، فجده هو سليمان بن أحمد كان أديبًا، وشاعرًا، وقاضيًا، كما كان والده عبد الله، وعمه أبو بكر بن محمد، وأخواه أبو المجد محمد، وأبو الهيثم عبد الواحد أيضًا أدباء وشعراء، وذوي مكانة عالية ومرموقة في بلدهم.


أصيب أبو العلاء المعري وهو في عمر الرابعة بمرض الجدري، فكان هذا الداء السبب بتشوه وجهه؛ إذ ترك على بشرته الكثير من الندوب، والحفر، كما أدى إلى فقدانه البصر، فعاش المعري طوال حياته كفيفًا لا يبصر.[٣]


ثقافة أبي العلاء المعري وتعليمه

بدأ أبو العلاء المعري تلقي العلم منذ الصغر، فقد قرأ القرآن الكريم على الكثير من شيوخ القراءات، وسمع الحديث من والده، وجده، وجدته، وعدد من محدثي الحديث في بلده، كما درس علوم اللغة على يد والده، وجماعة من أصحاب "ابن خالويه"، وبسبب فطنته وذكائه الشديدين قام والده بإرساله عند أخواله "بنو سبيكة" في حلب، حيث درس هناك النحو على يد الإمام محمد بن عبدالله بن سعد النحوي، ولم يكتفِ المعري بذلك فدفعه حبه للعلم والمعرفة للرحيل إلى طرابلس الشام، واللاذقية، وأنطاكية؛ للاطلاع على العلوم في هذه المناطق، ومن ثم قرر المعري الرحيل إلى بغداد، وفيها درس العديد من العلوم المختلفة منها: العربية، والنحو، والحديث، وقد أهله علمه وذكاؤه للجلوس وتدريس طلاب العلم، ومن جهةٍ أخرى، امتاز المعري بشدة ذكائه، وقدرته الكبيرة على الحفظ، كما كان ذو ثقافة عالية في العديد من المجالات منها: الديانات، والفلسفة، والتنجيم، والتاريخ، والتصوف، بالإضافة إلى معرفته بثقافة الحضارات الأخرى كاليونانية، والفارسية، والهندية، والعربية.[٤]


اضطر أبو العلاء المعري إلى مغادرة بغداد بعد بقائه فيها لمدة تقارب على السنة وسبعة أشهر؛ وذلك بسبب خلاف وقع بينه وبين الشريف الرضي، فغادرها عائدًا إلى مسقط رأسه معرة النعمان، وفي طريقه وصل إليه نبأ وفاة والدته، فحزن حزنًا شديدًا، وعند وصوله إليها لزم منزله، ولم يغادره بعدها قط إلى أن وافته المنية، وقد لبث في منزله لمدة 49 عامًا دأب خلالها على التصنيف، والتدريس، فأصبح منزله ملجأً لطلاب العلم من شتى أنحاء العالم، وقد أطلق على نفسه لقب "رهين المحبسين"؛ وذلك بسبب لزومه منزله، وفقدانه البصر.[٥]


شعر أبي العلاء المعري

يمكن تقسيم التجربة الشعرية لأبو العلاء المعري إلى مرحلتين هما:[٦][٧]

  • مرحلة ما قبل العزلة، والتي بدأت منذ أن بدأ المعري في نظم الشعر في عمر الشباب، وانتهت عند عودته من بغداد، وكان عمره حينذاك 37 عامًا، وقد غلب على شعر المعري في هذه المرحلة الأغراض الشعرية التقليدية مثل المدح، والغزل، والرثاء، ويظهر ذلك بشكلٍ واضح في ديوانه "سقط الزند"، والذي يُعد امتدادًا لمذهب المتنبي، حيث كان المعري شديد التأثر بأسلوب المتنبي الشعري.
  • مرحلة ما بعد العزلة، وقد ألّف خلال هذه الفترة ديوانه "اللزوميات"، حيث انعكس على شعره في هذه المرحلة نظام حياته القاسي، من عزلة وزهد، كما كان يغلب على قصائده الطابع الفلسفي، المتمحور حول الكون، والحياة الإنسانية، وموقف الإنسان منها، ومصيره بعدها، وقد كان هذه الديوان خاليًا تمامًا من أغراض الشعر التقليدية المعروفة.


مؤلفات أبي العلاء المعري

من مؤلفات أبو العلاء المعري على سبيل الذكر لا الحصر:[٨]

  • استغفر واستغفري: وهو عبارة عن كتاب في المنظوم، يحتوي على عشرة آلاف بيت، ويقع في 120 كراسة.
  • إسعاف الصديق: يتكون هذا الكتاب من ثلاثة أجزاء، يتحدث فيه المعري عن كتاب الجمل في النحو للزجاجي.
  • تفسير خطبة الفصيح: وقد فسر فيه المعري غريب كتابه خطبة الفصيح.


رسالة الغفران

تُعد رسالة الغفران من روائع الأدب النثري القديم، والتي قام أبو العلاء المعري بكتابتها خلال فترة عزلته، وذلك كرد منه على رسالة بعثها إليه أديب حلبي يُدعى ابن القارح، يُظهر فيها تحامله على الشعراء والأدباء، ويتهمهم بارتكاب الذنوب، وترك بعض الفروع الدينية، واستحقاقهم الجحيم في الآخرة، فكان رد المعري عليه هذه الرسالة، والتي حاول المعري من خلالها أن يبين للناس بأنّ الجنة والنار بيد الله وحده، وأنّ رحمته واسعة، وعفوه كبير، يشمل الجميع، بالإضافة إلى إمكانية نجاة الإنسان من النار بسبب عملٍ صالح، أو توبة نصوحة، كما ذكر فيها آراء بعض العلماء، والأدباء، والفقهاء المعروفين في الشعر، والأدب.[٩]


تلاميذ أبي العلاء المعري

من أشهر تلاميذ أبو العلاء المعري:[١٠]

  • أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأبهري.
  • أبو تمام غالب بن عيسى الأنصاري.
  • الخليل بن عبد الجبار القزويني.
  • أبو القاسم علي بن القاضي المحسن بن القاضي التنوخي.
  • أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي.


أشهر مقولات أبي العلاء المعري

هناك عدة مقولات مشهورة لأبو العلاء المعري، منها:[١١]

  1. 
    ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا تجاهلت حتى قيل إني جاهل فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل
    
  2. اثنان أهل الأرض: ذو عقلٍ بلا دين، وآخر دينٌ بلا عقل.
  3. 
    تعبٌ كلها الحياة فما أعجب إلا من راغبٍ في ازدياد
    
  4. لا إمام سوى العقل.
  5. فما للفتى إلا انفرادٌ ووحدةٌ إذا هو لم يُرزق بلوغ المآرب


وفاة أبي العلاء المعري

توفي أبو العلاء المعري في شهر ربيع الأول من عام 449 هجري، بعد معاناة شديدة مع المرض استمرت لمدة ثلاثة أيام، وقد دفن في معرة النعمان، عن عمرٍ يناهز 86 عامًا.[١٢]

المراجع

  1. خالد ضغيم، البعد النفسي للعمى والعزلة في شعر أبي العلاء المعري وأدبه العربي، صفحة 88. بتصرّف.
  2. خالد بن أسيمر البلوي، التقليد والتجديد في شعر أبي العلاء المعري، صفحة 5-6 . بتصرّف.
  3. ميسون محمود فخري العبهري، النقد الاجتماعي في لزوميات أبي العلاء المعري، صفحة 10-11. بتصرّف.
  4. نادية بنت حسن ضيف الله الصاعدي، أبو العلاء المعري والتفكير الفلسفي في لزومياته، صفحة 226 230. بتصرّف.
  5. أحمد تيمور باشا، أبو العلاء المعري، صفحة 65-66. بتصرّف.
  6. الحافظ عبد القدير، Dr. Abdul Qadeer.pdf أبو العلاء المعري ومحمد إقبال، صفحة 60. بتصرّف.
  7. "Quotes", goodreads, Retrieved 15/7/2021. Edited.