من هو أبو تمام؟
هو أديب بارز، وشاعر بليغ، يُعد من أشهر أعلام العصر العباسي في القرن الثاني بعد الهجرة.
وهو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، المشهور بأبي تمام، هو شاعر عربي الأصل، ومعروف بكونه أحد أمراء البيان، تميّز بالطموح والذكاء الفذّ، ناهيك عن البلاغة والفصاحة في القول، فنهج مسلكه الخاص بعيدًا عن أسلافه ومعاصريه من الشعراء المعروفين، ليتحوّل من سقّاء فقير يعمل في جامع عمرو بن العاص في مدينة مصر، إلى شاعر مرموق ذي شأن رفيع، ومكانة عالية، تملّكها بجدارة من خلال مجهوده الكبير الذي صبّه للتزود من الثقافات الوافدة والمتعددة التي شهدها، ومن مطالعة كتب التراجم وبدعم خاص من الخليفة المأمون، ليتفوق في ترويض الشعر، وينجح في استخدام ألفاظ جديدة بمعانٍ عميقة أبهرت السامعين، وأجبرتهم على الاعتراف بفضل أبي تمام، وتميزه وعراقته خلال حياته القصيرة.[١][٢]
مولد أبي تمام ونشأته
اختلف المترجمون حول ولادة أبي تمام، فذُكر أن ولادته كانت في بلدة جاسم، وهي إحدى قرى حوران التي تقع بين دمشق وطبرية، وكانت في عام 190 هـ في آخر خلافة الرشيد، ولكن ذكر ابنه تمام أنه ولد في عام 188هـ، أما عن نسبه فهو يتصل بقبيلة طيء العربية، وقد كان والد أبي تمام نصرانيًا واسمه ثاذوس، أو ثديوس، وهذا قبل أن يعتنق الإسلام، وكان خمارًا يعمل في دمشق، بينما عمل أبو تمام حائكًا قبل أن ينتقل إلى حمص، ويبدأ من هناك حياته الشعرية، وقيل في وصفه إنه طويلُ القامة، أسمر اللون، فصيح القول، حُلو الكلام.[٢][٣][٤][٥]
ثقافة أبي تمام ومسيرته الأدبية
أقام أبو تمام فترة من حياته في دمشق ثم سافر إلى مصر، وعمل هناك في سقاية الناس في الجامع، وخلال هذه الفترة من حياته، درس الشعر العربي وأبحر في قواعده، وكان يحفظ 14 ألف أرجوزة من أراجيز العرب، ناهيك عن المقاطيع والقصائد الأخرى التي تدعم جزالة شعره وتقويه، وعاد من مصر إلى الشام، فاشتهر بقصائده العريقة التي تنوعت بين أشعار المدح والهجاء، واتصل بالخليفة المأمون ومدحه، كما قد طلبه الخليفة المُعتصم في بغداد، وأحسن إليه وميّزه عن بقية الشعراء في زمانه، فأقام في العراق مدّة، قبل أن يتولى بريد مدينة الموصل التي بقي فيها حتى وفاته، وقيل عنه بأنه كان حسن الصوت، يشدوا قصائده بين يدي الأمراء والخلفاء، وهو ما يُشيد بمنزلته ومكانته العريقة التي استحقها بجدارة.[٦][٢][٣]
خصائص شعر أبي تمام
امتاز أبو تمام بقصائده عن غيره من الشعراء في عصره، والتي تحلّت بالخصائص الآتية: [٧]
- فهم واستيعاب العلوم المعاصرة له، كالمنطق والفلسفة، وتوظيفها في أشعاره.
- استخدام الصنعة البديعية في أشعاره، اقتداءً بمذهب مسلم بن الوليد، ليتفوق عليه ويُصبح من بعده إمامًا في هذه الصنعة.
- استخدام الصنعة المعنوية، والتي شملت خلق معانٍ جميلة وجديدة، فقيل فيه أنه تفرّد بطريقته المبتدعة التي تُشبه استخراج اللؤلؤ الثمين من جوف البحر، بالإضافة إلى استخدام الغرائب من المعاني التي لم يسبقه إليها أحد، وهو ما تجلّى في ديوانه المشهور المشحون بالتعقيد والغموض.
- الملائمة بين وزن البيت وموضوع القصائد الشعرية، بالإضافة للخروج عن قواعد الشعر، وعدم التقيّد بأعمدته.
أبرز مؤلفات أبي تمام
قدّم الشاعر أبو تمام العديد من المؤلفات المميزة، منها الآتية:[٣]
- فحول الشعراء.
- مُختار أشعار القبائل.
- الوحشيات.
- نقائض جرير والأخطل.
ديوان الحماسة
وهو ديوان شعري جمعه أبو تمام الطائي، واقتصر فيه على جملة من شعراء الجاهلية، وشعراء صدر الإسلام، وشعراء العصر الأموي، وبعض مقطوعات الشعراء العباسيين، واشتهر عند المتأخرين باسمه هذا بسبب تسمية أبو تمام لأول باب له بباب "الحماسة"، والذي كان بدوره أغزر أبواب الكتاب وأهمها، وقد أتبعه بعدّة أبواب أخرى، مثل: باب المراثي، والأدب، والهجاء، والأضياف، والنسيب، والمديح، وغيرها، وقد نال هذا الديوان قبولاً واسعًا وحسنًا من أهل الأدب، واهتمامًا بقراءته.[٣]
أبيات شعرية لأبي تمام
من الأبيات الشعرية التي أنشدها أبو تمام في مدح مُغنية فارسيّة، ما يأتي:[٨]
وفاة أبي تمام
اختلف المترجمون حول وفاة أبي تمام، فذكر أنه توفي في مدينة الموصل سنة 231 هـ/845م، وقيل إنه توفي في 2-محرم-232هـ، وعن عمر يزيد عن 40 عامًا.[٤][٢]
المراجع
- ↑ د نورة الشعلان، المراة في شعر أبي تمام، صفحة 6-7. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي، صفحة 165. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث أبو تمام، ديوان الحماسة، صفحة 3-4. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة مؤلفين، كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية، صفحة 310. بتصرّف.
- ↑ سمير عوجيف، جمالية التشكيل الشعري ابو تمام أنموذجًا، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية، صفحة 311.
- ↑ د هدى هادي، الخصائص الفنية لشعر أبي تمام والبحتري، صفحة 2-3-4. بتصرّف.
- ↑ د نورة الشعلان، المرأة في شعر أبو التمام، صفحة 16. بتصرّف.