من هو ابن الفارض؟

هو شاعر صوفي مميز من شعراء العصر الأيوبي.


وهو أبو حفص وأبو القاسم شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي ثم المصري، والمشهور بابن الفارض، ويكنى بالشرف، وهو شاعر مُخضرم عُرف وتميز بشعره الصوفي، فجمع الذوق الشعري في أبياته مع الجانب الروحاني العرفاني، وتفاعلت فطرته الشاعرية مع نزعته الروحانية لتُنتج شعرًا متميزًا صوفي رغم أن صاحبه لم يمتلك أو يتبع مذهبًا صوفيًا خاصًا به، وتنوعت أغراض أشعاره، فشملت القصائد الدينية الصوفية، وقصائد الغزل والحنين وغيرها.[١][٢][٣]


مولد ابن الفارض

ولد ابن الفارض في مدينة القاهرة في مصر بتاريخ 4- ذي القعدة - 576هـ الموافق 28-3-1181م، ونشأ وترعرع في كنف والده، فكانت تربيته دينية قائمة على التقوى، والورع، والزهد، والقناعة، وكانت بداياته بدراسة واتباع الفقه الشافعي.[٣][١]


ثقافة ابن الفارض ومسيرته الدينية

كان ابن الفارض يعمل بالفقه الشافعي قبل أن يميل إلى طريق الاختلاء والعزلة وسلوك طريق التصوف، فتجرد وصار يُفضّل السياحة والسير وحيدًا في جبل المُقطم ويتجول في أوديته، أو يتردد على بعض المساجد المهجورة في القرافة، ويعود إلى والده ثم يؤثر الوحدة والتجرد إلى الجبل، وفي عام 613 هـ سافر إلى الحجاز وقضى في مكة 15 عامًا بعيدًا عن الناس، وسائحًا في أرضها، قليل الاتصال بالخَلق، يعتكف في الحرم وحيدًا ويصلي به، وكان لهذه الرحلة أثر كبير فيه، وفي أواخر عام 628 هـ عاد إلى مصر، وأمضى ما تبقى من عمره فيها.[١]


شعر ابن الفارض

تميز ابن الفارض بشعره المميز، فوراء شعره وفنّه من مظاهر نفسية تجعله يصب أبياته في هيكل الفكر المُطلق، فقد عاش هذا الشاعر المُخضرم في زمن خامل، يكاد يخلو من التميز الفني وتوليد العقليات المتفردة بين قوم انصرفوا إلى التقليد لمن سبقهم، وانشغلوا بالاستفسار والاستقصاء حول الأمجاد الأدبية والفلسفية التي خلفها المسلمون وراءهم.


ومن هنا كان النبوغ والتميز للشاعر الحموي العريق ابن الفارض بمثابة ميزة فريدة، فانسلخ عن محيطه، وتنحى عن أبناء عصره، واختلى بنفسه لينشد أشعارًا تربط الملموس والمرئي مما ظهر في هذه الحياة، والمحسوس المخفي مما بطن منها، ولم يكن شعره يقوم على مجريات اليوم كالمتنبي، ولم ينشغل بالحياة وأسرارها كالمُعرّي، وإنما أخذ نهجًا خاصًا يُعميه عن الدنيا ويُبصره إلى ما وراءها، فيُغلق أذنيه حتى لا يلوث سمعه بضجيج الأرض الصاخب ويتنسى له سماع موسيقى المالانهاية.[٤]


ومن أبرز ميزات شعره نزعته الصوفية التي لم يكن لها مثيل، ففي باقي فنون الشعر كثر منازعوه، ومنهم أبو نواس في الخمريات، وفي الحنين إلى الحجاز الشريف الرضي، وفي الصبابة العباس بن أحنف، لكن من جهة أخرى كانت المعاني الرمزية ميزة شعره التي رغّبت الناس به، فكان أخف من أن ينصب له ميزان، ويُروى أن شعره كان فاتحة جديدة في وزن المعاني بعد أن حرص الناس واهتموا بصورة واضحة بوزن الألفاظ، ومن حيث المعاني يعد فحلًا من الفحول جمع بين الحقيقة الروحية وقوة الروح والخيال الذي يُمثل الصورة الحسية التي رمز بها إلى المعنويات.[٥]


أبيات من شعر ابن الفارض

من أبرز الأبيات الشعرية المميزة لابن الفارض ما يأتي:[٦]

  • لك قرب مني ببعدك عني ** وحنو وجدته في جفاكَ.
  • علم الشوق مقلتي سهر الليل ** فصارت من غير نوم تراكَ.
  • حَبذا ليلةً بها صدت إسراكَ ** وكان السهاد لي إشراكَ.
  • بات بدر التمام طيف محياك ** لطرفي بيقظتي إذ حكاكَ.
  • فترائيتُ في سواكَ لِعينٍ ** بكَ قرّت وما رأت سواكَ.


وفاة ابن الفارض

توفي ابن الفارض في مدينة القاهرة في تاريخ 2- جمادى الأولى-632هـ الموافق 29-1-1235م، عن عُمرٍ يُناهز 56 سنة ودُفن في سفح المُقطم.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت حوماد صليحة، الرمز الصوفي في شعر ابن الفارض، صفحة 217-221-218. بتصرّف.
  2. "Ibn al-Fāriḍ", britannica, Retrieved 31-5-2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ابن خلكان، كتاب وفيات الأعيان، صفحة 154-155. بتصرّف.
  4. جبران خليل جبران، البدائع والطرائف، صفحة 63-64. بتصرّف.
  5. زكي مبارك، التَّصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق، صفحة 278. بتصرّف.
  6. زكي مبارك، التَّصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق، صفحة 289. بتصرّف.