من هو الأصمعي؟

هو شاعر، وراوي بارز، وأحد أعلام اللغة وأئمة الشعراء في القرنين الثامن والتاسع الميلادي.


وهو أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي، تلميذ أبي عمرو بن علاء مؤسس مدرسة البصرة، والشاعر المُخضرم في بلاط الخليفة العباسي هارون الرشيد، فقد امتاز بطلاقته ولغته العربية الفصحى السليمة، وطريقته المميزة في اختيار القصائد، فضلًا عن اهتمامه بالتقاليد الأصيلة التي سادت في عصره، وله العديد من المؤلفات، أبرزها مجموعة مُختارات الأصمعيات.[١][٢]


مولد الأصمعي ونشأته

ولد الأصمعي في البصرة في حي بني أصمع عام 123 هـ/ 741 م، وكان ينتمي لأسرة متواضعة، وربته والدته على البساطة كباقي أطفال العامة، وكان طفلًا ذكيًا فصيح اللهجة في صباه كثير الحركة، وعذب الصوت، وماهرًا في تقليد محدثيه، وبعد أن اشتد عوده وكبر قليلًا كان يُساعد والده في كسب العيش، وتميز بنباهته، وحبه للعلم، وحرصه على جمعه رغم تواضع أسرته.[٣]


ثقافة الأصمعي وعلمه

دخل الأصمعي الكُتاب في سن 6 سنوات، وقرأ وحفظ من أجزاء القرآن، كما قرأ الأدب البسيط، ومن ثم اتجه إلى جامع البصرة، ونهل من علوم رجال المعارف، والعلماء، والأدباء المتخصصين فيه، وقصد سوق المربد، وانتقل بين حلقاته يسمع القصائد والقصص والحكم والخطب، ويُدون ما اكتنزه من معلومات، ومن ثم توغل في البوادي، وقصد الأعراب، وتنقل بين القبائل ليطلع على غرائبهم وأشعارهم، وتعرض للمصاعب والمتاعب والأمراض لكنه كان هيّنًا في سبيل العلم، فأصبح راوي الشعر المتميز في عصره، والقادر على نقده وتحليله ببراعة.


ومن جهة أخرى امتاز عصره بازدهار الحركة العلمية والأدبية، الأمر الذي أثر على مسيرته الأدبية ودعمه، ومنحه مكانة مرموقة بين العلماء واللغويين والرواة والمُحدثين، فنال شرف أن يُصبح أديبًا لأبناء الخليفة هارون الرشيد، والذي أشاد بعلومه وأدبه العريق ومدحه، إذ تميزت ثقافته بتنوعها، وتجلى ذلك في مؤلفاته التي شملت الأدب، والتاريخ، والجغرافيا، والطبيعة، والنباتات، والحيوانات، فضلًا عن كتبه الأدبية التي تحث النفس على حسن الخلق ورفعته، وقُدر عدد مؤلفاته بتسعة وخمسين كتابًا بين الموجود والمفقود، وكان يعتمد المشافهة والرواية لاستقصاء مادته العلمية، ولا يأخذ الشعر قبل أن يعرف ويتحقق من صاحبه ونسبه ومناسَبة شعره أولًا، بالإضافة إلى المكان الذي أنشَدَ في شعره والشهود ممن حضروا إنشاده، واتسم بامتلاك مذاهب خاصة في تفسير الشعر لم يمتلكها غيره من الرواة.[٤][٥][٢]


فلسفة الأصمعي ومذهبه الخاص

نشأ الأصمعي في أسرة مُحافظة على الشعائر الدينية، ولازم شيوخ البصرة في المسجد الجامع ممن اتسموا بالعلم، والورع، والصدق، والمنهج السليم، فلم ينحرف إلى الرذيلة والمجون مع باقي الشباب، ولم يميل قط إلى الفرق الكلامية، والنقاش في الأصول والفلسفة الدينية، أو يكترث لجماعات المعتزلة أو الخوراج، وبالمُقابل احترم أهل البيت، وكان على مذهب أهل السنة، ورغم ذلك لم يذهب في تفسير شيء من القرآن رغم إتقانه لعلوم التفسير، أما مذهبه بالرواية فكان موثوقًا ولم يزد أو يكذب حول من يروي عنهم بشهادة من عاصروه.[٦]


أشهر أساتذة الأصمعي

تتلمذ الأصمعي على يد نخبة من الأستاذة، منهم ما يأتي:[٤]

  • أبو عمرو بن العلاء.
  • الخليل ابن أحمد الفراهيدي.
  • يونس بن حبيب.


كتاب الأصمعيات

تُعد الأصمعيات مجموعة شعرية بارزة ومميزة صُنفت فيها القصائد المرموقة التي اختارها أبو الأصمعي للمهديّ العبّاسيّ، وتشمل بدورها 92 قصيدةً ومُقطَّعةً، يبلغ عدد كتابها من الشعراء 70 شاعرًا، فئة قليلة منهم تنتمي إلى الشعراء المُخضرمين، والإسلاميين، والأمويين، بينما كان مُعظمهم من شعراء الجاهلية، ويبلغ عدد أبيات الأصمعيات 1439 بيتًا، وقد سُمِّيَتْ (الأصمعيّات) نسبةً إلى جامعها الأصمعي. [٧]


أبيات من شعر الأصمعي

يروي الأصمعي أنه بينما كنت يسير في البادية مرَّ بحجرٍ مكتوب عليه بيت من الشعر:[٨]

  • أيا معشر العُشَّاق بالله خبروا ** إذا حلَّ عشق بالفتى كيف يصنعُ.

فكتب الأصمعي تحته:

  • يداري هواه ثم يكتم سره ** ويخشع في كل الأمور ويخضع.

وعند عودته في اليوم التالي وجدت بيتًا آخر مكتوبًا تحته:

  • فكيف يُداري والهوى قاتل الفتى ** وفي كل يومٍ قلبه يتقطعُ.

فكتب ردًا عليه تحته:

  • إذا لم يجد صبرًا لكتمان سره ** فليس له شيءٌ سوى الموت أنفع.

وعند عودته في الثالث وجد شابًّا ملقى تحت ذلك الحجر ميتًا وقد كتب قبل موته:

  • سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا ** سلامي إلى من كان للوصل يمنع.


وفاة الأصمعي

اختلف المؤرخون حول وفاة الأصمعي، وقيل إنه توفي في مدينة البصرة، في أحد الأعوام 213/216/217 هـ.[٢]

المراجع

  1. "Al-Aṣmaʿī", britannica, Retrieved 30-5-2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت كوثر ھاتف كريم عبد الرضا الشيباني، لغــة الشعــر فــي ديــوان الأصمعيات، صفحة 24-25-26. بتصرّف.
  3. الأصمعي، الأصمعي، صفحة 59-60. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مُعتصم صلاح محمد، التوابع في الأصمعيات دراسة نحوية تطبيقية، صفحة 14. بتصرّف.
  5. الأصمعي، الأصمعي، صفحة 62-63. بتصرّف.
  6. مُعتصم صلاح محمد، التوابع في الأصمعيات، صفحة 28-29. بتصرّف.
  7. "المجامع الشعرية القديمة"، جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2 الهضاب، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2021. بتصرّف.
  8. إبراهيم زيدان، نوادر العُشَّاق، صفحة 327. بتصرّف.