نبذة عن الشاعر ابن حمديس الصقلي

يعد ابن حمديس الصقلي من شعراء العرب في القرون الوسطى ومن الشعراء المعروفين في الأندلس خلال الفترة الإسلامية، وقد وُلد في جزيرة صقلية عام 477 هـ، وتعلم فيها، وكانت له إسهامات بارزة في الشعر الأندلسي؛ إذ كانت الأندلس في تلك الحقبة من التاريخ مركزًا رئيسيًا للثقافة والعلم والأدب في العالم الإسلامي.[١]


يُعتبر ابن حمديس الصقلي من أبرز شعراء الأندلس في عصره، وقد تركت قصائده بصمة واضحة في التاريخ الأدبي، ويتناول شعره موضوعات متنوعة، بما في ذلك الحب والغزل والطبيعة، والمدينة والمجتمع، وقد تميزت قصائده بالبلاغة والجمال اللغوي والعاطفة، وبرقة الموسيقى واستخدام الصور المتحركة، ورهافة الحس والابتعاد عن الهجاء.[٢]


وحتى الوقت الحالي لازالت قصائد ابن حمديس الصقلي تحظى بشهرة واسعة في الأوساط الأدبية والشعرية، وتُعتبر قصائده مثالًا على الشعر الأندلسي الراقي والمتميز في الفترة الإسلامية.[٣]


نشأة الشاعر ابن حمديس الصقلي ونبذة عن حياته

واسمه هو عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي أبو محمد، وهو من الشعراء المبدعين الذين انتقلوا من جزيرة صقلية إلى الأندلس سنة 471 هـ، وقد مدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.[١]


وقد كانت صقلية عند ولادته في قبضة النُّورمان، الذين استبدُّوا بها، وكان ذلك هو السبب وراء انتقاله عنها في ريعان شبابه إلى الأندلس، وقد ظل لديه حنين دائم إليها برز بشكل كبير في شعره حتى وفاته.[٣]


أقامَ ابنُ حمديس لدى المُعْتَمِد وبقي في صُحبته، حتى تم خلعه وسجنه من قبل زعيم المرابطين يوسف بن تاشفين عام 484 هـ، فرحلَ ابن حمديس إلى بلاد المغرب في إفريقية سنة 516 هـ، وظل يتجولُ فيه، وساءت أحوالُه أن وافته المنيَّةُ سنة سبع وعشرين وخمسمئة 527 هـ، وقد بلغ من العمر ثمانين عاماً في جزيرة ميورقة ، وقد فقد بصره.[١]


بعض أشعار ابن حمديس الصقلي

لابن حمديس ديوان شعر مطبوع حققه الدكتور إحسان عباس، وهو مكون من قسمين اثنين الأول كُتب على يد الشاعر نفسه، وفيه ذكر لبعض مناسبات قصاده، ويضم 336 نصاً شعرياً، أما الثاني فهو ذيل الديوان وقد تمت كتابته من قبل المحقق.[٣]


ومن أبرز أشعار وقصائد الشاعر ابن حمديس الصقلي ما يأتي:[٤]


إِلى مَتى مِنكُمُ هَجري وإقْصَائي

ويلي وجدتُ أحِبّائي كأعْدائي

هُمْ أظمؤُوني إلى ماءِ اللّمى ظمأً

تَرَحّلَ الرِّيُّ بي منهُ عنِ الماءِ

وخالفونيَ فيما كنْتُ آمُلُهُ

منهمْ وَرُبَّ دواءٍ عادَ كالداءِ

أَعيا عَليّ وعُذري لا خفاءَ بِهِ

رِياضَةُ الصعبِ مِن أَخلاقِ عذراءِ



أذبْتَ فؤادي يا فديتُكَ بالعَتْبِ

ولو بتَّ صبّاً ما عَنُفْتَ على صَبِّ

وقاتلتي بينَ الغواني كأنَّها

مصوَّرةٌ بالعينِ في حبَّةِ القلبِ

حياةٌ ولكنْ طَرْفُها ذو منيّةٍ

أما يُتَوقّى الموتُ من طَرَفِ العضبِ

شكوْتُ إليها لوعةَ الحبّ فانثنَتْ

تقولُ لتربيها وما لوعةُ الحبِّ


وبشكل عام كانت قصائد هذا الكاتب معبرة بشكل كبير عن تجاربه وأحلامه، ومعاناته وطموحه، ومن أكثر موضوعات قصائده: قوة الحنين والتفجع على ضياع الوطن، ومن أبرز قصائده في هذا الشأن:[٢]


ذكرت صقليةً والأسى

يجدد للنفس تذكارها

فإن كنت أخرجت من جنّةٍ

فإني أحدِّثُ أخبارها

ولولا ملوحة ماء البكاء

حسبت دموعي أنهارها


كما كتب أيضًا شعر المدح في المعتمد بن عباد، وفي أهل صقلية، وشعر الرثاء بعد موت والده وابن أخته، وجاريته جوهرة التي غرقت في البحر.[٢]


كما أبدع بشدة في وصف الطبيعة وتفاصيلها ومحاسنها، وله قصائد في الغزل العفيف الذي وصف فيه عيون الحبيبة، والشكوى من الفراق، ومن أبرز قصائده الغزلية:[٢]


أذبْتَ فؤادي يا فديتُكَ بالعَتْبِ

ولو بتَّ صبًّا ما عَنُفْتَ على صَبِّ

وقاتلتي بينَ الغواني كأنَّها

مصوَّرةٌ بالعينِ في حبَّةِ القلبِ

حياةٌ ولكنْ طَرْفُها ذو منيّةٍ

أما يُتَوقّى الموتُ من طَرَفِ العضبِ

شكوْتُ إليها لوعةَ الحبّ فانثنَتْ

تقولُ لتربيها وما لوعةُ الحبِّ



المراجع

  1. ^ أ ب ت "وَعِظْتَ بلمّتك الشائبه"، موقع البيت العربي، اطّلع عليه بتاريخ 2/8/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "ابن حمديس الصقلي: الشاعر الذي صنع الحياة الثقافية في الأندلس"، موقع نون بوست، اطّلع عليه بتاريخ 2/8/2023. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "ابن حمديس الصقلي"، دار المقتبس للطباعة والنشر. بتصرّف.
  4. "معلومات عن ابن حمديس"، موقع الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/8/2023. بتصرّف.