من هو الأعشى؟

شاعر جاهلي مُخضرم من فحول شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية ومن أصحاب المعلقات العشر البارزين في القرن السابع الهجري.


وهو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الحصن بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، ويُلقب بالأعشى الأكبر لتمييزه بين الشعراء الآخرين الذي حملوا لقب الأعشى، وسبب تسميته بالأعشى هو ضعف بصره، أما كنيته فأبي بصير، وقيل في وصفه بأنه صناجة العرب؛ بسبب كفاءة أشعاره، فعدّه الكثيرون وخاصة أهل الكوفة من نخبة الشعراء وأبرزهم، ومدحه جملة من علماء النحو واللغة، ومن بينهم علاء بن عمرو، وابن سلام الذي صنفه في الطبقة الأولى لشعراء الجاهلية.[١][٢][٣]


مولد ونشأة الأعشى

وُلد الأعشى في قرية منفوحة في اليمامة والتي تقع في المملكة العربية السعودية في عام 570 م، ونشأ راويةً لخاله المسيَّب بن عَلَس، وكان والد الأعشى يُلقب بقتيل الجوع بعد أن مات جوعًا في مغارة استظلّ بها من الحر، فوقعت عليها صخرة سدت مدخلها.[١][١][٣]


رحلات الأعشى ومسيرته الشعرية

ارتحل الأعشى في سبيل كسب المال، وطاف البلاد قاصدًا أشرافها وملوكها الذين مدحهم فأجزوا شكره وقدموا له الهدايا والديباج، والأموال والإبل والجياد، وكان لرحلاته المتنوعة بين قبائل عاد وثمود وطسم وجديس وفي بلاد الفرس والروم أثر كبير في مسيرته، فرفعت مستواه كشاعر جاهلي وأوصلته بالحضارات، وأثرت ثقافته وذخيرته التاريخية ليتمكن من شعره ويشدو أجمل وأعذب الأبيات التي تفاوتت بين المديح، والهجاء، والغزل، والخمريات، وغيرها، وخلال حياته تزوج من امرأة تعود إلى قبيلة عَنَزة، لكنه طلّقها ومدحها بقصيدة مميزة، وكان له ابنة مدحها واستذكر حرصها على استقباله بحفاوة عند عودته من أسفاره في قصيدة أخرى، وفقد الأعشى بصره وصوّر ذلك في قصائد متفرقة عبر فيها عن ظلام الكبر في السن تضمنها ديوانه الشعري كما مدح النعمان بن المنذر في إحداها.[١][٣]


سمات وميزات قصائد وأشعار الأعشى

تعددت الأغراض والمسالك والفنون الشعرية التي ميزت قصائد الأعشى، فكان غزير الحكمة وكثير المدح لملوك العرب والفرس، وتعددت الألفاظ الفارسية في شعره، وقيل في غزله أنه إذا مدح شخصًا رَفع قدره، وخير مثال على ذلك قصة مدحه للمحلَّق الكلابي التي اشتهرت في كتب الأدب، وفي نفس الوقت لم تُلهه رحلاته للأمراء والأشراف عن مقاصد ودور الشاعر الجاهلي تجاه شؤون قومه، كما لم تحدّ من إخلاصه لقبيلتي بكر وربيعة، فدوَّن انتصاراتهم، وهجى أعدائهم بشراسة، وندد بخصومهم، وأرَّخ الوقائع التاريخية ومَجّد فيها مكاسبهم وبطولاتهم، ورصد بين أبياته الأحداث التاريخية القديمة والمعاصرة، مما يدل على عبقريته واطلاعه الواسع بالأحداث والوقائع التي تدور من حوله، فاكتنزها في أبياته التي جُمعت في ديوانه الشعري، والتي أظهرت وعيه وإبداعه ومسؤوليته وعدم تفرغه للمديح والغزل والثناء واللهو وكسب المال فقط.


كما كان الأعشى صاحب أول قصة شعرية في الجاهلية، فروى قصة وفاء السموأل بن عادياء مادحًا فيها الشاعر شريح بن السموأل، وغلب على شعره القصصي الطابع الحماسي، كما كان قصير النفس لا يُبالغ في السرد بل يحكي قصصه على شكل لمحات وإشارات خاطفة، كما امتازت أشعاره بالتزامن إلى أسلوب القصص بوحدة القصيدة، والاستطراد والاستدارة، فكان له أثر وشأن كبير في زمانه، وتجدر الإشارة إلى أن الأعشى برز في أشعار الخمريات التي شاعت في الجاهلية، لكن خمرياته ذات قالب فني مُميز يشع بالحياة، وترتبط بصورة عاطفية بين المضمون الشعري والشاعر، فتتدفق فيها العواطف بغزارة ناهيك عن بساطتها وسهولتها.[١][٣][٤]


أبيات من مُعلقة الأعشى

قدّم الأعشى معلقة شعرية صنفها العرب من ضمن المعلقات العشر، ومن أبياتها الشعرية ما يأتي:[٥]


هُرَيرَةَ وَدَّعها وَإِن لامَ لائِمُ غَداةَ غَدٍ أَم أَنتَ لِلبَينِ واجِمُ لَقَد كانَ في حَولٍ ثَواءٍ ثَوَيتَهُ تَقَضّي لُباناتٍ وَيَسأَمُ سائِمُ مُبَتَّلَةٌ هَيفاءُ رَودٌ شَبابُها لَها مُقلَتا رِئمٍ وَأَسوَدُ فاحِمُ وَوَجهٌ نَقِيُّ اللَونِ صافٍ يَزينُهُ مَعَ الحَليِ لَبّاتٌ لَها وَمَعاصِمُ وَتَضحَكُ عَن غُرِّ الثَنايا كَأَنَّهُ ذُرى أُقحُوانٍ نَبتُهُ مُتَناعِمُ



وفاة الأعشى

توفي الأعشى مقتولًا بعد أن رمى به بعيره في بقاع منفوحة التي تقع في المملكة العربية السعودية، وذلك بعد أن قدِمَ النبيّ الكريم راغبًا باعتناق الإسلام، لكن أبو سفيان أغراه وجمع له مئة من البعير خوفًا من سلاطة لسانه ومهاجمته قريش بسهام أشعاره، فارتدّ عائدًا لبلده وتوفي في عام 629 م، وكان يبلغ من العمر 59 عامًا.[١][٦]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح "الأعشى"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 16-8-2021. بتصرّف.
  2. أبو القاسم ابن العساكر، تاريخ دمشق ابن العساكر، صفحة 327. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث أحمد بن الأمين الشنقيطي، المعلقات العشر وأخبار شعرائها، صفحة 51-52-60-61. بتصرّف.
  4. محمود صبحي سيد أحمد شاهي، صدى الأحداث التاريخية في شعر الأعشى، صفحة 5-6. بتصرّف.
  5. الأعشى، "هريرة ودعها وإن لام لائم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 17-8-2021. بتصرّف.
  6. ابو القايم ابن عساكر، تاريخ دمشق لابن عساكر، صفحة 329. بتصرّف.