من هو شيشرون؟

وهو خطيب ورجل دولة سياسي وأديب بارز في عصر الجمهورية الرومانية القديمة قبل الميلاد.


هو ماركوس توليوس كيكرو، ولَقب شيشرون الذي اشتهر به هو ما يُرادف اسمه باللغة الإيطاليّة، ويُعد بدوره خطيب روما الأشهر، ورجل قانون إيطالي الأصل شغل مناصب عظيمة في الجمهورية الرومانية، ناهيك عن كونه أديب وباحث وسياسي بارز وكاتب بليغ اشتهر بكتاباته المميزة باللغة اللاتينية الكلاسيكية، والتي شملت جملة من الخطب السياسية والفلسفية والرسائل والكتب وغيرها، وقدّم نموذجًا وأسلوبًا مميزًا في البلاغة بات يُعرف في عصرنا الحديث بالشيشرونية، والتي أصبحت تُعتبر على أنها إحدى أسمى الحركات الإنسانية، فسار على نهجها العديد من الشعراء والمفكرون المُتأثرين بها، ومن بينهم الشاعر الإيطالي بتراركا.[١][٢][٣]


مولد ونشأة شيشرون

ولد شيشرون في مدينة أربينوم (أربينو الآن) في إيطاليا في تاريخ 3 يناير في عام 106 قبل الميلاد، وكان ينتمي لأسرة نبيلة وثرية، وقد انتقل إلى روما بينما كان طفلًا صغيرًا، فترعرع ونشأ فيها نشأة علمية وثقافية مميزة.[٤]


ثقافة وتعليم شيشرون ومسيرته الأدبية

تلقى شيشرون تعليمه الأولي في روما، فدرس الفلسفة والقانون والبلاغة، وأجاد اللغة الإغريقية، وكان يواظب على حضور مجالس الخطباء البلغاء المميزين في عصره ويستمع لهم بإنصات، كما أظهر حبًا شديدًا للمطالعة والتثقف والدراسة، وسافر إلى أثينا لتعزيز دراسته الفلسفية والأدبية، كما انتقل إلى جزيرة "رودوس" قاصدًا الخطباء المشهورين هناك، وفي عام 81 ق.م، دافع عن "روسكيوس" مُستخدمًا مهاراته كرجل قانون ضد أحد أتباع الدكتاتور "سولا"، فذاع صيته بين الجميع، وبات يُعرف بجرأته.


دخل شيشرون الحياة السياسية من أوسع أبوابها عندما حصل على منصب "الخازن" في مكتب للإدارة المالية عام 75 ق. م في صقلية، وعُرف بالأمانة والصدق، فلجأ إليه سكان صقلية واشتكوا والي الجزيرة الظالم والمُفسد "فيرس" وقاضوه ليواجه شيشرون المحامي الشهير "هورتنسيوس" المدافع عن "فيرس" ليتفوق شيشرون عليه ويحظى بشهرة أكبر بصفته خطيب عظيم ومحامٍ عادل، كما عُيّن بمنصب المشرف على الشؤون البلدية (إيديليس Aedilis)، ومن بعدها منصب القضاء (بريتور Praetor)، وقدّم خطابًا سياسيًا معروفًا بقصد منح القيادة لبومبيوس خلال الحرب ضد ملك بونتوس (مثريديتس) في آسيا الصغرى.


تولى شيشرون منصب القنصل في عام 63 ق.م رغم اعتراض النبلاء على ذلك لعدم تبنيه الأرستقراطية في روما، حيث كان معتمدًا على نزاهته وقدراته للوصول إلى مناصب وأمجاد كبيرة في سن صغيرة، وخلال عمله في القنصلية، أطلق مجموعة من الخطب كشف من خلالها مؤامرة أحد النبلاء "كاتيلينا" والتي تهدف لقلب نظام الحكم، وبسببها ألقي القبض على مجموعة خائنين حُكِم عليهم بالإعدام.


كما قدم العديد من الأعمال المنوعة التي تفاوتت بين الشعر والنثر باللغات الإغريقية واللاتينية، والتي مجّد فيها مسيرته ودوره في الحفاظ على أمن الجمهورية الرومانية، ولكنه لم يسلم من مؤامرات خصومه، فنُفِيَ إلى مقدونيا بسبب محاكمة المحامي الشهير "كلوديوس" له إثر إعدامه للمسؤولين دون استشارة الشعب، ولكنه عاد إلى روما بعد أن حصل على دعم شديد واستقبله الشعب بسرور، فترك السياسة ولازم التأليف ونشر أعماله المميزة منها: كتاب "في القوانين"، و"في الخطابة"، وخلال تلك الفترة خسر في قضايا عديدة، منها قضية دافع فيها عن صديقه المحامي "ميلو" الذي اتهم بقتل "كلوديوس".


انتخب شيشرون لاحقًا بمنصب والي كيليكية، وأثناء خدمته شنّ حملة حربية ضد الكيليكيين المتمردين، فلُقّب بالقائد المنتصر والإمبراطور، كما وقع ضحية للحرب الأهلية بين "بومبيوس" و"يوليوس"، وانضم لمعسكر الجمهوريين في اليونان، وعاد أدراجه إلى إيطاليا بعد معركة "فرسالوس"، وحظي بعفو القيصر المنتصر عنه، لكنه لم يُظهر له الودَّ خشية طمعه بالحكم، فما كان له إلا أن يلجأ إلى الكتابة والفلسفة التي رأى فيها عزاءً له بعد موت ابنته توليا.


وعاد ليترأس مجلس الشيوخ بعد اغتيال القيصر كونه قنصلًا سابقًا، وكان يطمح بإعادة بناء النظام الجمهوري، من خلال تكاتف طبقات المجتمع النبيلة في وجه الفساد المتمثل في "ماركوس أنطونيوس"، عدو شيشرون اللدود، والذي هاجمه بقسوة من خلال سلسلة من الخطب السياسية المسماة "الفيليبيات"، ونصر فيها "أوغسطس" ابن أخت القيصر، ولكن تحالف كل من "أنطونيوس" و"أوكتافيوس" ضد شيشرون وباقي أنصار نظام الجمهورية، وقادوا حملة حربية لاغتيالهم، فكان شيشرون ضحية لعدوانهم، إذ سلبوا منه حياته بصورة مأساوية، وذلك بقطع رأسه ويده اليمنى وعرضهما في ساحة روما العامة.[٤][١][٢][٣]


أشهر أستاذة شيشرون

تتلمذ شيشرون على يد نخبة من خطباء وفقهاء عصره خاصةً في روما وأثينا، ومنهم:[٢]

  • الفقيه الشهير بالكاهن والقنصل سيكفولا.
  • الأب ماركوس أنطونيوس.
  • كراسوس.
  • فيلسوف أثينا بوسيدونيوس الأفامي.
  • أستاذ البلاغة مولون.


أبرز مؤلفات شيشرون

من أبرز مؤلفات شيشرون ما يأتي:

كتاب علم الغيب في العالم القديم

ألّف شيشرون المُفكر الحر هذا الكتاب الفلسفي الذي وُصف بالموسوعي والذي اُعتبر بمثابة جزء من سجل تاريخي ضخم يحدث في زمانه ويدور حول علم الغيب، وقصد من خلاله مناقشة مسألة التكهن بالغيب بشتى وسائلها وأساليبها مُشتملًا على التأييد والاستنكار، ومن جهة أخرى، لم يكتف بذلك بل أضمنه العديد من الأدلة السياسية والثقافية التي لا تزال قائمة حتى عصرنا اليوم، مما جعل هذا الكتاب يُشكل عملًا تاريخيًا وتحليليًا شيّقًا يستند إلى الإثارة والمتعة.[٥]


كتاب أسباب تجعلني راغبًا في الموت

قد أُخِذ عنوان هذا الكتاب من محتوى رسالة شيشرون إلى "ماركوس ماريوس" في تاريخ 10 يوليو 47 قبل الميلاد، ويضم الكتاب بين سطوره العديد من رسائل شيشرون إلى أصدقائه، والتي يبلغ عددها 24 رسالة تم اختيارها من بين 800 رسالة كُتبت على مدار 26 سنة، والتي من خلالها قدم خطيب روما البليغ شيشرون الفلسفة اليونانية والثقافة الرومانية، وعزز انتشار اللغة اللاتينية، كما أنّه كان على دراية بنهايته المأساوية القادمة، والتي أذعن لها ليتم إعدامه لاحقًا، وقد نُشرت الرسائل من قبل ابنه "ماركوس"، وتم ترجمتها للغة الإنجليزية على يد "دبليو ميلموث".[٦]


مقولات شيشرون

من أشهر أقوال شيشرون ما يأتي:[٧]

  • الصداقة تحسّن السعادة، وتحدّ من البؤس، بمضاعفة أفراحنا، وتقسيم أحزاننا.
  • غالبًا ما تكون سلطة أولئك الذين يعلمون عقبة أمام أولئك الذين يريدون التعلم.
  • غرفة بدون كتب مثل الجسد بلا روح.


وفاة شيشرون

توفي شيشرون في مدينة فورميا في إيطاليا في تاريخ 7 ديسمبر 43 قبل الميلاد، وكان يبلغ من العمر 63 عامًا.[١]


ولقراءة معلومات عن غيره من رجال الدولة والقانون: يوهان غوته، أمبادوقليس.



المراجع

  1. ^ أ ب ت John Ferguson ، "Cicero"، britannica، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "شيشرون"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  3. ^ أ ب Catherine Steel, Caroline Bishop (2-7-2020), "Cicero", oxfordbibliographies, Retrieved 8-8-2021. Edited.
  4. ^ أ ب "Cicero"، iep.utm، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. Edited.
  5. شيشرون، "علم الغيب في العالم القديم"، مقهى الكتب، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  6. شيشرون، "كتاب أسباب تجعلني راغبًا في الموت"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  7. "Marcus Tullius Cicero Quotes", goodreads, Retrieved 30-7-2021. Edited.