بافلوف

من هو بافلوف؟

هو طبيب، وعالم فسيولوجي روسي، وأحد رواد القرنين التاسع عشر والعشرين الميلادي.

وهو إيفان بتروفيتش بافلوف، عالم فسيولوجي روسي الأصل، عُرف بأبحاثه وإنجازاته في مجال علم وظائف الأعضاء، وخاصة الغدد الهضمية، والدورة الدموية، فاستحق بجدارة الفوز بجائزة نوبل في الطب، وذلك في عام 1904م، ومن جانبٍ آخر فقد ساهمت أبحاثه هذه بشكلٍ كبير في تطوير مفهوم ردود الفعل الشرطية، حيث توصل من خلالها إلى صياغة نظريته، الاشتراط الكلاسيكي "Classical Conditioning"، والتي لاقت قبولًا واسعًا بين علماء النفس، فقد رأى البعض منهم إمكانية استخدام هذه النظرية في تفسير الكثير من سلوكيات البشر المختلفة، وخاصة في حالة الذهان البشري، لذا فقد سد بافلوف الفجوة بين علم النفس وعلم وظائف الأعضاء.^[١]

مولد بافلوف ونشأته

ولد بافلوف في تاريخ 14 من شهر أيلول/ سبتمبر في عام 1849م، في قرية ريازان في روسيا، والده هو بيتر ديمترييفيتش بافلوف، والذي كان متبوأ منصب كاهن القرية، وقد كان من المفترض لبافلوف أن يسير على خطى والده، بأن يصبح رجل دين هو أيضًا، إلا أن بافلوف قد خالف هذه التوقعات، بسبب ميوله واهتمامه الشديد بالعلوم الطبيعية.^[٢]

مسيرة بافلوف العلمية والعملية

بدأ بافلوف بتلقي تعليمه الأولي في المدارس الدينية في قريته، إلا أنه سرعان ما أظهر شغفه الكبير وولعه بالعلوم الطبيعية، مما دفعه إلى ترك المدرسة الدينية، والالتحاق بجامعة سانت بطرسبرغ لدراسة الكيمياء وعلم وظائف الأعضاء، وذلك في عام 1870م، ثم واصل تلقي تعليمه في الأكاديمية الطبية الإمبراطورية، والتي تخرج منها في عام 1879م بدرجة الدكتوراه في الطب.

وبعد إنهاء بافلوف متطلبات الدكتوراه انتقل إلى ألمانيا، وبقي فيها طوال الفترة الواقعة ما بين عامي 1884-1886م، حيث درس فيها الطب تحت إشراف عالم فسيولوجيا القلب والأوعية الدموية "كارل لودفيج"، واختصاصي وظائف الجهاز الهضمي "رودولف هايدنهاين"، وفي عام 1888م انتقل بافلوف للعمل في مختبر بوتكين في سانت بطرسبرغ، علمًا أن عمله كان متمحورًا حول فسيولوجيا القلب، وتنظيم ضغط الدم، ولقد استمر بالعمل في هذا المختبر حتى عام 1890م، إذ تسلم بعدها منصب أستاذ لعلم وظائف الأعضاء في الأكاديمية الطبية الإمبراطورية، ومديرًا لمعهد الطب التجريبي، والذي أصبح بعدها أحد أهم مراكز البحث الفسيولوجي.^[١]

إنجازات بافلوف في مجال علم وظائف الأعضاء

أثناء عمل بافلوف في معهد الطب التجريبي مارس العديد من العمليات الجراحية الدقيقة للحيوانات، مع توفير الاهتمام والرعاية بهم بعد الجراحة، كما عمل على تطوير مهاراته الجراحية بشكلٍ كبير، فقد تمكن من إدخال قسطرة في الشريان الفخذي لكلب دون التسبب بأيّ ألم، ودون استخدام التخدير.

من جهةٍ أخرى فقد أجرى بافلوف بالاشتراك مع "هايدنهاين" العديد من الدراسات حول النشاط الإفرازي للهضم، وقد ابتكر عملية مكنته من عزل المعدة عن محتوياتها، مع المحافظة على إمداد العصب المبهم، وقد استطاع من خلال هذه العملية دراسة إفرازات الجهاز الهضمي للحيوانات، وتوصل بافلوف من خلال هذه الأبحاث إلى استنتاج مفاده أن الجهاز العصبي يمتلك الدور الأكبر في تنظيم عملية الهضم، وفي عام 1897م أعلن بافلوف عن هذه النتائج في محاضرة ألقاها ونشرها تحت عنوان "محاضرات حول وظيفة الغدد الهضمية الرئيسية"، وقد اعتبر هذا الاكتشاف الأساس الذي بني عليه علم فسيولوجيا الهضم الحديث، كما كان له الدور الأكبر في التطور الحاصل في مجال الطب النظري والعملي.^[١][٢]

نظرية بافلوف

ساهمت هذه النظرية والتي تُعرف أيضًا باسم الاشتراط الكلاسيكي، في التعرف على آلية عملية التعلم، أو اكتساب سلوك معين عن طريق الارتباط الشرطي، وقد توصل بافلوف إليها بمحض الصدفة، وذلك أثناء دراسته للعصارات الهضمية لدى الكلاب، والتي تفرزها استجابة لتناول الطعام، إلا أنه لاحظ أن بعض الكلاب تبدأ بإفراز اللعاب بمجرد سماعها صوت خطواته هو أو أحد مساعديه، وحتى قبل أن تتذوق الطعام، لذا فقد استنتج أن استجابة الكلاب للطعام، وإفرازها اللعاب مرتبطة بحدث شرطي، ألا وهو صوت خطوات قدميه، وقد أطلق بافلوف على هذه الاستجابة اسم رد الفعل المكتسب أو الشرطي، وقد نشر نتائجه هذه في ورقة علمية عام 1903م، والتي تضمنت نظريته التي تنص على دور الارتباط الشرطي المكتسب كوسيلة لتعلم سلوك معين، وبمعنى آخر إمكانية تعلم سلوك معين عن طريق ربطه بمحفز ثابت، وقد كرس بافلوف ما تبقى من حياته في دراسة وظائف القشرة المخية عن طريق استخدام ردود الفعل المشروطة.^[٣]

وفاة بافلوف

توفي بافلوف في تاريخ 27-2-1936م، عن عمرٍ يناهز 87 عامًا.^[٣]