من هو ابن البيطار؟
هو طبيب، وصيدلاني، وباحث، وواحد من أبرز العلماء الرواد في علوم النبات في العصور الوسطى.
وهو ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن البيطار، أحد علماء الأندلس الذين طلبوا المعرفة، وغادروا موطنهم في سبيل البحث وجمع النباتات الطبية ودراستها، إذ سافر على طول ساحل شمال أفريقيا، وزار مصر، ودمشق، ليُساهم بكتبه في توضيح الأساسيات والأدوية والعناصر الغذائية التي يُمكن اشتقاقها من بعض أنواع النباتات، والحيوانات، والمعادن، الأمر الذي جعله يحظى بمكانة مرموقة ومميزة بين علماء النباتات امتدت حتى القرن الثامن عشر.[١]
مولد ابن البيطار ونشأته
ولد ابن البيطار في مدينة ملقا في الأندلس عام 646 هـ/ 1248م، وكان والده طبيبًا بيطريًا يعالج الحيوانات، وحدادًا يصنع حداوي الخيل، وحرص على إنشاء ولده على تعاليم الإسلام مُتمرسًا بحرفة البيطرة التي ورثه إياها منذ أن كان في العاشرة من عمره، لكن رغم ذلك لم يكن ابن البيطار يستهوي هذه الحرفة، فكان يذهب كثيرًا إلى الغابة يتأمل الطبيعة، ويبحث عن الكائنات الغريبة، ويرسم الأشجار والنباتات، ومن شدة حبه لها شرع في البحث وجمع المعلومات عنها، وتدوينها، وحفظها، فكانت أولى ظواهر ميوله وشغفه بالتطبيب والتداوي بالأعشاب، ثم نزوحه فيما بعد إلى الشرق، وسفره إلى أفريقيا الشمالية وآسيا الصغرى وسوريا ليظفر بمعلومات جديدة توسع أطياف معرفته بالنباتات، ومن ثم استوطن في مصر التي عينه السلطان الكامل فيها رئيسًا للعشابني، ومن بعدها عاد إلى سوريا وأقام في دمشق وتابع تأليفه وكتاباته هناك.[٢][٣]
منهج ابن البيطار في البحث وتدوين الوصفات والعلاجات
اتبع البيطار في البحث مناهج الأئمة السابقين من قبله في مجال صناعة الأدوية، من أمثال ابن سبنا وداوود، وجالينوس وأبقراط، وديسقوريدوس، وكان دائم الاستشهاد بهم، وسار على نفس ترتيبهم الأبجدي، الذي يُسهل على القارئ والطالب البحث، وبالتالي كان مُقلّدًا من هذه الناحية أكثر مما كان مُبتكرًا، ليظهر ذلك من حيث تأثره بمعتقدات السابقين وإيمانه بألوان القدماء الخاصة بالعلاج، لكن ذلك لا ينفي حقيقة أن له فضلًا كبيرًا في البحث عن المعلومات العظيمة والنافعة في زمنه، وتفرده بمنهج خاص ومُختلف، إذ اتسم ابن البيطار في مؤلفاته بدقة ملاحظته الشديدة حول كل ما يكتبه، بعد أن يستدل عنه من خلال البحث العميق ويصل للاستنتاج الذي يخلق لديه الثقة الكاملة ليدون أخيرًا ما وصل إليه، كما كان الأول من الصيادلة وعلماء الأعشاب ممن حددوا توقيت الأدوية، وأنواعها التي تؤخذ ليلًا والأنواع الأخرى التي تؤخذ خلال النهار، كما كان حريصًا على صحة النقل في حال استعانته بما ذكره الأقدمين أو فيما حرره اللاحقين، بعد أن يصححه بالمشاهدة والنظر والتجربة وليس ما سمعه من خبر، كما يقوم منهجه على اجتناب التكرار قدر الإمكان إلا في حال الحاجة الماسة لذلك في سبيل تبيان المعنى وتأكيده، إضافةً لتدوين تنبيهات حول الأدوية والتي غالبًا ما تقع الأخطاء حولها بسبب النقل دون التجريب، كما حاول سرد أسماء الأدوية المترجمة حسب الأسماء المتداولة بعدة لغات، والتي تتفاوت بالسمات لتسهيل الفهم على القارئ وتجنبًا للتبديل والتحريف.[١][٤][٥]
أهم إنجازات ابن البيطار الطبية
من أهم إنجازات ابن البيطار في مجال الطب والتداوي بالأعشاب ما يأتي:[٦]
- أثبت للعالم حقيقة أن الأعشاب مفيدة للاستعمال العلاجي في مجال التطبيب من خلال بحثه الدؤوب خلال العصر الذهبي للإسلام.
- استخدم ابن البيطار الزيوت الأساسية للعلاج، بما يعرف (بالعلاج بالروائح)، وذلك بعد استخراجها بطريقة التقطير والتبخير، ومنها الزيت المستخرج من ماء البرتقال، وماء الورد، والتي تُستخدم بوضعها على الجلد مباشرة أو بحرقها، كالبخور أو غيره.
- استخدم نبات الهندباء (hindiba) بمثابة علاج تقليدي للسرطان والأورام، والتي باتت من النباتات المفيدة جدًا والتي لا يزال الناس يستخدمونها حتى الآن؛ نظرًا لأنها تمتع بخصائص مضادة للسرطان، وقد اعترف بفائدتها في علاج اضطرابات الأورام، وحصلت النبتة على براءة اختراع في عام 1997 ميلاديًّا.
- شجع على تحضير واستخدام الأدوية العشبية كبديل لاستخدام المواد الكيميائية التي قد تكون لها آثار سلبية على المرضى.
أبرز أساتذة ابن البيطار
تتلمذ ابن البيطار على يد نخبة من المعلمين، ومنهم: أبو العباس الإشبيلي والملقب بابن الرومية، والشيخ ابن الحجاج مُعلم ابن البيطار في بلاد المغرب.[٧]
أشهر مؤلفات ابن البيطار
من أشهر مؤلفات ابن البيطار ما يأتي:
- كتاب صيدلية العطار من مجربات ابن البيطار: يجمع ابن البيطار في هذا الكتاب أكثر الأدوية والأغذية ذات الفوائد القيّمة، بالإضافةِ للتجارب التي نقلها عن العلماء القدماء، مثل: ابن سينا، والبصري، والطبري وغيرهم، كما نظمه بحيث يتضمن أفضل النباتات الطبية، والتي ذكر أسماءها ووصفها بحسب أقوال المتقدمين والمتأخرين في التعريف بالنباتات العلاجية، فضلاً عن تجارب ابن بيطار التي حظي بها خلال مزاولته لمهنة الطبّ.[٨]
- المُغني في الأدوية المفردة: يحتوي هذا الكتاب على عشرين فصلًا مرتبًا لمداواة أعضاء الجسم المتألمة، وقد ألفه ابن البيطار بعناية بحيث يتناول علاج كل عضو بالطريقة المختصرة، وذكر الأدوية المناسبة لمُختلف الأمراض كآلام الرأس والأذن، إضافةً لأدوية علاج الحمى والسم، مع توضيح أبرز العقاقير شائعة الاستخدام.[٩]
كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية
يُعد كتاب الجامع لمفردات الأدوية من أبرز كتب ابن البيطار الذي اجتهد في تأليفه ليجمع فيه خلاصة ما عرفه العلماء المعاصرون والقدماء عن الصيدلة والأعشاب، من أمثال: الإدريسي، وجالينوس، وأبقراط، وغيره إضافةً لتجارب ابن البيطار ومعلوماته الخاصة التي جمعها أثناء مسيرته العلمية والطبية خلال سنين مزاولته للطب، ليذكر في كتابه ما يُقارب 1400 دواء مُختلف.[١٠]
وفاة ابن البيطار
استمر ابن البيطار في الكتابة والتأليف بعد عودته إلى سوريا وإقامته في دمشق بمساعدة زوجته إلى أن توفي فيها عام 646 هـ/ 1248م عن عمر يُناهز 51 سنة.[١٠]
المراجع
- ^ أ ب Nor Afifah Borhan, Nuramirah Mohd Nor, Aminuddin Ruskam, Ibn Al Baitar The Pioneer of Botanist and Pharmacist, Page 1. Edited.
- ↑ عاطف محمد، أشهر العلماء في التاريخ ابن البيطار، صفحة 5-6. بتصرّف.
- ↑ جورج شحاتة قنواتي، تاريخ الصيدلة والعقاقير: في العهد القديم والعصر الوسيط، صفحة 156. بتصرّف.
- ↑ د عبد الحليم مُنتصر، الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، صفحة 22-23-24. بتصرّف.
- ↑ جورج شحاتة قنواتي، تاريخ الصيدلة والعقاقير: في العهد القديم والعصر الوسيط، صفحة 157. بتصرّف.
- ↑ Nor Afifah Borhan,Nuramirah Mohd Nor, Aminuddin Ruskam, Ibn Al Baitar The Pioneer of Botanist and Pharmacist, Page 3-4-5. Edited.
- ↑ عاطف محمد، أشهر العلماء في التاريخ ابن البيطار، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ ابن البيطار، "صيدلية العطار من مجربات ابن البيطار "، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2021. بتصرّف.
- ↑ "المغني في الأدوية المفردة"، تاريخ، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2021. بتصرّف.
- ^ أ ب عاطف محمد، أشهر العلماء في التاريخ ابن البيطار، صفحة 28. بتصرّف.