من أنطوان لافوازييه؟
هو عالم كيمياء، ورجل قانون، وأحد رواد ومُؤسسي الثورة الكيميائية في القرن الثامن عشر.
وهو أنطوان لوران لافوازييه، عالم كيميائي فرنسي يُعرف بأنه والد الكيمياء الحديثة؛ إذ إنه ساهم بشكل رئيسي في التعرف على حقيقة عنصر الأكسجين، فضلًا عن دوره في شرح وتوضيح أوجه التشابه بين التنفس والاحتراق، وإجرائه قياسات مبدئية حول معدل استهلاك الأكسجين البشري باختلاف الظروف، إضافةً لاجتهاده في سبيل هدم نظرية اللاهوب، واكتشافات أخرى هامة في علم وظائف الأعضاء التنفسية، بالتزامن مع إنجازاته الأخرى العظيمة في مختلف المجالات.[١][٢]
مولد أنطوان لافوازييه ونشأته
ولد لافوازييه في باريس بتاريخ 26-8-1743، وكان ينتمي لأسرة نبيلة من الطبقة العليا في فرنسا، وكان والده محامياً، ونشأ لافوازييه خلال فترة حكم لويس الخامس عشر ملك فرنسا الذي رافقه اضطراب اجتماعي ومجاعات مستمرة وأعمال عنف وغيرها.[٣]
ثقافة أنطوان لافوازييه ومسيرته الأكاديمية والعملية
ارتاد لافوازييه كلية القانون ليحصل على شهادة المحاماة من كوليج مازارين التي لم يعمل بها بل نالها تلبيةً لرغبات عائلته، ثم درس العلوم والرياضيات، والفلك، وعلم النبات، والجيولوجيا، وحصل على عضوية في أكاديمية العلوم في باريس عام 1768 بعد كتابته مقالةً حول أفضل وسائل إنارة شوارع ليلية لمدن كبيرة، وبعد تلقيه ميراثًا كبيرًا من والده شارك بحصة منه في مؤسسة لتحصيل الضرائب على السلع وغيرها كالتبغ ليعمل على جمع الضرائب تحت مسمى مزارع الضرائب، ورغم إساءة استخدام النظام من قبل المزارعين الآخرين إلا أن لافوازييه كان نزيهًا وجمع أمواله بشكل قانوني ليُسخرها في سبيل العلم وريادة الأعمال لاحقًا، وتزوج ماري آن بولز التي أصبحت ذراعه اليمنى ومساعدته في ترجمة الأبحاث ونشرها والترويج لنظرياته بحملات مؤثرة، وازدادت واجباته الإدارية داخل أكاديمية العلوم وفي الوكالات الحكومية فشغل منصب مدير إدارة البارود الفرنسية، وعمل في لجنة طالبت بتوحيد المقاييس واستخدام نظام متري، وعين وزيرًا للخزانة، ناهيك عن مساهماته ومناصبه الأخرى العظيمة التي دعمته كرجل أعمال وعالم متميز ومواطن سياسي ليبرالي بارز دعا للإصلاح الحكومي في فرنسا، لينقلب الأمر عليه لاحقًا ويُصبح أسيرًا برفقة العديد من أعضاء جمعية مزارعي الضرائب، ويعدم كوالد زوجته بتهمة الفساد.[٢][٣]
أبرز مساهمات أنطوان لافوازييه العلمية
قدم لافوازييه العديد من المساهمات العلمية، أبرزها ما يأتي:
اكتشاف عملية الأكسدة وإسقاط نظرية الفلوجيستون
قد لا يكون لافوازييه أول من اكتشف الأكسجين أو حتى تركيب الماء، بحسب التسلسل التاريخي، ونظرًا لمنافسة مسرحية الأكسجين التي قيل أنه أخفى جزءًا من المعلومات على منافسيه فيها، لكن لا يُمكن إنكار دوره الهام في اكتشاف وسد ثغرات عملية الأكسدة التي دحضت نظرية الفلوجستون، ناهيك عن تجاربه المفيدة واستخدامه جهاز تحليل الماء وحساباته الكمّية الدقيقة خلال تفاعلاته، إذ حاول بجد إسقاط نظرية الفلوجيستون (الاحتراق) الذي يُفيد بأن هناك مادة في المعادن تمثل جوهرًا قابلًا للاشتعال، والتي استخدمت أيضًا لتفسير عمليات بيولوجية أخرى؛ كالأحماض، والقلويات، وعملية التنفس، وروائح النباتات، وغيرها.
واقترح أن المعادن تستحوذ على الهواء المثبت في التفاعل، والذي أشار إليه العالم بلاك قبله، وذلك خلال عملية التكليس، وأشار إلى أن المواد المكلسنة (نواتج الفلوجيستون) تُطلق هذا الهواء أي الهواء المثبت مرة أخرى عند اختزالها إلى معادن بوجود عوامل اختزال؛ كالحرارة والفحم مُفسرًا فرضيته بزيادةَ وزنها على الأقل، ونقض بذلك مفهوم الفلوجيستون، لكن بعد نتائج العالم بريستلي تأكد أن الهواء المثبت لا يتحد مع المواد المكلسنة، وافترض أن الأكسجين يمثل عنصرًا واحدًا، وحرص على جعله تفسيرًا للحموضة التي كانت لغزًا كيميائيًا حينها، ولم يحالفه الحظ في ذلك، وأشار من جهة أخرى إلى أن الماء يتكون من مزيج الأكسجين والهيدروجين ولقي هجومًا واسعًا على افتراضه، وبات الأكسجين هو نقيض الفلوجستون، وهو ما أقره لافوازييه في خطاب استنكاري نقد فيه أقواله السابقة، ومن هنا غير لافوازييه نظرة الكيميائيين للعناصر والاعتقاد الشائع بوجود خمسة عناصر فقط، وعزز نظريته عن الأكسجين، وعرّف العنصر على أنه أي مادة لا يمكن تقسيمها إلى مكونات أبسط عن طريق التفاعلات الكيميائية، وذكر ما لا يقل عن ثلاثة وثلاثين عنصرًا أوضح أن بعضها كان عناصر وهمية، مُلخصًا بأنه لا يُوجد ملخص مُبسط للعناصر، بل هنالك المزيد منها على أمل اكتشافها لاحقًا.[٤][٥][٦]
قوانين حفظ المادة والكتلة
اكتشف لافوازييه أحد أهم قوانين التفاعلات الكيميائيّة بعد سلسة من التجارب المُفصلة وحساب أوزان العناصر، وبالاعتماد على تفكير منهجي وعملي حَسب من خلاله أوزان الكواشف والمنتجات المتضمنة في التفاعلات الكيميائية، بما فيها الغازات مُيقنًا بدوره أن المادة لا تفنى ولا تستحدث خلال التفاعل، بل تتغير من شكل إلى شكل آخر، وأن وزن المواد المنفصلة قبل التفاعل يساوي وزن المادة الجديدة الناتجة بعده مع تغير صيغتها وطريقة ربطها كيميائيًا، ومن هنا تمكن من فهم عملية الاحتراق وعملية التنفس الناجم عن التفاعلات الكيميائية مع عنصر الأكسجين.[٥][٢]
مساهمات اقتصادية وسياسية أخرى لفوازييه
- قدّم لافوازييه العديد من المساهمات التي شملت مجال الاقتصاد والبارود وغيره، وأبرزها الآتية:[٧]
- قام بالعديد من الوظائف الإدارية الهامة في الأكاديمية الملكية للعلوم، وقدم لها بحثًا حول كيفية تحسين إضاءة الشوارع في باريس فحصل على الميدالية الذهبية من الأكاديمية الملكية للعلوم عام 1766م.
- نشر أبحاثًا ورقية حول الرعد، والشفق القطبي، وتكوين الجبس.
- أدخل تحسينات كبيرة في صناعة البارود.
- عين سكرتيرًا للجنة الحكومية للزراعة ووضع التقارير، والتعليمات الخاصة بزراعة المحاصيل، ومخططات زراعية مختلفة، وعمل على طريقة لتنقية المياه، ومُخطط لتحسين إمدادات المياه إلى باريس.
- كان عضوًا في لجنة معنية بالظروف الاجتماعية في فرنسا، وقدم خطط لتحسين التعليم العام، وإقامة الضرائب العادلة، وتقديم تأمين على الشيخوخة، كما شارك في لجنة لاستكشاف السجون والمستشفيات في باريس، وقدم خططًا لتحسين أوضاعها.
- قدم المال دون فوائد لمدينتي بلوا ورومورانتين لشراء الشعير خلال مجاعة عام 1788م أثناء الثورة.
أساتذة أنطوان لافوازييه
تتلمذ لافوازييه على يد نخبة من المعلمين، أبرزهم ما يأتي:[٧]
- نيكولاس دي لاكيل مدرس الرياضيات والفلك.
- غيوم فرانسوا رويل مدرس الكيمياء.
- برنارد دي جوسيو عالم النبات.
- جان إتيان جيتارد مدرس الجيولوجيا.
وفاة أنطوان لافوازييه
توفي لافوازييه إثر إعدامه بالمقصلة بعد أن اتهم بالفساد من قبل المتعصبين للثورة الفرنسية الذين لم يكترثوا لمساهماته وتاريخه العلمي العريق، فأعدم بتاريخ 8-5-1794م، ولم يكن يتجاوز من العمر 51 سنة.[٣]
المراجع
- ↑ John B West, "The collaboration of Antoine and Marie-Anne Lavoisier and the first measurements of human oxygen consumption", pubmed.ncbi.nlm.nih, Retrieved 28-5-2021. Edited.
- ^ أ ب ت Arthur L. Donovan، "Antoine Lavoisier"، britannica، اطّلع عليه بتاريخ 28-5-2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Antoine Lavoisier", mattson.creighton, Retrieved 28-5-2021. Edited.
- ↑ فيليب بول، العناصر: مقدمة قصيرة جدًّا، صفحة 35-37-38. بتصرّف.
- ^ أ ب "Antoine-Laurent Lavoisier", sciencehistory, Retrieved 28-5-2021. Edited.
- ↑ آرثر جرينبرج، فن الكيمياء: ما بين الخرافات والعلاجات والمواد، صفحة 195-238-239. بتصرّف.
- ^ أ ب "Lavoisier Antoine Laurent", vigyanprasar.gov, Retrieved 28-5-2021. Edited.