من هو وليام جيمس؟

هو أستاذ مؤسس في علم النفس التجريبي، وفيلسوف، وعالم بارز من علامات القرنين التاسع عشر والعشرين.


وهو وليام هنري جيمس، يُعد أحد أبرز علماء النفس التجريبي في الولايات المتحدة، الذي أقام أول معمل تجربيبي هناك، وكان يُدرس فيه علم النفس الفسيولوجي، كما اشتهر بالعديد من النظريات، أولها نظريته حول مجرى الشعور، وأبحاث أخرى حول العلاقة بين العقل والجسم، فآمن بالنظرية الآلية لكنه غيرها إلى نظرية التفاعل، فضلًا عن مساهماته الأخرى في مجال الإحساس، والانفعال، والانتباه، والإدراك الحسي، والعادة، والتفكير، وقوانين العقل، وطبيعيته، ووظائفه، بالإضافة إلى تحليل النفس، وتوضيح صلتها بالشعور، وما يتمحور أسفله من خلال سلسلة من الأبحاث، والدراسات لعلم النفس المرضي، ولا ننسى اهتمامه بالفلسفة ونظرياتها الدينية، والأخلاقية، والعلمية المتنوعة التي ترتبط بالمذهب البرجماتي.[١]


مولد وليام جيمس ونشأته

ولد وليام في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة في تاريخ 11-1-1842م، وكان الابن الأكبر لوالده هنري الذي أمضى حياته في التجول في أوروبا، الأمر الذي أثر بتعليم أبنائه الخمسة، ومن بينهم وليام والذي درس أولًا في نيويورك، ثم تنقل بين مدارس لندن، وجنيف، وباريس، ودخل الكلية المحلية في بولونيا، لكنه انتقل منها إلى كلية في جنيف، ومن ثم انتقل إلى ألمانيا التي تعلم فيها الفرنسية، واللاتينية، والألمانية، وعاد إلى نيويورك عام 1861م.[١][٢]


ثقافة وليام جيمس وتعليمه

اتجه وليام جيمس لدراسة الفن بينما كان عمره 18 سنة مع الرسام الأمريكي ويليام إم هانت، لكنه عدل عن رغبته، ودرس الكيمياء، والتشريح، والطب بعد التحاقه في كلية الطب في جامعة هارفارد، لكنه قطع دراسته ليرافق عالم الطبيعة المشهور لويس أغاسيز في رحلة استكشافية إلى منطقة الأمازون، والتي كرهها فعاد لاستئناف دراسته للطب، وسافر إلى ألمانيا خلال الأعوام 1867-1868م ليحضر دورات مع عالم الوظائف الفيزيائي هيرمان فون هيلمهولتنز، وقابل شخصيات وعلماء بارزين، مثل: ورودولف فيرشو، وكبود بيرناتد وغيرهم، فضلًا عن تثقفه، واطلاعه الواسع على كتب الفلسفة، وعلم النفس، خاصة كتابات العالم تشارلز رينوفييه، لكنه عانى من انهيار صحي ونفسي، وعاد إلى منزله عام 1868م، وحصل على درجة الماجستير في الطب من كلية الطب بجامعة هارفارد في يونيو 1869م، لكن لم يُمارس المهنة، وكان يميل للقراءة، والكتابة، والمراجعات لمدة عامين، بينما كان يعيش حالة من الاضطراب النفسي والذعر الرهابي حتى عام 1870م.


ثم توالت اكتشافاته الثورية في علم النفس، والفلسفة، وتتنوع آراؤه المتعلقة بأساليب العلم، وطبيعة الواقع، وصفات البشر، فأتت هذه المعارف والنظريات كحل لتأثر شخصيته وكعلاج للنزعات الداخلية والمشاكل التي كان يُعاني منها، ثم عُين عام 1872م كمدرس لعلم الوظائف في كلية هارفارد، ولمدة 4 سنوات، وبعد أن تتابعت الثورات في علم النفس، لم يعد علم النفس بعدها فلسفة عقلية بل علمًا مختبريًا، فأصبحت الفلسفة مغامرة في الاختراع المنهجي، والاكتشاف الميتافيزيقي، وبعد زواج جيمس من أليس إتش جيبنز عام 1878م بدأت حياته كمفكر أصيل بجدية مُتخلصًا من جميع المشاكل التي عانى منها، فعمل على إنتاج ضخم في علم النفس، والمشهور باسم مبادئ علم النفس، والذي ظهر أخيرًا في عام 1890م، وتلاه مجموعة من المقالات، والمحاضرات في الفلسفة الشعبية، ليُظهر جيمس نفسه كمُعتنق أصيل للمذهب الفلسفي البراجماتي، واستقال من الأستاذية في جامعة هارفارد عام 1907م، لكنه استمر في الكتابة، والنشر، وإلقاء المحاضرات في مجال الفلسفة، وعلم النفس حتى وفاته.[٣][٢][٤]


مساهمات وليام جيمس في مجال عالم النفس

قدّم وليام جيمس العديد من المساهمات في مجال علم النفس، منها:


نظرية جيمس لانج العاطفية

اقتُرحت هذه النظرية من قبل كل من وليام جيمس، وزميله عالم الفيزيولوجيا الدنماركي كارل لانج، لكن بشكل مستقل، ويرى وليام في نظريته أن حدوث حدث معين قد يسبب تفاعلًا فسيولوجيًا يقوّم عقل الفرد بتفسيره وتحليله بعدها، وبناءً عليه فإن العواطف تنتج عن تفسير العقل لهذه التفاعلات الفسيولوجية.[٥]


نظرية الإرادة

تتعارض اقتراحات جيمس حول الإرادة الحرّة عن نظرية العالم المعاصر له فيلهلم وندت الذي زعم بوجود شعور خاص واحد في الإنسان وهو الشعور بالتعصب، والذي يوجد في جميع أفعاله المقصودة، لكن بعد قيام وليام جيمس بتجارب عدّة على حالات مختلفة وجد خلالها أن بعض الأفعال تضمنت فعلًا نابعًا عن العزيمة، أو عن طاقة عصبية صادرة، لكن الأمر لا ينطبق على الجميع كما ذكر فيليلهم، فهناك اهتمامات أخرى نادى بها تدور حول الحالة المزاجية، وصحوة الضمير لدى الفرد، وتغيرات القلوب، فجميع هذه العوامل تؤثر على مقاس قيم ودوافع الأفراد، وتؤثر على إرادتهم.[٤]


نظرية الوظيفة الوظيفية

أصبح منظور جيمس النظري لعلم النفس يُعرف بالوظيفة الوظيفية، والتي سعت إلى العلاقات السببية بين الحالات الداخلية والسلوكيات الخارجية، ومن جهة أخرى فقد عارض التركيز البنيوي على الاستبطان وتقسيم الأحداث العقلية إلى العناصر الأصغر، لكنه بالمقابل ركز على كمال الحدث، مع الأخذ في الاعتبار تأثير البيئة على السلوك.[٥][٣]


فلسفة وليام جيمس

تقوم فلسفة وليام جيمس البراجماتية على أن صدق النظريات يعتمد على تطابقها مع العالم الخارجي، أي أنها نسخة من أصل موجود خارج الإنسان، وبغض النظر إذا ما كانت هذه النسخة طبق الأصل، أو أصابها تحوير في العقل، فإن أساس الحكم هو العلاقة بين الفكرة التي نشأت لدى الشخص المدرك للنظرية، وبين حقيقة النظرية القائمة بحد ذاتها والمستقلة بوجودها، وبالتالي يكون تحقيق القول بالرجوع إلى الأصل الخارجي، ومن هنا غيرت الفلسفة البراجماتية وجهة النظر الأساسية بدلًا من الالتفات للماضي السابق لنشأة الفكرة المراد تحقيقها إلى النظر لما سيكون بعد الفكرة وما سيُعقبها، ومن هنا تُقيَّم صحة الفكرة وصوابها إذا كانت نتائجها تُفيد في حل مشاكل الحياة العملية، وتكون خاطئة إذا لم يكن لها مثل هذا التأثير، وقد كانت نظرة جيمس إلى العلم بصفته نموذجًا للفيلسوف الأمريكي وعنوانًا لفلسفته؛ إذ إنه نشأ في فترة الاستقلال الفكري للولايات، فربط الفلسفة بعلم النفس الذي اشتغل وتميز فيه، والذي مثل نقطة ترابط بين الإحساس والأفكار، والقائم على فلسفة الفلاسفة والعلماء التجريبيين الإنجليز، من أمثال؛ هيوم ولوك، ومن جهة أخرى أنكر جيمس مذهب الترابط والتداعي لتأليف الوجدان، وبين أن الظواهر الوجدانية تسير ضمن تيار مختلف، بينما الوجدان شيء آخر يبتعد عن الظواهر الفيريقية والفسيولوجية، وقد قلب بمواقفه علم النفس وفتح السبل إلى المذاهب الفلسفية الحيوية من مذهبه البراغماتي الذي يضع العمل كمبدأ مُطلق.[٦][٧]


أبرز مؤلفات وليام جيمس

قدّم وليام جيمس العديد من المؤلفات المميزة، وأبرزها ما يأتي:[٨]

  • كتاب مبادئ علم النفس.
  • كون مُتكثر.


كتاب البراجماتية

تُمثل الفلسفة البراجماتية تعبيرًا عن عصرنا العلمي من بعض وجوهه، وبشكل خاص تشمل التيار الفكري المتصاعد الذي يمر به، إذ إن المذهب البراجماتي بشكل خاص يسير بين اتجاهات الفلسفة المعاصرة، ويُعتبر ركيزة أساسية تُحيط بأطرافها وأركانها التي تضم عدّة دراسات فرعية، ويحتوي هذا الكتاب الذي ألفه مرجع الفلسفة البرجماتية العالم وليام جيمس على كل ما يحتاج إليه القارئ من مصادر المعرفة الحديثة، كما وضح جيمس فيه مفهوم البراجماتية مُركزًا على ما أسماه قيمة نقدية، أو فكرة، أو فائدة، وقد تُرجم الكتاب إلى اللغة العربية.[٩]


أشهر أقوال وليام جيمس

تعددت أقوال وليام جيمس، منها:[١٠]

  • قد لا يجلب العمل السعادة دائمًا لكن لا توجد سعادة بدون عمل.
  • نحن مثل جزر في البحر منفصلون على السطح لكننا متصلون في العمق.
  • أعظم اكتشاف في أي جيل هو أن الإنسان يمكن أن يغير حياته من خلال تغيير موقفه.
  • لا يوجد شيء مرهق مثل التعلق الأبدي بمهمة غير مكتملة.


وفاة وليام جيمس

توفي وليام جيمس بسبب معاناته من قصور في القلب في مدينة تشوكوروا التي تقع في ولاية نيو هامبشاير، وذلك في تاريخ 26-8-1910م، وكان يبلغ من العمر 68 سنة.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد محمد عويضة، كتاب وليم جيمس رائد المذهب البرغماتي، صفحة 10-13-14. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت Horace M. Kallen, "William James", britannica, Retrieved 11-6-2021. Edited.
  3. ^ أ ب "William James", psychology.fas.harvard, Retrieved 11-6-2021. Edited.
  4. ^ أ ب "William James"، plato.stanford، 20-10-2017، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2021. Edited.
  5. ^ أ ب Kendra Cherry (23-4-2020), "William James Psychologist Biography", verywellmind, Retrieved 13-6-2021. Edited.
  6. زكي نجيب محمود، حياة الفكر في العالم الجديد، صفحة 99-100. بتصرّف.
  7. يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة، صفحة 443-444-445. بتصرّف.
  8. وليام جيمس ، كتاب البرجماتية، صفحة 1. بتصرّف.
  9. "William James Quotes", goodreads, Retrieved 10-6-2021. Edited.