ابن دريد

من هو ابن دريد؟

هو عالم لغة، ونحوي، وشاعر، وأديب، وأحد أعلام القرنين الثالث والرابع الهجري.

وهو محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي، ويُكنى بأبي بكر، يُعد من كبار علماء اللغة، والأدب، وأنساب العرب الذين ذاع صيتهم، واحتلوا مكانة عالية، وقد صبّ جل تركيزه واهتمامه لدراسة اللغة العربية، ومعاجمها، وأصولها، واشتقاقاتها، مما أكسبه شهرة عالية جعلت طلاب العربية وعلومها يقصدونه من كل مكان لأخذ العلم عنه، والاستفادة من معارفه الكثيرة، فتخرج على يديه كبار علماء وأئمة اللغة في ذلك العصر، إلى جانب ذلك، فقد كان شاعرًا متمكنًا، حيث نظم الكثير من القصائد الشعرية، والتي من أهمها قصيدته الشهيرة "المقصورة"، كما عُرف عنه ذكائه المفرط، وسعة علمه، وقوة حفظه، ومما قِيل في وصف مدى علمه، ومكانته البارزة: "أعلم الشعراء، وأشعر العلماء".^[١][٢][٣]

مولد ابن دريد ونشأته

ولد ابن دريد في مدينة البصرة العراقية في عام 223 هجري، ولا تتوفر الكثير من المعلومات في كتب التراجم عن نشأته والفترة الأولى من حياته، سوى أنّ أصوله تعود إلى قبيلة الأزد من بطن أزد عُمان، وأنّ والده كان من رؤساء عُمان، ومن ذوي اليسار، وأنه قضى فترة طفولته في البصرة، ثم انتقل بعد ذلك إلى عُمان برفقة عمه الحسين بن دريد.^[٤][٥]

مسيرة ابن دريد العلمية والعملية

درس ابن دريد في البصرة على يد علمائها ومشايخها علم اللغة، وأشعار العرب، والنحو حتى أتقن جميع هذه العلوم، وفي عام 256 هجري، اضطر إلى مغادرة البصرة متجهًا إلى عُمان؛ وذلك بسبب استيلاء الزنج عليها وتخريبها، وفي عُمان دأب على تعلم لغة أهل الجنوب ولهجاتهم، مما ساعد على إثراء حصيلته اللغوية، إلى جانب تعرفه على بلاد أجداده، ولقائه برؤساء قومه وبني عمومته من قبيلة الأزد، وقد كان لإقامته في عُمان لفترة طويلة من الزمن أثرٌ كبير على أشعاره، حيث يلاحظ بشكلٍ واضح في شعره تطبعه بطابع العصبية القبلية التي اشتهرت بها قبائل البدو.

فيما بعد وتحديدًا في عام 270 هجري، عاد ابن دريد إلى مسقط رأسه البصرة، حيث اشتغل أثناء إقامته فيها بالتدريس، وقد بدأت شهرته خلال هذه الفترة بالاتساع والانتشار، حتى وصلت إلى مسامع الشاه إبن ميكال في الأهواز في بلاد فارس، والذي قام باستدعائه للالتحاق بمهمة تربية وتأديب ابنه أبو العباس، وتدريسه علوم اللغة، وخلال الفترة التي قضاها ابن دريد في بلاد فارس والممتدة ما بين عامي 295-301 هجري، قد قام بتأليف قاموسه الشهير "جمهرة اللغة"، ونظم قصيدته المقصورة بهدف مدح الشاه وابنه، إلى جانب توليه منصب رئاسة ديوان الشاه.

وفي عام 301 هجري، عاد ابن دريد إلى البصرة، والتحق بالتدريس في جامعها، حيث قصده طلاب العلم من جميع أنحاء العراق، كما تسلّم زعامة مدرسة البصرة اللغوية، وقد بقي في البصرة حتى عام 308 هجري، إذ غادرها بعد ذلك متجهًا إلى بغداد، حيث عكف فيها على التدريس والتأليف بكثرة، وقد بقي فيها حتى وفاته.^[٦][٥]

شيوخ ابن دريد وتلاميذه

درس ابن دريد على يد العديد من العلماء منهم:^[٧]

• أبو حاتم السجستاني.
• الريّاشي.
• عبد الرحمن بن أخي الأصمعي.
• الأشنانداني أبو عثمان.

كما تلقى العلم على يديه الكثير من طلاب العلم الذين أصبحوا فيما بعد من كبار العلماء، منهم:^[٧]

• أبو سعيد السيرافي.
• أبو عبيد الله المرزباني.
• أبو علي القالي.
• ابن خالويه.
• علي بن عيسى الرماني.

أبرز مؤلفات ابن دريد

ألف ابن دريد العديد من المصنفات والكتب القيمة، نذكر منها ما يأتي:^[١]

• الاشتقاق.
• صفة السرج واللجام.
• الخيل الكبير.
• الخيل الصغير.
• أدب الكُتّاب.
• المجتبى.

كتاب جمهرة اللغة

احتل هذا الكتاب منزلة عظيمة بين اللغويين؛ إذ يُعد من أوائل المعاجم المتكاملة التي ألفت في مجال اللغة العربية، وقد جمع ابن دريد في كتابه هذا معظم آرائه المتعلقة بأصول الألفاظ المتناثرة وأوزانها، كما رتب المفردات الواردة فيه بناءً على الترتيب الألفبائي، حيث لم يعتمد على الترتيب الصوتي كما في معجم "العين" لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، إلا أنّه اتبع نظام التقليبات الأبجدية، كما فعل الفراهيدي في معجمه، إلى جانب ذلك، فقد أولى ابن دريد شديد الاهتمام بالزوائد والأصول في الألفاظ، فهو يرى أنّ معرفة الزوائد يساعد على معرفة الأصول، وقام بفك ما بينها من تداخل.^[٨]

وفاة ابن دريد

توفي ابن دريد في بغداد في تاريخ 321 هجري، عن عمرٍ يناهز 98 عامًا.^[٢]